تجهيز 368 مقرًا لاستقبال أكثر من مليوني ناخب في انتخابات الشيوخ ببني سويف    «الأعلى للجامعات» يتفقد اختبارات القدرات بكلية الفنون التطبيقية ببنها    رسميًا.. الأزهر يعلن بدء طلبات الطعون لطلاب الشهادة الثانوية الأزهرية 2025    توجيهات بفتح قنوات التواصل مع المواطنين لاستقبال الشكاوى والمقترحات بكفر الشيخ    تزوير في محررات رسمية.. محافظ المنوفية يُحيل مسؤولين بإدارة حماية أملاك الدولة للتحقيق    الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة قائد كتيبة وجندي بجروح خطيرة في غزة    «المنظمة العربية» تدين القرصنة البحرية الإسرائيلية ضد السفينة حنظلة    صدام الأهلي وبيراميدز بالجولة الخامسة من الدوري المصري    مصرع طفل تحت عجلات جرار زراعي بقرية قصر الباسل في الفيوم    رسميًا.. نتيجة الثانوية العامة 2025 فلسطين (التوجيهي).. أسماء الأوائل ورابط النتيجة (استعلم)    عودة الأمطار.. «الأرصاد» تكشف مفاجأة بشأن حالة الطقس وموعد انكسار الموجة الحارة    لمروره بأزمة نفسية.. انتحار سائق شنقًا في الفيوم    وائل كفوري يطرح أغنيته الوطنية الجديدة بعنوان «راجعين» (فيديو)    عمرو دياب يتصدر «سبوتيفاي» بعد رسالة تامر حسني.. رد غير مباشر منه يشعل السوشيال ميديا    انطلاق المؤتمر السنوي ال14 لقسم الأمراض الصدرية بجامعة أسيوط    البابا تواضروس يصلي قداس الأحد مع شباب ملتقى لوجوس الخامس    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    بالتعاون بين وزارتي الإسكان والثقافة.. إقبال جماهيري على فعاليات الأسبوع الأول من مهرجان ليالينا في العلمين    مجلس جامعة بني سويف ينظم ممراً شرفياً لاستقبال الدكتور منصور حسن    ورش في المونتاج والإخراج وفنون الموسيقي، برنامج التدريب الصيفي للشباب وطرق الاشتراك    القومي للمرأة يهنئ اللواء منال عاطف على تجديد الثقة مساعدا لوزير الداخلية    طريقة عمل الحجازية، أسهل وأسرع تحلية وبأقل التكاليف    الأمن يكشف غموض خطف طفل من القاهرة وظهوره فى الصعيد    فى ذكرى وفاة يوسف شاهين.. المخرج العالمى ديفيد لين مفتاح وصوله للعالمية    وزيرة التخطيط ونظيرتها بجنوب أفريقيا تؤكدان أهمية التوسع بمشروعات البنية التحتية بالقارة السمراء    "أونروا": لدينا 6 آلاف شاحنة مساعدات جاهزة لدخول قطاع غزة    تفاصيل تشاجر 12 شخصا بسبب شقة فى السلام    4 مشاهد لإجهاض مخطط «حسم» الإرهابى    حسن شحاتة أسطورة حية صنعت المستحيل ضد الأهلى والزمالك    البقاء أم الرحيل.. شوبير يكشف مطالب عبد المجيد من أجل الإستمرار مع الزمالك    «مصر تستحق» «الوطنية للانتخابات» تحث الناخبين على التصويت فى انتخابات الشيوخ    طلاب «المنح الدولية» مهددون بالطرد    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ القليوبية مشروعات "حياة كريمة" بالمحافظة    في ذكري وفاة رشدي أباظة .. دخوله التمثيل كان بسبب صداقته لأحمد رمزي وعمر الشريف    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثية يوميا    وزير التموين يفتتح سوق "اليوم الواحد" بمنطقة الجمالية    وزارة الصحة توجة نصائح هامة للمواطنين بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    اليوم.. قرعة الدوري «الاستثنائي» بمشاركة 21 فريقا بنظام المجموعتين    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    ضبط 118709 مخالفات مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأحد    ريم أحمد: شخصية «هدى» ما زالت تلاحقني.. وصورة الطفلة تعطل انطلاقتي الفنية| خاص    بورسعيد تودع "السمعة".. أشهر مشجع للنادى المصرى فى كأس مصر 1998    3 أوجه تشابه بين صفقتي بوبيندزا وأوكو مع الزمالك    سويلم: إزالة 87 ألف تعد على النيل منذ 2015 ومواصلة مكافحة ورد النيل    زكى القاضى: مصر تقوم بدور غير تقليدى لدعم غزة وتتصدى لمحاولات التهجير والتشويش    "الصحة": حملة 100 يوم صحة قدّمت 15.6 مليون خدمة طبية مجانية خلال 11 يوما    «الإفتاء» توضح الدعاء الذي يُقال عند الحر الشديد    إيتمار بن غفير: لم تتم دعوتي للنقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    قبل بدء الهدنة.. 11 شهيدًا وعشرات الجرحى في قصف إسرائيلي على قطاع غزة    «غير اسمه بسبب الاحتراف».. هاني حتحوت يكشف تفاصيل مثيرة بشأن نجم الزمالك    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا عودة إلى 24 يناير
