الوطنية للانتخابات: بدء فرز الأصوات بنيوزيلندا.. والكويت الأعلى تصويتا حتى الآن    انتخابات النواب بالخارج.. إقبال كبير للمشاركة بانتخابات النواب باليوم الأخير في السعودية وسلطنة عمان |صور    إقبال المصريين على سفارة مصر بباريس في اليوم الثاني للتصويت بانتخابات مجلس النواب    إدراج 29 جامعة مصرية في تصنيف QS 2026.. والقاهرة تتصدر محليا    تراجع أسعار الحديد والأسمنت بأسواق مواد البناء اليوم السبت 22 نوفمبر    وزيرة «التخطيط» تبحث مع «بروباركو» الفرنسية خطط تمويل و تمكين القطاع الخاص    مركز بحوث الصحراء يستقبل وفدًا طلابيا لتعزيز التعلم التطبيقي في البيئات الصحراوية    إصابة 3 فلسطينيين برصاص الاحتلال في مناطق متفرقة من قطاع غزة    وزير الخارجية يشيد بما وصلت إليه العلاقات بين مصر وإسبانيا    فيديو.. قوات إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة جنوبي سوريا وترفع علم دولة الاحتلال    ستارمر يعلن عن لقاء دولى خلال قمة العشرين لدفع جهود وقف إطلاق النار بأوكرانيا    موسكو: المسيرات الروسية تضرب نقطة انتشار اوكرانية مؤقتة    تشكيل برشلونة المتوقع أمام بلباو في الدوري الإسباني    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام نيوكاسل.. موقف مرموش    وزير الرياضة يدعم البطل الأولمبي أحمد الجندي في رحلة علاجه بألمانيا    جون بارنز يبرئ صلاح ويكشف سبب أزمة ليفربول    موعد مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدوري الأبطال.. والقنوات الناقلة    إسلام سمير: الفوارق بين الأندية "كبيرة".. وأحمد سامي ليس سببا في أزمات الاتحاد    ارتفاع جديد للحرارة على الإسكندرية ولا فرص للأمطار اليوم    الأدلة الجنائية تفحص آثار حريق بمعرض موتوسيكلات بالظاهر وتستدعي المالك    وزير التربية والتعليم يقرر وضع مدرسة "سيدز الدولية" تحت الإشراف المالي والإداري وإدارتها من قبل الوزارة    ضربة استباقية.. سقوط بؤر مخدرات وسلاح ومقتل عنصر شديد الخطورة فى قنا    بدء فعاليات إجراء قرعة حج الجمعيات الأهلية لاختيار الفائزين بالتأشيرات    لاتهامها بقضايا غير أخلاقية.. ضبط التيك توكر «دودو المهرة الملكة» في أكتوبر    إصابة 11 عاملا إثر انقلاب ميكروباص بالمنيا الجديدة    مخرجة لبنانية: مهرجان القاهرة منح فيلمي حياة مستقلة وفتح له أبواب العالم    بعد تصدره التريند.. موعد عرض برنامج «دولة التلاوة» والقنوات الناقلة    استخدمت لأداء المهام المنزلية، سر عرض تماثيل الخدم في المتحف المصري بالتحرير    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    الصحة تقدم تعليمات مهمة لحماية الطلاب من العدوى التنفسية داخل المدارس    دايت طبيعي لزيادة التركيز والمزاج الإيجابي، نظام غذائي يدعم العقل والنفس معًا    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 22 نوفمبر 2025    شيكو بانزا يظهر فى مران الزمالك الأخير استعدادا ل زيسكو بعد وفاة شقيقه    زيارة مفاجئة لوكيل زراعة أسيوط للجمعيات الزراعية بمركز الفتح    سعر كرتونة البيض في بورصة الدواجن والأسواق اليوم السبت 22 نوفمبر 2025 فى المنيا    وزير التعليم العالي يعقد اجتماعًا مع مجموعة خبراء تطوير التعليم العالي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    انتخابات مجلس النواب بالخارج، بدء التصويت بالسفارة المصرية في طهران    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    منظمة الصحة العالمية: أكثر من 16.5 ألف مريض بغزة في انتظار