بسلة بلاستيكية صغيرة معلقة فى ساعدها تدخل السيدة زينب عبدالمجيد، ربة منزل (43 عاما)، سوق فكيهة الشعبى، الواقع بشارع ترسا بحى الهرم، آملة فى الحصول على كمية من الخضراوات تكفيها لطعام يوم واحد لأسرتها المكونة من خمسة أفراد، خلافا لما كانت تفعله سابقا، بشراء مئونة ثلاثة أيام على الأقل، تحتفظ بها فى الثلاجة. تعزو زينب قرارها بشراء الخضراوات يوما بيوم، إلى ارتفاع أسعارها بشكل يتجاوز قدرتها الشرائية، وتقول: «إذا أردت شراء طماطم وبامية أو ورق عنب، وبصل، وبعض حبات الليمون، بما يكفى حاجة خمسة أفراد لن تكفينى خمسون جنيها، لذلك أحرص على شراء ما يكفى وجبة واحدة أو اثنتين، ولا أشترى كميات أكثر، أفعل ذلك، وأنتظر كل يوم مفاجأة سارة بانخفاض الأسعار، بأن تصبح مثل البطاطس والكوسة مثلا، فأسعارهما لا تتجاوز جنيهين اثنين، أو مثل القلقاس، فسعره أربعة جنيهات». تتابع زينب جولتها بالسوق، وتجذب يد ابنتها الصغيرة رقية، وتسير بها بعيدا عن عربة خضار، تجلس فوقها السيدة أم أيمن (55 عاما)، وأمامها أكوام صغيرة لا تتجاوز بضعة كيلو جرامات، من أنواع مختلفة من الخضار، أبرزها البامية (22 جنيها بأسعار الأمس)، وورق العنب (11 جنيها)، وتعيد حبة ليمون أمسكت بها الصغيرة من أمام بائع آخر، ثم تبتسم بضيق، وإلى جوارها محرر«الشروق»، وتقول لطفلتها: «عندنا ليمون فى البيت يا رقية». «الشروق» سألت أم أيمن عن سبب ارتفاع أسعار البامية، فأجابت بابتسامة كبيرة، وهى تتناول إفطارها المكون من خبز وجبن: «البامية فى السوق الآن، بشاير، أول طرح للمزارع، وغالية من مكانها، سواء من المزارعين أنفسهم أو من عند التجار». وأضافت : «كما ترى، لا زبائن أمامى، ومن تأتى من السيدات لشراء البامية، تشترى ربع كيلو فقط»، تبتسم أم أيمن مرة ثانية وتقول : «هترخص وكل حاجة هترخص، والفقير بيعرف يمشى أموره، يوم بطاطس يوم قلقاس أو كوسة». حيل الفقراء من رواد سوق فكيهة، لا تقتصر على السلع البديلة للبامية فى أول موسم طرحها، كما تقول أم أيمن، فالسيدة ليلى وصديقتها فرح، تشتريان البامية هذه الأيام، لكن بأسعار أقل من محال بيع الخضار المجمد، تقول فرح (33 عاما) : «أشترى نصف كيلو بامية مجمدة وجاهزة للطبخ بثمانية جنيهات فقط»، وهو سعر يبدو معقولا جدا مقارنة بسعرها فى سوق الخضار. اللافت أنه من بين نحو أربعين بائعا وبائعة سوق فكيهة للخضراوات والفاكهة، لم ترصد «الشروق» البامية، سوى لدى عدد قليل منهم لا يتجاوز خمسة بائعين، وأرجع كثيرون منهم عدم إقبالهم على المتاجرة بها حاليا إلى «غلاء سعرها وعدم إقبال جمهورهم من محدودى الدخل والفقراء على شرائها».