رئيس الوزراء يستعرض تحديات قطاع صناعة الحديد والصلب وآليات النهوض به    أمريكا تطلب من إسرائيل تأجيل عمليتها الشاملة بغزة    غزة.. توقف المخابز المدعومة أمميا بعد 3 أيام من استئناف عملها    مدرب الأهلي: مواجهة الاتحاد قوية.. وهدفنا حصد لقب دوري السوبر للسلة    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    خلال المؤتمر الجماهيري الأول لحزب الجبهة الوطنية بالشرقية.. عثمان شعلان: ننطلق برسالة وطنية ومسؤولية حقيقية للمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة    محافظ القليوبية: 150 ألف أسرة تقيم في وحدات إيجار قديم.. وإمكانية للتوسع في المدن الجديدة    موندو ديبورتيفو: برشلونة يخطط لضم خوان جارسيا من إسبانيول    إيتو: مستوى الفرق بكأس العالم للأندية متقارب.. وأثق في أنديتنا الأفريقية    شادي محمد: "مدورش ورا الاهلي في اللوائح".. والفريق لم ينسحب أمام الزمالك    عمر مرموش يقود تشكيل مانشستر سيتي ضد فولهام في الدوري الإنجليزي الممتاز    مصرع أحد أحفاد نوال الدجوي في ظروف غامضة وتكثيف التحريات لكشف الملابسات    وزير الثقافة يشهد احتفالية ثمانينية سلماوي بالمجلس الأعلى للثقافة    "عاشور ": يشهد إطلاق المرحلة التنفيذية لأضخم مشروع جينوم في الشرق الأوسط    إصابه 5 أشخاص في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالمنوفية    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    الهيئة العربية للاستثمار توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أمريكية لدعم التحول الرقمي في الزراعة    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    محافظ المنيا يفتتح مستشفى الرجاء بأبوقرقاص -صور    الأهلي يحتفي بذكرى تتويجه بلقب دوري أبطال أفريقيا للمرة ال 12    تقارير: الهلال السعودي يحدد موعد سفره إلى أمريكا.. ويترك القائمة للمدرب الجديد    5 سنوات على مقتل جورج فلوريد.. نيويورك تايمز: ترامب يرسى نهجا جديدا لخطاب العنصرية    مصر تهنيء الأردن بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال    حريق محدود في مستشفى دار السلام المركزي بسوهاج    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    فلكيًا.. غرة شهر ذي الحجة 1446ه وأول أيامه    مصرع 14 شخصا وإصابة أكثر من 50 بسبب سوء الأحوال الجوية فى باكستان    تامر حسني يحذر جمهوره من حفلة وهمية مع «الشامي»    قريبا.. انطلاق برنامج "كلام في العلم" على القناة الأولى    لجنة تصوير الأفلام تضع مصر على خريطة السينما العالمية    بعد أدائه الرائع .. عمر مرموش من أنجح الصفقات فى الدوري الإنجليزي بموسم 2024-2025    كوارث وصدامات وخسارة فلوس.. تحذر من حدث فلكي يغير في حياة 4 أبراج للأسوأ    يسبب السكتة القلبية.. تناول الموز في هذه الحالة خطر على القلب    محافظ دمياط يستقبل نائب وزير الصحة ووفد حقوق الإنسان لبحث الخدمات الصحية والاجتماعية    محافظ المنوفية: تقييم دوري لأداء منظومة النظافة ولن نتهاون مع أي تقصير    ضبط سائق سيارة نقل بتهمة السير عكس الاتجاه بالقاهرة    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    المجلس الصحي المصري: 4 من كل 5 أمراض حديثة من أصل حيواني    وكيل صحة المنوفية يتفقد مستشفى تلا المركزي ويوجّه بإحالة المتغيبين لتحقيق    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    «بني سويف الأهلية» تناقش مشروعات طلاب المحاسبة والتمويل الدولي.. والجامعة: نُعد كوادر قادرة على المنافسة العالمية    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    عيد الأضحى 2025.. هل تصح الأضحية بخروف ليس له قرن أو شاه؟ «الإفتاء» تجيب    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    «يوم بحس فيه أني محظوظة».. رسالة وفاء عامر لجمهورها بعيد ميلادها    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    بعد افتتاح الوزير.. كل ما تريد معرفته عن مصنع بسكويت سيتي فودز بسوهاج    انتظام كنترول تصحيح الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالشرقية    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    «ليلة التتويج».. موعد مباراة ليفربول وكريستال بالاس والتشكيل المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احذروا شعباً يتألم
نشر في صوت الأمة يوم 02 - 02 - 2015

استعادة وعى المصريين هى أعظم مكسب للثورة إلى الآن، فقد كانت مصر فى غيبوبة ثقيلة مزمنة، امتدت لأربعين سنة متصلة من الانحطاط التاريخى، وكانت ثورة يناير الشعبية بشارة الإفاقة من الغيبوبة، والخروج من حالة انحطاط عام أعقبت حرب أكتوبر 1973، واستعادة الشعور بالألم، والأمة التى تشعر بالألم هى التى تصنع الأمل، ولا يخاف الطغاة أكثر من الشعب الذى يتألم .