الإجلاء الطبي    دراسة جديدة.. عصير البرتقال يؤثر على نشاط الجينات    سعر الجنيه الإسترلينى اليوم السبت فى البنوك 22-11-2025    اليوم.. محاكمة 6 متهمين بقضية "خلية مصر الجديدة"    فرنسا لمواطنيها: جهزوا الطعام والماء لحرب محتملة مع روسيا    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    أبرزها وظائف بالمترو براتب 8000 جنيه.. «العمل» توفر 100 فرصة للشباب    محمد موسى يهاجم الجولاني: سيطرتك بلا دور.. والسيادة السورية تنهار    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    محمد التاجي: اعتذار محمد سلام اللحظي خلق «شماتة» ويتعارض مع تقاليد المهنة    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الأحد في الدوري الممتاز    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمل لسوريا الحزينة
نشر في صوت الأمة يوم 02 - 01 - 2015

قصة الائتلاف السورى معروفة ومشهورة، وقد تكون برعاية أجنبية مالية وسياسية، تكون أولا فى صورة «المجلس الوطنى»، ثم أضيفت إليه أطراف أخرى، فأصبح اسمه «الائتلاف»، وكان على الدوام مسرحا لخلافات لا تنتهى بين أطرافه، وبحسب تقلبات وسياسات الرعاة المتنافسين، وانتهى إلى السكن المقيم فى تركيا أردوغان، والتى تدعم هيمنة فصيل الإخوان، وإقصاء التيارات الديمقراطية التى تكون غالبية وجوهه المعروفة.
الذى يجرى فى سوريا فاق خيال الشياطين، فلم نعد بصدد قمع وحملات اعتقال وتعذيب وحشى، بل بصدد تدمير بلد بكامله، وتحطيم البشر والحجر، وبأفظع مما جرى بأى حرب أهلية سبقت فى التاريخ الإنسانى، وانتهت سوريا الجميلة الوديعة إلى مسارح خراب، شردت نصف السكان، الذين هاموا ويهيمون على وجوههم بحثا عن ملجأ أمان وكسرة خبز، فيما ظل النصف الآخر من السكان تحت الخطر، مقهورا خائفا من قوافل الموت المستعجل .
وقد قلناها من بداية التحول إلى المأساة، قلنا إن الفارق كبير بين الثورة فى سوريا والثورة على سوريا، بدأت الثورة كاملة الأوصاف السلمية، واستمرت كذلك على مدى تسعة شهور كاملة إلى نهاية 2011، بدءا بانتفاضة أطفال «درعا» الباسلة، وإلى مواكب المظاهرات التى تدفقت إلى الشوارع والميادين، تحلم بسوريا جديدة ديمقراطية وطنية عادلة، ولم تكن من حيرة واردة وقتها فى موقف مراقب منصف، فالشعب المظلوم ينتفض ضد قلة طائفية ديكتاتورية نهابة، لكن الربيع السورى سرعان ما انطفأ، وذبلت أوراقه ويبست وروده، وتوارت مشاهد الثورة فى سوريا، وحلت مشاهد الثورة على سوريا، فقد تصرفت جماعة بشار الأسد على طريقة شمشون، ورفعت شعار «الأسد للأبد.. أو نحرق البلد»، وهرب الأسد من أزمته إلى الأمام، وأشعلها حربا أهلية طائفية لا تبقى ولا تذر، واستدعى للساحة السورية شياطين الإنس والجن، وبصورة طمست زهو الثورة وأحلامها، وأحلت الكوابيس التى لم ترد فى خيال، ولا طرأت على البال، اختفى صوت الثورة المغدورة، ولم نعد نسمع غير أصوات البوم، واستدعت وحشية الأسد صورا أفظع من الوحشية، تنافسه فى القتل وتمزيق سوريا، وبدا أننا أمام حديقة ديناصورات مرعبة، لم ترحم حتى آثار التاريخ الباقية فى سوريا من آلاف السنين، وتضاعف خطر محو سوريا من خرائط الجغرافيا، وانتهينا إلى مباراة فى «الدعشنة» الدموية، «دعشنة» داعش والنصرة وأخواتها، تبارى «دعشنة» ما تبقى من النظام السورى، وحصيلة قتل سنوى تفوق ما جرى فى فلسطين المحتلة على مدى سبعين سنة، ولو استخدم كيان الاغتصاب الإسرائيلى مخزون قنابله الذرية، ما كان بوسعه أن يدمر سوريا كما جرى على يد الأسد وفصائل ما يسمى بالمعارضة المسلحة .
