يقول النقاد إن أحد أهم مقاييس نجاح الأعمال الفنية هو قدرتها على الصمود عبر الزمن، من هنا تأتي عظمة أفلام مثل «الزوجة الثانية» و«شيء من الخوف»، التي تناولت فكرة الطاغية والديكتاتور وانتصار الشعوب عليهم في النهاية بعد الكثير من التحمل والتردد قبل القيام بالثورة. يعتبر البعض فيلمي «الزوجة الثانية» و«شيء من الخوف»، بالإضافة إلى «بداية ونهاية» من الأفلام التي تتنبأ بثورة 23 يوليو، لكن آخرون يرون أنها أفلام ستظل صالحة عبر الزمن، بدليل أنه في 2009، استوحى المؤلف عمر طاهر بعض مشاهد فيلمه الكوميدي «طير انت» من فيلم «شيء من الخوف»، وبعدها كتب طاهر نفسه أن البعض اعتبره من المتنبأين بثورة 25 يناير. لكن تظل المكتبة السينمائية المصرية تزخر بأفلام تتناول الحدث التاريخي الفريد 23 يوليو بشكل محدد ومباشر، وليس فكرة الثورة بشكل عام، أشهر تلك الفلام هو«رد قلبي»، لكنه ليس الوحيد. فيلم «الله معانا» إنتاج 1955 بعد مرور ثلاث سنوات على عزل الضباط الأحرار للملك فاروق، أصبحت الأمور أكثر وضوحا، وبدأ الشعب المصري في اعتبارها ثورته، وهنا كان دور السينما في رصد وتأريخ الفترة القليلة التي تسبق وتلي الثورة، فقرر المخرج والمؤلف أحمد بدرخان القيام بتلك المهمة، وأنتج فيلم «الله معانا»، بطولة عماد حمدي وفاتن حمامة. تدور أحداث الفيلم حول الضابط عماد، الذي يشارك في حرب فلسطين بعد أن يودع خطيبته، وتتسبب الحرب في بتر ذراع عماد فيعود مع مجموعة من زملاؤه المصابين في حالة يرثى لها، الأمر الذي يثير مشاعر الغضب في الجيش ويدفعهم للبحث وراء توريد الأسلحة الفاسدة للجيش. والمفاجأة أن أحد رجال الأعمال القائمين على توريد الأسلحة يكون والد خطيبة الضابط عماد، «نادية»، فيطلب منها مساعدته في كشف والدها وتتوالى الأحداث إلى أن تنتهي بالإطاحة بالملك. شاهد فيلم «الله معانا» «رد قلبي» إنتاج 1957 الفيلم الأكثر مباشرة في تناول 23 يوليو، «ابن الجنايني بقى ظابط»، الجملة التي تلخص أهداف الثورة والتي أصبحت رمزا لها فيما بعد، الفيلم إخراج عز الدين ذو الفقار، وقصة يوسف السباعي، بطولة شكري سرحان، أحمد مظهر، مريم فخر الدين، وحسين رياض. في الفيلم، يعمل الجنانيني بإخلاص في قصر أحد أمراء الأسرة المالكة، ويعول اسرته الصغيرة الذي يفلح في تنشئة أبناءها بشكل مثالي، لكن تبدأ ذروة الأحداث حين يشب أحد أبناءه ويقع في غرام ابنة الباشا، إنجي. يكتشف علاء، شقيقها، قصة الحب بينها وبين ابن الجنايني فيقرر طرده من العمل، وتمر الأعوام والأحداث، التي من ضمنها «حريق القاهرة»، وهو نقطة فاصلة في الأحداث يتسبب في عودة علاقة الحب بين علي وإنجي. يلتحق علي بالجيش، وبعد ثورة 23 يوليو يترأس علي لجنة مصادرة أملاك الأمير، وهنا يطلق علاء النار على علي ويصيبه إصابة بالغة، بعدها