نشر في صوت الأمة يوم 15 - 02 - 2014

سهولة إعطاء انطباعات من هذا النوع لها دواعيها الملموسة، وبالذات فى الممارسات الأمنية ذات الطابع القمعى، والتى هى موضع إدانة وطنية جامعة من كافة القوى الثورية، وسواء لحقت الانتهاكات بالإخوان أو بغير الإخوان، وكلها مرفوضة تماما، كما لا يحق لأحد أن يفرق فى حرمة الدم، أن يفرق بين دم شباب الإخوان ودم شهداء الجيش والشرطة، فالدم المصرى كله حرام، وبعض الممارسات الأمنية تفوق فى ضراوتها ما كان يفعله حبيب العادلى شخصيا، لكنها مع ذلك لا تبرر القول بأننا عدنا إلى ما قبل الثورة، فلا شيء فى التاريخ الإنسانى يعود إلى الوراء، حتى وإن بدا كذلك لزمن موقوت، ولظروف متغيرة بينها الخطر الإرهابى الذى يجتاح المنطقة، والتى تشهد مصر صوره الشرسة، والمحكوم عليها بالهزيمة فى نهاية المطاف، وإن كانت أجهزة الأمن المصرية فى حاجة إلى تجديد شامل، وتغيير جوهرى فى أساليبها وهياكلها وطرائق عملها، وترك طرق الاحتجاز العشوائى لآلاف الناس، والتغول على الحقوق والحريات الطبيعية، فمصر فى حاجة إلى موازنة دقيقة بين الأمن والحرية، لاتتضمن فرض قيود أو إجراءات استثنائية على نمط حالة الطوارئ التى ظلت سارية طوال سنوات مبارك الثلاثين، ولا تعتمد فيها أجهزة الأمن على القوة الباطشة وحدها، بل على أداء مهنى محترف، وعلى بناء أجهزة معلومات قادرة على اكتشاف خرائط الخطر الإرهابى الجديد، والمدعوم من قبل دول كبرى وصغرى وأجهزة مخابرات دولية، والمزود بسلاح متطور دخل إلى مصر عبر حدود سابت مفاصلها خلال ثلاث سنوات مضت، وبدون معلومات وخرائط كافية، فقد يطول عمر مواجهة الخطر الإرهابى بأكثر مما ينبغى، وقد تتحول حالة أجهزة الأمن المصرية المتضخمة إلى ما يشبه حركة الفيل الأعمى، وتجور على حريات الناس المسالمين بما يقوى شوكة الإرهاب، ولا يصيبه فى مقتل نهائى .
نعم، لابد من الإقرار بأن ثمة مشكلة مزدوجة تعيق الثورة المتعثرة أصلا، فالإرهاب عدو لقضية الثورة، والقمع النظامى عدو آخر، لكن أحدا فى مصر لا يملك فرصة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لا العناصر المتنفذة فى السلطة الحالية تملك، ولا الجماعات التى تتخذ من الإرهاب دينا وأيديولوجيا، والسبب ظاهر، صحيح أن الاختيارات الجوهرية الحاكمة لم تتغير، وظلت على حالها الموروث عن حكم مبارك، وبثلاثية اختيارات ملعونة تعطى الأولوية للأمريكيين وحفظ أمن إسرائيل ورعاية مصالح رأسمالية المحاسيب، وعبر ثلاث سنوات شهدت تغييرا متسارعا فى صور الحاكمين، من مجلس طنطاوى وعنان إلى حكم الإخوان، وإلى السلطة الانتقالية الحالية، صحيح أن ما كان لا يزال يحكم، لكن المحكومين تغيروا، وهذا هو المكسب الرئيسى للثورة إلى الآن، والذى يجعل العودة مستحيلة إلى خطوط 24 يناير 2011، فقد تغير مزاج المصريين تماما، وصار المزاج العام ديناميكيا نافد الصبر بامتياز، واكتسب وعيا ثوريا ظاهرا صنعته تجربة الثورة العظمى، وأضافت إليه محنة الثورة ذاتها، فلم تمض الثورة فى رحلة الخط المستقيم، بل مضت فى خطوط ودوائر حلزونية أوحت بالتراجع، ثم دخلت فى حوارى المتاهة مع حكم الإخوان المنتخب العابر، وكانت تلك المحنة ضرورية لاكتساب الوعى المضاف، ومن قلب المحنة ولدت النعمة، فالحريات العامة وتداول السلطة شيء ضرورى فى سيرة الثورة، لكن اختصار الثورة فى ممارسات ديمقراطية صورية يبدو مخلا جدا فى السياق المصرى، فقد تكون الديمقراطية ردا