لا نتحدث عن مؤامرات فى الخفاء، بل عن خطط على الهواء، جارية سارية بالقتل والدمار كل يوم فى سوريا، جعلت وطن العروبة الحبيب جثة تحت الردم، ودون تعاطف مستحق مع أى طرف فى الحرب المجنونة، فكلهم يلغون فى الدم، ويمزقون لحم سوريا والسوريين، وكلهم فى نار الدنيا والآخرة سواء، فهم يديرون حربا كافرة، لا تستبقى إيمانا ولا شبهة إيمان، لا بالديمقراطية ولا بالعدالة ولا بوحدة سوريا، وتأملوا من فضلكم ملامح الأطراف المتحاربة على الأرض، بقايا نظام لم يسقط نهائيا بعد، وهو ليس أكثر من عصابة طائفية شيطانية، تقابلها على مسرح الحرب عصابات أكثر شيطانية وعنصرية، لا ترفع إحداها علم الثورة الديمقراطية، ولا حتى اسم «الجيش السورى الحر» الذى تبددت ريحه وتفرقت زمره، بل حلت عصابات قتل ونهب محترف، يتخفى أغلبها وراء أقنعة إسلامية مراوغة مزورة، لا ترعى فى سوريا إلا ولا ذمة، وتتحدث كلها عن خلافة موهومة، وتتدرج فى وحشيتها، من الإخوان إلى «النصرة» إلى «داعش»، فالدعشنة هى أعلى مراحل تطور الحركة الإسلامية، وكما كان لينين يقول يوما إن «الإمبريالية هى أعلى مراحل الرأسمالية»، فقد بدت «إمبريالية» داعش كأنها الطور الأخير فى تاريخ ما يسمى بحركات الإسلام السياسى، وبدت «خلافة داعش» الوحشية كأنها الجنة الموعودة لشباب الإسلاميين، وهو ما يصب فى مصلحة الديكتاتورية الحاكمة لا تزال فى دمشق، والتى تجد فى جنة «قطع الرءوس» الداعشية عونا لتبرير بقائها جاثمة فوق الرءوس (!) .
ثم ماذا بعد ؟، هل تبقت من فرصة للتغيير الديمقراطى ؟، وهل ظل من أمل وارد فى إنقاذ سوريا الحزينة؟، واستعادة أحلام الصبوات الأولى للثورة، ووقف دواعى الانزلاق إلى التحطيم اللانهائى لما كان أجمل أقطار الأمة العربية ؟، كلها أسئلة برسم اللحظة الملتبسة، والتى لا تبدو فيها من فرجة ولا كوة نور، يحرق ظلام ليل سوريا الطويل، فلا فرصة تلوح لوقف الحرب بالحل العسكرى، لا النظام قادر على النصر، ولا هو آيل للسقوط القريب، خصوصا مع دعمه المتصل بعصابات طائفية تنافس «داعش» فى وحشيتها وطائفيتها المقيتة، ومشاركة إيران الفعلية فى الحرب إلى جانب بشار، ومخازن السلاح الروسى المفتوحة لحساب عصابة دمشق، وما من فرصة بالمقابل لنصر تحققه ما تسمى المعارضة المسلحة، والتى حظيت بمليارات الدعم الخليجى، وبإسناد السلاح الأمريكى لجماعات بعينها، وبرغبة أردوغان الحارقة الجارفة فى تحطيم سوريا بالكامل، وضمها لخلافته «العثمانلية»، وهو ما يشبه أمل إبليس فى الجنة (!) .
