جامعة كفرالشيخ تشارك في اللقاء التنسيقي السنوي لوحدات المرأة الآمنة بالمستشفيات الجامعية    القومي للمرأة ينظم فعالية «المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء» بحديقة الأزهر    تجارة أسيوط تنظم ورشة حول علم البيانات والذكاء الاصطناعي    المشاط: إنشاء وحدة الشركات المملوكة للدولة بصلاحيات واضحة لتعظيم الاستفادة من الأصول    محافظ أسيوط يتابع إنشاء مجمع تجاري وإداري متكامل    تعدٍّ على رقابة الدولة.. المواد الغذائية تهاجم مزاعم فيديو المياه المعدنية.. ومطالبات بإعلان النتائج لتهدئة الرأي العام    «أموي» يرد على متعاملي «الجمارك»: لا رسوم جديدة على المستوردين مع تطبيق «ACI» على الشحنات الجوية    اسعار الخضروات اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى أسواق محافظة المنيا    الجامعة العربية ترحب بتصويت الأمم المتحدة لصالح تمديد ولاية الأونروا    وزير الخارجية يبحث مع نظيره القطري العلاقات الثنائية والأوضاع في غزة    الاحتلال الإسرائيلي يداهم منازل في مدينة جنين وبلدة عرابة جنوبا    رئيس الموساد الجديد يثير عاصفة سياسية في إسرائيل.. وتقارير عن استقالات جماعية    الجيش الباكستاني: مقتل 9 مسلحين خلال عمليتين أمنيتين بإقليم "خيبر بختونخوا"    مجموعة مصر - يزن النعيمات يقود هجوم الأردن أمام الكويت    خبر في الجول - محامي بنتايك يبلغ الزمالك ببدء إجراءات فسخ تعاقده    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة ريال بيتيس في الليجا    تقلبات جوية وأمطار متفاوتة الشدة على بعض المناطق وفرص لتكون السيول    البحث عن التماسيح.. اليوم السابع تشارك أخطر مغامرة فى الشرقية.. فيديو    بعد الهجوم على منى زكي.. حمزة العيلي يوجه رسالة للجمهور: أنتم سندنا ومحدش فينا خالِ من العيوب    أسماء جلال تستمر في نشاطها الفني باللعب في مساحات تمثيلية آمنة    «ساعة بلا كتاب.. قرون من التأخر» شعار معرض القاهرة ونجيب محفوظ شخصية العام    وزير الأوقاف: مصر قبلة التلاوة والمسابقة العالمية للقرآن تعكس ريادتها الدولية    وزير الأوقاف يعلن عن أسماء 72 دولة مشاركة في مسابقة القرآن الكريم    تشغيل وحدة جراحات القلب المفتوح وعناية للقلب بالمجمع الطبي الدولي بالأقصر    الصحة: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف الأنيميا والسمنة والتقزم    القومي للمرأة: مبادرة ملهمات عربيات تبني نموذج القدوة والتنمية    صندوق النقد الدولي: الرؤية الاقتصادية لمصر أصبحت أكثر وضوحًا واتساقًا    تجديد حبس عاطلين في النصب على المواطنين بالقاهرة    انتهاء الفصل الدراسي الأول للصفين الأول والثاني الابتدائي 30 ديسمبر في عدة محافظات بسبب انتخابات مجلس النواب    عاشور يستقبل مفوض التعليم والعلوم والابتكار بالاتحاد الإفريقي    مصر تبحث مع وكالة الطاقة الذرية الاستخدامات النووية السلمية بمحطة الضبعة وملف إيران    وزير الاتصالات يفتتح عددًا من المشروعات التكنولوجية بالدقهلية| اليوم    المركز القومي للمسرح يعلن مسابقة تأليف مسرحي جديدة عن "توت عنخ آمون"    946 شكوى للأوقاف و9 آلاف للبيئة.. استجابات واسعة وجهود حكومية متواصلة    التخصصات المطلوبة.. ما هي شروط وطريقة التقديم لوظائف وزارة الكهرباء؟    وزيرا الأوقاف والرياضة يفتتحان فعاليات المسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم| صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-12-2025 في محافظة الأقصر    بحضور وزير الأوقاف بدء المؤتمر العالمي لافتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم في "نسختها ال32"    كاف عن مجموعة مصر في كأس العالم 2026: فرصة ذهبية للتأهل    مواعيد مباريات اليوم السبت 6- 12- 2025 والقنوات الناقلة    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    بيراميدز يسعى لمواصلة انتصاراته في الدوري على حساب بتروجت    «مدبولي» يتابع حصاد جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال نوفمبر 2025    وزارة الصحة تعلن تفاصيل الإصابات التنفسية فى مؤتمر صحفى غدا    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية رشوة الضرائب الكبرى    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    "قتل اختياري".. مسلسل يفتح جرحًا إنسانيًا عميقًا ويعود بقضية تهز الوجدان    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    مروة قرعوني تمثل لبنان بلجنة تحكيم مهرجان الكويت المسرحي بدورته 25    رئيس وزراء الهند يعلن عن اتفاقية مع روسيا ومرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي    عائلة أم كلثوم يشاهدون العرض الخاص لفيلم "الست" مع صناعه وأبطاله، شاهد ماذا قالوا (فيديو)    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    قائمة أطعمة تعزز صحتك بأوميجا 3    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بأكل الناس البالوظة بما يرضي الله بس مش بضحك عليهم».. قصة آخر صانعي البلوظة في مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 03 - 2015

يقف عم رضا خلف زجاج عربته في محاولات، لم يكل من تكرارها يوميا، للحفاظ على مهنته ومهنة والدة من الاندثار.