مطلوبا على الاستبداد السياسى، لكن الاستبداد السياسى على طريقة مبارك كان عرضا لمرض اسمه الانحطاط التاريخى، ومعالجة العرض دون علاج المرض قد تودى بالمريض إلى حتفه، أو تعيده إلى نومة أهل الكهف، التى عاناها المصريون طوال أربعين سنة مضت من الانحطاط التاريخى، والخروج من سباق العصر، وتحول المجتمع إلى «غبار بشرى» حائر على أرصفة التسول، وقد أتت تجربة الثورة المتصلة فصولها ومعاركها كحالة إفاقة للمصريين من الغيبوبة التاريخية، فمع الثورة، استعاد المصريون حس الشعور بالألم، واستعادة الشعور بالألم شرط جوهرى لصناعة الأمل، والشعب الذى لا يتألم لايصنع الأمل، ولا يرى طريقا سالكا إليه، وقد خرج الشعب المصرى من قمقم الخوف الذى احتبس فيه طويلا، واقتحم حواجز الخوف مع ميلاد ثورته العظمى فى 25 يناير 2011، ولولا خروج 25 يناير ما كانت الموجة الثورية الأعظم فى 30 يونيو 2013، لولا البدء بخروج عشرات الآلاف ما خرجت عشرات الملايين، فلم يعد من شيء يخيف المصريين، بل صار الخوف نفسه هو الذى يخاف من المصريين، وليس اجتياز حواجز الخوف وحده هو الذى يميز مزاج المصريين الآن، بل الإفاقة على وعى ثورى تكتمل حلقاته، لا يعيقه قمع ولا وحشية عابرة إلى زوال أكيد، ولا يعيقه خداع الصور فى مشهد السياسة، فقد كان مشهد السياسة قسمة بين جماعة مبارك وجماعة الإخوان إلى يوم 24 يناير 2011، جماعة مبارك كانت فى الحكم، وجماعة الإخوان كانت خارجه، كانت الجماعتان متنافستين لا متناقضتين، وكانت قواعد اللعبة تتضمن هندسة لعيش مشترك، وجاءت الثورة من خارج الجماعتين، واللتان حاولتا وتحاولان التناوب على حكم البلد بعد الثورة، وكأنه كتب على الثورة أن تقوم فلا تحكم، وأن يكون الحكم تناوبا بين جماعتى الثورة المضادة، فقيادة الإخوان تتطفل على ميراث ثورة 25 يناير، وقد جاءت إلى الحكم بعدها، وتعتبر 30 يونيو انقلابا أزاحها عن الحكم، فيما تعتبر جماعة مبارك أن 25 يناير مؤامرة أزاحتها عن الحكم، وتتطفل على الموجة الثورية الأعظم فى 30 يونيو، وتريد أن تسترد العرش المفقود، وقد تبدو إيحاءات «القص واللصق» فى المشهد المصرى مؤدية إلى اقتناع بإمكانية عودة جماعة مبارك للحكم، وهو اقتناع زائف يتناسى ويتجاهل الشعب المصرى صاحب القضية كلها، والقادر بإذن الله على قول الكلمة الفاصلة، وبيان استحالة العودة لبؤس مبارك القرين لبؤس الإخوان، وإحلال اختيارات الثورة فى استعادة الاستقلال الوطنى والتصنيع الشامل والعدالة الاجتماعية .
وما نقوله عن استحالة العودة لخطوط 24 يناير لا يعنى تجاهل المخاطر، فثمة حرب حقيقية تخوضها جماعات المصالح والمليارات المسروقة من قوت وثروة الشعب المصرى، وعبر مراكز سيطرة متنفذة فى جهاز الدولة الفاسد، أو فى فضائيات التزوير الإعلامى، أو فى جماعات تتظاهر بالمعارضة، وتريد احتواء الثورة، أو ركوب قطار السيسى المندفع بتأييد شعبى كاسح إلى قصر الرئاسة، فهؤلاء يريدون تزوير صورة السيسى، وعلى أمل جعله فى صورة «مبارك معدل»، وهو ما يبدو صعب التحقق، ليس فقط لأن السيسى لايريد، وينفر من هؤلاء الفاسدين المتطفلين على حملته الرئاسية، وهم أخطر عليه من جماعات الإرهاب، وهم وجوه مكروهة تحظى بالنفور العام، واستهانوا بالشعب المصرى الذى يطلبون وده الآن، وحتى يقفزوا إلى كراسى البرلمان صونا لمصالحهم غير المشروعة، وهو ما لن يكتمل فيما نظن، وإذا حدث فلن يستقر، ولأسباب مفهومة، فهؤلاء من علامات مأساة الانحطاط التاريخى، والمأساة لا تعالج بالمأساة، ووعى المصريين الجديد لايقبل خداعا، ثم أن أزمة الوضع المصرى وصلت إلى مداها الخطر سياسيا واجتماعيا، وتأملوا من فضلكم موجة الإضرابات الاجتماعية المتزايدة، ثم تأملوا ضيق الأمريكيين بظاهرة السيسى كلها، وتربصهم بنوايا الاستقلال الوطنى فى المشهد المصرى، وكلها نذر تتواتر إلى صدام أكيد، تصبح معه العودة إلى 24 يناير مجرد خرافة تاريخ .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.