فاو تتوقع تضاعف واردات مصر من الحبوب فى 2050 كشف تقرير حديث صادر عن «بانك أوف أمريكا»، إن مصر تأتى ضمن أكثر الدول إلى الساعية إلى الزراعة خارج أراضيها، ضمن عدة دول أخرى تعانى فقرا فى الأراضى الخصبة أو الموارد المائية، وبالتالى تسعى لتأمين احتياجاتها الغذائية عبر تملك أراض زراعية خارج حدودها. وبحسب التقرير، شهد العقد الأخير زيادة ملحوظة فى جهود الدول والمستثمرين فى كل من مصر والصين والهند واسرائيل وكوريا الجنوبية والإمارات وبريطانيا والولاياتالمتحدة، لشراء الاراضى الزراعية حول العالم لتأمين حاجاتهم من الاراضى الخصبة ومصادر المياه. ويرى المحللون أن ما يتراوح بين 0.7% إلى 1.75% من الأراضى الزراعية فى العالم تم الاستحواذ عليها من قبل مستثمرين أجانب، اشتروها من مزارعين محليين، وهى مساحة أكبر من مساحة فرنسا وألمانيا مجتمعين. وبحسب «بانك أوف أمريكا» تركز تلك الدول على تملك أراض زراعية فى دول أفريقية كالكونغو وإثيوبيا وموزمبيق والسودان وتنزانيا، ويصب تركيزهم خارج أفريقيا على استراليا واندونيسيا. البنك الدولى توصل إلى أن معظم الدول «المستولية على الأراضى» تركز على زراعة المحاصيل الغذائية بنسبة 37%، و21% للمحاصيل النقدية(تزرع بغرض بيعها لتحقيق مكاسب تجارية كبيرة)، و21% لمحاصيل الوقود الحيوى. من جهة أخرى، نقل التقرير عن منظمة «فاو» العالمية للغذاء، توقعات بتضاعف واردات عدة دول ناشئة من الحبوب، بحلول عام 2050، أبرزها مصر والمكسيك والسعودية وكوريا ومصر والجزائر وتايوان، لتصل إلى أكثر من 300 مليون طن مقارنة ب135 مليون طن فى 2008. التقرير أشار إلى أن الدول الناشئة عرفت تقليديا بكونها مستورد صاف للحبوب والقمح، ومصدر صاف للأرز، ولفت إلى أن هذا التوجه من تفاقم عمليات استيراد الغذاء عالميا، يزيد الحاجة إلى نظام تجارى دولى عادل يحمى المنافسة، للمساهمة فى سوق غذاء مستقل. التقرير رصد أيضا المشكلة المائية، وتأثيرها على الغذاء عالميا، مشيرا إلى أن أى دولة تستهلك 20% من مواردها المائية المتجددة، تعتبر قريبة من دخول منطقة المعاناة من ندرة المياه، وبحسب التقرير هناك بالفعل 22 دولة (من الدول الناشئة وبعض دول وسط آسيا) تعدت تلك النسبة، 13 منهم فى مرحلة حرجة حيث يستخدمون أكثر من 40% من مواردهم المائية المتجددة. وتوقع أن تستهلك 4 دول هى مصر وليبيا والسعودية واليمن، كميات من المياه للرى أكبر من مصادرها المتجددة سنويا. وفيما يتعلق بتأثير تقلبات الأسعار، على أسعار الغذاء عالميا، أوضح التقرير أنه تاريخيا، ركزت الأبحاث على مستويات أسعار الغذاء بدلا من تقلبات الأسعار، مع أن تقلبات الأسعار تحمل آثارا مهمة على صعيد المستويات الكلية والجزئية. وعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤثر تقلبات أسعار الغذاء على الحساب الحالى وسعر الصرف فى دولة ما، خاصة فى الدول التى تمثل تجارة الغذاء جزءا مهما من ميزانها التجارى، فمثلا شكلت الواردات الغذائية أكثر من 50% من إجمالى تجارة السلع بالنسبة لدول كساحل العاج والأرجنتين والأوروجواى عام 2011. كما شكلت أكثر من 20% من إجمالى تجارة البضائع بالنسبة لمصر والسنغال، وفى الواقع، حدد منظمة الفاو 14 دولة، تتسع فجوة عجز الميزان التجارى فيها بنسبة 2%، حال ارتفاع أسعار الحبوب. وبحسب منظمة الفاو، تتحكم عدة محددات فى تقلبات أسعار الغذاء، على رأسها ظروف الاقتصاد الكلى العالمية، وأسعار الطاقة، والطلب على الوقود الحيوى، وبورصات الغذاء، وأسعار الصرف، والمضاربات فى الأسواق المالية، والقيود التى قد تفرض على التجارة. «بانك أوف أمريكا» أشار أيضا إلى أن انهيار أسعار الغاز الطبيعى بنسبة 68% من أعلى قمة لها فى الربع الأول من عام 2014، رغم انخفاض درجات الحرارة فى فصل الشتاء، أدى إلى انتعاش مجال الأسمدة، ففى دول كمصرو ترينداد والمغرب سجلت أسعار الأمونيا انخفاضا طفيفا من أعلى مستوى لها فى 2014، وبالتالى يتوقع أن تحقق الشركات