لست خبيرا عسكريا أو محللا استراتيجيا لكن هناك حديثا متواترا عن قرب دخول قوات التحالف فى «عاصفة الحزم» بريا إلى الأراضى اليمنية. خلال الأيام الماضية استمعت إلى آراء العديد من الخبراء والمختصين فى الشئون العسكرية والسياسية وجها لوجه أو عبر وسائل الإعلام. وجهة نظر غالبية الخبراء وبينهم سعوديون هى إرجاء التدخل البرى إلى أطول وقت ممكن، حتى لا تتحول اليمن إلى مستنقع تغرق فيه قوات التحالف، ويتحول الحوثيون وأنصار على عبدالله صالح إلى أبطال، وتضيع اليمن إلى الأبد، ونجد إيران تطوق المنطقة العربية بالكامل. بات واضحا أن الحوثيين يسيطرون تقريبا على معظم الأراضى اليمنية، لديهم ميليشيا مدربة وعقائدية، ولديهم تأييد كل القوات الموالية لعلى عبدالله صالح، والأهم لديهم كل الأسلحة التى كانت مملوكة للجيش اليمنى إضافة إلى أسلحتهم الخاصة. وفى المقابل فإن انصار هادى وما تبقى من الجيش اليمنى قليلون وغير مدربين واسلحتهم ضعيفة. أتصور أن أفضل هدية يمكن تقديمها الآن للحوثيين وأنصار صالح هى إرسال قوات برية إلى داخل الأراضى اليمنية. السبب ببساطة أنهم يعرفون جيدا جغرافيا بلادهم، وسوف يخوضون معركة حرب عصابات منظمة بأقل الإمكانيات. فى هذه المعركة سوف يتمكن الحوثيون من تسجيل إصابات مباشرة وربما كبيرة فى صفوف قوات التحالف البرية. هذه الخسائر سوف تلعب دورا مهما فى رفع معنويات الحوثيين فى حين أن النعوش والأكفان العائدة إلى بلدان قوات التحالف ستلعب دورا شديد السلبية فى معنويات ليس فقط الجنود، بل الشعوب العربية نفسها. القصف الجوى لايزال يمثل نقطة تفوق مهمة لقوات التحالف، وإذا استمر لفترة سوف يؤدى فى النهاية إلى إضعاف الحوثيين وكسر شوكتهم، خصوصا إذا تمكن القصف فعلا من تحييد غالبية الطائرات الموجودة لدى الحوثيين ووسائل الدفاع الجوى أو الصواريخ. إذا حدث ذلك فسوف تتحول المعركة إلى صورة كربونية مما حدث فى حرب كوسوفو حينما تمكنت قوات التحالف الدولى من هزيمة الجنود الصرب قبل ان تبدأ المعركة البرية تقريبا مما دفعهم فى النهاية إلى الاستسلام والقبول بالحل السلمى. رأينا نفس النموذج مع الفارق حينما تمكنت قوات الغزو الأمريكى من شل فاعلية غالبية قدرات الجيش العراقى، وفى النهاية حدث التدخل البرى. إذا تمكنت قوات التحالف فعلا من منع أى إمدادات خارجية للحوثيين وانصار صالح خصوصا عبر البحر، فإن فرص حسمها للمعركة سوف تكون مسألة وقت، خصوصا انها تقول انها تسيطر تماما على الأجواء اليمنية. الخطأ الأكبر الذى ارتكبته بلدان دول التحالف ووسائل إعلامها انها اعلنت عند بداية العملية انها سوف تحسمها خلال أيام وسيعود عبدربه منصور هادى إلى القصر الرئاسى فى صنعاء وسيندحر الانقلاب الحوثى، وربما ينسحب انصاره الحوثيون إلى طهران!. المعارك خصوصا إذا كان بها جوانب عقائدية لا تحسم بمثل هذه السرعة والسهولة، هى تحتاج وقتا وجهدا وتخطيطا وليس فقط أسلحة حديثة وأموال طائلة. هذا الخطأ الإعلامى الكبير تسبب فى رفع سقف توقعات المواطنين، وبالتالى قد يؤدى إلى احباطهم. وختاما نتمنى أن يتم التريث قدر الإمكان فى خوض المعركة البرية، فربما يستسلم الحوثيون قبل الشروع فيها، او يقبلوا بالعودة إلى طاولة التفاوض على اساس انهم جزء صغير من اليمنو وليسوا كل اليمن أو دمية فى يد ايران وهذا اهم شرط للتفاوض.