انخفاض سعر الذهب اليوم في مصر ببداية تعاملات الأربعاء    ارتفاع أسعار النفط مع تقدم المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والدول الأخرى    سعر الدولار اليوم في 10 بنوك ببداية تعاملات الأربعاء    بزشكيان: إنهاء البرنامج النووي الإيراني وهم.. ومستعدون لضرب عمق الأراضي المحتلة من جديد    محللة سياسية: اليابان في مفترق طرق بعد هزيمة الائتلاف الحاكم بالانتخابات    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية الأربعاء 23-7-2025    أسعار الخضروات اليوم الأربعاء 23 يوليو في سوق العبور للجملة    اليوم.. مصر تحتفل بالذكرى ال 73 لثورة 23 يوليو    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025.. الحد الأدني ل كلية علوم 2024 بالنسبة المئوية والدرجات    رئيس وزراء اليابان: دراسة تفاصيل الاتفاقية التجارية مع أمريكا بدقة    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    ويتكوف يلتقي مسئولين قطريين وإسرائيليين في روما بشأن اتفاق الأسرى    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    رئيس اتحاد شمال إفريقيا للخماسي يكرم الطالبة وسام بكري الأولى على الجمهورية (دمج) ب 100 ألف جنيه    الأرصاد: طقس اليوم شديد الحرارة نهارًا رطب ليلًا على أغلب الأنحاء    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    50 ألف جنيه مكافأة من حزب الجبهة الوطنية لأوائل الثانوية العامة    اليوم، الأهلي السعودي في مواجهة نارية أمام كومو الإيطالي، الموعد والقنوات الناقلة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات في محافظات الصعيد    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    تنسيق المرحلة الأولى .. متى يبدأ وما الحد الأدنى المتوقع؟    مجلس الأمن يعتمد قرارا لحل النزاعات بالطرق السلمية    عودة القائد.. حارس الصفاقسي يرحب ب معلول (صورة)    رابط نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 عبر بوابة الأزهر الشريف فور اعتمادها رسميًا    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025 «الخطوات والرسوم والمواعيد الرسمية»    الصفقات الجديدة والراحلين يشعلون غضب يانيك فيريرا في الزمالك.. تقرير يكشف    حمزة نمرة يطرح اليوم الدفعة الأولى من ألبومه "قرار شخصي"    نقابة الموسيقيين اللبنانية عن تقبيل راغب علامة في حفل العلمين: تعبير عن محبة واحترام    فيتو داخل منزل نوران نبيل السادسة على الجمهورية: أفتخر بلقب أخت الدكاترة ومثلي الأعلى مجدي يعقوب (فيديو)    طريقة عمل الحواوشي بالعيش، أحلى وأوفر من الجاهز    ترامب يتهم باراك أوباما بالخيانة بشأن تدخل روسيا في انتخابات 2016    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    فيروس شيكونجونيا.. ما هو وباء البعوض الذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية ويهدد 5 مليارات شخص؟    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    كتائب القسام: قصفنا موقع قيادة وناقلة جند إسرائيلية بالقذائف والصواريخ    بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 .. نصائح لاختيار الجامعة والكلية المناسبة لك    رئيس "بنك الطعام": نقدم نموذج شمولي فريد بالتعاون مع 5 آلاف جمعية    شخص مقرب منك يؤذي نفسه.. برج الجدي اليوم 23 يوليو    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    محمد التاجي: فهمي الخولي اكتشف موهبتي.. ومسرح الطليعة كان بوابتي للاحتراف    الرابعة على الثانوية: تنظيم الوقت سر النجاح.. وحلمي أكون طبيبة    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    بدون أدوية.. 6 طرق طبيعية لتخفيف ألم الدورة الشهرية    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    من 4% إلى 70%.. الطالبة ميار حماده تحقق قفزة دراسية لافتة في قنا    إلى الحبيب الغالي.. رسالة من ممدوح عباس إلى حسن شحاتة    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يتلقى السيسى «نصائح» من بلير؟
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 10 - 2015


1
شبت معركة إعلامية العام الماضى بين مكتب رئيس الوزراء البريطانى سابقا، طونى بلير، وجريدة الغارديان اللندنية. محور المعركة أن الجريدة نشرت موضوعا، فى الثانى من يوليو/تموز 2014، قالت فيه إن «طونى بلير وافق على تقديم النصيحة للرئيس المصرى، عبدالفتاح السيسى.. فى إطار برنامج اقتصادى تموله دولة الإمارات العربية المتحدة يعد بتوفير فرص تجارية ضخمة لكل أطرافه». رد مكتب بلير فى اليوم نفسه ببيان جاء فيه: «هذه القصة هراء.. طونى بلير ليس مستشارا رسميا للسيسى.. ولا هو يسعى إلى الحصول من مصر على أى أموال». هذا الرد، من الناحية القانونية، لا غبار عليه، وهو رد نمطى ومثال جيد لدارسى الحيل اللغوية لمن يسمون Spin Doctors (أساطين الخداع الذهني). ذلك أنك لست فى حاجة إلى أن تُسمَى «مستشارا رسميا» كى تقدم المشورة أو النصيحة أو السمسرة، على أساس دورى أو كلما نشأت الحاجة. ولا أنت فى حاجة إلى أن تحصل فى مقابل ذلك على راتبك أو أجرك أو سمسمرتك ممن تنصحه بشكل مباشر.
