* فجأة استيقظت مصر علي كارثة تحور فيروس أنفلونزا الطيور · صحف المعارضة انتقدت تصريحات الحكومة وطالبتها بالاعتراف بفشلها تخيلوا معي هذا السيناريو المفزع.. في يوم كان يبدو عاديا، دخل أحد الأشخاص إلي "عشة" يربي بها الدواجن.. كان معتادا أن يقوم بنفسه بجمع البيض وتغذية الدواجن.. لاحظ الإرهاق البادي علي دجاجة كانت المفضلة لديه.. رفعها إلي أعلي وبدأ يفحصها بحذر خوفا من أن ينقل إليها الأنفلونزا التي أصابته منذ ثلاثة أيام تقريبا.. فحص الدجاجة جيدا وتوصل إلي نتيجة تفيد بضرورة متابعتها عن كثب للتأكد من حالتها خوفا من فقدها دون الاستفادة منها، ومن باب الاحتياط أخبر زوجته بشكوكه وطلب منها أن تكون جاهزة بالسكين لذبح الدجاجة بمجرد إصدار أوامره بذلك، وظل يتابعها كل نصف ساعة.. يحملها ويقربها منه ليتأكد من حالتها الصحية، وزوجته تقف بالقرب منه ومعها السكين في انتظار إشارة البدء. حاولت الزوجة إقناعه بمحاولة بيعها للاستفادة من ثمنها لكنه رفض اقتراحها وحسم الأمر بذبحها. وفي اليوم التالي لاحظ الرجل أن باقي الدجاج بدأ يدخل في الحالة نفسها، وبسرعة مذهلة كان الدجاج كله - نحو عشر دجاجات - قد فارق الحياة.. انتاب الرجل وزوجته الفزع، وشعرا بالرعب عندما فكرا في أن الدجاج ربما كان مصابا بأنفلونزا الطيور التي يسمعان عنها.. قال الرجل برعب: يا نهار أسود.. نحن أكلنا الدجاجة المريضة. ثم عطس في وجه زوجته، وزوجته عطست في وجه الأبناء، والأبناء عطسوا في وجه أبناء الجيران.. ولم يمر سوي يومين حتي بدأ الرجل يشعر بدوار وتعب شديد وضيق في التنفس، ورشح وسعال وارتفاع في درجة الحرارة، وألم في العضلات والمفاصل.. وعندما نصحته زوجته بالذهاب إلي المستشفي قال لها إنها أنفلونزا عادية.. ولم يكترث بظهور الأعراض نفسها عليها بعد ذلك. في هذه الأثناء كان المشهد نفسه يتكرر في أكثر من مكان باختلاف بسيط في التفاصيل، وسرعة أكبر في ظهور الأعراض. وفجأة استيقظت مصر علي كارثة. لقد تحور فيروس أنفلونزا الطيور فأصبح قادرا علي الانتقال بين البشر، ورجح متخصصون أن سبب التحور هو الاندماج الذي ربما حدث بعد انتقال فيروس أنفلونزا الطيور إلي شخص مصاب أصلا بفيروس الأنفلونزا الموسمية العادية، وفي غفلة من الحكومة، اجتاح المرض عدة مناطق، وفي يوم واحد فقط تم التأكد من إصابة عشرة آلاف شخص علي مستوي الجمهورية، وفي اليوم الثاني ارتفع الرقم إلي خمسة عشر ألف مصاب، وفي خلال أسبوع وصل عدد المصابين إلي مائة ألف، مات نصفهم تقريبا. وأعلنت منظمة الصحة العالمية مصر كمنطقة موبوءة، واتخذ قرار بحظر الدخول إلي مصر أو الخروج منها، وكافحت الحكومة في إظهار عدم فشلها في مواجهة الكارثة، ملقية المسئولية علي الناس الذين لم يسمعوا لتحذيراتها ولم يتخلصوا من الدواجن التي عندهم، وأكدت الحكومة أن الوضع مازال تحت السيطرة رغم كل شيء وأن إعلان منظمة الصحة العالمية مبالغ فيه وله أبعاد سياسية! وفي اليوم التالي انتقدت صحف المعارضة تصريحات الحكومة وطالبتها بالاعتراف بفشلها في مواجهة الكارثة وسرعة تقديم الاستقالة، وعرض عدد من رموز المعارضة ورؤساء الأحزاب خدماتهم لمواجهة الكارثة من خلال تشكيل حكومة طوارئ تقضي علي الوباء في أقل من أربع وعشرين ساعة! ولم تجد وزارة الصحة مفرا من الاعتراف بعجزها عن مواجهة الوباء بعد وصول عدد المصابين به إلي مليون شخص خلال أسبوعين، وقال وزير الصحة إن إمكانيات مصر لا تكفي لمواجهة مثل هذه الكارثة، ولا توجد خطة طوارئ معدة مسبقا لمواجهتها، وأعلنت الحكومة حظر التجول وتجريم عدم الإبلاغ عن المصابين، وبدأت حملات مداهمة للمنازل المشتبه في وجود مصابين بها، وتعطلت المصالح وانتشرت رائحة الموت في كل مكان، وبعد أقل من شهر مات أكثر من عشرة ملايين، وتطوع عدد من الناس بحرق الجثث التي لا تجد من يدفنها في أماكنها، وساد الهرج والمرج، وقبل مرور شهرين من ظهور الوباء، كان عدد الموتي تجاوز الخمسين مليونا، ولم تكن هناك قدرة لدي الحكومة علي مواجهة الوباء، فخرجت المظاهرات تنادي بسقوط الحكومة وتنحي الرئيس! هذا هو السيناريو السوداوي الذي يمكن أن يحدث أفظع منه لو لم تتعامل الحكومة ويتعامل الناس بجدية مع فيروس أنفلونزا الطيور الذي ما زال يواصل زحفه يوما بعد يوم، ويهدد بكارثة لو تحور في غفلة منا .. فهل وصلت الرسالة؟ أتمني!