العاملة بالأسمدة هامش ربح كبير، خاصة تلك التى لديها مصادر ثابتة من الغاز الطبيعى. وفى ذات السياق، أعلنت نحو 20 شركة عالمية عن طموحها فى زيادة طاقتها الانتاجية من الأسمدة النيتروجينية، منها شركات فى أمريكا الشمالية كأجريوم الكندية، و سى اف الأمريكية، وانسايتك بايفوت الاسترالية، وكوتش الأمريكية وأوراسكوم المصرية وبوتاش كورب الكندية، ويارا النرويجية، بالإضافة إلى نحو 14 شركة جديدة فى الولاياتالمتحدة. ما يعنى أننا فى انتظار نحو 2 إلى 3% زيادة فى انتاج سماد الأمونيا عالميا، بخلاف ما ستنتجه الصين بحلول عام 2017. التقرير أوضح أيضا أن مصر تستحوذ على نحو 13% من اجمالى صادرات البرازيل من اللحوم، محتلة المركز الرابع على قائمة أكبر الدول المستوردة للحوم البرازيلية المجمدة، بينما تصدرت هذه القائمة روسيا بنحو 25%، تلاها هونج كونج ب21%و فنزويلا بنحو 16%. وأكد التقرير، انه بحلول عام 2050 سيصل عدد السكان فى العالم إلى نحو 9.6 مليار انسان، بدلا من 7.2 مليار حاليا، الأمر الذى يحتم زيادة الانتاج الغذائى والزراعى بنحو 70% اذا للقضاء على الجوع والفقر الغذائى عالميا. وقال التقرير، انه وعلى الرغم من أن العالم وصل لأعلى معدلات الانتاج فى بعض اصناف الغذاء، فإن هناك بعض التحديات لا تزال قائمة، ابرزها انخفاض معدلات نمو الحاصلات الزراعية ( 1.4% حاليا بدلا من 3.2% عام 1960)، قلة الأراضى الصالحة للزراعة، زيادة الطلب على المواد البروتينية (ارتفاع معدل الطلب على اللحوم والدواجن بنسبة 2% سنويا). بجانب ما سبق، لا يزال الفاقد من الغذاء الصالح للاستخدام الآدمى والذى يقدر ب30% أحد ابرز المشكلات، بجانب استهلاك الغذاء العالى للمياه العذبة والذى يصل ل70% من اجمالى استهلاك المياه عالميا، وأخيرا التغير المناخى والذى يهدد نحو 25% من محصول القمح العالمى، وغيرها من المحاصيل الأخرى. ويبلغ اجمالى الاستثمارات فى قطاعى الغذاء والزراعة حول العالم نحو 2.3 ترليون دولار بما يمثل 3% من مؤشر النمو العالمى، وتقدر الزيادة السنوية للاستثمارات فى المجالين السابقين بنحو 220 مليار دولار، يمثل القطاع الخاص غير الحكومى نسبة 75% منها. واشار التقرير لثمانى قطاعات ناصحا المستثمرين بتوجيه استثماراتهم إليها لمواجهة التحديات السابقة، وهى مجال الأدوات والآلات الزراعية، ومدخلات المواد الزراعية، والصناعات الزراعية، وانتاج المواد البروتينية والألبان، وانشاء المزارع، وسلامة الغذاء والرعاية البيطرية، والمياه والتغذية السليمة. «من المتوقع ان يزيد الطلب العالمى على الطاقة ب40% بحلول عام 2030» كما ذكر التقرير، ففى ظل اعتماد الأغلبية الكبرى من دول العالم على توليد الطاقة من الوقود الأحفورى، من الصعب ان تشكل الطاقة المتجددة الحالية بديلا حقيقيا للوقود، إلا ان الوقود الحيوى (الوقود المصنع من المواد الزراعية وهو الإيثانولو الديزل الحيوي)، والذى تعتمد عليه دول كثيرة أبرزها الولاياتالمتحدةوالبرازيل برز كبديل فعال للوقود الأحفورى، حيث وصل انتاجه فى عام 2013 إلى نحو 105 مليار لتر ما يجعل منه بديلا مثاليا يتم استخدامه بالفعل . واشار التقرير، إلى أن الطلب العالمى على الوقود الحيوى سيزيد من الاعتماد على المنتجات الزراعية الصالحة للاستهلاك الآدمى لصناعته، الأمر الذى يضع احتمالية لاستخدام نحو 12% من الحبوب الغذائية الصلبة، و 28% من قصب السكرو 14% من الزيوت النباتية لصناعة الوقود الحيوى، ما دفع منظمة الفاو، للتنبؤ بأن انتاجه سيزيد بنحو 50% خلال العقد القادم، ما قد يقلل استهلاك سكان العالم من الغذاء الصالح بغرض تحويله لوقود. «كما يزداد النمو السكانى، يزداد الطلب على اللحوم والألبان ذات الجودة، حيث من المتوقع ان يزيد الطلب عليها بنحو 100% بنهاية 2050، وبالتالى يقع على عاتق الصناعات الزراعية مسئولية زيادة الانتاج لكى يتسق مع الطلب شديد التزايد على هذه المنتجات، والتى تتسم بأسعار مرتفعة فى الوقت الحالى.