أصدرت تركيا مرسوما من شأنه أن يمهد الطريق للإفراج المشروط عن نحو 38 ألف سجين، في خطوة واضحة للحد من عدد السجناء لإفساح مجال للمشتبه في مشاركتهم في محاولة الانقلاب الفاشلة الشهر الماضي، وفقا لوزارة العدل التركية. المرسوم، الذي صدر الأربعاء وفي وقت تطبق فيه حال الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر بالبلاد عقب محاولة الانقلاب، يسمح بالإفراج عن السجناء الذين تبقى لهم عامان أو أقل في السجن، ويجعل السجناء الذين قضوا نصف عقوبتهم في السجن مؤهلين للحصول على الإفراج المشروط. واستثنى من القرار الأشخاص الذين أدينوا بتهم القتل والعنف المنزلي والاعتداء الجنسي أو الإرهاب أو جرائم أخرى ضد الدولة. ولا تنطبق هذه الإجراءات على الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو/ تموز، ما يستبعد أي شخص أدين لاحقا بالتورط في الانقلاب الفاشل في 15 من يوليو/ تموز الماضي. من جانبه قال وزير العدل التركي بكير بوزداغ على حسابه بموقع "تويتر" إن المرسوم سيؤدي إلى الإفراج عن نحو 38 ألف شخص. وشدد على أن المرسوم لا يشكل قرارا بالعفو، لكنه إفراج مشروط عن السجناء. وتقول الحكومة إن انقلاب 15 يوليو، الذي راح ضحيته 270 على الأقل، نفذه أتباع حركة الداعية الإسلامي المقيم في الولاياتالمتحدة فتح الله غولن، الذين تسللوا الى الجيش وغيره من مؤسسات الدولة. ونفى غولن أي معرفة مسبقة أو تورط في الانقلاب ولكن تركيا تطالب الولاياتالمتحدة بتسليمه. وأعلنت الحكومة التركية حالة الطوارئ وشنت حملة واسعة النطاق على أنصار غولن في أعقاب الانقلاب. وتم اعتقال حوالي 35 ألف شخص لاستجوابهم، أكثر من 17 ألفا منهم تم القبض عليهم رسميا لمحاكمتهم، بما في ذلك أفراد من الجيش والشرطة وقضاة وصحفيون. كما أن عشرات الآلاف ممن يشتبه في صلتهم بغولن أوقفوا أو طردوا من وظائفهم في القضاء والإعلام والتعليم والرعاية الصحية والجيش والحكومة المحلية. وفي مرسوم منفصل، أصدرت الحكومة أيضا اليوم قرارا بإقالة 2300 جنديا من الشرطة، إضافة إلى 136 عسكريا و196 موظفا بهيئة تكنولوجيا المعلومات. كما يسمح مرسوما اليوم الأربعاء للقوات الجوية باستقدام طيارين جدد أو استعادة الطيارين الذين استقالوا أو صرفوا من الخدمة قبل الانقلاب ليحلوا محل الطيارين الذين ألقي القبض عليهم أو طردوا على خلفية مزاعم بمشاركتهم في الانقلاب أو ارتباطهم بغولن. وأثارت الحملة التي تشنها الحكومة مخاوف بين البلدان الأوروبية ومنظمات حقوق الإنسان، الذين حثوا الحكومة التركية على ضبط النفس. وبدأت العائلات في الوصول إلى بوابات السجون اليوم لاستقبال أبنائهم الذين سيطلق سراحهم. كان من بين المنتظرين حلمي باساران الذي وقف ينتظر ابنه، بيركان، خارج سجن سيليفري، الواقع على بعد 80 كيلومترا غرب اسطنبول. وحكم على بيركان بالسجن 21 عاما لإدانته بالقوادة. وقال باساران: "نحن سعداء للغاية. لا أجد كلمات تعبر عما أنا فيه لأنني سعيد للغاية." وكانت السجون التركية التي تضم نحو 180 ألف نزيل مكتظة تماما بالفعل قبل الحملة الأمنية ضد حركة غولن، فيما زعمت جماعات حقوقية أن السجناء اضطروا للتناوب على النوم على الأسرة. وأصدرت تركيا العديد من قرارات العفو على مدى العقود الماضية لتخفيف الأوضاع في السجون، ولكن هذه التدابير لم تلق تأييدا شعبيا. وشدد بوزداغ اليوم الاربعاء على أن الأشخاص الذين سيطلق سراحهم سيظلون تحت المراقبة. وقال على تويتر "هذا الإجراء ليس عفوا...سيتم قضاء العقوبة بالخارج من خلال إطلاق السراح الخاضع للمراقبة". أضاف "آمل أن يكون هذا الإجراء مفيدا للسجناء وأحبائهم وشعبنا وبلدنا".