رفع جلسة الشيوخ دون تحديد موعد عودة الانعقاد    انطلاق فعاليات المبادرة الرئاسية «تمكين» لدعم ذوي الهمم    السعودية تكشف عن خطة لدمج "العملات المستقرة" لجذب الاستثمارات العالمية    رئيس الوزراء يفتتح مصنع «سيناي» لتوطين صناعة القفازات الطبية بالسويس    مصدر يكشف ل«المصري اليوم» موعد التشغيل التجريبي بالركاب للمرحلة الثانية من الأتوبيس الترددي    حكاية منظمة (5)    بوتين: قوات الردع النووي الروسية في أعلى مستوى وتتفوق على الدول النووية الأخرى    الهلال الأحمر بغزة: الوضع الإنسانى بالقطاع بالغ الصعوبة والآلاف بلا مأوى    القاهرة الإخبارية: استمرار هجمات المستوطنين رغم نفي واشنطن لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة    "جيروزاليم بوست": إسرائيل تعتقد أن عددًا من جثث الرهائن ربما تكون موجودة في مناطق الخط الأصفر الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي    قائمة غيابات ريال مدريد وبرشلونة في كلاسيكو الأرض    مديرية الشباب بدمياط تعتمد 10 جمعيات عمومية    القبض على 5 أشخاص احتفلوا بألعاب نارية وروعوا المواطنين ببولاق الدكرور    غدا .. الطقس مائل للحرارة نهارا وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 29 درجة والصغرى 20    «الداخلية» تضبط 6 أشخاص احتفلوا بصديقهم بالألعاب النارية وترويع المواطنين بالجيزة    التضامن تعلن استثناء السن للتقديم في حج الجمعيات الأهلية لهذه الفئة .. اعرف التفاصيل    فيديو لطفل يشهر سلاحًا أبيض ويطلق ألفاظًا خارجة.. والداخلية تكشف الحقيقة    تحديات ومنافسات بين أفضل الأصوات في الموسم السادس لبرنامج The Voice    صابر الرباعي يختتم سهرات مهرجان الموسيقى.. في ليلة توزيع الجوائز على الفائزين    محافظ الإسماعيلية ورئيس قصور الثقافة يفتتحان الدورة 25 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    الموت يفجع الفنانة فريدة سيف النصر.. اعرف التفاصيل    نائب وزير الصحة: فرق الاستجابة السريعة خط الدفاع الأول لحماية المجتمع    محافظ الدقهلية يفاجئ عيادة ابن لقمان للتأمين الصحي بالمنصورة: تكليفات فورية بالتعامل مع أي نواقص في الأدوية    محافظ بني سويف يتابع انطلاق برنامج تنمية مهارات اللغة العربية    وزيرة التضامن تلتقي وفدا من شركة «أوتوبوك» الألمانية لمتابعة تجهيز مراكز التجميع والمواءمة    حزب التجمع بختار السيد عبد العال ممثلا للهيئة البرلمانية بالشيوخ    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    «هابي بيرث داي» يكتب فصلًا جديدًا في نجاح السينما المصرية    مركز الازهر للفتوى :الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا يعد جريمة في ميزان الدين    مدرب الزمالك 2009: أعد الجماهير بتجهيز 7 نجوم للفريق الأول في نهاية الموسم    ضبط 105 كيلو جرامات من اللحوم الفاسدة في حملة بيطرية مكبرة بدمياط    وكيل صحة كفر الشيخ يناقش تعزيز خدمات تنظيم الأسرة بالمحافظة    ماذا على جدول ترامب فى جولته الآسيوية؟.. صفقات وسلام وتهدئة لحرب تجارية    محافظة أسوان تعطى مهلة أخيرة لأصحاب طلبات التقنين حتى نهاية أكتوبر    الهيئة القبطية الإنجيلية تستعد للاحتفال باليوبيل الماسي بمشاركة رموز وقيادات الدولة المصرية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    إجازة افتتاح المتحف المصري الكبير.. هل هي ليوم واحد أم ستصبح سنوية؟    الدعم السريع يعلن السيطرة على مقر للجيش بالفاشر| ماذا يحدث بالسودان؟    