شريط سينما بمشاهد أبيض وأسود وملونة زاهية أحيانا وضبابية أحيانا أخرى، يجسد مشاهد تراكمت مع قدوم الربيع على أرض الرافدين هذا العام.. امتزج فيه السياسي والإنساني بالعسكري والفني، جمال الطبيعة بإبداع أنامل وأحلام العراقيين من كافة المكونات، جمعهم التعلق بالحياة لمواجهة قبور حفرها (داعش) ليدفن فيها مشاعر التسامح قبل أجساد العراقيين ممن خالفوا منهج إرهابه الفكري. رئيس الوزراء العراقي د. حيدر العبادي الذي بدأ زيارة لواشنطن لكسب دعم الدولة العظمي في محاربة تنظيم صنعته "الفوضي الخلاقة" حرص قبل أن يغادر بغداد أن يحسم "معركة تكريت" بالنار مع أقل خسائر، وزار الأنبار مبشرا بخلاص وشيك من داعش، ولاذ بعتبات النجف ومراجعها لمواجهة خصوم بني جلدته، وأمسك بمصحف على قبر أحد الصالحين تاليا آيات من الذكر الحكيم، ودعا متعلقا بشباك أحد المراقد للتعايش بين مكونات شعبه، وأحال أكثر من 300 قيادة ليجدد دم قيادة جيش العراق. ربيع العراق والعرب ينقلب عواصف ترابية "خماسينية" تحجب الرؤية السياسية التي تتكشف بعد هدوء العاصفة، هاجمت داعش الرمادي والأنبار لسرقة نصر تكريت وإطالة زمن البقاء في الأنبار المتصلة مع الأرض السورية المفتوحة.. وعشية توجهه إلى أمريكا ليلتقي سيد البيت الأبيض اليوم تسلل المئات من مسلحي داعش إلى منطقة"البو فراج" وهددوا مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار. وسعي العبادي لاحتواء ممارسات داخل "الحشد الشعبي" بتكريت، وأقر من أربيل بحرق 67 منزلا و85 محلا في المدينة عقب تحريرها من قبضة داعش.. واستدرك قائلا " سنحاسب المسيء وفق القانون، عدونا في العراق واحد ومصلحتنا مشتركة في القضاء على داعش، الذى يسير نحو الانهيار والانكسار، هي مسئولية جميع العراقيين بكافة مكوناتهم". المسرح الوطني على خشبة "المسرح الوطني" في بغداد تقدم ندوات ومهرجانات الشعر والأدب والمسرح وعروض السينما وفنون للغناء والرقص الفلكوري الممتزج بالحداثة.. فرقة للفنون الشعبية في احتفال بيوم المسرح العالمي قدمت عرضا غنائيا راقصا يفيض وطنية يذكى بماض غير بعيد قبل أن تأكل نار الحرب والطائفية الفن والإبداع في العراق. يأتي ذلك في محاولة لأناس يعشقون الحياة بلغتهم أن يجسدوا التعايش بين ثقافات وأعراق ومذاهب مختلفة يجمعهم "علم العراق" الذي كان المشهد الأخير في الاستعراض الغنائي، الذي ارتدي فيه الشباب الأبيض والأسود والفتيات البرتقالي الصاخب المختلط والهادىء وغطاء رأس عربي محتشم أسود من وحي "ليالي شهرزاد" في بغداد حاضرة الخلافة. وصاحب الاستعراض موسيقى وشعر عراقي يذكر بمجد بلد أتعبه الصراع، تقول كلماته "سلام عليك.. سلام عليك ياموطني.. أيا من أسرت القلوب لديك.. وذاب الحنين على رافديك .. يانبع الحضارة عرين أسود.. عراق الأئمة سر الخلود.. فأنت الحياة وأنت الوجود.. سلام عليك يا موطني". وكيل وزارة الثقافة العراقي مهند الدليمي قال - ردا على سؤال ل(أ ش أ) حول تزامن الاحتفال على المسرح الوطني مع تحرير تكريت من داعش- إن المسرح في العراق قديم جدا وكذلك جيش العراق أصيل، نحتفل هنا بالتحرير والنصر وطرد قوي الإرهاب أعداء الله (داعش) من تكريت.. المسرح العراقي يمثل واجهة مهمة للثقافة لشعب معطاء يحب الحياة، هي ليست مصادفة ونأمل من الله مستقبل أفضل للعراق ومصر والأمة العربية. وفي رسالة تضامن مع العراق زار وفد من الفنانين العرب