«ترعة المراشدة» مشروع ضمن المليون ونصف المليون فدان الذي افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتقع بمحافظة قناجنوب الصعيد، ويعود تاريخ إنشائها إلى عام 2000 وطولها يبلغ 26 كيلو من أجل تقديم خدمة الري ل 30 ألف فدان، كما أن مسار الترعة بالكامل مبطن بالخرسان، وكان مخططا لها العمل منذ عام 2007، إلا أنه بسبب خطأ فني في محطات الرفع أدى إلى تشغيل الترعة لثلاثة أيام فقط. وفي جولة أجرتها «صوت الأمة»، مع أهالي «ترعة المراشدة» للتعرف على معاناتهم، صادفنا الشيخ محمد الحميدي الذي قال:« إن أهالي منطقة المراشدة يعيشون في معاناة حقيقية، فالمنطقة التي كان مخططا لها زراعة 30 ألف فدان لم يزرع منها سوى 10 آلاف فقط، ولم يتم تشغيل الترعة سوى 3 أيام فقط، وتتدفق المياه إلى هذه الترعة من نهر النيل مباشرة، وتم شقها لري الأراضي الخاصة بشباب الخريجين، وبعد بضعة أمتار تجد لرفع المياه ولكنها لا تعمل، فتحتاج إلى مواتير جديدة وإعادة تأهيل للعمل بها مجددا، وتعاني أهالي جبل المراشدة من مشاكل عدة، أهمها تهالك البنية التحتية وتوقف المعدات عن العمل، وعدم الزراعة، فلا نستطيع زراعة غير موسم واحد فقط لأن الكل يعمل بالري الارتوازي من خلال المياه الجوفية، وهي على بعد أكثر من 30 مترا من سطح الأرض وبالطبع تستهلك سولار بكميات كبيرة ولا يتم ري الأرض بشكل كافي لذا نتجنب الزراعة في الصيف لأن الزرع في الصيف يستهلك مياها اكثر، وبالتالي فإن تشغيل هذه الترعة سيوفر الكثير من استهلاك السولار لأن ري الفدان بالمياه الارتوازية عبر المياه الجوفية يحتاج 30 لترا في حين ري الفدان من خلال الترعة يستهلك 2 لتر سولار فقط».
«الترعة دي كلفت الدولة 2 مليار جنيه مصري، وكان عندنا أمل كبير إنها تخلينا نعيش إحنا وأولادنا كويس، بس العكس هو اللي حصل، أنا بعت أرضي في البلد، وبيوتي عشان أشتري أرض في «ترعة المراشدة»، ولكن خسرت كل ما أملك، بسبب أن مفيش مياه أروي بيها الأرض».. هذا ما أكده الحاج أبو علام أحد المتضرريين من مشروع «ترعة المراشدة».
وأضاف «علام» قائلا:« من نحو سنتين جاء اللواء مجدي أيوب محافظ قنا، وفتح الترعة 3 أيام، وبعد كده قفلها ولا نعرف إيه السبب، وعايشين إحنا وأولادنا في الجبل، ومفيش أي مظاهر للحياة، ده المياه اللي بنشربها مياه مالحة، كل اللي احنا عاوزينه، إن أي مسئول زي وزير الزراعة، ييجي بنفسه ويشوف حالنا هنا بقى عامل ازاي، إحنا بعنا إلى ورانا واللي قدامنا عشان الأرض دي».
وقال أبو علام:« احنا بنسقي الأرض عن طريق اننا بنشتري من السوق السوداء، السولار ب 250 جنيه، وفي حالة تشغيل الترعة، لن يكلفنا الري سوى 20 جنيه، وكل الفرق عبارة عن خسارة نتعرض لها، ولم يبقى معنا أموالا ندفعها، تخيل إن مافيش، خدمات ولا مواصلات، وفي الآخر البنوك دينتنا، هنسدد منين والأرض بور، وكمان هندخل السجن».
وفي نهاية حديثه، ناشد أبو علام وزير الزراعة، بضرورة النظر للموضوع، وأن يجد له حلا مثاليا للتخلص من المشاكل التي يعاني منها الأهالي. من جهة أخرى قال مدكور، أحد المتضررين من مشروع «ترعة المراشدة»:« تم إنشاء الترعة في 1991 وإلى يومنا هذا لم يتم تشغيلها غير 3 أيام فقط، وهذا يتسبب في حدوث ضعف بالزراعة، بسبب كثرة الأموال التي تصرف على الفدان الواحد، وتكمن المشكلة في توقف عمل محطة الرفع الخاصة بأخذ الماء من النيل».
وأكد مدكور:« هناك إهدار للمال العام، بسبب أن هذه الترعة تكلفة إنشائها تصل إلى 2 مليار جنيه مصري».
وأخيرا ناشد مدكور، وزير الزراعة لإيجاد حل لهذه المشكلة والحصول على المبالغ المتوقعة من الربح الخاص بهذا المشروع.
وقال الحاج محمد علي محمود، أحد المتضرريين من «ترعة المراشدة»:« إحنا تعبانين بسبب قلة الماء، لأني غير قادر على ري الأرض بسبب أن مافيش سولار، أنا عندي موتور120 حصان ميكفهوش 10 براميل سولار، ومش هيسقي غير فدانين فقط لا غير، المزارعين بيعانوا من زمان، والترعة لو اشتغلت، الموضوع هيختلف وهنوفر ونكسب، كل اللى محتاجينه ترمبات تضخ المياه، وتتوزع بالتناسب عشان الناس إلى عندها أرض تزرعها، ونكسب كلنا».
ومن ناحيته قال وزير الري السابق حسام مغازي، أنه تم فتح ملف ترعة المراشدة في أثناء وجوده في الوزارة، كما أن الترعة تم تصميمها طبقا للمواصفات العالمية، وأن مسارها مبطن بالكامل، وبالفعل إجمالي تكلفتها يصل إلى 2 مليار جنيه، كما أنه فوجئ أن سبب تعطل الترعة، عدم مطابقة محطات الرفع التي تسحب المياه من النيل إلى مسار الترعة، وأنه طالب بتغيير هذه الطلمبات وكان سعرها يتجاوز العشرة ملايين جنيه، مؤكدا على أهمية هذه الترعة من أجل زراعة صحراء أرض المراشدة.