وزيرة التضامن تشهد احتفالية تخرج طالبات كلية رمسيس للبنات    تأخر وصول الرحلات الأوروبية بسبب عطل سيبراني وتعليمات هامة للمسافرين    84 شهيدا بنيران جيش الاحتلال في غزة منذ فجر اليوم    أوروبا المخترقة.. مطار بروكسل يعلن إلغاء نصف الرحلات بسبب هجوم سيبرانى    عاجل- ضابطة أمريكية سابقة: واشنطن «خانت قطر» وما يحدث في غزة إبادة جماعية مكتملة الأركان    مودريتش يقود ميلان أمام أودينيزي في الدوري الإيطالي    فياريال يصعد للمركز الثالث بالدوري الإسباني بعد فوز مثير أمام أوساسونا    ناشئات اليد يهزمن أنجولا فى نصف نهائى بطولة أفريقيا    خريف 2025, الأرصاد تكشف عن المناطق المهددة ب السيول    سرقة الإسورة الذهبية.. الأعلى للآثار يكشف مفاجأة: معمل الترميم كان بلا كاميرات    هذا هو موعد عرض فيلم هيبتا 2 المناظرة الأخيرة    طليقة أحمد مكى ل"كلمة اخيرة": "هيفضل عندى أغلى من الياقوت.. وشوفت منه كل خير"    فؤاد عبد الواحد وأميمة طالب في حفل مشترك بالسعودية    سامسونج تطلق الدورة السابعة من برنامج «الابتكار» لتأهيل الشباب المصري رقمياً    كارول سماحة تفجر مفاجأة عن وفاة زوجها وليد مصطفى    «نور مكسور».. بداية مشوقة للحكاية الأخيرة من مسلسل «ما تراه ليس كما يبدو»    «تنسيقي محافظة الأقصر» يبحث استعدادات تنفيذ التجربة «صقر 162» لمجابهة الأزمات والكوارث    سوريا.. قسد تستهدف بقذائف الهاون محيط قرية شرق حلب    زمالك 2009 يهزم المقاولون العرب بهدف نظيف في بطولة الجمهورية    رئيس النواب الأمريكي يحذر من كارثة ستواجه بلاده مطلع أكتوبر المقبل    أنغام تطرح أحدث أغانيها بعنوان سيبتلى قلبى بتوقيع تامر حسين وعزيز الشافعى    اللواء إبراهيم هلال ل"الساعة 6": حل القضية الفلسطينية يحتاج قرارات مُلزمة    "فستان قصير وجريء".. مي عمر بإطلالة جريئة    مواقيت الصلاة اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا    عالم أزهري يوضح سبب ذكر سيدنا إبراهيم في التشهد    على هامش فعاليات مؤتمر ومعرض هواوي كونكت 2025.. وزير الصحة يلتقي مسئولي «ميدبوت» للتعاون في تطوير التكنولوجيا الطبية والجراحة الروبوتية ( صور )    وزير الري يتفقد الموقف التنفيذي ل"مشروع تنمية جنوب الوادي" في أسوان    وزير فلسطيني سابق: إسرائيل لم تعد تتمتع بدعم حقيقي سوى من ترامب    بمشاركة رامي ربيعة.. «هاتريك» لابا كودجو يقود العين لاكتساح خورفكان بالدوري الإماراتي    نقابة "العلوم الصحية" تنظم حلقة نقاشية مع الخريجين والطلاب    تجديد حبس البلوجر محمد عبد العاطي 45 يوما لنشره فيديوهات خادشة للحياء    محمود محيي الدين: يجب أن يسير تطوير البنية التحتية التقليدية والرقمية جنبًا إلى جنب    غياب عربي عن القائمة.. تعرف على أكثر الدول طلبًا لتذاكر كأس العالم 2026    «الصحة» تبحث التعاون مع مستشفى رينجي الصينية بمجالات التكنولوجيا الطبية    بطلق ناري في الظهر.. الأمن يكثف جهوده لكشف لغز مقتل خمسيني بطما    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    لتحسين البنية التحتية.. محافظ القليوبية يتابع الانتهاء من أعمال رصف الطرق بمدن المحافظة    المجلس التنفيذي لمحافظة أسوان يوافق على تخصيص أراض لإقامة مشروعات خدمية وشبابية وتعليمية    الدوري الإنجليزي.. محمد قدوس يقود تشكيل توتنهام ضد برايتون    مؤتمر فليك: سنحضر حفل الكرة الذهبية من باب الاحترام.. ويامال سيتوج بها يوما ما    "بحضور لبيب والإدارة".. 