إثيوبيا تعرض حل الخلاف على إجراء الدراسات بإعطاء الشركتين الهولندية والفرنسية 50% لكل منهما.. وتوافق على تأجيل ملء السد لحين الانتهاء من الدراسات لكن دون توقف الإنشاءات القاهرة تطلب تغيير هدف الدراسات من تقييم تأثيرات السد إلى دراسة آليات الملء والتشغيل وتأثيرها على السد العالى موقف السودان لا يزال مساندًا لإثيوبيا بعد حصولها على ضمانات بتعديل مواصفات الأمان بالسد مصادر مصرية: نستهدف التوصل لضمانات وتعهدات مكتوبة لتأجيل ملء الخزان حتى الانتهاء من الدراسات يستأنف غدا الأحد، وزراء الخارجية والمياه بمصر والسودان وإثيوبيا مفاوضات سد النهضة بعد انتهاء مهلة الأسبوعين التى اتفق عليها المفاوضون لانتظار الرد الإثيوبى على المطالب والشواغل المصرية بشأن مرور الوقت دون التوصل إلى اتفاق حقيقى، وتفهم مشترك لتقليل الآثار السلبية للسد على الأمن المائى المصرى. وعلمت «الشروق» من مصادر إثيوبية على إطلاع بملف التفاوض مع مصر والسودان حول سد النهضة، أن العرض الإثيوبى المنتظر طرحه على طاولة المفاوضات خلال اجتماع اليوم يتركز فى بندين أساسيين هما: حل مشكلة الدراسات الفنية المعلق تنفيذها حتى الآن، وعرض إمكانية تأجيل ملء الخزان الملحق بالسد لحين الانتهاء من هذه الدراسات. ويتضمن التصور الإثيوبى الخاص باستكمال الدراسات حل مشكلة المكتبين الاستشاريين الهولندى والفرنسى من خلال تنفيذ الدراسات بنسبة 50% لكل مكتب، لكن الوفد الإثيوبى أكد عدم الموافقة على الإطلاق على أى مطالبات بوقف بناء السد، واعتبار هذا الأمر خطا أحمر بنفس القدر الذى تعتبر فيه القاهرة المساس بحقوقها التاريخية والمكتسبة فى مياه النيل خطا أحمر لا يقبل التفاوض أو المساومة. وقالت مصادر مصرية ممثلة فى الوفد المفاوض خلال الاجتماعات السياسية الجارية إن إنجاح المفاوضات يتوقف على مدى جدية العرض الإثيوبى بتأجيل ملء الخزان الملحق بالسد من خلال اتفاق وتعهد مكتوب وموقع عليه من خلال التمثيل السياسى والدبلوماسى بين الدول الثلاث. وأكدت المصادر أن تأجيل ملء الخزان الملحق بالسد يعنى عدم تشغيله وتأجيل أى مخاطر قد تتعرض لها مصر، ولكن تطبيق هذا العرض يعنى عدم استكمال المسار الفنى السابق الخاص بالدراسات المخصصة لتقييم تأثيرات السد الهيدروليكية على معدلات تدفق المياه إلى بحيرة ناصر، والتأثيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والتى كانت محددة بخارطة طريق للتنفيذ على مدى 11 شهرا بواسطة المكتبين الاستشاريين الفرنسى والهولندى، والتى لن تكون نتائجها وتوصياتها قابلة للتنفيذ بعد استكمال انشاءات السد. وأوضحت المصادر أن تغيير هدف الدراسات الآن ضرورى وطلب مصرى واضح وفقا لاتفاق إعلان المبادئ الذى نص على تشغيل وإدارة السد وفقا لدراسات تقيم مدى تأثير سياسات التشغيل والملء على معدلات تدفق المياه وآلية عمل السد العالى. وكان وزير الإعلام الإثيوبى قد قال فى تصريحات للتليفزيون الرسمى الإثيوبى قبيل بدء المفاوضات، إن نسبة الإنشاءات فى السد وصلت إلى 50%، كما تم تركيب أول توربينات فى جسم السد، وسيتم توصيل اثنين آخرين خلال شهرين، كما تم بدء إنشاء التوصيلات الكهربائية للربط مع الشبكة القومية. وأضاف الوزير الإثيوبى أنه بسبب نقص العملة الأجنبية التى تواجهها إثيوبيا الآن سيتم التركيز الأساسى على توجه الدعم والتمويل لسد النهضة باعتباره أولوية عن استكمال المراحل الأخرى لسد جيبا. وأوضح الوزير أن شركة سالينى الإيطالية تعمل فقط فى أعمال الإنشاءات المدنية لجسم السد، لكن إدارة مشروع السد قامت باستيراد مولدات وتوربينات الكهرباء من خلال شركة فرنسية، لافتا إلى أن هذه التعاقدات تجريها الحكومة الإثيوبية بنفسها لمنع أى مواجهات أو مشكلات خارجية. وعلى الرغم من مواجهة الحكومة الإثيوبية لعدد من