تشهد جميع محافظات اليمن كما نشرت التحريرأزمات خانقة في جميع المتطلبات الأساسية للمواطنين، ما أدَّى إلى توقف معظم الأنشطة الاقتصادية، إلا المتعلقة بالاحتياجات الغذائية للمواطنين، والتي تقلصت هي الأخرى بدرجة كبيرة، نتيجة استمرار الحرب التي شنها جماعة أنصار الله "الحوثي" على محافظات الجنوب، وبدء عمليات عاصفة الحزم لردعهم والتي دخلت يومها ال 24 اليوم. ويعد اختفاء المشتقات البترولية، أهم أزمة تؤثر في حياة اليمنيين ما أدَّى إلى ارتفاع دبة البنزين والسولار - 20 لترًا من البنزين - من ثلاثة آلاف ريال إلى حوالى 100 ألف ريال خلال الأيام الماضية، فيما يقول البعض إنَّ السعر ارتفع إلى 150 ألفًا، وإنه غير موجودة على الإطلاق. تدهور الاقتصاد وأثَّر انعدام البنزين والسولار بسبب توجيه المتوافر إلى احتياجات الجيش والميليشيات في الحرب إلى توقف النشاط الاقتصادي واختفاء السيارات من شوارع العاصمة وفي ساعات الذروة تظهر بضع سيارات في الشوارع الرئيسية، ويقول المواطنون إنها تابعة للحوثيين كما أنَّ المحال أغلقت أبوابها بسبب عدم استطاعتها توفير الوقود للمولدات الصغيرة التي كانوا يستعملونها للتغلب على الفترات الطويلة لانقطاع التيار الكهربائي، ولكن خروج محطة مأرب الغازية عن العمل أسقط العاصمة صنعاءومحافظات تمدها المحطة في ظلام دامس لليوم السادس على التوالي وسط انعدام أي أمل في إصلاح نتائج التخريب في منطقة الجدعان في مأرب بسبب القتال الدائر بين الحوثيين والقبائل في هذه المنطقة. وأدَّى توقف محطة مأرب عن العمل إلى انقطاع الكهرباء عن صنعاءومحافظات أخرى واستطاعت وزارة الكهرباء في العاصمة مد محطتي تقوية في صنعاء بالمازوت اللازم لتشغيلهما ولكن لفترة تصل إلى أقل من ساعة يوميًا لكل منطقة إذا جاء دورها مع التنبيه على المواطنين بعدم استعمال السخانات والثلاجات والغسالات حتى لا تتوقف المحطتين عن العمل، وهما سيتوقفان خلال أيام قليلة لعدم توفر المازوت اللازم للتشغيل ولا حديث عن إمكانية إصلاح التخريب في مأرب على الإطلاق ويبدو أنَّ إصلاح المحطتين في صنعاء جاء للتغطية على الوضع المأسوي الذي تعيشه البلاد غلاء الأسعار وأدَّى اختفاء البنزين والسولار في المحافظات إلى صعوبة حصول المواطنين على المياه وارتفاع تكلفتها إذا يعتمد اليمنيون على المولدات الكهربائية الكبيرة التي تعمل بالنفط في استخراج المياه من الآبار التي تحفر على عمق ألف متر في معظم هذه الآبار ويلجأ أصحاب الآبار إلى شراء مستلزمات المولدات من السوق السوداء، التي وصل سعر وايت المياه "الاسم الذي يطلق على تانكات المياه في السيارات التي توصلها للمنازل والمحال"، فيها إلى ستة آلاف ريال وأحيانًا ثمانية آلاف بعد أن كان السعر ثلاثة آلاف كما ارتفعت أسعار المياه المعدنية ما بين 35 إلى 50%، وأسعار السلع في محال السوبر ماركت الكبيرة إلى 50 % نتيجة ارتفاع أسعار المشتقات البترولية اللازمة لتشغيل المبردات الكبيرة، ما أدَّى إلى إحجام المواطنين عن الشراء منها وبدت خاوية في معظم الأوقات. وتوفر المؤسسات الكبيرة مثل البنوك وشركات الاتصالات السولار اللازم لعمل المولدات الضخمة من السوق السوداء، وهو ما سيؤدي حتمًا إلى توقفها عن العمل حال عدم توافر هذه المواد وبدأت شركات الاتصالات تعاني من عدم القدرة على توفير الوقود اللازم لعمل محطات التقوية، مما أثر على تغطية شبكاتها في أماكن كثيرة بالعاصمة والخوف. وتضررت البنوك كذلك، وتواجه مشكلة نتيجة انقطاع التيار، وتوقفت عن صرف ايداعات المواطنين بالدولار طبقًا لتعليمات البنك المركزي، فيما توقفت عمليات تحويل الأموال من البنوك اليمنية ورفض البنوك تحويل الأموال بالدولار للخارج ورفض بعض الدول تحويل الأموال لليمن مما حدا بالمواطنين إلى تحويل أموالهم سواء من الخارج أو الداخل عبر شركات الصرافة المعتمدة وفي ظل قيود صارمة ولمبالغ محددة. خدمات الصحية رديئة وحذَّرت وزارة الصحة كما رصدت التحريرمن استمرار انقطاع التيار الكهربائي، وعدم توفر المشتقات البترولية والمياه على أداء المستشفيات، وأكدت أنَّ المستشفيات لن تستطيع تأدية عملها وتقديم الخدمات الطبية للمواطنين في ظل هذه الظروف، بالإضافة إلى انعدام الأدوية والوقود اللازم لتشغيل الأجهزة الطبية، وطالبت المسؤولين بتوفير المستلزمات اللازمة للمستشفيات لكى تستطيع أداء مهامها. أمَّا المشكلة الأكبر هي عدم توفر المواد الغذائية فقد حرص المواطنون على تخزين هذه المواد في الأسابيع الماضية، مما أدَّى إلى قلة المعروض ويعتمد المواطنون في العاصمة أو المحافظات على الدقيق والقمح لخبز العيش، فارتفع كيس الدقيق أو القمح زنة 50 كيلوجرامًا من 2500 ريال إلى أكثر من ثمانية آلاف الأمر، الذي يؤثر على قدرة المخابز في تدبير القمح والوقود والمياه اللازمة لعملهم فقامت المخابز برفع سعر الخبز من 15 إلى 20 ريالاً، وتقليل وزنه لمواجهة هذه الظروف. ويعتمد اليمنيون على السلع المجمدة والألبان والمخبوزات والحلويات المستوردة من الخارج وخاصة من السعودية والدول العربية والتي لا تصل الآن بسبب الظروف التي تمر بها البلاد وتوقف شركات الطيران عن السفر لليمن مما سيؤدي إلى ازدياد الطلب على الدواجن والمنتجات اليمنية وبالتالي ارتفاع أسعارها.