صدر حديثا عن مركز الأهرام للنشر كتاب "وزير داخلية عبد الناصر– شعراوى جمعة - شهادة للتاريخ" للكاتب محمد حماد. ويعرض الكتاب الذي يقع في 226 صفحة من الحجم الكبير شهادة شعراوى جمعة وزير داخلية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن أخطر سبعة أشهر في تاريخ مصر من 28 سبتمبر 1970 يوم رحيل عبد الناصر إلى يوم 12 مايو 1971 يوم أقاله السادات. والكتاب ليس سردا أو نقدا أو حتى تحليلا لسيرة ومسيرة شعراوى جمعة، وإنما هو شهادته للتاريخ التي أودعها بصوته وصورته على شرائط "فيديو كاسيت" لدى الراحل محمد عروق. وإضافة إلى أهمية الكتاب كونه شهادة صادرة بلسان أحد نجوم الحقبة الناصرية، فإنه في المقابل يحمل أهمية خاصة بالنظر إلى الدور الذي لعبه شعراوى في إدارة المشهد السياسي طوال الستينيات وفي أوائل حكم السادات. ولأن الفجوة اتسعت بين السادات ورجالات ثورة يوليو، فلم يفاجأ شعراوى جمعة بقرار إقالته، خصوصا وأن على صبرى سبقه في الخروج من المشهد، رغم أن شعراوى لم يحدث منه ما فعله على صبرى، الذي فتح معركة كبيرة جدا على أنور السادات فى الاتحاد الاشتراكي. وشهادة شعراوى جمعة ترصد كواليس اجتماعات اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي عقب وفاة عبدالناصر، والتجاذبات والمفاجات التي شهدتها، ومن أهمها استقالة محمود فوزي والذى كان يشغل موقع مساعد رئيس الجمهورية للشئون الخارجية، وكيف كان المشهد عندما أعلن لبيب شقير اسم السادات مرشحا لرئاسة الجمهورية، واعتراض حسين الشافعى عليه. ويلمح الكتاب إلى الدور المحورى الذى لعبه شعراوى جمعة قبيل اجتماعات اللجنة المركزية لجمع الفرقاء، خصوصا وأن مصر في هذه اللحظات كانت تمر بلحظات استثنائية منها غياب التوافق على من يخلف عبدالناصر، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضى سيناء، وكيف أن كل هذه العوامل وغيرها كانت تشكل خطرا على مصر والوطن العربى. الشهادة في أحد جوانبها تتطرق إلى علاقة شعراوى جمعة بالرئيس عبدالناصر مقابل علاقته بالسادات التي انتهت بالقطيعة بعد مايو 1971 وإطاحة السادات بما اسماهم "مراكز القوى" في زمن عبدالناصر. ورغم أن الكتاب أقرب إلى سيرة تاريخية إلا أنه لا ينفصل عن الواقع المصري المعاش، خصوصا في ظل حال الاستقطاب السياسي الذي تعيشه البلاد منذ العام 2011. ولا تقف أهمية الكتاب عند أهميته التاريخية لكن يبقى الكتاب مهما من زاوية أنه الأول من نوعه الذي يغوص في سيرة شعراوى جمعة، ويطرح مذكراته كما سجلها هو ناهيك عن أن الكتاب يسد ثغرة لدى جمهور الباحثين المشتغلين في حقل السياسة والتاريخ المصري الحديث. وكاتب الشهادة هو الكاتب الصحفي محمد حماد الذي شغل موقع نائب رئيس تحرير جريدة "العربي"، وموقع سكرتير تحرير جريدة "البيان" الإماراتية.