هل تغيير صفات المحاصيل باستخدام الهرمونات يهدد صحة الإنسان؟ السؤال قديم لكنه أصبح ملحا بعد إحالة مدير التعاونيات بالشرقية للتحقيق، بسبب توزيع هرمونات ثبت فسادها فى تحقيقات النيابة الإدارية، فضلا عن اتهامه ببيعها «من الباطن» للجمعيات الزراعية دون علم مدير مديرية الزراعة. الفلاحون لا يعرفون شيئا عن الهرمونات ولكنهم يستخدمونها، فعوض عبد الحميد (عامل زراعي) يقول: نضع الهرمونات على النبات لكى ينمو ويكبر لكننا لا نعرف أى شىء عنها؛ لأن غلافها مكتوب عليه بالإنجليزى، لكنها كالسحر «تأخذه الزرعه» وبعد يوم واحد تصبح ناضجة، وأصحاب المزارع يقولون إنها مستوردة من الخارج وأنها جيدة. ومحمود فضل (مزارع) يقول: لا نستطيع شراء الهرمونات لأنها غالية، لايشتريها إلا أصحاب المزارع الكبيرة التى نعمل فيها، لكننا نرشها على الزرع وينضج بسرعة. أما المهندس الزراعى محمود السيد، مدير جمعية زراعية بالبحيرة، فأكد أن الهرمونات ومنظمات النمو لا يتم تداولها على مستوى الجمعيات، ولكن المزارع أصبح يعتمد عليها، رغم أن تصنيع هذه المنتجات غير معلوم المصدر، مضيفا: نحن نعلم جيدا أنها تصنع «تحت السلم» ويكتب عليها (استيراد خارجي. ولكن بعض الهرمونات تأتى من الخارج، مثلما أكد الدكتور خالد شعبان، الباحث بمعهد بحوث أراضى المياه بوزارة الزراعة، مضيفا أنه ثبت عدم صلاحيتها، واستخدامها يعتبر مشكلة خطيرة؛ لأن المزارعين لا يستخدمونها بالكميات المقررة، فى غياب كامل من الإرشاد الزراعى. وأوضح أن الهرمونات أساس عملها هو مضاعفة خلايا النباتات، ويؤدى لعمل تفاعلات داخل الثمرة أو النبات، وإذا تم استخدامه بعشوائية يؤدى لأضرار بالغة على الإنسان من بينها الفشل الكلوى وتصلب الشرايين والسرطانات. واتهم بعض شركات القطاع الخاص التى تعمل بعيدا عن رقابة وزارة الزراعة باستيراد هرمونات ومنظمات نمو من إسرائيل، عبر رجل أعمال فلسطينى يورد لشمال سيناء ومنها إلى بعض محافظات القاهرة، مضيفا أن هذا الأمر يتم فى ظل عدم وجود بدائل أمام المزارعين، وعلى وجه الخصوص فى الأراضى الصحراوية. مدللا على ذلك بنضج أنواع كثيرة من فواكه الصيف بالنضج قبل موعدها، ومنها المانجو العويس والزبدة التى تم طرحها فى الأسواق قبل موعدها، وهو ما يعتبره الباحثون «نضجا كاذبا». فى حين أكد الدكتور أحمد أبو اليزيد، أستاذ الأراضى بجامعة عين شمس، أن ما يتم تداوله فى الأسواق منظمات نمو وليست هرمونات، لكنها مواد يتم تخصيصها لنباتات معينة، ولكن معدلات التركيز تكون بنسب قليلة جدا، وتحدث «المصيبة» حين يتم رش الأراضى أو الأشجار بكميات أعلى من المعدلات المسموح بها. متهما الإرشاد الزراعى بعد القيام بدوره فى الإرشاد والرقابة، ونقص الميزانية المقررة له: «موظفو الإرشاد يسيرون بالعجل ويرتدون الجزم البلاستيك». وفى نفس الاتجاه أكد محمد عبد المجيد برغش، رئيس جمعية السلام التعاونية بمركز بدر، أن انسحاب وزارة الزراعة من الإرشاد تسبب فى زيادة معدلات استخدام المزارعين للهرمونات، باعتبار أن الإرشاد هو خط الدفاع الأول عن الفلاح، مضيفا أن الهرمونات تستخدم فى الفواكه متساقطة الأوراق مثل العنب والمشمش والخوخ والكمثرى والجوافة والبرقوق. وأرجع السبب فى غياب إشراف الإرشاد الزراعى إلى انخفاض ميزانية وزارة الزراعة من مليار و500 مليون جنيه إلى أقل من 300 مليون جنيه. واتهم مصدر مطلع رفض ذكر اسمه الأجهزة الرقابية بالتقاعس عن ضبط المخصبات والهرمونات ومحفزات النمو التى يتم استيرادها من إسرائيل، قائلا إنها يتم توزيعها فى شكل أكياس بيضاء صغيرة بأوزان جرامات قليلة، وتباع بأسعار عالية، وتأتى من خلال أماكن معروفة لدى أى موزع صغير عبر الحدود مع شمال سيناء. ويذكر منير الفرماوى، مهندس زراعى بالبحيرة، أن معظم المزارعين بالمحافظة يستخدمون الهرمونات والمخصبات بشكل واسع النطاق، وبخاصة فى الأراضى الصحراوية الواقعة بغرب البحيرة مثل النوبارية وأبو المطامير والسادات ووادى النطرون، والمشكلة لا تكمن فى استخدام الهرمون أو المخصبات، ولكن فى كيفية الاستخدام نفسه من ناحية الإفراط فى الكمية أو عدم مراعاة التوقيت والنسب الخاصة بكل ثمرة، ويحدث كثيرا أن يتم رش الثمرة بهرمون بنسبة كبيرة، يجعل الشكل الخارجى لها يبدو كامل النضوج، بينما داخلها غير ناضج أو أخضر. مضيفا أن مصدر إنتاج الهرمونات غير معلوم، حيث يكتب عليها بلد المنشأ وفى الغالب يكون غير صحيحا.