كثرت الأسئلة وزاحم بعضها بعضا عن القرآن فى رمضان، وعن ثواب تلاوته وختمه فى رمضان، وعن تكرار ختمه فى رمضان، كذلك عن كيفية القراءة وضرورة التزام قواعد التجويد، وسأل البعض عن ضرورة الوضوء للتلاوة، واستقبال القبلة، وأيضا يسألون عن ثواب سماع القرآن أهو أفضل أم القراءة.. وهل يقبل الله تلاوة من يعجز عن إحسان قراءة القرآن؟ ونتناول كل ما يخص قراءة القرآن اليوم وغدا بإذن الله، فالقرآن وإن كان قد نزل فى رمضان إلا أن حق القرآن علينا يقتضى أن نقرأ فيه يوميا فى رمضان وغير رمضان إذ كيف يسكن العابد فى ملك الله ولا يتعرف على رسالة الله فالقرآن الكريم هو رسالة إلهية خاصة لكل واحد من البشر يجب عليه أن يفتحها ويقرأها ويعرف ما فيها ويجتهد غاية الجهد تنفيذ ما فيها. فإذا اتفقنا على أهمية القرآن وضرورة قراءته دائما فليعلم العابد أن لحظات قراءة القرآن هى لحظات مخصوصة يقوم العبد فيها فى أحد مقامين. أحدهما أنك تقرأ والله يسمعك والآخر أن الله يتكلم وأنت تسمعه فانظر كيف تقوم فى هذا الموقف القدسى، وتدرب على الخشوع والتفرغ تلك اللحظات وتيقن أنك ستفهم وستتعلم وسيفتح الله لك أبواب الهدى والخير. ولا يغرنك هؤلاء الذين لا يعطون القرآن حقه فيقرأون آياته على أى حال من الضوضاء والشواغل وأعلم أن الجبل إذا استمع لهذا القرآن لخشع. «لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله» (الحشر 21). فكيف لا يخشع الإنسان العاقل؟! فهل الجبل أشد عقلا من الإنسان؟! عليك أن تتخير أحسن اللحظات ولو قلّت وأفضل الأماكن واستكمل مهيئات خشوع القلب من تركيز وتفرغ وتفكر فإن الله قد يسر فهم القرآن لمن يريد ويخشع فقد قال: «ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر» (القمر: 17) وقد تكررت هذه الآية 4 مرات فى سورة القمر لتأكيد يسر القرآن وقربه لكل راغب. حينما تستحضر عوامل الخشوع وتقرر الوقوف على باب أحسن الخالقين وأرحم الراحمين u فاستعذ بالله من الشيطان.. وتمهل فى القراءة واكتف بالقليل من الآيات فى كل جلسة منعا للملل وحرصا على الفهم والعمل فقد قال تعالى: «فاقرؤوا ما تيسر منه» (المزمل: 20) فإذا لم تكن تاليا فكن مستمعا منصتا أى متفرغا عن كل الأعمال خالصا القرآن الكريم فإن السماع والإنصات يجلب رحمة الله بما تشمله من فهم عقلى وهدوء نفسى وإطمئنان قلبى فقد قال تعالى: «وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون» (الأعراف: 204) ولذلك قارن الفقهاء بين قارئ القرآن وسامعه، فالقارئ مشغول بضبط الحروف والكلمات أما السامع فهو متفرغ للفهم والتفكير فقالوا إن القارئ كالحالب، الذى يحلب اللبن أما السامع فهو كالشارب الذى يشرب ما حلبه غيره. وإذا هيأت نفسك دقائق معدودات كل يوم تخشع فيها لقراءة القرآن أو سماعه فتذكر أنك تسعى للوصول إلى المرحلة التالية، وهى مرحلة التدبر والتفقه فى القرآن، حيث تعلم ما فرضه الله عليك وما شرعه لك فقد عاتب الله كل عبد لا يتدبر القرآن ويتفهم ما فيه من حلال وحرام وسلوك وأخبار قال تعالى: «ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا» (النساء: 82) وثالث المراتب أن تعمل على تنفيذ ما أمرك الله به وإجتناب ما نهاك عنه، فإن ذلك هو الهدف من القراءة المرجوة فحينما يقول الطبيب اقرأ تذكرة الدواء، فهو لا يطلب منك القراءة إنما يطلب العلم وشراء الدواء ثم تعاطيه حسب التعليمات. إن أقل واجباتك نحو القرآن ثلاثة أمور أدناها ضبط القراءة وتحسينها، وثانيها التفكر فيما تقرأ وآخرها تنفيذ ما جاء فى هذه الرسالة الإلهية بقناعة ورضا. وغدا نكمل..