يشكل اليوتيوب بالنسبة للشباب في قطاع غزة الخاضع لسيطرة حركة حماس، النافذة الوحيدة لمشاهدة الأفلام بعد أن أحرق متشدوون دور السينما قبل عشرين عاماً. ويعد مهرجان "السجادة الحمراء" بنسخته الغزاوية، الذي افتتح مساء يوم الخميس الماضي في قاعة المؤتمرات بمركز "رشاد الشوا الثقافي"، أول فرصة للأسرة سهاد وساهر، في العشرينات، لمشاهدة فيلم "يا طير الطاير" حول حياة الفنان الفلسطيني الشاب محمد عساف. والقاعة مزودة بشاشة عرض كبيرة لكنها لا تشبه دور السينما. وكانت 10 صالات سينما تعج في العقود الماضية بالمتفرجين في القطاع، لكنها أغلقت منذ اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987 ، وبعد عام من وصول السلطة في 1994 بادرت وزارة الثقافة إلى ترميمها، لكن متشددين أحرقوا دور العرض عام 1996. وفشلت محاولات عدة لمخرجين لفتح قاعة للسينما، لأن حماس ترفض منح الترخيص اللازم. وتعبر سهاد عن الأسى لغياب السينما قائلة "أعشق مشاهدة الأفلام برفقة زوجي لكن للأسف لا خيار سوى الإنترنت". أما زوجها ساهر فيقول إنها "فرصة رائعة أن تشاهد فيلماً في قاعة حتى لو لم تكن سينما حقيقية" إلا أنه استدرك موضحاً "لم يكن الأمر ممتعاً بسبب الضوضاء، كما أن الصوت رديء والقاعة مضاءة طوال الوقت خوفاً من الاختلاط". وشاهد الفيلم نحو ألفي شخص بينهم عشرات العائلات، لكن المخرج خليل المزين مدير المهرجان قال "عدد الحضور مفاجئ، زاد عن 10 آلاف شخص اليوم الأول ولا أماكن تكفي، الجميع متعطش للسينما". ويستمر المهرجان، كلفته نحو 17 ألف دلار وفق المزين، 5 ايام يعرض خلاله 12 فيلماً وثائقياً و7 أفلام رسوم متحركة كلها حول حقوق الإنسان. وبدوره، يقول المواطن محمد الغلبان (27 عاما) الذي حضر مع زوجته وطفليه "أشاهد الأفلام باليوتيوب مرتين أسبوعياً، لم أكن يوماً في قاعة سينما". أما زوجته خديجة فتقول مبتسمة "يحق لنا أن نجد متنفسا، يجب فتح صالات السينما في غزة". واختار المنظمون "بدنا نتنفس" عنواناً للمهرجان كتبت بلغات عديدة على يافطة ضخمة وضعت في مدخل القاعة، لتسليط الضوء على الحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ 10 سنوات وتداعيات الانقسام الفلسطيني الذي أدى إلى "نشر ثقافة الكراهية والتشدد" بحسب المزين. ولاتزال أثار الحريق والخراب واضحة على واجهات مبنى سينما "النصر" التي تبعد عشرات الأمتار عن مبنى سينما "السامر"، أقدم صالات القطاع فقد تأسست عام 1944 وأغلقت في 1968. أما سينما "الحرية" في خان يونس جنوب القطاع، فقد تم تحويلها إلى مقر "دار الكتاب والسنة" بعدما احرقها متشددون إسلاميون منتصف ثمانينات القرن الماضي. ويوضح المزين "حاولنا تنظيم المهرجان في سينما النصر في غزة ولم ننجح". ورفضت الجهات المسؤولة التي تديرها حماس منح إذن لإقامة المهرجان في ميناء الصيادين أو على أرض مطار غزة الدولي خشية "الاختلاط بين الشباب والبنات" وفق المزين. من جهته، قال سائد السويركي مقدم الحفل وسط تصفيق حاد "نريد أن نقول للعالم غزة تمتلك القدرة على انتاج الافلام السينمائية ،انتاج الحياة وليس الموت". ويختم المزين قائلاً "اخترنا فيلم عساف لأن تجربته ملفتة وتحكي قصة عشق أبناء غزة للحرية".