24 صور ترصد افتتاح حديقة نادي الزمالك الجديدة    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    «الكازار» تعتزم إطلاق مشروعات جديدة بمجال الطاقة المتجددة في مصر    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    سؤال برلماني لوزير التعليم بشأن تطبيق نظام البكالوريا.. ويؤكد: أولادنا ليسوا فئران تجارب    فيديو قديم يُثير الجدل بالشرقية.. الأمن يكشف كذب ادعاء مشاجرة بين سيدتين    وزير الصحة: توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الطبية    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    طريقة عمل العيش الشامي في البيت، توفير وصحة وطعم مميز    كتائب القسام تنشر صورة وداعية للمحتجزين الإسرائيليين    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    كسوف الشمس 2025 في السماء.. تفاصيل موعد البداية والنهاية ووقت الذروة (الساعة)    «الداخلية»: ضبط 3 متهمين بالنصب على صاحب محل بانتحال صفة بالقاهرة    مدير مدرسة بكفر الشيخ يوزع أقلام رصاص وعصائر على تلاميذ الصف الأول الابتدائي    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احذروا شعبا يتألم
نشر في أخبار اليوم يوم 26 - 01 - 2015

لن يقبل المصريون أبدا أن يكونوا نهبا لتداول سلطة بين الإخوان والفلول، لن يقبلوا أبدا بتزوير ثورتهم، والتي تعاني فصاما نكدا بين فعل الثورة وحال السياسة، فمشاهد الثورة تخلع القلب فرحا، وأحوال السياسة تقبض الروح كمدا
استعادة وعي المصريين هي أعظم مكسب للثورة إلي الآن، فقد كانت مصر في غيبوبة ثقيلة مزمنة، امتدت لأربعين سنة متصلة من الانحطاط التاريخي، وكانت ثورة يناير الشعبية بشارة الإفاقة من الغيبوبة، والخروج من حالة انحطاط عام أعقبت حرب أكتوبر 1973، واستعادة الشعور بالألم، والأمة التي تشعر بالألم هي التي تصنع الأمل، ولا يخاف الطغاة أكثر من الشعب الذي يتألم.
صحيح، أن الثورة لم تصل للسلطة بعد، ولا حققت شيئا جوهريا من أهدافها، وهو ما يثير الإحباط عند شباب الثوريين، ويدفعهم للتشاؤم، وربما لليأس ونعي الثورة، فثمة ظواهر زاعقة توحي بالرجوع إلي الخلف، وكأن ثورة لم تقم، وكأنه كتب علينا أن يحكم الإخوان والفلول بالتبادل، وهي ذات الثنائية اللعينة التي ثار ضدها الشعب، وخلع مبارك في ثورة 25 يناير العظمي، ثم خلع «القرين» ممثلا في حكم الإخوان، وبموجة ثورية أعظم في 30 يونيو، فلولا 25 يناير ما كانت 30 يونيو، لولا إفاقة يناير ما كان وعي يونيو، فقد كانت مصر تفتح عينيها بعد طول الرقاد، وكان لابد أن يجرب الشعب حكم الإخوان، وقد أوحوا بإشارة «البديل» لمبارك، وتخفوا بطبيعة «القرين» الشريك في اختيارات الانحطاط ذاتها، وكان لابد من الصدمة، واكتساب الوعي بالإفاقة الأكثر يقظة، و»كبش» النار، وغسل «مصارين» البلد بشربة «زيت الخروع» الإخوانية، وهكذا كان، وخلع الشعب رأس النظام المباركي الإخواني، ودون أن يجري تغيير وخلع النظام من جذوره إلي الآن.
