تكالبت المشاكل الناجمة عن انعدام الكهرباء والمشتقات البترولية على اليمنيين، لتحيل حياتهم إلى جحيم وتضيف أعباء ثقيلة على المواطنين الذين يرزح 70% منهم تحت خط الفقر ويحاولون توفير احتياجاتهم اليومية ولا يستطيعون توفير الماء والخبز والغاز إلا بمشقة، ناهيك عن الصعوبات التي تواجه أهل المحافظات التي تشهد حربا دامية. وضربت مشاكل الخبز اليمنيين بقسوة في الأيام العشرة الأخيرة ونفدت جميع عناصر صناعة الخبز أو أوشكت، وخاصة الوقود، وتوقفت عشرات المخابز عن العمل بسبب عدم توافر الوقود ولجأ أصحاب المخابز إلى تعديل نظام الأفران لتعمل بالغاز، الذي نفد أيضا فتمت الاستعانة بالأخشاب، بينما أغلقت كثير من المخابز.. وعندما يسأل المواطنون يجيب أصحاب المخابز بعدة لاءات: /لا ماء .. لا دقيق ..لا وقود .. لا كهرباء/ فكيف يستمر العمل ؟ الأفضل غلق المخبز توفيرا للنفقات. وهناك مخابز خفضت إنتاجها وظهرت أمامها طوابير طويلة من المواطنين.. ويقول صاحب مخبز يورد للمستشفيات أنه اضطر لاستخدام الأخشاب لتوفير احتياجات المستشفيات.. ويقول ساخرا إن المستشفيات تطلب من المرضى شراء الأدوية لعلاجهم فهل ستطلب من المريض الذي يحتاج إلى البقاء في المستشفى شراء الخبز؟. وأوشكت كميات الدقيق والقمح التي خزنها المواطنون منذ أكثر من شهر على النفاد وارتفع سعر كيس الدقيق الى أكثر من الضعف فى السوق السوداء.. حتى محلات السوبر ماركت الكبيرة أغلقت ثلاجاتها لتوفير الوقود الذي تشتريه من السوق السوداء وأصبحت تبيع فقط المعلبات والبسكويت والسلع التي لها صلاحية طويلة وتناقصت هي الأخرى إلى حد كبير وستغلق أبوابها إذا استمر غياب المشتقات البترولية. وثاني المشاكل الخطيرة هي صعوبة الحصول على الماء إذ يعتمد اليمنيون على مياه الآبار التي تحفر بعمق أكثر من ألف متر وتحتاج إلى وقود لعمل المولدات الذي ارتفع سعر الصفيحة 20 لترا إلى أكثر من 100 دولار ويتم تعبئة المياه في تانكات سيارات لتوصيلها للمنازل فرفع أصحاب الآبار والسيارات سعر المياه لتذهب إلى المواطن في خزانه الأرضي بضعف سعرها وأكثر ليوفر هو الوقود اللازم لرفعها إلى الخزانات العلوية. وأمام ارتفاع أسعار المياه لجات الأسر الفقيرة إلى آبار بجوار مساجد ومستشفيات لتوفير احتياجاتهم من مياه الشرب خاصة وأن معظم المياه التي تصل للمنازل لا تستخدم في الشرب أو الطهي، وتقف السيدات في طوابير لساعات قبل أن تحصل على القليل من الماء، وانتهزت معظم الأسر توقف الدراسة لترسل أولادها إلى مصادر المياه المجانية لتقوم الفتيات والأطفال بحمل أثقال تفوق أوزانهم أو ينقلونها على عربات تجر باليد. وقام بعض الأشخاص القادرين بشراء ماء وحملها على سيارات "تانكات" لتوزيعها على المواطنين الذين ينتظرونها بالجراكن ويحجزون أماكنهم منذ الصباح، والسعيد الذي يحصل على احتياجاته قبل أن ينتهى الماء من السيارة. أما مشكلة الغاز فقد تفاقمت إلى حد كبير لدرجة أن سعر الاسطوانة ارتفع من 1500 ريال الى 7000 وتقوم محطات تعبئة الوقود بتعبئة الاسطوانة ب3000 ريال بصورة رسمية وينتظر المواطنون لأكثر من أسبوع للحصول على اسطوانة واحدة وتتناوب الأسرة الوقوف في الطابور، السيدات في الصباح والرجال في المساء، ويبيتون أمام محطة بيع الغاز لعل القاطرة تصل. الغريب في الأمر أن اليمن لا يستورد الغاز بل يتم تصديره بكميات كبيرة وبانتظام حتى في ظروف الحرب، كما أن الحرب في مأرب منعت القاطرات من السفر إلى صنعاء ومحافظات أخرى، ومنذ 3 أيام تم التوصل إلى هدنة وتحركت أكثر من مائة قاطرة محملة بالغاز والمواد البترولية وصل بعضها إلى صنعاء والباقي اختفى، أين؟ لا أحد يعلم. وأكبر مشكلة تواجه المواطن اليمني هي انقطاع الكهرباء بسبب تخريب خطوط النقل الواصلة إلى محطة مأرب ومن ثم إلى المحافظات، ولم يتم إصلاحها منذ 25 يوما بسبب الحرب في منطقة الجدعان.. ومساء الاثنين اتفق الطرفان المتحاربان على هدنة للإصلاح تكون بالتوازى مع السماح للقاطرات بالتحرك من مأرب إلى صنعاء وبالفعل سمح للفرق الهندسية بالخول للإصلاح ولكن بعد تحرك القاطرات استؤنفت الاشتباكات وخرجت الفرق بدون أن تتمكن من القيام بعملها. ويتساءل اليمنيون: أين الحكومة التي يمكن أن يحاسبوها على هذه الأوضاع؟ فبعد استقالة الرئيس والحكومة فى يناير الماضي لا توجد حكومة في صنعاء إنما توجد جماعة استولت على المؤسسات والوزارات، حتى اللجنة الثورية العليا التى أنشأها الحوثيون لإدارة البلاد لم تفعل شيئا لتوفير احتياجات المواطنين، بل ويتهمها المواطنون بأنها تتاجر في المشتقات البترولية كما تتهم أحزاب يمنية الحوثيين بأنهم يريدون أن يحكموا بدون تحمل أعباء الحكم بعدما استولوا على الوزارات والمؤسسات الحكومية. الواضح أنه لا يوجد حل لهذه المشاكل في المدى القريب، بسبب تعقيدات الأوضاع السياسية وحرص الحوثيين والقوات العسكرية الموالية للرئيس السابق على إحراز مكاسب على الأرض يستطيعون التفاوض بها، بعد أن ضعف موقف الحوثيين العسكري بدرجة كبيرة.