صحيح، أن الثورة لم تصل للسلطة بعد، ولا حققت شيئا جوهريا من أهدافها، وهو ما يثير الإحباط عند شباب الثوريين، ويدفعهم للتشاؤم، وربما لليأس ونعى الثورة، فثمة ظواهر زاعقة توحى بالرجوع إلى الخلف، وكأن ثورة لم تقم، وكأنه كتب علينا أن يحكم الإخوان والفلول بالتبادل، وهى ذات الثنائية اللعينة التى ثار ضدها الشعب، وخلع مبارك فى ثورة 25 يناير العظمى، ثم خلع «القرين» ممثلا فى حكم الإخوان، وبموجة ثورية أعظم فى 30 يونيو، فلولا 25 يناير ما كانت 30 يونيو، لولا إفاقة يناير ما كان وعى يونيو، فقد كانت مصر تفتح عينيها بعد طول الرقاد، وكان لا بد أن يجرب الشعب حكم الإخوان، وقد أوحوا بإشارة «البديل» لمبارك، وتخفوا بطبيعة «القرين» الشريك فى اختيارات الانحطاط ذاتها، وكان لابد من الصدمة، واكتساب الوعى بالإفاقة الأكثر يقظة، و«كبش» النار، وغسل «مصارين» البلد بشربة «زيت الخروع» الإخوانية، وهكذا كان، وخلع الشعب رأس النظام المباركى الإخوانى، ودون أن يجرى تغيير وخلع النظام من جذوره إلى الآن .
نعم، لم تكتب لحظة نهاية النظام القديم إلى اليوم، ولم تصدر بعد شهادة الوفاة، ولا جرت مراسم الدفن بصورة صحيحة، ولا نزال فى زمن تشوش واختلاط هائل، فيه رئيس جديد يحكم بالنظام القديم ذاته، فيه رئيس طموح لبناء إنجازات مصر الجديدة، ولكن دون قطيعة تامة مع مصر القديمة، بل مهادنة لها، وقفزا على مفاسدها، وتأجيل الصدام مع مماليك البيروقراطية الفاسدة ومليارديرات النهب العام، وإثقال كاهل الفقراء والطبقات الوسطى، وتحميلهم وحدهم فواتير انهيار الاقتصاد، وهو ما يثير غضبا عظيما فى نفوس الناس، فلا توجد عدالة اجتماعية فى توزيع أعباء إنقاذ الموازنة المنهكة، ولا أخذ من كل برغوث «على قد دمه»، ولا استرداد للأموال والأصول المنهوبة، ولا فرض لنظام ضريبى عادل على أغنياء النهب، بينما يجرى الضغط بقسوة على أقوات غالبية المصريين، وخفض الدعم على السلع بهمة ونشاط، ورفع تكلفة الخدمات العامة المتردية أصلا، وهو ما يزيد من العنت، إضافة لتآكل الحريات العامة، وتضاعف معدلات القمع، وتراكم «تجاوزات» اعترف بها الرئيس السيسى نفسه، وفى سياق الحرب ضد الإرهاب، وهى معركة حقيقية لا تتأخر أغلبية المصريين عن دعم الجيش وقوات الأمن فيها، لكن الأغلبية ذاتها تستبطئ الخطى فى محاربة الفساد، مع أن الفساد أخطر من الإرهاب، وهزيمة الإرهاب مؤكدة لاريب فيها، لكن الفساد لايزال يحكم ويعظ، وبما يثير نفور الناس، ويتصاعد بالغضب إلى الحلوق، ودون أن يتدفق الغضب إلى الشارع، ولسبب بسيط ظاهر جدا فى وعى عموم المصريين، وهو «صدة النفس» من تحركات الإخوان الإرهابية، وانتحالهم لصفة ثورة يناير، ولم يكونوا أبدا طرفا فى الدعوة إليها، تماما كما ينتحل الفلول صفة 30 يونيو، ويريدون خلافة حكم الإخوان .
