- النظام يريدنا أن نتنازل عن حقنا في حرية التعبير والتعليم والصحة.. ونتمسك بحقنا في التصويت -هزيمة السلفيين كان أمرا متوقعا فمن ساعد النظام وأيده هو أول من سيتعرض للذبح والتضحية به زياد العليمي السياسي والعضو الأبرز في الحملة الشعبية لدعم البرادعي قبل ثورة 25 يناير، فضلا عن كونه برلماني سابق في مجلس الشعب 2012، يتحدث ل«الشروق» عن طبيعة المرحلة الراهنة وما تمر به مصر بالتزامن مع المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، والأسباب الرئيسية التي أدت إلى ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع لبرلمان 2015، وإلى نص الحوار.. • ما هو الفرق بين الظروف المحيطة ببرلمان 2012 والبرلمان الحالي؟ الناس كان لديها الأمل في التغيير قبل انتخابات 2012 وكانوا يشعرون بأن صوتهم سيكون فارقًا؛ ولذلك كانوا يسألون المرشحين عن برامجهم الانتخابية، ولم يكن هناك استخدامًا للمال السياسي بشكل فج، فضلا عن أن التزوير لم يكن صاخبا، على الرغم من وجود بعض الخروقات أثناء سير العملية الانتخابية، وأكبر دليل على ازدياد الأمل بين المصريين مشاهد الطوابير الكبيرة في عز هطول الأمطار، لشعورهم العميق بأن أصواتهم ستحدد مصير مصر. بينما في انتخابات 2015، رأينا أن المواطنين لم يذهبوا للإدلاء بأصواتهم لشعورهم بأنها لا تمثل فارقا، فضلا عن أن الحكومة لم تكن بحجة لتلك الأصوات، بالإضافة إلى شعور المواطنين بأن الانتخابات بمثابة دعوة خاصة منحصرة على فئات بعينها. ولكن في الوقت نفسه لم يكن برلمان 2012 على قدر المسئولية، وذكرنا بأنه لم يكن برلمان الثورة وإنما هو أول برلمان ينعقد بعد ثورة يناير، والفرق كبير بين المعنيين، واعتبرنا كقوى سياسية أن ميزة هذا البرلمان اعتباره كاشفا لجميع المعسكرات السياسية على الساحة بعد 25 يناير، واتضح للناس الرؤية بعد عدم علمهم بالتحالفات الدائرة بين بين الإخوان والمجلس العكسري السابق، وظنهم بأن الإخوان «ناس بتوع ربنا»، وأيضا كان البرلمان كاشفا للشخصيات التي تضامنت مع الثورة، والآخرين الذين استغلوا الثورة كستار لضمنوا وجودهم في السلطة مستقبلاً؛ وأريد أن أقول إن البرلمان الراهن أشبه ببرلمان 2010، والفرق أن مجلس نواب 2010 كان يحكمه رجال الأعمال، بينما البرلمان الحالي يحكمه رجال الأمن، سواء من الضباط السابقين أو من يرتدون الزي الملكي. • كيف ترى الانتخابات الحالية وما هو تقييمك لها؟ أي دولة في العالم شعبها بقوم بالتغيير وفقا لرؤيته للحكم من خلال الصوت الذي يضعه في الصندوق ثم يتحول من مجرد صوت إلى عضو في البرلمان يمثل الاتجاه السياسي لهذا الشعب، وجزء من الديمقراطية أن تصبح النقابات فاعلة في المجتمع والسياسة، وأن يشارك الطلاب في تشكيل السياسات العامة للدولة من خلال أصواتهم. ولكن ما لاحظناه، أن هناك اتجاهًا لإغلاق الباب على النقابات التي وقفت أمام قانون الخدمة المدنية، وتم انتقادهم ومهاجمتهم، وبالتالي تم إغلاق وسائل التعبير بما يتعارض مع الديمقراطية، مثل من هاجموا قانون التظاهر وتم القبض عليهم، وهذه الأمور أدت الى غلق المجال السياسي السياسي ما يشكل خطورة كبرى تتمثل في التحول من التغيير السلمي إلى التغيير بالعنف وربما يصل الأمر إلى مرحلة الإنفجار ليستعيد الشعب حقه في تغيير السياسات العامة. وكلا الخيارين «مُر»، فالخيار الأول قد يدفع بالبلاد إلى حرب أهلية، والخيار الثاني سوف يؤدي للقضاء على القيادات السياسية المعارضة للحكم من خلال اغتيالهم معنويا من قبل مؤسسات إعلامية أو وضعهم في السجون، خاصة وأن الشعب لم يجد بعد الشخصيات والقيادات السياسية التي اعتاد على وجودها في الشارع منذ 25 يناير. • ما هي المؤسسات الإعلامية التي تحاول تشويه السياسيين على حد قولك؟ لم تكن مؤسسة إعلامية بعينها، وإنما هو نظام كامل بشبكات مصالح من أفراد تابعين للحزب الوطني وأيضا من يريد الدفع بالمؤسسة العسكرية لتكون طرفًا في الحكم، فضلا عن أن تلك الشبكة متماسكة ولديها حماية من النظام، وترجمته نلاحظها في البرامج التليفزيونية التي ترتكب جرائم في الإعلام لا حد لها ويفترض محاسبتها. والأمر لا يقتصر على مؤسسات إعلامية، وإنما يشمل تحالف واسع من رجال أعمال وشخصيات تمتلك النفوذ الذي يمكنها من الوصول إلى النظام، ويرتكز هدفهم على محاربة أي تغيير نابع من روح 25 يناير، مثل العداء الممنهج ل«الأولتراس»، وأريد أن أحذر المسئولين بأن أي تحالف أو تنظيم تحكمه المصالح من الممكن أن ينقلب على نظام الحكم في لحظة، ومن هنا تكمن الخطورة. • كيف ترى دور الأحزاب في العملية الانتخابية؟ من المفترض أن يكون الدور الرئيسي للأحزاب هو عمل دعاية لبرنامج سياسية من خلال الوسائل الديمقراطية، ولكن هذه الأمور لم تتوفر في التوقيت الراهن؛ فالنظام يسعى لغلق المناخ السياسي الحزبي سواء من خلال اختراق الأحزاب والتسلل لها بواسطة العناصر الأمنية، وهذا يحدث في كل الأحزاب لمحاولة تدميرها من الداخل أو التضييق عليها من الخارج. • ما هي الأسباب التي بنيت عليها قرارك بالامتناع عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية؟ دائما أفضل المشاركة في أي استحقاق ديمقراطي مهما كانت الظروف، ولكن لو الظروف تسمح بإجراء انتخابات في ظل أوضاع طبيعية، وأول المعوقات ما شاهدناه من عمل قانون الانتخابات في وزراة الداخلية وأحزاب كثيرة اعترضت على الأمر بمن فيهم أحزاب الفلول والحزب الوطني. وثانيًا، أن الانتخابات امتدت من شهر فبراير إلى أكتوبر بدون إعلان عن التوقيت الحقيقي لإجرائها، وبناءً عليه، استمر المرشح في عمل الدعاية لمدة 8 شهور، واستطاع أن يجني الأموال التي ينفقها على حملته الدعائية. أما الأمر الثالث، يتمثل في أن الدعاية الانتخابية للأحزاب، إما مؤتمرات أو مسيرات أو أوراق توزع، وهذه الأمور طبقا لقانون التظاهر تحتاج لتصريح من وزارة الداخلية، التي إذا رفضت منح هذا التصريح، لا يكون أمام الأحزاب والمرشحين خيار سوى اللجوء إلى المحاكم. وبالتالي فإن الحل في الصمت وعدم عمل دعاية خوفًا من سطوة القانون، ما يؤدي إلى سقوط المرشحين والأحزاب، أو أخذ قرار بعدم المشاركة في تلك المهزلة، وأنا شخصيًا مع المقاطعة، ولم يكن لدي بديل آخر. • كيف ترى تعامل أجهزة الدولة مع الإقبال المحدود على الانتخابات البرلمانية في مراحلها الأولى؟ يحاولون بشتى الطرق دفع المواطن للتصويت ولكن كيف يستجيب المواطن؛ فالنظام يريد أن نتنازل عن حقنا في حرية التعبير والصحة والتعليم والمرافق والبيئة النظيفة، ويريد أن نتمسك بحقنا في التصويت. فضلا عن أن هناك نغمة بأن ثوار يناير هم من كانوا يعطلون عجلة الانتاج، والآن القوى الثورية لم تعد تنزل الشارع، وهناك من هم قابعون في السجون والنصف الآخر يجلس في بيته. • ماهو معيار المصداقية بين الشعب والحكومة في أعقاب انتخابات المرحلة الأولى؟ في رأيي عندما يدعو رئيس الجمهورية الشعب للمشاركة في الانتخابات والمواطنين لم يستجيبوا لتلك الدعوة، فهذا يعطي مؤشرا خطيرا، فضلا عن أن الشعب يتمتع بالذكاء وما شاهده من كذب متعلق ب«جهاز الكفتة» ووهم العاصمة الإدارية الجديدة والمؤتمر الاقتصادي الذي تم توقيع 7 عقود منه فقط حتى الآن، وبالتالي أصبح يشعر بفقدان الثقة واتسعت الهوة بين المواطنين والنظام بصفة عامة. • هل انتهى دور الإخوان؟ الإخوان يلعبون دائما على فكرة المظلومية والاضطهاد من النظام، وهم «أشطر» من يلعب على هذا الوتر وهو أمر مقصود منهم، ومن مصلحتهم أن يكون هناك استبداد من النظام والعكس صحيح؛ فالنظام يريد أن يكون البديل له هو استبداد الإخوان، والشعب يقف في المنتصف، وهذا أمر خطير يعمل على وجود التطرف والارهاب بدلا من اتباع الخيارات الديمقراطية، ولا مجال للديمقراطية إلا من خلال انتزاع الاستبداد من الطرفين. • رأيك في تراجع السلفيين وانسحابهم المفاجئ في الإسكندرية؟ بالنسبة لي جميع الأحزاب التي شاركت في العملية الانتخابية أعلنوا تأييدهم للنظام، وانسحاب السلفيين وتراجعهم كان أمرا متوقعا، فكل من ساعد النظام وأيده هو أول من سيتعرض للذبح والتضحية به، وبالتالي الدور قادم على السلفيين وحزب النور، فضلا عن أن قيادات مدنية كثيرة بجانب السلفيين كانوا يقدمون فروض الولاء والطاعة على أمل الحصول على نصيب من مقاعد البرلمان، وأنا سعيد بفشل السلفيين في حصد المقاعد. • ما هو الشكل النهائي للبرلمان الذي تتوقعه؟ بصريح العبارة البرلمان هيبقى «سيرك» • زياد العليمي عضو فاعل داخل الحزب المصري الديمقراطي.. فكيف ترى موقف الحزب من الانتخابات البرلمانية؟ بشكل شخصي لم أشارك في الانتخابات البرلمانية، ونشاطي في الحزب قائم على تدريب الشباب في المحافظات وإعداد كوادر منذ سنوات، وما يتعلق بقرار الحزب بالمشاركة في الانتخابات؛ فنحن مثل أي مؤسسة ديمقراطية وقرار الأغلبية بمن فيهم من قيادات الحزب كان مع المشاركة وإن كنت أرى أن هذا القرار خاطئ، وأنا غير ملتزم بهذا القرار فكريا ولكن ملتزم به مؤسسيًا. • متى يرحل الدكتور أبو الغار عن الحزب ومن هم أبرز المرشحين لخلافته؟ رحيل الدكتور أبو الغار سوف يكون خلال شهرين، ومن أبرز المرشحين لخلافته الدكتور زياد بهاد الدين ونور فرحات وإيهاب الخراط وأحمد فوزي من الشباب، وحسين جوهر وعماد أبو غازي، وأعلم أن الأقرب للترشح هو الدكتور زياد بهاء الدين، وجميع هذه الأسماء بمثابة صمام أمان داخل الحزب سواء اتفقت أو اختلفت معهم، ورأيي أن زياد هو الأنسب للمرحلة المقبلة. • ما تعليقك عن نية قائمة «في حب مصر» الدفع بعمرو موسى أو عدلي منصور لرئاسة مجلس النواب؟ عندما يعلم المرشح أو الحزب أن المواطن هو من تسبب في نجاحه ودخوله للبرلمان، سيعمل لصالح الشعب أما عندما يعلم الحزب أو القائمة بأن أجهزة الأمن وإعلامها هم من ساهموا في نجاحه وبالنتيجة مسبقا قبل خوضها غمار الانتخابات، فتلك القوائم ستعمل لحساب الأجهزة الأمنية. • ما هي طريقة تعامل البرلمان القادم مع القوانين التي صدرت من قبل الرئيس؟ هناك أكثر من 400 قانون تم إصدارهم في غياب البرلمان، والمطلوب من البرلمان القادم خلال 15 يومًا من تاريخ انعقاده أن يقوم بتعديل لائحته بما يتماشى مع الدستور فضلا عن مناقشة 400 قانون على حدة، على أن يتم تمريرهم واحدًا تلو الآخر إلى لجنة الاقتراحات والشكاوى التي ترسله بدورها إلى اللجنة التشرعية ثم يعود الى اللجنة العامة ومنها إلى اللجنة التشريعية مرة أخرى لصياغته، وبالتالي هو أمر أقرب إلى المستحيل. فضلا عن أن البرلمان القادم محدد ودوره يقتصر منذ أول لحظة على تمرير القوانين دون اعتراض، وبالتالي أول مرة أرى مؤسسة تشريعية تنتقص من صلاحيتها لصالح سلطة أخرى من السلطات الثلاثة. • هل مازال هناك فرص أخرى أمام الحكومة والنظام لإصلاح الأوضاع؟ أولا يجب أن تتخلى الحكومة عن حالة العناد المستمرة مع الشعب، ولابد من تغيير جزري من طبيعة المتحالفين مع الدولة. • ما هي الأزمة الحقيقية في مصر منذ ثورة يناير؟ الأزمة الرئيسية التي عانينا منها منذ 25 يناير، أن هناك طرفين يرون أنهم الأجدر بتولي مسئولية مصر، الطرف الأول هم الإخوان والثاني هو كل من يرى أنه من الأفضل الدفع بالمؤسسة العسكرية لتصدر المشهد. • بعد خمسة سنوات من عمر الثورة.. بعض الفئات ترى أن مبارك كان الخيار الأفضل؟ الحديث عن مبارك بالخير الغرض منه «تخويف» الناس من الحلم بالديمقراطية، المبيدات المسرطنة ظهرت أيام مبارك، وأيامه هي التي أتت بالإخوان كمعارضة المصرح بها خلال عهده، وكل القيادات الحالية على الساحة كانوا مساعدين له.