بعد إقدامها على الانتحار لتجنب التعرض للاختصاب من أحد أفراد جهاز المخابرات الإيرانى، أصبحت فريناز خسروانى، هى كلمة السر فى ردات الفعل الغاضبة فى الأوساط الكردية عبر دول الإقليم وفى العالم للاحتجاج على الانتهاكات التى تمارسها سلطات طهران تجاه المرأة. تلك الفتاة الكردية، البالغة من العمر 26 ربيعا، أشعلت ولاتزال غضب الأكراد فى مدينة مهاباد الإيرانية (شمال)، مسترجعة فى ذلك الذاكرة الجماعية «للشعب الكردى»، فى حلم «جمهورية مهاباد» الكردية. ولم تدرك «خسروانى» التى نشأت فى أسرة فقيرة فى مهاباد، أنها حينما تضطر للعمل بالخدمة فى فندق «تارا» الإيرانى من أجل إعالة أسرتها الفقيرة ومساعدة نفسها فى نفقات الزواج، أنها ستكون إيقونة كردية فى مواجهة نظام استبدادى إيرانى، لم يلبث أن يمارس كل أساليب الاضهاد ضد الأقليات العرقية. واقعة انتحار الفتاة، خريجة معهد للحاسوب، بدأت بعد أن حاولت الهروب من إحدى شرفات الفندق التى تعمل به، إثر محاولة عنصر المخابرات الإيرانية الاعتداء عليها جنسيا، حيث أدت محاولتها للهروب إلى مقتلها، وسقوطها من الطابق الرابع بالفندق. وبالرغم من ترجيح رواية مقتل «خسروانى» بسقوطها من نافذة الفندق، بعد قيام العنصر الأمنى الإيرانى باقتحام غرفتها، بغرض اغتصابها، إلا أن تقارير أخرى نقلتها شبكة سى إن إن الأمريكية، أشارت إلى أن الفتاة، التى شبهها البعض بالشاب التونسى، محمد البوعزيزى، الذى أشعل انتحاره «ثورة الياسمين»، ألقت بنفسها من النافذة، بعد محاولة أحد الموظفين فى وزارة السياحة اغتصابها، بالتواطؤ مع صاحب الفندق، مقابل حصول فندقه على «صفة خمسة نجوم». وأيا كانت رواية مقتل خسروانى، فإنها باتت حقيقة تحول الفتاة لأيقونة، اعادت معها قضية اضطهاد الأقليات فى إيران ولا سيما الأكراد، على المشهد، ولا سيما فى ظل حلم كردى فى محافظة مهاباد، يطالب به قوميوه منذ عقود لاسترجاع أراضى «كردستان التاريخية». ورغم ذلك، يتخوف الأكراد فى مهاباد، اليوم، أن «تطمس» جريمة مصرع الشابة التى باتت رمزا لهم بعد أن قضت دفاعها عن نفسها، وذلك على غرار تلاشى «حلم جمهورية مهاباد» تحت بند الصفقات الدولية. ف«جمهورية مهاباد» داعبت حلم الأكراد فى الوصول إلى الوطن المنشود الموحد الذى يمتد على طول منطقة جغرافية متصلة، ولكن مقسمة بين تركياوإيران وسوريا، بالإضافة إلى العراق. ورغم أن هذه الجمهورية «حلم»، أبصرت إلى النور فى 22 يناير 1946 بمساندة الاتحاد السوفيتى آنذاك، وسط فوضى ما بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أنها سرعان ما تلاشت بعد نحو 11 شهرا فقط على إعلانها.