2
أمس، خرج علينا ذلك الذى يسميه شعبه «بودل» كى يقول على شاشة «سى إن إن» لأول مرة: «أنا آسف» عن دوره القذر فى غزو العراق عام 2003، الأمر الذى ساهم وفقا لاعترافه فى تهيئة الظروف لانتشار داعش وما تلا ذلك من تداعيات. ورغم اعترافه كذلك بأن ما حدث كان جريمة حرب تُسأل عنها، فى رأيه، تقارير استخباراتية خاطئة، فإن الذين عاشوا قصة الحادى عشر من سبتمبر/أيلول من الداخل (و من أبرزهم ريتشارد كلارك داخل البيت الأبيض، ومايكل شوير داخل سى آى إيه وكولن باول داخل وزارة الخارجية)يعلمون أن القيادة السياسية فى واشنطن وقتها استخرجت صبيحة اليوم التالى ملفا كان مجهزا من قبل اسمه: «العراق»، متغاضية عن كل التقارير التى قدمت لها من أجهزتها المحترفة. قاد مجرمو الحرب، دِك تشينى ودونالد رمسفيلد وبول وولفوفيتس، رئيسا غرا هو جورج بوش الصغير من أنفه، وقاد هذا طونى بلير من ذيله، نحو تدمير العراق ونهب خيراته وتمهيد الطريق لما نحن فيه الآن فى المنطقة كلها. ولا يتعارض هذا بكل تأكيد مع كامل التحفظات على ديكتاتورية صدام حسين الدموية والمواقف الأنانية ضيقة الأفق للأنظمة العربية.
3
هذه الأنظمة العربية التى لا يبدو أنها تتعلم أبدا من التاريخ، ولا تعرف منه سوى كتالوج «أمن الدولة» المتوارث الذى هو فى مفهومها «أمن الحاكم» وحسب لا تزال فى غرفة النوم باسم شعوبها مع خُداعها وخُداع الشعوب، بلا أدنى قدر من المحاسبة. على الأقل تأتى على حكام الغرب لحظة من المحاسبة، أمام المحاكم أو أمام الشعوب، إن عاجلا أو آجلا. حدث هذا مع طونى بلير قبيل نهاية عام 2005، وهو لا يزال فى السلطة، عندما اصطحب زوجته وأولاده إلى إجازة عائلية فى شرم الشيخ. تكرم عليه رئيس مصر آنئذ، السيد محمد حسنى السيد مبارك، بطائرة وفيللا، وكأنما يتكرم عليه من أموال «اللى خلفوه». لم نحاسب نحن مبارك على ذلك، لكن الشعب البريطانى، من خلال مجلس العموم، أجبر البودل على رد قيمة «الرشوة» لمصر.
4
لم يحاسب أحد الرئيس «المتخلى» أيضا على تلقيه «النصيحة» والإطراء من مجرم الحرب الذى لم يعترف، صديقه «أرِك»، المعروف أيضا باسم إيريل شارون، فمن إذا يمكن أن يحاسب السيسى على أنه يتلقى «النصيحة» من مجرم الحرب المعترف، طونى بلير؟ ما الذى قدمه له هذا حتى الآن من «نصائح» اقتصادية أو استثمارية أو سياسية؟ إلى أين انتهت؟ وإلى أى مدى يمكن أن تكون قد ساهمت فى فشل ذريع لآمال مؤتمر اقتصادى غير مسبوق هللنا له واعتبرناه فتح الفتوح؟ ومَن مِن المروجين لاوهام كثيره على استعداد لفهم أن الأمر أبسط كثيرا من ذلك، وأن أولئك فى أنظمة الغرب الذين غزونا قبل ذلك ويغزوننا الآن يغزوننا دائما من فوق الجسر نفسه: جسر استموات الحكام العرب فى البقاء على مقاعدهم دون محاسبة واستعدادهم للتضحية بأى شيئ فى مقابل ذلك؟
5
لا أحد بين البشر، حاكما أو محكوما، يستلطف هذه الكلمة: «المحاسبة». وهو السبب نفسه الذى من أجله لا يُترك وجودها ولا توضع ضماناتها رهنا لكرم من أحد. لا يوجد فى مصر الآن إعلام قادر على فرض الرقابة والمحاسبة، وهو ما يعنى ببساطة أنه لا يوجد الآن فى مصر إعلام. وبينما تُغل أيدى الصالحين فى الأجهزة الرقابية التابعة للدولة، ويفقد كثيرون ثقتهم فى فعالية منظومة العدالة، يبقى الأمر معلقا ببرلمان يولد فى هذه اللحظات، فى عيون كثيرين، ميتا. هذا طريق لا يمكن السير فيه حتى نهايته. من يجعل الأمر المنطقى مستحيلا يجعل الأمر غير المنطقى احتمالا. ومن قبره يقول جون كينيدى: «هؤلاء الذين يجعلون الثورة السلمية استحالة يجعلون الثورة العنيفة حتمية». أكاد أتوسل من أجلنا جميعا، من أجل المستقبل القريب لهذا البلد.. قليلا من المنطق.. قليلا من الحكمة.. قليلا من العدل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.