نعم، لا حل بالسلاح فى سوريا، ولا بديل عن حل بالسياسة، ثم أن الحل بالسلاح، وبافتراض إمكانه المستحيل، لا يبقى على سوريا التى نعرفها وطنا واحدا موحدا، ولا يفتح طريقا إلى مستقبل تطمئن إليه النفس السوية، فالأطراف المتحاربة كلها تستحق اللعنة، وتبدو أسيرة لشهوة التدمير والخراب، وتحويل سوريا إلى ملاعب حرب كونية لا تنتهى، وهو ما يستوجب التوقف والتبين، وإعادة فرز الصفوف من جديد، وعزل جماعات الخراب، واستعادة سيرة الثورة الأولى، وتغليب العقل على الدمار، وبلورة معارضة وطنية ديمقراطية، لا تستبقى عملاء المخابرات الدولية فى الواجهات السياسية، ولا المعارضين من نزلاء فنادق الخمس نجوم فى عواصم التآمر، ولا المؤيدين المدمنين للتدخل الأجنبى من أى صنف ولون، ولا المتورطين فى «عسكرة الثورة» وتزييف روحها، ولا الداعمين لفظا وعملا لميليشيات الإرهاب .
ولا يخفى على أحد حال المعارضة السياسية السورية، والراغبة فى تغيير واستبدال النظام، وهى موزعة بين معارضة المنافى، والمعارضة المرتكزة أساسا على الحضور فى الداخل السورى، الأولى يمثلها «الائتلاف السورى»، والثانية تمثلها «هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطنى الديمقراطى»، وقصة الائتلاف معروفة ومشهورة، وقد تكون برعاية أجنبية مالية وسياسية، تكون أولا فى صورة «المجلس الوطنى»، ثم أضيفت إليه أطراف أخرى، فأصبح اسمه «الائتلاف»، وكان على الدوام مسرحا لخلافات لا تنتهى بين أطرافه، وبحسب تقلبات وسياسات الرعاة المتنافسين، وانتهى إلى السكن المقيم فى تركيا أردوغان، والتى تدعم هيمنة فصيل الإخوان، وإقصاء التيارات الديمقراطية التى تكون غالبية وجوهه المعروفة، وبما انتهى إلى التنفير المتزايد من الائتلاف نفسه، ونزوع وجوه قيادية بارزة كبرهان غليون ومعاذ الخطيب إلى التحرك فى إطارات أخرى، واهتزاز صورة ائتلاف، لم يعد قادرا على تأليف صفوفه ولا تنظيم خلافاته، وعلى العكس بالضبط من الطرف الآخر الجوهرى التأثير فى المعارضة السورية، وهو «هيئة التنسيق» التى احتفظت بصلابتها التنظيمية، وبدعم أحزاب المعارضة التاريخية الرئيسية فى سوريا، والتى كونت من عقود صيغة «التجمع الوطنى الديمقراطى»، وناهضت بثبات نظام الأسد الأب والأسد الإبن، وتعرض قادتها لأشد صنوف التنكيل والاعتقال والتعذيب، واتسع نطاق أطرافها الفاعلة مع نشوب الثورة السورية، وقادوا موجتها السلمية الديمقراطية الأولى، وكونوا «هيئة التنسيق» كإطار جامع لقوى الثورة القديمة والجديدة، ورفضوا التدخل الأجنبى و«عسكرة الثورة»، وتعالوا على إغراءات واستمالات الجهات الأجنبية، وقبضوا على الجمر وفقر الموارد والتعتيم الإعلامى، وتحملوا عنت عصابة بشار الأسد، والاعتقال الدورى المتصل لقياداتهم المركزية، ومذابح القتل التى طالت العديد من قياداتهم الميدانية، وصاروا صوت التغيير الأنقى فى سوريا الراهنة، والذى لم تتلطخ يده بالدماء، ولا تلوثت روحه بالتورط فى مسايرة الطامعين الأجانب، وهو ما يجعلهم الطرف الأحق بطرح «خطة طريق» لإنقاذ سوريا من جرائم النظام والمعارضة «المدعشنة».
نعم، لا تزال أحلام الإنقاذ ممكنة رغم كل الذى جرى، ونقطة البدء فيما نظن جذب الأقسام الديمقراطية من الائتلاف إلى خطة «هيئة التنسيق»، وتكوين معارضة سياسية سلمية قادرة موحدة، وتوحيد الخطاب مع شركاء «خطة جنيف» الدولية لصياغة انتقال ديمقراطى سلس، وزيادة جرعة «تعريب الحل السورى» باستدعاء دور قيادى مؤثر للقاهرة، فليس أجدر ولا أقدر من مصر الجديدة فى بلورة ورعاية حل يوقف خراب سوريا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.