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم 26 اكتوبر وأذكار الصباح    موعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد و برشلونة في كلاسيكو الأرض بالدوري الإسباني    مصرع طالبة سقطت من الطابق الثالث في مغاغة بالمنيا    "هيتجنن وينزل الملعب" | شوبير يكشف تطورات حالة إمام عاشور وموقفه من تدريبات الأهلي    «التضامن»: الخطوط الساخنة استقبلت أكثر من 149 ألف اتصال ما بين استفسارات وطلبات وشكاوى خلال شهر سبتمبر    رئيس جامعة المنيا: «وطن السلام» رسالة مصرية تؤكد دور الدولة في صناعة السلام    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    ب«79 قافلة طبية مجانية».. الشرقية تحصل على الأعلى تقييمًا بين محافظات الجمهورية    مراسم تتويج مصطفى عسل وهانيا الحمامي ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش    روزاليوسف.. قرن من الصحافة الحرة وصناعة الوعى    مصر للتأمين تسدد 200 مليون جنيه دفعة أولى للمصرية للاتصالات    عدم إعادة الاختبار للغائب دون عذر.. أبرز تعليمات المدارس للطلاب مع بدء امتحانات أكتوبر    «واشنطن بوست»: ترامب يصعد التوترات مع كندا برفع الرسوم الجمركية    أطعمة تعزز التركيز والذاكرة، أثناء فترة الامتحانات    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    أسعار الأسماك اليوم الأحد 26 أكتوبر في سوق العبور للجملة    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    محمد الغزاوى: أخدم الأهلى فى جميع المناصب ونمتلك أقوى لاعبى اسكواش بأفريقيا    بداية شهر من الصلابة.. حظ برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دواعشهم ودواعشنا
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 08 - 2015

لا أجد فرقا كبيرا بين إحراق المستوطنين الإسرائيليين الطفل الفلسطينى على دوابشة، بعدما أضرموا النار يوم الخميس 30/7 فى بيت الأسرة بالضفة الغربية، وبين إقدام جماعة داعش على إحراق الضابط الأردنى معاذ الكساسبة فى الثالث من شهر يناير الماضى. بل أزعم أن الجريمة الأولى أفدح وأكثر جاسمة من الثانية، رغم أن إحراق الكساسبة أحدث دويا أكبر فى أنحاء الكرة الأرضية. ذلك أن جماعة داعش تعمدت إشهار الجريمة بتصوير مراحل الجريمة لإيصال رسالتها إلى الكافة. أما المستوطنون الذين أحرقوا جثمان الطفل الرضيع فإنهم ارتكبوا جريمتهم بعيدا عن الأعين، وأرادوا توجيه رسالتهم إلى الفلسطينيين بالدرجة الأولى. أعنى أن الجريمة واحدة فى الحالتين، وإن حدث الاختلاف بينهما فى «الإخراج» وفى العنوان الذى استهدفته كل منهما. وإذا ما دققنا فى تفاصيل وخلفيات تصرف الدواعش العرب والدواعش الصهاينة فسنجد أنهما يشتركان فى أشياء ويختلفان فى أشياء أخرى. جعلت جريمة قتل الطفل أخطر، ذلك أننى خلصت من المقارنة بينهما إلى ما يلى:
هما يتفقان فى أن كلا منهما قادم من خارج التاريخ ويتبنى مشروعا يستهدف إيقاف عجلته وإعادته إلى الوراء. كما أنهما يتوسلان بالعنف لتحقيق ما يريدانه ولا يترددان فى إهدار حق الآخر فى الحياة. وكل منهما يستلهم المرجعية الدينية ويحتمى بها. فالدواعش العرب يتعلقون بحلم إعادة الخلافة، والدواعش الصهاينة يتعلقون بخرافة إعادة بناء هيكل سليمان الذى يزعمون أن النبى داوود وضع أساس بنائه ولكن ابنه سليمان هو من أنجز البناء فوق الهضبة المقام عليها الآن المسجد الأقصى وقبة الصخرة، ولا يغير من ذلك كثيرا أن يسعى الدواعش العرب إلى إحياء فكرة فى حين يتطلع نظراؤهم الصهاينة إلى إقامة بناية.
