كان أداء الزمالك أمام المغرب الفاسى ممتعا فى الشوط الأول، وأكثر متعة فى الثانى.. وقيمة هذا الأداء أنه خارج الأرض وغاب عن فرق الأندية المصرية منذ عام 2006، ولم يظهر سوى مع المنتخب فى بطولتى غانا وأنجولا. قدم الزمالك درسا فى الدفاع الإيجابى، وكيفية اللعب خارج الأرض، وحرمان المنافس من بناء الهجمات مبكرا.. فهذا الشكل فى الدفاع يختلف كلية عن الدفاع السلبى بالتراجع وبناء حائطى صد أمام منطقة الجزاء، ويراهن أصحاب هذا الاسلوب على تضييق المساحات وعدم المخاطرة إطلاقا. فى الشوط الأول أثناء متابعتى للمباراة سجلت أنه أفضل أداء لفريق مصرى خارج الأرض منذ 6 سنوات، فلا انتظر النتيجة لإبداء وجهة نظرى الفنية فى الأداء (الفريق من الأندية وليس المنتخب).. ولعب حسن شحاتة بطريقة 4/3/2/1 وكان أول من أبدعها هو تيرى فينابلز مدرب إنجلترا فى مطلع الثمانينيات، واعتمد شحاتة على مثلث مكون من الحربة عمرو زكى وخلفه شيكابالا وأحمد حسن أو «أحمد أوزيل».. ثم قاعدة المثلث المتقدم، وهم نور السيد وموندومو وإبراهيم صلاح.. وقام هذا المثلث بالضغط ومقابلة لاعبى الفريق المغربى مبكرا. وصاحب ذلك التركيز الشديد، وتقارب المسافات، والدفاع بالاستحواذ وامتلاك الكرة وهو من أهم أساليب الدفاع الإيجابى. تغير أداء الزمالك ومنهجه الدفاعى فى الشوط الثانى إزاء ضغط الفريق المغربى المتوقع، والزائد عقب انتهاء الشوط الأول، فلعب بحائطين دفاعيين من 8 لاعبين، وتأخر خط الدفاع الأول قليلا مما سمح بضغط مغربى أكبر.. إلا أن دور خط الوسط فى هذا اللقاء كان وراء تألق رباعى ظهر الزمالك أيضا لاسيما فتح الله وصلاح سليمان، وأذكر أنه حين كنت أسأل قبل أشهر عن حالة دفاع الزمالك الغريبة كنت أرد بما يلى: «يسأل خط الظهر عن الكثير من الأخطاء أحيانا، لكن حين تزيد تلك الأخطاء بصورة مبالغ فيها يجب أن ننظر إلى خط الوسط لعله يجب أن يسأل قبل خط الظهر». المساندة كانت من أهم إيجابيات الزمالك أيضا فى هذا اللقاء، وهى تعكس روحا جديدة، وروحا جماعية، صنعت هذا التناغم فى الأداء.. بجانب التغييرات المؤثرة من جانب حسن شحاتة، ففى لقطة الهدف الثانى كانت الجملة بواسطة الثلاثى جعفر وحازم وإسلام، فيما بدأت الجملة عبر موندومو الذى مرر وتحرك هو الآخر. هذا الأداء الجماعى وهذا الدفاع الإيجابى قدم لنا صورة جيدة لأساليب اللعب خارج الأرض بعيدا عن تلك الأساليب البالية التى تعتمدها الكثير من الفرق المصرية وتعرف بطريقة: «والله زمان ياسلاحى».. أما «أحمد أوزيل» فهو صورة للتغير الذى طرأ على مركز ودور ومهام اللاعب الذى يرتدى قميص رقم 10 فى كرة القدم.. فأحمد حسن يلعب بقميص رقم 17، لكنه يؤدى دور قميص رقم 10 الحديث، بطريقة مسعود أوزيل لاعب ريال مدريد الذى منح كريستيانو رونالدو هذا الموسم أكثر من 17 فرصة تهديف أحرز منها. فيما تحول شيكابالا من صانع ألعاب إلى مهاجم فى تلك المباراة مع أنه صاحب القميص رقم 10 بالفريق. وأذكركم بما هو مضى منذ سنوات، لأن صانع الألعاب الجديد من أهم التغييرات التى طرأت على كرة القدم فى العقد الأول من العقد الحادى والعشرين.. فى بطولة أوروبا عام 2000 كانت المنتخبات الأربعة التى تأهلت للدور قبل النهائى يضم كل منها لاعبا يرتدى قميص رقم (10) وموقعه بين خط وسطه وخط دفاع الفريق المنافس. كان هناك زين الدين زيدان فى فرنسا، وفرانشيسكو توتى فى إيطاليا، وروى كوستا فى البرتغال، ودينيس بركامب فى هولندا. وقبلهم كان هناك بيليه ومارادونا وبلاتينى. اليوم لا يوجد رقم 10 تقليدى.. كريستيانو رونالدو، وميسى، ورونى، وأرشفين، ومسعود أوزيل.. وهم لا يتمركزون فى نفس المركز. إنهم يفتحون الملعب ويلعبون بجوار الخط. ويسقطون للخلف.. وبعضهم يدافع ويهاجم ويصنع الأهداف والألعاب. كرة القدم لعبة ممتعة، حين تراها بصورة أعمق، وشكرا للزمالك لأنه ذكرنا بالمتعة فى كرة القدم.. وشكرا لجماهير الكرة المغربية على تلك الروح الرياضية والحفاوة بالنجم حسن شحاتة وبنجوم الزمالك.