بات من البديهي أن يصدر مسئول مصري قرارات غير مدروسة في أمور حيوية تضر بالاقتصاد القومي في كثير من الأحيان دون اكتراث بتعرضه للمساءلة الغائبة في بلدنا، وربما لتقاسمه الغنائم والفوائد مع من يحاسبونه.أحد نماذج هذه القرارات المتخبطة صدر من فاروق العقدة محافظ البنك المركزي بدمج بنوك المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والنيل والمصري المتحد في المصرف المتحد بدعوي مواجهة البنوك الثلاثة أزمة مالية جعلتها متعثرة في سداد الديون. القرار أثبت عدم معقوليته دعوي قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة -دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار، وتحمل رقم 36951 لسنة 60 ق عندما قضت بجلستها يوم 21 فبراير الماضي بإلغاء قرار دمج المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار في المصرف المتحد دون التعرض لقراري دمج بنكي النيل والمصري المتحد في المصرف المتحد، وهي الدعوي التي أقامها كل من أحمد الشريف رئيس مجلس إدارة الشركة الإسلامية للاستثمار والتنمية العقارية وأيمن صبري رئيس الشركة المصرية الأمريكية للاستثمار والتنمية وآخرون استندوا في دعواهم إلي أنهم من مساهمي المصرف الإسلامي الدولي، وفي 2006 أنشأ البنك المركزي شركة المصرف المتحد برأس مال مليار جنيه امتلك البنك منها نسبة 9،99%،وبعد موافقة الجمعية العمومية غير العادية للمصرف علي دمج بنوك المصرف الإسلامي والمصري المتحد والنيل، آلت جميع التزامات البنوك الثلاثة وفروعها إلي المصرف المتحد، وأرجع البنك المركزي قرارالدمج إلي تحقيق الحد الأدني لرأس مال البنوك، وفقاً للقانون وتغطية العجز في المخصصات وعدم رغبة «البنك المركزي» في تصفية هذه البنوك. ولم تتوقف آثار قرار العقدة المتخبط علي هذه الدعوي القضائية، وإنما جر البنوك إلي ساحات القضاء، فها هو فاروق العقدة يطعن بنفسه علي حكم إلغاء القرار بالدعوي رقم 15937 لسنة 55 ق، والتي تقدم بها إلي القضاء الإداري يوم 19 أبريل الماضي للمطالبة بإلغاء الحكم، وتضامن المصرف المتحد مع البنك المركزي في الطعن علي إلغاء القرار استناداً إلي أنه كان قد رتب أموره ويتعرض لخلل هيكلي ومادي حال الفصل مرة أخري. وفي هذه الأثناء دخل بنك النيل حلبة الصراع القضائي عندما أقام ممثلون ومساهمون في البنك بنسبة 31% دعوي قضائية للطعن علي قرار دمج بنكهم في المصرف المتحد، وهي الدعوي التي انتهت دائرة الاستثمار بمحكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار الدمج. وأكد المدعون حقهم في الاحتفاظ بحق المساهمين في رفع دعوي المسئولية علي البنك المركزي المصري عن ضياع حقوقهم وتعويضهم عن قيمة أسهمهم وما فاتهم من أرباح منذ 1993 حتي وقت الاستيلاء علي بنك النيل، وقالوا: إن المسئولين السابقين بمجلس إدارة البنك هم المسئولون الحقيقون عن تدهور أوضاع البنك، خاصة بعد الأحكام التي صدرت عليهم، مطالبين بتمكين مساهمي البنك الأصليين من إدارة وعزل مجلس الإدارة الحالي تنفيذاً لقرار الجمعية العمومية غير العادية. العقدة أشار في طعنه لانحياز الحكم لجانب المدعين، ويتضمن مخالفات جسيمة، حيث إن المشرع حدد أحوال التعثر والتي يعد فيها البنك متعرضاً لمشاكل مالية وتعجز أصوله عن تغطية التزاماته، وبإنزال هذه الشروط علي حالة المصرف الإسلامي الدولي نجده حقق عجزاً مقداره 1285 مليون جنيه في مخصص مخاطر عمليات الاستثمار المنفذة وعجزاً في مخصص المطالبات المحتملة في 680 ألف جنيه، وبلغ صافي خسائره عن مباشرة نشاطه 035،81 مليون جنيه. وفيما يتعلق ببنك النيل استند طعن العقدة إلي أن المدعين لم يتقدموا بتوكيل بأسمائهم وفقاً للقانون، وأن المحكمة قبلت نسبة ال31% من مساهمي بنك النيل دون سند من القانون، وبالمخالفة له رغم اختفاء وجود شرط انعقاد الخصومة وعدم ثبوتها نهائياً، الأمر الذي يفقد الحكم مبدأ الحيادية.