يقتله علي في الحال. شاهد فيلم «رد قلبي» «بداية ونهاية» إنتاج 1960 الفيلم مأخوذ عن رواية للأديب الكبير نجيب محفوظ، تحمل الاسم نفسه، كتبها عام 1949، وتعد أول رواية يتم تحويلها لعمل سينمائي، أخرجه صلاح أبو سيف وبطولة فريد شوقي وعمر الشريف وأمينة رزق وسناء جميل. الرواية/ الفيلم، لا تتناول الثورة بشكل مباشر، لكن تدور في إطار اجتماعي، عن الأحوال الاقتصادية والاجتماعية للشعب قبيل الثورة، فالأسرة التي تدور حولها الأحداث يتوفى عائلها، الأب، لتجد الأم نفسها مسؤلة عن شابان وفتاة، فيبدأ كل فرد منهم في الإتجاه ألى طريق مختلف، فيعمل الأخ الأكبر في تجارة المخدرات، ويلتحق الوسط بالكلية الحربية، أما الابنة فبعد أن يتخلى عنها حبيبها تتجه للعمل في الدعارة دون علم أهلها. بعد التخرج، يتنصل الابن الأوسط حسين، من أسرته بعد أن أصبح ضابطا، ويحاول الاختلاط بالطبقة الثرية، وتتصاعد الأحداث بعد اكتشاف الأخ أن شقيقته تمتهن الدعارة فيدفعها للانتحار وينتحر بعدها. شاهد فيلم «بداية ونهاية» «في بيتنا رجل» 1961 من الأفلام التي تناولت النضال الخفي للشباب في فترة ما قبل الثورة، وعلاقة الشباب المهتم بالسياية بالدولة، الفيلم من إخراج هنري بركات، وقصة إحسان عبد القدوس، وسيناريو يوسف عيسى، وبطولة عمر الشريف ورشدي أباظة وحسن يوسف، وزبيدة ثروت، وحسين رياض وزهرة العلا. ينجح الثائر «إبراهيم حمدي» في اغتيال رئيس الوزراء، الذي يثبت تعاونه مع المستعمر الانجليزي، ويتمكن من الهرب فيلجأ لمنزل صديقه «محيي»، الذي لا يمارس أي نشاط سياسي، ترفض أسرة محيي قبول إيواء إبراهيم في البداية لكن مع الوقت تتقبله وتحاول حمايته. وعلى جانب آخر، يعرف عبد الحميد ابن عم سامية، شقيقة محي، حقيقة أن إبراهيم هارب من الشرطة، فيستغل الفرصة لإجبار سامية على زواجها به. تتوالى الأحداث ويستطيع البوليس السياسي القبض على محيي واعتقاله وتعذيبه ليدلهم على مكان ابراهيم، في الوقت الذي ترتب له الأسرة سبل للسفر خارج البلاد، لكنه في اللحظة الأخيرة يرفض السفر ويعود ليمارس نضاله ويستشهد في إحدى العمليات. شاهد فيلم «في بيتنا رجل» «القاهرة 30» إنتاج 1966 عكس الأفلام السابقة، تمتد الفترة التي تدور فيها أحداث الفيلم قبل الثورة إلى 20 عاما أو أكثر، حيث يدور في ثلاثينيات القرن الماضي، حول الشاب «محجوب عبد الدايم» الوافد من الصعيد للقاهرة، وينتمي لأسرة شديدة الفقر، يتعرف محجوب على سالم الإخشيدي الذي يطلب منه المساعدة في الحصول على وظيفة، فيفعل ذلك مقابل أن يتزوج من «إحسان» عشيقة «قاسم بك» على أن يزروها مرة كل اسبوع. ويمثل محجوب عبد الدايم شخصية الانتهازي الفاسد، الذي من خلاله يرصد فساد المجتمع والفقر الذي يضطر البعض لسلوك طرق ملتوية للنجاة من الفقر المميت. شاهد فيلم «القاهرة 30»