في سرية وتكتم شديدين أصدر محمد كامل وزير الخارجية قرارا بإلغاء نظام الإجازة القنصلية في محافظات الإسكندرية وبورسعيد والسويس وهو النظام الذي كانت بموجبه تقوم الدول الأجنبية باعتماد قناصل فخريين لها من المصريين وهو أيضا النظام الذي كان يقوم من خلاله صفوة رجال نظام مبارك بممارسة العديد من أنشطة التجسس والإضرار بالأمن القومي للبلاد متخذين صفة القنصل الفخري ستارا لهم. وكان جهاز المخابرات العامة قد رفع تقريرا مفصلا لوزير الخارجية محمد كامل وفقا لمصادر مطلعة بوزارة الخارجية حذر خلاله من استمرار العمل بنظام القناصل الفخريين لأنه من شأنه التسبب في وقوع كارثة بعد أن اتخذت العديد من الدول الأجنبية هذا النظام ستارا لهم لممارسة أنشطة مكثفة في تكوين شبكات تجسس نشطة رصدتها الأجهزة الأمنية وأحبطت العديد من أنشطتها فيما لم تستطع اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة تجاه العديد منها حفاظا علي العلاقات مع البلاد التي تقوم باعتماد هؤلاء القناصل الفخريين الذين يحملون جميعا الجنسية المصرية . وكان جهاز المخابرات قد بدأ اكتشاف أنشطة القناصل الفخريين المشبوهة من خلال متابعة قيام (ن .أ) «قنصل فخري» لقنصلية المغرب بالإسكندرية-بنشاط موسع في تكوين شبكات تجسس والتغلغل في المجتمع السكندري في شتي المجالات الاقتصادية والعمالية وغيرها ..وبعد قيام الأجهزة الأمنية بمتابعة القنصل وتاريخه تبين أنه بالأساس كان يعمل مندوب بريد بشركة "دي.إتش.إل" بالإسكندرية إلا أنه فجأة بدأت تظهر عليه علامات الثراء وتحول إلي رجل اعمال وافتتح شركة لتصدير الحاصلات الزراعية . وكانت المفاجأة توصل الجهات الأمنية السيادية لمعلومة من داخل القنصلية المغربية وهي أن السفير الإسرائيلي السابق «إيلي شاكيد» كان قد توسط لرجل الأعمال (ن.أ) ليتولي منصب قنصل فخري المغرب حيث تمكن من خلال ذلك تكوين واحدة من أكبر شبكات التجسس لصالح إسرائيل بمدينة الإسكندرية وإزاء ذلك تمت مخاطبة السفارة المغربية وطلب غلق قنصليتها بالإسكندرية تماما لدواعي أمنية وهو ما أدي لانهيار شبكة الجاسوسية التي كونها «ن.أ» وهروبه خارج مصر بينما تم غلق القنصلية المغربية بالمدينة بناء علي طلب السلطات المصرية. وذكر التقرير المشار إليه المرفوع للوزيرقيام أحد الحيتان من رجال الاعمال بالثغر وهو القنصل الفخري للبرازيل وهو هشام العتال نجل عم رئيس جهاز المخابرات السابق بالإسكندرية اللواء أشرف العتال(وصلة القرابة لم يتضمنها التقرير لكنها معلومة تأكدت ل«صوت الامة» بإستيراد شحنات قمح مسرطنة مستغلا وضعه الدبلوماسي كقنصل فخري.. وكشف التقرير عن أن قنصل فخري لدولة أوكرانيا وهو (ع.م)متورط في قيادته لشبكة دولية للدعارة بينما يقوم(س.ب) قنصل دولة غينيا الفخري بأعمال غسيل أموال لأسرة الرئيس الغيني السابق الذي رحل منذ عام حيث يدير لهم شركة وهمية لتصنيع الأثاث وتصديره، بينما يقومون بتحويل ملايين الدولارات لحسابه من عائد بيع الماس التي تتم لحسابهم الشخصي. كما أشار التقرير لإتهام (م.ز) وهو قنصل فخري لقنصلية أوزبكستان بالإسكندرية بالإتجار في المخدرات بشكل واسع حيث يستفيد من وضعه ومنصبه والهوية الدبلوماسية التي يحملها في إدخال شحنات من المخدرات للبلاد.. وأشار التقرير إلي أن عددا من رموز المجتمع السكندري المرتبطين بعلاقات تجارية واسعة النظاق مع إسرائيل، وهم في ذات الوقت من أبرز رجال الرئيس المخلوع حسني مبارك بالمدينة ما زالوا يتمتعون بالحصانة المجتمعية التي يضفيها عليهم منصب القنصل الفخري وأبرز هؤلاء هم خالد أحمد خيري نائب الحزب الوطني السابق وصاحب أكبر توكيل ملاحي إسرائيلي بالشرق الأوسط، حيث تم اعتماده قنصلا فخريا للسنغال بينما تم اعتماد والده أحمد خيري وهو صديق شخصي قديم للرئيس المخلوع مبارك وأمين الحزب الوطني الأسبق بالإسكندرية قنصلا فخريا لكندا.. المفاجأة أن التقرير ذاته كشف عن أن الوزير الهارب رشيد محمد رشيد كان قد تم اعتماده كقنصل فخري لدولة هولندا علي الرغم من كونه وزيرا سابقا في الحكومة المصرية وهو الأمر الذي يشكل جريمة دولية تضاف إلي سجل جرائمه التي تتم محاكمته عنها حيث تمنع اتفاقية فيينا للعلاقات الدولية اعتماد قنصل فخري لدولة أجنبية لشخص يشغل في ذات الوقت منصبا «حكوميا» لتعارض المصالح بين الدولتين التي يمثلها قنصليا والتي يمثلها حكوميا وهي الاتفاقية التي وقعت عليها مصر عام1963حيث يصبح ولاء الشخص مزدوجا ومتعارضا بين كونه يمثل دولة أجنبية وبين تمثيله لوطنه كوزير في الحكومة وهو الأمر الذي ينطبق أيضا علي حالة النائب السابق خالد خيري الذي تمنعه نفس المعاهدة من شغل منصب قنصل فخري بينما هو نائب بالبرلمان لنفس العلة (حيث تتعارض المصالح بين الدولة التي يمثلها برلمانيا وبين الدولة التي يمثلها دبلوماسيا) وهو بالطبع ما لم يكن يلقي بالا لدي أحد في مصر خاصة أن الذين يخالفون القانون المحلي والدولي كانوا من اقرب المقربين للمخلوع ويرتبطون بشكل «اخطبوطي» بمصالح متشابكة مع أمريكا وإسرائيل. كما كشف التقرير عن اعتماد «حسنة» شقيقة الوزير الهارب رشيد محمد رشيد أيضا كقنصل فخري لدولة المكسيك وهي حاليا هاربة خارج البلاد وتولي زوجها سعيد كمال زادة كبير أمناء رئاسة الجمهورية سابقا إدارة أموالها وشركاتها. يذكر أن وزير الخارجية نص في قراره بإرسال نسخة لكل السفارات المعتمدة دبلوماسيا بمصر والتنبيه عليها بضرورة تسليم الهويات الدبلوماسية الممنوحة للقناصل الفخريين التابعين لها لوزارة الخارجية وحذر من انه في حال عدم تسليم هذه الهويات في أقرب وقت للوزارة فانها سوف تعتبر حامليها الققناصل الفخريين منتحلين لصفة دبلوماسية وسوف يتم تقديم بلاغ ضدهم للنيابة العامة .