قال مسئولون حاليون وسابقون فى الإدارة الأمريكية إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سى آى إيه) استأجرت عام 2004 متعاقدين (مرتزقة) من شركة الأمن الخاصة بلاك ووتر للعمل ضمن برنامج يهدف إلى رصد وتصفية عناصر تابعة لتنظيم القاعدة. وكشف هؤلاء المسئولون عن فشل هذا البرنامج الذى حصلت من خلاله بلاك ووتر على ملايين الدولارات من المخابرات الأمريكية فى اعتقال أو قتل أى من الإسلاميين المتطرفين الذين تستهدفهم الولاياتالمتحدة. وقال المسئولون إن فكرة استعانة المخابرات المركزية بعناصر من خارجها أو ما يمكن اعتبارهم مرتزقة لتنفيذ عمليات اعتقال وقتل أثارت قلق المدير الجديد للوكالة بعد ذلك ليون بانيتا الذى دعا إلى اجتماع طارئ لكى يبلغ الكونجرس بالبرنامج الذى احتفظت بتفاصيله السرية. فى الوقت نفسه لم يكشف المسئولون النقاب عما إذا كانت الوكالة اعتزمت بالفعل الاستعانة بعناصر بلاك ووتر فى اعتقال وقتل عناصر القاعدة أم أنها كانت ستكتفى بدورهم فى التدريب والمراقبة فى البرنامج. وكانت أجهزة المخابرات الأمريكية قد لجأت خلال السنوات القليلة الماضية إلى عناصر من خارجها لتنفيذ بعض المهام المثيرة للجدل بما فى ذلك استجواب السجناء. ولكن مسئولين حكوميين قالوا إن الاستعانة بعناصر خارجية فى برنامج يتضمن تفويض سلطة تنفيذ عمليات قتل واعتقال يثير قلقا عميقا بشأن مدى المسئولية والخضوع للمحاسبة فى العمليات السرية. وقال المسئولون إن وكالة المخابرات المركزية لم توقع عقودا رسمية مع بلاك ووتر لهذه المهمة لكنها وقعت اتفاقات فردية مع كبار مسئولى الشركة بما فى ذلك مؤسسها إريك برنس. وقد توقف هذا البرنامج قبل تولى بانيتا بعد أن أثار مسئولون كبار فى الوكالة الشكوك حول الحكمة فى الاستعانة بعناصر خارجية فى برنامج اغتيالات. يذكر ان شركة بلاك ووتر أثارت جدلا واسعا خلال عملها فى العراق بعد الغزو الأمريكى بسبب تورطها فى العديد من أعمال القتل ضد مدنيين عراقيين. وقد حصلت الشركة على عقود بملايين الدولارات من الحكومة الأمريكية فى عهد الرئيس جورج بوش لتقديم خدمات أمنية للقوات الأمريكية فى العراق بصورة خاصة. وتحدث العديد من المسئولين الحاليين والسابقين فى الإدارة الأمريكية، بشرط عدم الكشف عن هويتهم، عن البرنامج السرى، فى حين رفض بول جيمجليانو المتحدث باسم وكالة المخابرات المركزية تقديم أى تفاصيل عن البرنامج الملغى ولكنه قال إن قرار بانيتا، بشأن برنامج الاغتيالات، كان «واضحا ومستقيما» وأضاف: «المدير بانيتا رأى أنه يجب إبلاغ الكونجرس بهذا البرنامج وقام بذلك بالفعل.. وقد علم أن البرنامج لم ينجح لذلك أوقفه». فى الوقت نفسه لم ترد المتحدثة باسم شركة بلاك ووتر التى غيرت اسمها منذ فترة إلى شركة إكس إى سيرفس على الاتصالات الهاتفية للتعليق على الموضوع. كما رفضت السيناتور ديانى فاينشتاين رئيسة لجنة المخابرات فى مجلس الشيوخ تقديم أى تفاصيل عن البرنامج لكنها أشادت بقرار بانيتا إبلاغ الكونجرس به. فى حين تجرى لجنة المخابرات فى مجلس النواب الأمريكى تحقيقا لمعرفة لماذا لم يتم إبلاغ الكونجرس بالبرنامج أثناء تنفيذه. وقال مسئولون حاليون وسابقون فى الحكومة الأمريكية إن نائب الرئيس الأمريكى السابق ديك تشينى أبلغ مسئولى وكالة المخابرات بأنهم غير مضطرين لإبلاغ الكونجرس بالبرنامج لأن الوكالة لديها بالفعل تفويض بقتل عناصر القاعدة. يذكر أن الرئيس الأمريكى الأسبق جيرالد فورد أصدر عام 1976 أمرا رئاسيا يحظر على أجهزة المخابرات الأمريكية القيام بأى عمليات اغتيال بعد الكشف عن تورطها فى مؤامرة لاغتيال الرئيس الكوبى السابق فيدل كاسترو وغيره من السياسيين الأجانب. ولكن الرئيس الأمريكى جورج بوش بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 اعتبر أن هذا الحظر لا يشمل عناصر تنظيم القاعدة والإسلاميين المتطرفين على أساس أن اغتيال مثل هذه العناصر لا يختلف عن قتل جنود الأعداء فى ساحات المعارك. وأشار أعضاء ديمقراطيون فى الكونجرس إلى أن برنامج الاغتيالات بمساعدة عناصر بلاك ووتر كان واحدا من برامج مخابراتية عديدة أخفتها إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش عن الكونجرس. فى حين انتقد نواب جمهوريون قرار بانيتا إلغاء هذا البرنامج وإبلاغ الكونجرس به وقالوا إنه أثار زوبعة فى فنجان. وقال بيتر هويكسترا زعيم الجمهوريين فى لجنة المخابرات بمجلس النواب: «اعتقد أن الأمر كله أثار جدلا أكثر مما يستحق». وقال مسئولون فى وكالة المخابرات إنه تم التفكير فى هذا البرنامج كبديل لاستخدام الصواريخ التى تطلقها الطائرات بدون طيار على عناصر القاعدة فى باكستان وأفغانستان وتؤدى إلى سقوط أعداد من الضحايا فى صفوف المدنيين. خدمة نيويورك تايمز الصحفية