ولن يقبل المصريون أبدا أن يكونوا نهبا لتداول سلطة بين الإخوان والفلول، لن يقبلوا أبدا بتزوير ثورتهم، والتى تعانى فصاما نكدا بين فعل الثورة وحال السياسة، فمشاهد الثورة تخلع القلب فرحا، وأحوال السياسة تقبض الروح كمدا، وتسيطر عليها أطياف اليمين الدينى والفلولى والليبرالى، والذين يفيدهم نظام انتخابى فردى جرى إقراره، يهدر الغالبية العظمى من أصوات الناخبين، ويستدعى تأثيرات المال والبلطجة والعصبيات العائلية والجهوية، وينتهى إلى برلمان معاد للثورة بامتياز، تماما كما كان برلمان الإخوان، وبما يبدو معه وعى المصريين العائد، وكأنه فى امتحان ومحنة جديدة، وكما لفظوا «شربة زيت الخروع» الإخوانية، فسوف يلفظون «شربة الدود» الفلولية، وعلى مراحل متدرجة من استعادة الوعى كاملا، وإلى أن ينتهى عذاب المصريين وثورتهم اليتيمة، ويقوم لها حزبها الوطنى الثورى الجامع، القادر على نقل حس الثورة إلى مجال السياسة، وعلى الفوز للشعب فى الانتخابات العامة، وفتح طريق سالك لكسب الديمقراطية الحقيقية والاستقلال الوطنى والتصنيع الشامل والعدالة الاجتماعية، والذهاب بنجوم الأحلام إلى مداراتها الصحيحة، ووضع الثورة فى السلطة، حتى تعتدل الموازين المختلة، ويكمل المصريون مرحلتهم الثالثة فى استعادة الوعى .
لم يعد المصريون شعبا يخاف، فقد ذهب الخوف المصرى إلى قبره الأخير، فالخوف طرفان، طرف يخوف وطرف يخاف، وقد يستعيد المخوف عدة التخويف، لكن الذى كان يخاف مشى ومضى، وفقد صبره البليد إلى الأبد، واستعاد وعيه بوجوده وحقوقه، ولن يقبل العدوان المتصل عليها، فلا تستهينوا من فضلكم بالشعب المصرى، والذى تدفقت ملايينه الحاشدة إلى الشوارع والميادين فى ثورتين عظيمتين، وقد يكتم غضبه بصورة موقوتة لدواعى مواجهة الإرهاب، لكنه لن يقبل مجددا لعبة استثارة الفزع كستار لسلب الحقوق وتكريس المظالم، فأمن البلد ضرورة شعبية، لكن مستقبل البلد لن يكون من جنس ماضيه، فقد ولد الشعب المصرى من جديد، خرج من الغيبوبة، واكتسب وعيا يكتمل مع فصول المعاناة المتصلة بعد الثورة، واستعاد نعمة الشعور بالألم، فاحذروا شعبا يتألم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.