عرض السفير صلاح الدين الجمالي، الممثل الخاص للأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا، على مستوى المندوبين بمجلس الجامعة، خطة عمله للمرحلة المقبلة، حيث تتضمن إنشاء صندوق عربي لتقديم الدعم الإنساني والإغاثي للشعب الليبي، مشيرا إلى أنه من المتوقع إجراء زيارة إلى ليبيا الأسبوع المقبل تشمل طرابلس وبنغازي. واقترح «الجمالي» خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع التشاوري للمندوبين الدائمين للجامعة، الذي بدأ بمقر الجامعة اليوم الثلاثاء، بحضور الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، تأسيس صندوق عربي لدعم الشعب الليبي في ظل الأزمة الإنسانية التي تشهدها البلاد حيث أصبح هناك نصف مليون نازح داخل البلاد، كما أن نصف الشعب الليبي يعيش تحت خط الفقر، لافتا إلى حدوث مقايضة أحيانا للميزانية بمواقف سياسية معينة. وأشار إلى أن أهالي مدينة تاغوراء، الذين تم ترحيلهم من مدينتهم طلبوا من الجامعة العربية التدخل لإعادتهم لديارهم، قائلا إن هذا الصندوق الذي يمكن أن تساهم به الدول العربية ورجال الأعمال العرب، يتيح تقديم بعض المساعدات العينية للشعب الليبي الذي يعاني نصفه من البطالة. وأضاف أن هذا الصندوق، يساعد على تحريك البعد السياسي لأن الجامعة العربية إذا تدخلت ميدانيا فإن ذلك من شأنه أن يزيد فعالية دورها السياسي، مشيرا إلى أن الأممالمتحدة تقوم بأدوار كبيرة ليست فقط سياسية بل تشمل أيضا تقديم مساعدات إنسانية، ومن هنا تبرز أهمية تأسيس هذا الصندوق العربي المقترح. وأوضح أن القيادات الليبية مستبشرة خيرا بدور الجامعة العربية في المساعي الرامية لحل الأزمة وإعادة السلام والأمن في بلادهم، خاصة أن الليبيين مستائين من تعسر الجهود الأمميةالغربية، لافتا إلى أن الثقة مهتزة بين المبعوث الآممي والقيادات الليبية، خاصة في المنطقة الشرقية. وتابع أن المبعوثين الأممي والإفريقي مهتمان بشكل كبير بالتعاون مع الجامعة العربية ومع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في إطار الترويكا، والعمل معا لتجاوز التحديات التي تعترض التسوية في ليبيا، مبينا في هذا الصدد أن دور الجامعة لا يزاحم الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي بل هو في إطار التكامل، معتبرا أنه لا مانع من توزيع الأدوار بين المنظمات الثلاث. وأشار إلى أن المبعوث الأممي مارتن كوبلر، يشعر بأن الدور العربي مفيد للأمم المتحدة، حيث أن هناك مشكلات لديهم أحيانا في فهم دقائق الوضع في ليبيا، بينما نحن كعرب نفهم بعضنا البعض. ونوه بأن الوساطة الإفريقية تسعى لتجديد دورها وطرح مبادرتها الخاصة، مشيرا إلى أنه في 25 يناير الجاري ستعقد قمة إفريقية وستعقد على هامشها لجنة عليا على مستوى زعماء الدول مخصصة للشأن الليبي، خاصة أنه في ظل رئاسة تشاد الدولة الجارة لليبيا للاتحاد الإفريقي يزداد الاهتمام الإفريقي بليبيا، مؤكدا أن الدور العربي والإفريقي يجب أن يتكاملا. وطرح «الجمالي» على المندوبين الدائمين بعض الأفكار، التي قال إنها تكون مفيدة لإسراع للتسوية في ليبيا، مشيرا إلى أن الليبيين يتطلعون لدور عربي ميداني فاعل، مؤكدا في الوقت ذاته أن دور الأممالمتحدة يبقى أساسيا من خلال اتفاق