الميرازى: حقبة الإنفاق ببذخ على الجزيرة تنتهى.. ولم تعد تمثل طرفى النقاش فى العالم العربى دبلوماسى سابق: الأمير تميم لا يرغب فى الإسراف أو إغضاب الجيران.. ومحلل: الدوحة بدأت تدفع ثمنًا سياسيًا للقناة يؤذن إغلاق قناة «الجزيرة أمريكا»القطرية هذا الشهر، باتباع الدولة الخليجية الصغيرة نهجا أكثر حذرا فيما يتعلق بالدبلوماسية العلنية، بعد أن نجحت فى لعب دور دولى بارز على مدى سنوات. ويتسق رحيل الجزيرة عن سوق الإعلام الأمريكى المزدحم، بعد مشروع وصلت تكلفته إلى مليارى دولار، مع انسحاب قطر من المواجهة مع جاراتها الخليجية بسبب دعم الدوحة للإسلاميين خلال ثورات الربيع العربى عام 2011. وقال مسئولون قطريون ومحللون عرب إنه بينما لاتزال قطر مصممة على أن تظل من القوى المؤثرة فى الشرق الأوسط، فإن استخدامها للجزيرة كبوق لدعم هذا الهدف يتراجع على ما يبدو فى ظل حكم الأمير الشاب تميم بن حمد. وبحسب تحليل لوكالة رويترز للأنباء، فإن أيام الدعم المالى القطرى غير المحدود للقناة قد ولت. وكانت تغطية الجزيرة لثورات الربيع العربى عام 2011 قد اجتذبت إليها ملايين المشاهدين وأثارت استياء حكومات عربية لإذاعتها آراء معارضة. وأُطلقت قناة الجزيرة أمريكا عام 2013 فى محاولة من قطر لاختراق سوق الإعلام الأمريكى، لكن القناة عانت من انخفاض نسبة المشاهدة وتأرجحت بين 20 ألفا و40 ألف مشاهد فى وقت الذروة. وكافحت القناة الأمريكية أيضا للتخلص من اعتقاد بعض الأمريكيين بأن القناة الأم (الجزيرة) دعائية ومعادية للأمريكيين، وهى وجهة نظر عبر عنها الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش عام 2004. ونقلت رويترز عن دبلوماسيون قولهم إن الشيخ تميم يفضل أن تلعب قطر دورا أكثر تقليدية «للقوة الناعمة» مثل الاستثمار والتجارة. وقال حافظ الميرازى، المدير السابق لمكتب الجزيرة العربية فى واشنطن والذى يشغل حاليا منصب مدير مركز كمال أدهم للصحافة التليفزيونية والإلكترونية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن «حقبة الإنفاق ببذخ على الجزيرة تنتهى». وأضاف: «الجزيرة نفذت مهمتها.. أن تجعل قطر اسما شهيرا مؤثرا فى الساحة السياسية.. فى إحدى المراحل كانت أداة قوية للسياسة الخارجية لكن كل هذا انتهى الآن»، مضيفا أن «الانخفاض الحالى فى أسعار النفط أعطى القيادة القطرية عذرا لوقف التبذير فى الجزيرة التى فقدت مصداقيتها فى أجزاء من العالم العربى». وأوضح: «لم تعد تمثل طرفى النقاش فى العالم العربى». وحدث نمو الجزيرة المذهل فى عهد الأمير السابق حمد آل ثانى، الذى دعم حركات الاحتجاج فى الشرق الأوسط، ولعب دور الوسيط فى عدد من الحروب، ولكن فى عهد تميم خففت قطر حدة سياستها الخارجية. وقال محللون إن الشيخ تميم، أصغر رئيس دولة فى العالم العربى، تبنى منذ توليه الحكم فى 2013 سياسات أكثر تصالحية واهتماما بالداخل. وقال دبلوماسى قطرى سابق لرويترز، طالبا عدم نشر اسمه، إن «الشيخ تميم يريد أن يظل لقطر دور على الساحة العالمية لكنه يريد أن يفعل ذلك دون إسراف فى إنفاق المال أو إغضاب الجيران. لا يريد الانزلاق إلى صراعات بالمنطقة». وبتمويل من الأسرة القطرية الحاكمة ساعد الصحفى الفلسطينى والمدير العام لشبكة الجزيرة من 2006 إلى 2011، وضاح خنفر، فى تحويل القناة العربية إلى شبكة عالمية لها ملايين المشاهدين وأكثر من 20 قناة تبث بلغات منها العربية والإنجليزية والسواحيلية. إلا أن توسع الجزيرة جلب معه أيضا أعداء جددا. وقال وليام يومانس الأستاذ بكلية الإعلام والعلاقات العامة فى جامعة جورج واشنطن: «بدأت قطر تدفع ثمنا سياسيا للقناة. ترتبت على شعبيتها ضغوط وأثمان جديدة». وفى السنوات العشر الأخيرة، تعرضت مكاتب الجزيرة للقصف والمداهمة والإغلاق وسجن مراسلوها وقتل بعضهم. وتتهم الجزيرة بإتاحة مساحة واسعة لتغطية الاضطرابات فى سوريا وليبيا، بينما تجاهلت الاحتجاجات فى البحرين جارة قطر لأن النخبة الحاكمة فى قطر لها مصلحة فى استمرار استقرارها. وتواجه الجزيرة الآن منافسة شرسة من قنوات تضاهيها فى أسلوب تغطية الأخبار ومنها قناة الحرة التى تمولها الولاياتالمتحدة، إضافة إلى قناتى «سكاى نيوز عربية» و«العربية» والأخيرة قناة مملوكة لسعوديين تعبر عن وجهة نظر جيران قطر الأكثر محافظة الذين يتزايد نفوذهم بالمنطقة. وفى العام الماضى، فتحت الدولة الخليحية قناة إخبارية مقرها لندن هى «العربى الجديد» التى تربطها صلات بعزمى بشارة الذى يعمل مستشارا للشيخ تميم ويدير مؤسسة بحثية فى قطر. ويدير خنفر المدير العام السابق للجزيرة النسخة العربية من موقع التجميع الإخبارى الأمريكى على الإنترنت «هافنجتون بوست». ويعتقد بعض العاملين فى القناة أن التزام قطر تجاه الجزيرة وكذلك تأثيرها فى تراجع. وقال موظفان فى قناة الجزيرة العربية وصحفى كبير بالجزيرة الإنجليزية إن من المتوقع تنفيذ خطط لتخفيض العمالة خلال الصيف. وكان من المقرر تنفيذ هذه الخطط فى سبتمبر 2015. وقال الصحفى بالجزيرة الإنجليزية «هناك شعور بأن الجزيرة أدت ما كان يفترض لها أن تؤديه».