العراق لثلاثة أيام وغادر بغداد أمس الاثنين بعد أن شارك في مهرجان "هنا العراق" ، وزاروا تكريت عقب تحريرها من داعش. وقال راعي مهرجان "هنا العراق" الشاعر حسين المقاصد - في تصريح لمراسل (أ ش أ) في بغداد- إن الفنانين العرب لبوا الدعوة للمهرجان رغم أنه رتب على عجل الأسبوع الماضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأضاف: أن العديد من الفنانين والأدباء والشعراء استجابوا للمهرجان الذي بدأ يوم الجمعة الماضي في المسرح الوطني وسط بغداد ولاقي استحسانا كبيرا وأظهر وجها آخر لبغداد. وأشار إلى أنه جاء من مصر الفنان أحمد ماهر والفنانة حنان شوقي ووفاء الحكيم ومن تونس محمد هادي الجزيري ومن سوريا انتصار سليمان.. كما شارك وفد عراقي بالمهرجان مثل مناطق العراق جغرافيا ومكوناته من مسيحيين ومسلمين سنة وشيعة كرد وعرب وصابئة مندائيين وشبك. ونوه حسين إلى أن رسالة المهرجان"التعريف بالوجه المشرق للعراق والتوحد في مواجهة الخطر المشترك الذي يهدد الجميع والفن والابداع والآثار والحضارة الانسانية وهو الإرهاب". ولفت إلى ان الوفد زار تكريت وتصادف ذلك مع فتح احدي مقابر مجزرة"سبايكر"التي ارتكبها تنظيم داعش وراح ضحيتها أكثر من 1700 من المجندين العزل بمعسكر سبايكر عندما اجتاح التنظيم مدينة تكريت.. وقال : ان الفنانين والشعراء والأدباء العرب تأثروا كثيرا عندما شاهدوا رفات الشبان الضحايا تستخرج من المقبرة.. وجسدت مشاعرهم توحد الجميع ورفضهم للممارسات الإرهابية وغير الإنسانية لتنظيم داعش الذي قتل الشبان العراقيين العزل دون ذنب. واستطرد: إن الفنان احمد ماهر اعتذر عن مواصلة الزيارة إلى مهرجان بابل قائلا "آسف لن استطيع الذهاب لبابل، فأنا لا أستطيع استيعاب مارأيت في مذبح سبايكر... مش قادر أعمل شىء". ربيع بغداد ومهرجان بابل وفي بابل جنوبي العراق انطلقت الدورة الرابعة لفعاليات "مهرجان بابل العالمي للثقافة والفنون" بمشاركة عدد كبير من المثقفين العراقيين والعرب والأجانب، وتم إهداء الدورة إلى العاصمة بغداد تقديرا لتاريخها الفكري والثقافي تماشيا مع أعراف المهرجان بالإهداء لمحافظة عراقية. ويقيم العراق منذ عام 1985 المهرجان في مدينة بابل الأثرية، وتعرض خلاله عروض فنية وموسيقية متنوعة، ويمثل حلقة تواصل مع الثقافات الأخرى. كما ينطلق غدا الأربعاء مهرجان بغداد الدولي السابع للزهور بمشاركة ثماني دول عربية بينها صر ودول أجنبية وعشرات الشركات والمكاتب الزراعية والمحافظات العراقية ويستمر أسبوعا بحدائق متنزه "الزوراء". وقال وكيل أمانة بغداد للشؤون الإدارية عبد الحسين المرشدي الذي يرأس اللجنة التحضيرية للمهرجان ان "متنزه الزوراء سيشهد عصر يوم الأربعاء انطلاق فعاليات مهرجان بغداد الدولي السابع للزهور". وأضاف: المرشدي ان من بين الدول التي ستشارك في المهرجان سوريا ومصر والسودان والولايات المتحدة وهولندا وتركيا وايطاليا والمانيا ومحافظتي النجف وأربيل والعتبة الحسينية الى جانب عشرات الشركات الزراعية المتخصصة. وأشار إلى أن "هذا المهرجان يرمي إلى أهداف عدة أبرزها نقل صورة جميلة إلى العالم عن بغداد السلام والمحبة وخلق حالة من التنافس بين الدوائر البلدية بالامانة لتقديم الافضل وتحويل التصاميم الزراعية لاجنحتها الى حيز الواقع عبر انشاء مساحات خضر ومتنزهات جديدة في المناطق الواقعة ضمن قواطع عملها لزيادة جمالية العاصمة بغداد".