- أمريكا تخلت مرتين عن جهود لتشكيل قوة ليبية لحفظ الأمن.. وبريطانيا أنهت برنامج التدريب بعد «اتهامات جنسية» للمتدربين «فى أول زيارة رسمية لرئيس الوزراء الليبى، على زيدان إلى واشنطن تقدم بطلب عاجل وناشد المسئولين الأمريكيين، مساعدة بلاده فى بناء قوة عسكرية جديدة، لترسيخ شرعية حكومته الوليدة، وكسب الوقت لعودة ليبيا إلى المسار الصحيح»، بتلك الواقعة استهلت صحيفة «إندبندنت» البريطانية تحقيقا نشرته أمس الأول، حول الدور الغربى فيما آلت إليه الأوضاع فى ليبيا. وأوضحت الصحيفة أن «مسئولين أمريكيين أمضوا أكثر من عام بعد زيارة زيدان، فى محاولة لتطوير خطة للتدريب العسكرى، لكنهم لم يتمكنوا فى النهاية من التوصل إلى وسيلة فعالة لإيجاد وتدريب وتجهيز المجندين الليبيين. ومع استنزاف العنف لليبيا بشكل متزايد، تخلت الحكومة الأمريكية بهدوء عن خطة المساعدة». وأوضحت الصحيفة أن «الرئيس أوباما، الذى كان من أوائل المعارضين لحرب سلفه جورج بوش للعراق، كان عازما على تجنب مستنقع آخر فى الشرق الأوسط، عبر تقديم إدارته دعما محدودا إلى ليبيا، على أن يُترك لجوارها مثل الجزائر ومصر والدول الأوروبية أخذ زمام المبادرة فى الحفاظ على الاستقرار». إلا أن الهجوم على السفارة الأمريكية فى بنغازى عام 2012، ومقتل السفير كريستوفر ستيفينز، أعاد الملف الليبى إلى بؤرة الاهتمام الأمريكى، وباتت واشنطن مقتنعة بضرورة مساعدة ليبيا على تحقيق قدر من الأمن الداخلى، حسب إندبندنت. الصحيفة قالت إن «كلا من الولاياتالمتحدةوبريطانيا وإيطاليا وتركيا وافقوا على المساهمة فى تشكيل قوة ليبية قوامها نحو 20 ألفا جندى لحفظ الأمن فى البلاد»، مضيفة أن «دور وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) فى هذا الخطة، كان يتمثل فى تدريب وتجهيز من 6 إلى 8 آلاف جندى فى برنامج تصل مدته إلى 8 أعوام». وأضافت الصحيفة أنه «من البداية كان البعض فى الجيش الأمريكى مستاء، خاصة فى القيادة الأمريكية فى أفريقيا (أفريكوم)، إذ إنهم أرادوا إنشاء جيش ليبى حقيقى، وهو ما لم يعلق عليه البيت الأبيض فى ذلك الوقت». فيما شعر مسئولون عسكريون أمريكيون بالقلق من هذه الخطة، حيث إن مناخ الفوضى فى ليبيا يجعل من عملية انتقاء المجندين، عملية فى غاية الصعوبة، مع بقاء احتمالية أن يكون معظم المتدربين من الميليشيات المسلحة. إندبندنت قالت: «نظرا لأن الكثير من المنشآت العسكرية فى ليبيا أُضيرت من الحرب، قرر المسئولون الأمريكيون إجراء التدريب خارج ليبيا واستقروا على أن يتم فى منشأة عسكرية فى نوفو سيلو ببلغاريا». وأشارت الصحيفة إلى أنه «فى صيف عام 2013 طالب الرئيس أوباما فريقه للأمن القومى بمضاعفة الجهود فى ليبيا لتحسين أجهزة الحكم والأمن هناك، لكن المسئولين الأمريكيين واجهوا مشكلة فى التنفيذ، فالبيت الأبيض يريد المزيد من النشاط، ولكنه أراد أوروبا فى الصدارة، حيث حرص أوباما على عدم المغامرة بوقوع ضحايا أمريكيين فى ليبيا». ولفتت الصحيفة إلى أنه «فى الوقت نفسه، كان المسئولون الليبيون يكافحون من أجل اختيار مجندين على استعداد للسفر إلى الخارج للتدريب الشاق، والتخلى عما تمنحه الميليشيات من أجور أفضل ومزيد من الحرية عما يمكن أن يجدوه فى الثكنات»، فيما اتهم المسئولون الأمريكيون، نظراءهم الليبيين، ب«المماطلة»، بعد أن وجدوا صعوبات فى التواصل مع طرابلس، وتحديد مسئولين بعينهم يكونوا مسئولين عن ملف التدريب فى العاصمة الليبية. أما فى بريطانيا، فقد وصل فى صيف 2014، أكثر من 300 مجند ليبى إلى معسكرات باسنبورج فى كامبريج، إلا أن ثلث هؤلاء تم استبعادهم وإعادتهم إلى ليبيا بعد أشهر قليلة»، دون أسباب واضحة، مضيفة أنه «فى خريف العام ذاته تم اعادة الفرقة بالكامل إلى ليبيا قبل انتهاء تدريبهم، بعد مزاعم حول قيام بعض أفرادها وهم تحت تأثير الخمر، باعتداءات جنسية فى مدينة كمبردج القريبة». ونقلت الصحيفة عن مسئول أمريكي (لم تسمه) قوله إن «من تم تدريبهم فى الخارج تفرقوا عندما عادوا إلى ليبيا»، واصفة انهاء المهمة الأمريكية فى برنامج تشكيل قوة للأغراض العامة فى ليبيا، مثل غيره من المبادرات الغربية الخاصة بمساعدة البلد الأفريقى، اشبه ب«الموت الهادئ».