مازال النشاط الرياضي فى مصر متشحآ بالسواد حدادآ على ضحايا كارثة ستاد بورسعيد التى اوقدت نيران الغضب ليس فى ضمائر المصريين فحسب بل فى العالم الذي تعاطف بأشكال متفاوتة مع هذا الحادث الذي لم نتصور فى يوم من الأيام حدوثه فى هذا الوطن المتسامح المحب للجميع . وفى ظني لم يطرح أحد أمكانية استئناف دوري كرة القدم فى هذه الاجواء الحزينة المعتمة ، احترامآ لقرار النادي الاهلي بعدم المشاركة فى أي نشاط رياضي أو غير رياضي الى ان تنتهي فترة الحداد يوم 11 مارس القادم ، وباستثناء الأستحقاقات القارية لبعض الفرق المصرية ، لا أجد فى الأفق مؤشرات لعودة النشاط والقضية معلقة على فك رموز وشفرة الحادث الكئيب المشؤوم. ويراهن البعض على تحويل مذبحة ستاد بورسعيد الى سيناريو يصلح فيلمآ سينمائيآ بتصويرها على انها نتيجة مؤامرة بدأت خيوطها قبل مباراة المصري والاهلي فى أحد المقاهي البورسعيدية الشهيرة باتفاق مجموعة تنتمي الى النظام السابق على ذبح 74 مشجعآ قادمين من القاهره لمشاهدة المباراة ، وانتشرت هذه الرواية كالنار فى الهشيم فى أتساق تام مع المناخ المهيئ لأستقبال الشائعات اللاهبة للمشاعر ، وفى رد فعل غير متعقل قام العض بتحطيم المقهى وكل ممتلكات صاحب المقهى انتقامآ لأرواح الضحايا الأبرياء . ولكن لم يلتفت الجميع الى السبب الحقيقي وراء الحادث وهو أزدياد معدلات التعصب الرياضي بين الجماهير والتى تم رصدها منذ ظهور ما يسمى بروابط {الألتراس} قبل 6 سنوات ، وهذا ما فوجئ به اعضاء لجنة تقصي الحقائق من البرلمانيين خلال تجولهم فى مدينة بورسعيد ومعايشتهم لأجواء الحادث ، فقد نفت اللجنة وجود مؤامرة واكدت ان التعصب المخيف والمدمر السبب الاول ثم الاهمال الجسيم من أدارة ستاد بورسعيد وإنكسار الامن وعدم قدرته على التصدي لموجات البشر التى توجهت الى مدرجات الاهلي لأفتراس من فيها. التعصب هو الأساس فى تقييم ما لحق بالكرة المصرية من خسائر ، وفى تصوري ان جماعات الالتراس قدمت نوعآ مميزآ من التشجيع الرياضي لمسناه فى بطولة افريقيا 2006 ، وسرعان ما تغير فى المباريات المحلية ومع تفاوت الانتماء بين الاندية ، وبدت المؤشرات خطيرة قبل الثورة من خلال مباريات معينة أذكر منها لقاء الاسماعيلي مع الاهلي عام 2008 ، ثم توحش الالتراس بعد الثورة وتجاوز التشجيع الرياضي لينقل الى الملاعب كل تناقضات ميدان التحرير ، وتجسد التعصب فى الروح العدائية ما بين مشجعي الأهلي تحديدآ من ناحية ومشجعي الاسماعيلي والمصري من ناحية آخرى ، واشتعلت الحروب عبر الفيس بوك وهذا بالضبط ما حدث قبل حادث ستاد بورسعيد . الحكاية ليست مؤامرة فى المقهى أو لافتة رفعها مشجعي الاهلي ، بل نيران تعصب مقيت ساهم فى أشعاله الاعلام الملون غير المنضبط والذي يتحمل مسؤولية كبيرة فى هذه الكارثة الرياضية المحزنة.