عام بدأ بعملية إرهابية طالت مجلة «شارلى إيبدو» الفرنسية الساخرة ومطعم يهودى، وانتهى بسلسلة هجمات فى باريس وسيناءوتونس، وبينهما وقعت العديد من العمليات والتفجيرات التى جعلت من 2015 عام الإرهاب. ونوع تنظيم «داعش» الذى تبنى معظم العمليات الإرهابية فى العام المنصرم، من أدواته، ولجأ إلى تدويل عملياته تحت وطأة خسائر كبيرة لحقت به فى الأراضى التى يسيطر عليها فى سورياوالعراق، وشن هجمات فى الولاياتالمتحدة ومصر وباكستان واليمن والسعودية، وتونس. تلك الهجمات، دفعت العالم إلى تكثيف الحملة العسكرية ضده، إذ كثفت فرنسا غاراتها، وانضمت بريطانيا إلى العمليات فى سوريا، وشكلت السعودية تحالفا يضم أكثر من 30 دولة إسلامية، لمواجهة الإرهاب، فيما بات وكأنه بلورة لجهد دولى يستهدف الإرهاب خلال 2016.
• «داعش».. من تكتيكات الجيوش إلى العمليات الخاطفة - خبراء: التنظيم لجأ للعمليات النوعية خارج معاقله للتغطية على خسائره.. و2016 ربما تشهد نهايته - تجفيف منابع تمويل «داعش» يساهم فى القضاء عليه.. الحل العسكرى وحده لا يكفي.. وهزيمة الإرهاب تحتاج 30 عامًا يرى محللون أن تنظيم «داعش» الإرهابى الذى طالت هجماته معظم قارات العالم فى 2015، غير كثيرا من تكتيكاته لإبعاد النظر عن خسائره فى سورياوالعراق، والانتقام من الضربات الجوية التى أوقفت تمدده، لافتين إلى أن عام 2016 ربما يشهد نهاية التنظيم، لكنه لن يشهد نهاية الإرهاب التى قد تحتاج إلى 30 عاما. وخسر «داعش» أراضى من خلافته المزعومة التى أعلنها على أراض فى سورياوالعراق فى يونيو 2014، لصالح الأكراد والجيش العراقى المدعوم من مقاتلين شيعة، تحت وطأة الضربات الجوية التى تشنها دول غربية وعربية. وقال ديفيد فيلبس، وهو مستشار كبير سابق بوزارة الخارجية الأمريكية، إن «داعش» أخذ فى الركض للأمام مع بداية 2015، لكنه كان يعدو ضد الزمن، فالتنظيم خسر الكثير من الأراضى، فيما سيطر على أجزاء لا تقارن بما حققه العام الماضى، حيث اكتفى بضم تدمر والرمادى، قبل أن يخسر الأخيرة قبل أيام. «طوقت الخلافة، وباتت تحت ظغط كبير، خصوصا مع بدء الضربات الجوية الروسية»، حسب ماثيو هينمان، الباحث الأمريكى المتخصص فى شئون الإرهاب، لكنه ومحللين آخرين، حذروا من الاعتقاد أن «داعش» انتهى، حيث قال إن التنظيم مازال يسيطر على أراض واسعة فى سورياوالعراق، ولا يزال فى اللعبة. وأوضح الباحث الأمريكى «التنظيم لايزال يسيطر على مدن استراتيجية مثل الفلوجة والموصل والرقة وتدمر رغم ضربات جوية تشنها دول عدة وتتكلف مليارات الدولارات». إلا أنه لفت إلى أن «داعش» يخسر أراضى بالفعل فى سورياوالعراق ويتعرض لضربات جوية مستمرة، لكنه لجأ إلى أسلوب العمليات النوعية المخطط لها بعناية، خارج حدوده، وأوقع خسائر كبيرة فى عدة دول». ووسع «داعش» نطاق عملياته إلى ما وراء حدود خلافته المزعومة، ونفذ هجمات فى ليبيا واليمن والسعودية وباكستان ومصر وأفغانستان وتونس، وفرنسا، وبريطانيا، والولاياتالمتحدة. ماثيو هينمان قال لشبكة «ان بى سى» الأمريكية، إن التنظيم يحاول إظهار قدرته على ضرب أعدائه على أراضيهم بتوسيع نطاق عملياته، وتحوله إلى تكتيكات الضربات النوعية. ومضى قائلا: «لدى التنظيم قدرة فائقة على تحديد أهدافه، ورسالته مفادها أنه لا يوجد أحد آمن فى أى مكان فى العالم». وأضاف: «عمليات التنظيم خارج حدود الخلافة تعتبر انتقاما من الضربات الجوية، ومحاولة لإبعاد النظر عن خسائره فى سورياوالعراق». بدوره، قالت نيللى لحود، وهى باحثة متخصص فى الإسلام السياسى، فى المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية فى لندن، «رغم غياب الوحدة الحقيقية بين أعضاء المجتمع الدولى فى مواجهة الإرهاب، تعرض داعش لضربات قوية فى 2015». ومضت قائلة: «التنظيم يبرز ضرباته خارج حدود الخلافة فى منشوراته، لغياب الانتصارات على الأراضى، وخسارة العديد من المدن». وفى تصريحات ل«الشروق»، قال الباحث اللبنانى فى قضايا الإرهاب، العميد هشام جابر، إن الإرهاب لم يمتد إلى دول الغرب إلا خلال عام 2015، باستثناء أحداث 11 سبتمبر فى نيويورك الأمريكية. وأضاف أن «المدّ الدولى للعمليات الإرهابية، دفع إلى تشكيل تحالفات عسكرية لمكافحته، ولكن كل دولة تتعامل وفق مصالحها». واستطرد قائلا إن «واشنطن ودول أوروبا بدأت تستوعب قدر الخطر الحقيقى الذى يشكله الإرهاب نهاية 2015»، وهو ما اعتبره أمرا يدعو للتفاؤل. وتابع جابر: «ثم جاءت روسيا وبدأت بضرب الجماعات الإرهابية فى عقر دارها، ولكن أيضا لمصالحها الخاصة، خوفا من وصول المدّ الإرهابى إلى أعتاب بلادهم»، مضيفا أنه أخيرا تشكّل التحالف الإسلامى بقيادة السعودية، لينضم إلى التحالفات التى تسعى لمكافحة الإرهاب، ولكنها تفتقد رؤية حقيقية للقيام بذلك، على حد تعبيره. وأوضح جابر أن المبادرة والجهد المبذول من هذه التحالفات له تقديره، ولكن هناك قواعد استراتيجية يجب الاستناد عليها بشكل أساسى للقضاء على الإرهاب، مؤكدا أن العمل العسكرى يمثل خطوة واحدة وسط 10 عوامل رئيسية، خصوصا أنه اقتصر على الهجوم الجوى فقط. ولفت جابر إلى أن واشنطن وبعض الدول بدأت تلتفت إلى آليات تمويل داعش وموارده المالية، وأن قطعها يمثل أحد العوامل الرئيسية للتضييق على التنظيم الإرهابى. وأكد جابر على ضرورة إغلاق كل المدارس والمنابر الإعلامية التى تروج للفكر التكفيرى، ويستغلها الإرهاب لنشر الفكر المتطرف، مضيفا أنه يجب التضييق على الجماعات الإرهابية فى كل دولة على حدة، لأن البيئة الحاضنة الفوضوية هى جزء أساسى من نهوض التنظيمات المتطرفة. وحول توقعاته لشكل الإرهاب فى عام 2016، أكد جابر أنه «متفائلا»، مرجعا ذلك إلى أن «الأسرة الدولية بدأت فى الاقتناع بأن الحل السياسى هو الذى سينهى الحرب السورية، غير أن العراق بدأ فى التضييق على داعش بشكل كبير، كما أن الوضع فى ليبيا شهد تقاربا كبيرا بين الفرقاء». وأضاف جابر أن «2016 يمكن أن يكون نهاية تنظيم داعش، ولكنه ليس نهاية الإرهاب فى العالم، لأن ذلك يحتاج إلى 30 عاما على الأقل»، موضحا أن هناك خلايا نائمة فى معظم دول العالم، وهى لا تموت وإنما تخمد فقط، لتظهر من جديد مع ارتفاع حدة الفوضى فى البلاد. وبصفة عامة، يقول مراقبون أن الدول الغربية ستواصل تطويق «داعش» فى عام 2016، وتستهدف مصادر تمويله، غير أنه سيستمر لفترة فى عملياته التكتيكية خارج الحدود. • الكلاشنكوف.. سلاح الإرهابيين فى الأعوام الأولى التالية على هجمات 11 سبتمبر عام 2001، كان استخدام الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة محلية الصنع، هو السلاح المفضل للإرهابيين، إلا أن العمليات الإرهابية التى شهدها العالم عام 2015، جعلت الكلاشنكوف فى المقدمة. وقالت صحيفة جارديان البريطانية فى تقرير نشرته أمس الأول، إن «أوروبا شهدت تنفيذ العديد من الهجمات الإرهابية باستخدام بندقية الكلاشنكوف إلى جانب أدوات آخرى» فى العام المنصرم، موضحة أن الكلاشنكوف استخدم فى الهجوم على أسبوعية شارلى إبدو الفرنسية فى مطلع العام، وفى اعتداءات باريس الإرهابية فى 13 نوفمبر الماضى». وتابعت الصحيفة: «استخدم هذا السلاح أيضا فى الهجوم على منتجع سياحى فى مدينة سوسة الساحلية فى تونس وفى جامعة جاريسا فى كينيا». وأشارت «جارديان» إلى أن «جهات إنفاذ القانون فى جميع أرجاء القارة الأوروبية تسعى للوصول لبعض الحقائق الأساسية حول انتشار السلاح فى أيدى الإرهابيين، عبر الإجابة عن تساؤلات عدة منها: من أين يأتون بالسلاح؟ ومن هم الوسطاء الذين يتعاملون فى هذه الأسلحة الفتاكة؟». وأوضحت الصحيفة أن جذور التجارة فى الكلاشنكوف تتواجد فى منطقة البلقان، لافته إلى واقعة توقيف الشرطة الألمانية فى 5 نوفمبر الماضى لسيارة من الجبل الأسود على متنها كمية من الأسلحة والذخيرة، من بينها 8 بنادق كلاشنكوف. وأشارت الصحيفة إلى أن السائق ويدعى فلاتكو فوسيليتش (من الجبل الأسود)، اعتبرته الشرطة مجرد وسيط، كان فى رحلة من الجبل الأسود إلى كرواتيا وسلوفينيا ثم النمسا وألمانيا، ليصل فى النهاية إلى موقف للسيارات فى باريس. ولفتت الصحيفة إلى وجود أكثر من 200 نوع من البنادق الهجومية حاليا يحمل اسم كلاشنكوف، إذ إنها تنتج بمعدل مليون قطعة سنويا، فضلا عن وجود عشرات الملايين من القطع فى غرب البلقان والاتحاد السوفيتى السابق وشمال إفريقيا التى لا تزال تعمل بشكل فعال رغم أن انتاجها يعود إلى ثمانينيات القرن الماضى. وقالت الصحيفة إنه «فى ألبانيا فقط بعد اضطرابات عام 1997، اختفت 750 ألف بندقية لتصبح جزءا من السوق السوداء فى الأسلحة النارية غير المشروعة». وأضافت الصحيفة أنه «رغم أن تهريب الأسلحة ليس مربحا كتجارة المخدرات إلا أن التجارة فى بنادق الكلاشنكوف تدر أرباحا ضخمة على المهربين، لأنهم يشترونها فى البلقان بنحو 300 إلى 500 يورو، ولكنهم يبيعونها فى أوروبا نحو 4500 يورو». • الهجمات الأكثر دموية ظلت العمليات الإرهابية تحتل صدارة الصحف فى مختلف أنحاء العالم خلال عام 2015، فمن الهجوم الدموى على مجلة شارلى إبدو الفرنسية، وحتى إسقاط الطائرة الروسية فى سيناء ومرورا بالهجوم على المنتجع السياحى فى سوسةالتونسية، ظل الإرهاب هو الشغل الشاغل للمجتمع الدولى، ولكن حوادث أخرى كبيرة وقعت خلا العام المنصرم. 1- (7 – 8 يناير) وقعت سلسلة من الهجمات فى باريس، بدأت بهجوم مجموعة من المتطرفين على مجلة «شارلى إبدو» الساخرة، وقتل فى الأحداث، التى استمرت يومين، 26 شخصا، من بينهم ثلاثة مهاجمين، وأصيب فيها 22 شخصا. 2- (18 مارس) قتل 22 شخصا، بينهم 18 سائحا، وأصيب أكثر من 40 آخرين، فى هجوم مسلح على متحف برادو فى تونس العاصمة. 3- (26 يونيو) قتل 27 شخص، وآصيب 227 آخرون فى هجوم انتحارى على مسجد الإمام الصادق فى الكويت العاصمة، وفى اليوم نفسه، قتل 38 شخصا وأصيب 40 فى هجوم مسلح على منتجع سياحى فى مدينة سوسةالتونسية. 4- (10 أكتوبر) فجر اثنان من الانتحاريين أنفسهما فى وسط العاصمة التركية أنقرة، خلال تجمع لأنصار السلام، فقتل 102 شخص وأصيب 506 آخرون. 5- (12 نوفمبر) فجر انتحارى من داعش دراجة مفخخة فى منطقة تخضع لنفوذ حزب الله فى الضاحية الجنوبية لبيروت، وعندما تجمع الناس فجر انتحارى آخر نفسه، لتصل حصيلة القتلى إلى 43 شخصا، بالإضافة إلى 240 جريحا. 6- (13 نوفمبر) استهدفت سلسلة تفجيرات متزامنة 6 مناطق فى وسط العاصمة الفرنسية باريس، وانتهت الأحداث بمقتل 131 شخصا، وإصابة 368 آخرون. • عدد القتلى والمصابين في العمليات الإرهابية: - 2800 عملية إرهابية خلال 2015 - 25.889 قتيلا - 24.575 مصابًا • الغارات على المعاقل الإرهابية 1- 5240 ضربة نفذها سلاح الجو الروسى فى سوريا 2- 9041 ضربة نفذتها دول التحالف الدولى فى سورياوالعراق 3- 7018 غارة نفذتها مقاتلات أمريكية 4- 2023 نفذتها باقى الدول