فى الاختلاف بين الفصيلين والتدليل على ما يمثله دواعش الصهاينة من خطورة تتجاوز وصمة الدواعش العرب نلاحظ ما يلى:
إن الدواعش الصهاينة بعبرون عن الوجه الحقيقى للمشروع الصهيونى، فى حين أن دواعش العرب يجسدون الوجه المزيف والمشوه للمشروع الإسلامى. ذلك أن ما يفعله المستوطنون الآن بحق الفلسطينيين العرب ليس أكثر من استنساخ لما فعله أسلافهم لإقامة دولة إسرائيل فى عام 1948. وكل الجرائم التى ترتكب الآن لها أصلها فى ممارسات العصابات الصهيونية نحو الفلسطينيين قبل تأسيس الدولة وبعدها.
إذا اعتبرنا أن الدواعش العرب يمثلون لحظة بائسة فى التاريخ العربى وصفحة سوداء فى سجلهم فإن الدواعش الصهاينة يشكلون حلقة فى مسيرة المشروع الصهيونى وفصلا له سياقه فى تاريخهم الدموى والوحشى، بالتالى فإذا كان الأولون استثناء فإن الآخرين قاعدة.
رغم أن الطرفين يتوسلان بالعنف فى التعامل مع الآخرين ويتفقان على إهدار حق المخالفين فى الحياة، إلا أن الدواعش العرب يستهدفون إخضاع الآخر بصورة أو أخرى. أما دواعش الصهاينة فمشروعهم يقوم على إبادة الآخرين ومحوهم من الوجود، حيث كان ولايزال اقتلاع الفلسطينيين وإلغاؤهم هو حجر الأساس فى المشروع الصهيونى.
دواعش العرب خارجون على الدولة وضد مشروعها. كما أنهم منبوذون من القاعدة العريضة من المجتمع إلا أن دواعش الصهيانة جزء من الدولة يتحركون فى حماية القانون وتحت رعاية الجيش، كما أنهم ينفذون مشروع الدولة فى التوسع واحتلال البيوت واقتلاع الزراعات وطرد الفلسطينيين. وفى ذات الوقت فهم محل قبول من المجتمع الذى يساندهم ويصوت لممثليهم فى الانتخابات.
فى الوقت الذى تعلن فيه الحرب ضد دواعش العرب وتقصف طائرات الدول الكبرى مواقعهم، فإن دواعش الصهاينة يتحركون وهم مطمئنون إلى حماية الدولة وتسامح المجتمع الدولى معهم. ولذلك تتسع أنشطتهم ويزداد تغلغلهم فى المجتمع والجيش وتزداد مؤسساتهم قوة ونفوذا بمضى الوقت.
فى حين يعد مشروع الدواعش العرب سحابة طارئة غير مرشحة للاستمرار ويستقوون بضعف الدولة فإن كان دواعش الصهاينة لهم وضعهم المستقر من الناحيتين السياسية والقانونية إلى جانب أنهم بمثابة هراوة الدولة الإسرائيلية وعينها الحمراء التى توظف لترهيب العرب وقمعهم.
حجم الاستنفار والتعبئة المضادة موجه إلى الدواعش العرب بالدرجة الأولى، فى حين أن ممارسات الدواعش الصهاينة لم تعد تقابل بذات القدر من الاستنكار والاستهجان، أغلب الظن لأن انتهاكات الأخيرين مستمرة منذ احتلال فلسطين، الأمر الذى جعل كثيرين يعتادون عليها، وصار بعضهم يعتبرها سلوكا عاديا، آية ذلك أن الدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين أعلن بعد ذيوع خبر إحراق الطفل على دوابشة أن المستوطنين منذ عام 2004 ارتكبوا 11 ألف اعتداء على الفلسطينيين، ولايزالون يرتكبون جرائمهم دون أن يعترض طريقهم أحد.
لقد قرأت أن السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية قرر رفع دعوى ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، ولست متأكدا من أنه سيقدم حقا على هذه الخطوة لأن سوابقه فى هذا الصدد غير مشجعة أو مطمئنة كما أننى لست متأكدا من أن المحكمة المذكورة يمكن أن تنصف الفلسطينيين وتعاقب دواعش الصهاينة، لأننا تعلمنا من دروس كثيرة أن إسرائيل تعامل كدولة مدللة فوق الحساب والمساءلة. لكن الذى متأكد منه أن العرب إذا لم يكونوا قادرين على انتزاع حقوقهم ورد العدوان بأنفسهم فلن يقصفهم أحد، وسيظل دواعش الصهاينة السافرين والمقنعين هم أصحاب الكلمة العليا فى المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.