نعم، لم تكتب لحظة نهاية النظام القديم إلي اليوم، ولم تصدر بعد شهادة الوفاة، ولا جرت مراسم الدفن بصورة صحيحة، ولانزال في زمن تشوش واختلاط هائل، فيه رئيس جديد يحكم بالنظام القديم ذاته، فيه رئيس طموح لبناء إنجازات مصر الجديدة، ولكن دون قطيعة تامة مع مصر القديمة، بل مهادنة لها، وقفزا علي مفاسدها، وتأجيل الصدام مع مماليك البيروقراطية الفاسدة ومليارديرات النهب العام، وإثقال كاهل الفقراء والطبقات الوسطي، وتحميلهم وحدهم فواتير انهيار الاقتصاد، وهو ما يثير غضبا عظيما في نفوس الناس، فلا توجد عدالة اجتماعية في توزيع أعباء إنقاذ الموازنة المنهكة، ولا أخذ من كل برغوث «علي قد دمه»، ولا استرداد للأموال والأصول المنهوبة، ولا فرض لنظام ضريبي عادل علي أغنياء النهب، بينما يجري الضغط بقسوة علي أقوات غالبية المصريين، وخفض الدعم علي السلع بهمة ونشاط، ورفع تكلفة الخدمات العامة المتردية أصلا، وهو ما يزيد من العنت، إضافة لتآكل الحريات العامة، وتضاعف معدلات القمع، وتراكم «تجاوزات» اعترف بها الرئيس السيسي نفسه، وفي سياق الحرب ضد الإرهاب، وهي معركة حقيقية لا تتأخر أغلبية المصريين عن دعم الجيش وقوات الأمن فيها، لكن الأغلبية ذاتها تستبطئ الخطي في محاربة الفساد، مع أن الفساد أخطر من الإرهاب، وهزيمة الإرهاب مؤكدة لاريب فيها، لكن الفساد لايزال يحكم ويعظ، وبما يثير نفور الناس، ويتصاعد بالغضب إلي الحلوق، ودون أن يتدفق الغضب إلي الشارع، ولسبب بسيط ظاهر جدا في وعي عموم المصريين، وهو «صدة النفس» من تحركات الإخوان الإرهابية، وانتحالهم لصفة ثورة يناير، ولم يكونوا أبدا طرفا في الدعوة إليها، تماما كما ينتحل الفلول صفة 30 يونيو، ويريدون خلافة حكم الإخوان.
ولن يقبل المصريون أبدا أن يكونوا نهبا لتداول سلطة بين الإخوان والفلول، لن يقبلوا أبدا بتزوير ثورتهم، والتي تعاني فصاما نكدا بين فعل الثورة وحال السياسة، فمشاهد الثورة تخلع القلب فرحا، وأحوال السياسة تقبض الروح كمدا، وتسيطر عليها أطياف اليمين الديني والفلولي والليبرالي، والذين يفيدهم نظام انتخابي فردي جري إقراره، يهدر الغالبية العظمي من أصوات الناخبين، ويستدعي تأثيرات المال والبلطجة والعصبيات العائلية والجهوية، وينتهي إلي برلمان معاد للثورة بامتياز، تماما كما كان برلمان الإخوان، وبما يبدو معه وعي المصريين العائد، وكأنه في امتحان ومحنة جديدة، وكما لفظوا «شربة زيت الخروع» الإخوانية، فسوف يلفظون «شربة الدود» الفلولية، وعلي مراحل متدرجة من استعادة الوعي كاملا، وإلي أن ينتهي عذاب المصريين وثورتهم اليتيمة، ويقوم لها حزبها الوطني الثوري الجامع، القادر علي نقل حس الثورة إلي مجال السياسة، وعلي الفوز للشعب في الانتخابات العامة، وفتح طريق سالك لكسب الديمقراطية الحقيقية والاستقلال الوطني والتصنيع الشامل والعدالة الاجتماعية، والذهاب بنجوم الأحلام إلي مداراتها الصحيحة، ووضع الثورة في السلطة، حتي تعتدل الموازين المختلة، ويكمل المصريون مرحلتهم الثالثة في استعادة الوعي.
لم يعد المصريون شعبا يخاف، فقد ذهب الخوف المصري إلي قبره الأخير، فالخوف طرفان، طرف يخوف وطرف يخاف، وقد يستعيد المخوف عدة التخويف، لكن الذي كان يخاف مشي ومضي، وفقد صبره البليد إلي الأبد، واستعاد وعيه بوجوده وحقوقه، ولن يقبل العدوان المتصل عليها، فلا تستهينوا من فضلكم بالشعب المصري، والذي تدفقت ملايينه الحاشدة إلي الشوارع والميادين في ثورتين عظيمتين، وقد يكتم غضبه بصورة موقوتة لدواعي مواجهة الإرهاب، لكنه لن يقبل مجددا لعبة استثارة الفزع كستار لسلب الحقوق وتكريس المظالم، فأمن البلد ضرورة شعبية، لكن مستقبل البلد لن يكون من جنس ماضيه، فقد ولد الشعب المصري من جديد، خرج من الغيبوبة، واكتسب وعيا يكتمل مع فصول المعاناة المتصلة بعد الثورة، واستعاد نعمة الشعور بالألم، فاحذروا شعبا يتألم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.