التحديات السياسية والاقتصادية خلال الفترة الجارية، فإنها لديها تعهدات سياسية والتزامات اقتصادية للشركات الأجنبية الاستثمارية فى إثيوبيا والتى تحتاج لها الحكومة الإثيوبية بشدة من أجل تحقيق التطلعات والمطالب المتصاعدة للشعب الإثيوبى خصوصا بعد ارتفاع مؤشرات أزمة نقص الغذاء والطاقة فى إثيوبيا. ومع محاولات الدبلوماسية المصرية والإثيوبية إيجاد حلول لحل الخلاف والتوصل لنقطة اتفاق ترضى الطرفين لا تزال هناك مؤشرات على إمكانية تعذر المفاوضات فى الوصول إلى اتفاق سياسى جاد بين الدول الثلاثة للإدارة المشتركة للسد والتى لا تزال تعتبرها إثيوبيا أمر سيادى لا يقبل المشاركة. وعلمت «الشروق» أن الحكومة الإثيوبية قامت بعمل دراسة لتقدير الموقف فى حال فشل الاجتماع السداسى بين وزراء الخارجية والمياه فى الوصول إلى حل توافقى، والتى انتهت إلى عدم تأثر أو خسارة الجانب الإثيوبى فى حال فشل المفاوضات خصوصا فى حال اتجاه مصر للتصعيد الدولى. وتقدر الدراسة الإثيوبية أن فشل المفاوضات خصوصا إذا كانت بتصرف من مصر باعلانها رفض استكمال المباحثات سيصب فى مصلحة إثيوبيا بالقدر الأكبر، من خلال إظهار القاهرة وأنها ضد أن تقوم إثيوبيا بتنمية شعبها وأن تستمر المشكلات الداخلية والجوع والفقر، بينما سيكون المكسب الأكبر هو استغلال القضية لتوحيد الشعب الإثيوبى مجددا خلف سياسات الحكومة الإثيوبية خاصة مع المشكلات الداخلية التى تواجهها الحكومة من تصاعد المعارضة بعد مشكلة أقليات الأورومو. بينما اعتبر المسئولون الإثيوبيون أهمية تفويت الفرصة على مصر بأن يكون فشل المفاوضات سببه إثيوبيا، حيث قدر مؤشر الخطر على المستوى الداخلى جراء التصعيد الدولى المصرى بتأثر إثيوبيا بنسبة 15% فقط مقابل خسارة مصر لموقفها وتعرض لنتائج سلبية بالنسبة الأكبر، لكن هذه التقديرات الإثيوبية تحدثت بايجابية عن استمرار ايمان الحكومة الإثيوبية بسياسية التهدئة والتعاون التى ينتهجها الرئيس السيسى فى إدارة الأزمة بخصوص سد النهضة على الرغم من استمرار الخلافات حول امكانيات التعاون حول ادارة السد. وعلى الجانب السودانى، لا يزال الاتجاه العام لموقف المفاوض السودانى هو تأييد إثيوبيا فى بناء السد كما أعلنت الإدارة السياسية السودانية، لكن فى الوقت نفسه بدأت الخرطوم فى طرح مطالب بضمانات لتأمين السد، وهو ما تعهدت به إثيوبيا بالفعل خلال المفاوضات باجراء بعض التعديلات فى تصميمات جسم السد لزيادة معدلات الأمان، وأكدت المصادر المطلعة على المفاوضات أن السودان وافقت بالفعل على هذا الطرح الإثيوبى. كما علمت «الشروق» أن الحل الإثيوبى بخصوص إعطاء كل من المكتبين الاستشاريين الفرنسى والهولندى نسبة 50% لإجراء الدراسات الفنية لتقييم آثار السد، تم عرضه على السودان خلال الأسبوعين الماضيين وهناك اتجاه قوى بقبول الجانب السودانى لهذا الطرح. فيما أكدت مصادر مصرية أن هذا العرض الإثيوبى بخصوص تنفيذ الدراسات من خلال المكتبين الاستشاريين يكشف عن إدارة إثيوبيا للمسار الفنى من خلال توجهات سياسية بينما تتعامل مصر مع قضية الدراسات منذ بداية خارطة الطريق من خلال الخبراء المصريين الممثلين فى اللجنة الفنية الثلاثية بطريقة فنية دقيقة لآليات اختيار المكاتب وتنفيذ الدراسات. وتتبنى إثيوبيا وجهة نظر مضادة لاستمرار المكتب الهولندى فى إجراء الدراسات باعتبار أن شركة «دلتارس» الهولندية لديها موقف مسبق بخصوص إنشاء سدود على النيل الأزرق، والتى اعتبرتها جميعا ضد المصالح المائية الإثيوبية فى نهر النيل، فيما ترفض مصر بقوة استمرار المكتب الفرنسى وحده فى اجراء الدراسات وهو ما قد يطرح رؤى أخرى بالاتفاق مع مكتب استشارى جديد. اقرأ أيضا: بالفيديو والصورة: في تطور مفاجئ.. إثيوبيا تحول مجرى النيل لتمر المياه لأول مرة عبر سد النهضة