الصخيرات الذي وصل إليه الليبيون بعد عامين من التفاوض بدعم أممي. كما أشار إلى ضرورة اتخاذ بعض الخطوات لبناء الثقة ومن ثم تهيئة المناخ السياسي لتسوية الأزمة، مضيفا أن الوضع الأمني غير مطمئن في ليبيا وهو قابل للتعسر، رغم أن قوات البنيان المرصوص دحرت «داعش» في سرت والجيش الليبي تصدى للإرهابيين في كثير من المناطق. ولفت إلى أن سيطرة الجيش الليبي على بعض آبار النفط، دفعت بعض الدول الأوروبية لتغيير موقفها تجاه المشير خليفة حفتر، لافتا إلى وجود مطالبات إدخال بعض التعديلات على اتفاق الصخيرات، موضحا أن رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح له بعض التحفظات على الاتفاق ولكنه لا يرفضه، وله بعض المقترحات بتعديله تخص رئاسة الدولة والحكومة والجيش. كما أوضح أن الأممالمتحدة حصرت هذه التعديلات المقترحة من قبل الأطراف وتحاول جمعها وتحديدها تمهيدا لأي مفاوضات مستقبلية، مشيرا إلى أنه يمكن للجامعة رعاية هذا الحوار المستقبلي بين الأطراف الليبية سواء في مقر الإمانة العامة أو في مقرها بتونس. ونبه إلى أن عدم دعم دور الجامعة العربية يضعف كل الدور العربي، محذرا من تأثر أي تعثر لدور الجامعة على الليبيين، خاصة في ضوء التجارب السابقة، وحث بعض الدول العربية في المساهمة في دعم دور الجامعة العربية في ليبيا، معربا عن يقينه أن الجهود التي تبذلها بعض الدول العربية لتعزيز الحوار بين الفرقاء الليبيين تعزز الدور العربي برمته، مؤكدا أهمية دور دول الجوار الليبي في معالجة الأزمة الليبية، قائلا: أتطلع لتعزيز التنسيق بينها. وقال إنه إذا كانت مصر والجزائر وتونس في حالة حرب مع الاٍرهاب، فإن الوضع في ليبيا يساعد على تفاقم الاٍرهاب، مشيرا إلى أن عمل ممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية، رهين الإمكانات بالمحدودة التي وفرها مركز الجامعة في تونس، الذي هو إمكانياته شحيحة لا تغطي تكاليف حتى التحرك حتى في تونس. ومن جانبه، قال مندوب تونس الدائم لدى الجامعة العربية، الرئيس الحالي لمجلسي الجامعة العربية، نجيب المنيف، في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع باعتبار بلاده الرئيس الحالي لمجلس الجامعة العربية، إن هذا الاجتماع خصص للاستماع إلى عرض شامل من السفير صلاح الدين الجمالي، الممثل الخاص للأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا حول آخر تطورات الوضع هناك. وأوضح أن مجلس وزراء الخارجية العرب، رحب بمقترح الأمين العام بتعيين الجمالي ممثلا له إلى ليبيا، وقد بدأ مباشرة مهامه. ومن جانبه، أكد السفير أحمد بن حلي، نائب الأمين للجامعة العربية، أن مهمة السفير الجمالي في ليبيا ليست سهلة، ولكنها ليست مستحيلة نظرا لما يتمتع به من خبرات واسعة في القضايا العربية الشائكة، خاصة وأنه عمل سفيرا لبلاده في ليبيا خلال الأحداث الكبيرة التي شهدتها ليبيا منذ فبراير 2011، واستمرار تداعياتها حتى الآن. وأوضح أن اجتماع اليوم، خصص لاستماع مجلس الجامعة لإفادة الممثل الخاص للأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا وخطة تحركه خلال المرحلة المقبلة وما تتضمنه من أفكار ومقترحات لتشجيع الأطراف الليبية على الحوار السياسي ودعم مؤسسات الدولة الليبية.