عربة حديدية بنصف عمر ذات واجهة زجاجية تصطف خلف زجاجها اصابع الموز وحبات الفراولة وأطباق صغيرة مرصوصة بعناية نزولا الى صينية "البالوظة"، صينية معدنية تحوي ماء ترقد تحته قطعة كبيرة من البالوظة بحجم الصينية بقوام يشبه حلوى "المهلبية" ويد عم رضا ممسكة بسكين صغير تقطع البالوظة الى قطع صغيرة، كالممسك بالمشرط في محاولة لإنقاذ مريض بين الحياة والموت، وهو بالفعل ينقذ مهنته من الانقراض.
رضا لكلوك.. الرجل الستيني هو آخر بائعي البالوظة في مصر، وبحسب روايته، ورث تلك المهنة عن أبيه المتوفى قبل اكثر من 50 عاما، ليقف في مطلع عام 1980محاولا احياء الصنعة التي استقاها من والده منذ صغره، داخل محل والده الخاص بمنتجات الألبان بمنطقة العطوف بمصر القديمة حينما كان عمره 8 سنوات.
يقول لكلوك، إن منطقة الحسين والتي يسكن بها منذ صغره، كانت تضم عددا كبيرا من باعة البالوظة الذين بدأوا في استخدام العربات بينما كان والده يصنعها بمحل الألبان الخاص به، ولكنهم أخذوا في الاختفاء شيئا فشيئا بتقادم السنوات وبعد وفاه والده.
حينما يموت بائع بالوظة لا يحل أحد آخر مكانه، كان هذا تفسير عم رضا لاندثار الصنعة، ويدلل على ذلك بأن الأجيال المتعاقبة رفضت امتهان صناعة البالوظة، وحتى أبناؤه الأربعة رفضوا ان يساعدوه في عمله أو يتولون ادارة العربة بالنيابة عنه.
وبرغم ذلك يفتخر لكلوك بأن مكاسبه من بيع البالوظة أعانته على ان يزوج ولديه وابنتيه، فبرغم قلة المكسب التي لازمته بمرور السنوات الا أنه نجح في تزويجهم بتلك النقود البسيطة، ليزدادوا تمسكا بالا يعملون بها.
هي نشا وحليب، تصنع بسر معين، يؤكد عم رضا انه الوحيد في مصر الآن الذي يملك مفاتيح هذا السر، وأنه مهما تداول الناس وصفات وقاموا بصناعته لحلوى للبالوظة لن تكون كحلاوة صنع يديه، فهو الوريث الشرعي لهذه المهنة، كما يعتبر نفسه.
يردد لكلوك ان نسبه يعود لعلي بك الكبير، كونه أحد أقدم سكان مصر القديمة ويعيش بها حتى الآن منذ مولده، سيرا على خطى أجداده الذين عاشوا وماتوا بهذه المنطقة التي وضع عربته على ناصية احدى منعطفات شوارعها الضيقة قرابة ال35 عاما. تاركاً العمل بمحل والده الخاص ببيع الألبان لأخيه الذي رفض ايضا استكمال صناعة البالوظة اسوة بأبيه.
من خلف الزجاج ينظر على المارة العابرون سيرا وركوبا خلال شوارع القاهرة القديمة، معظمهم من جيرانه الذين يعرفونه معرفة جيدة ولا يكفون عن القاء النكات والمزاح الذي يتبادله معهم طوال وقفته على مدى يوم عمله.
قليلون هم من يعرفون ماهي البالوظة من غير سكان حي الجمالية حيث تقع عربة عم رضا، وقلما يعرفها المنتمون للأجيال الجديدة المنتمية للثمانينات، ويخلط البعض بينها وبين صناعة أخرى وهي "البوظا"، ويعتبرها عم رضا بسبب تشابه الاسمين في الأحرف ولكن شتان بينهما.
يحكي لكلوك انه كان قديما لا تكف الطوابير أمام عربته عن التواجد، قائلا:" زمان ماكنتش بلاحق والصينية كنت بعملها اكتر من 4 طبقات دلوقت طبقة واحدة"، أما الآن :"الزبون اللي بنتصبح بيه هو اللي بنتمسى بيه"، يقولها بأسى يغلف صوته.
ورغم رياح التغيير التي لم تطل عجلات عربته الثابتة، الا أنه حاول مواكبه العصر واضفاء لمسات طور بها طبق البالوظة، مستغنيا عن جوز الهند والزبيب اللذان اشتهرت بهم أكلة البالوظة، مفسرا ذلك بأنها تزيد من ثقل اثر البالوظة على المعدة وتذهب الشهية بسبب سكرها الزائد، واستعاض عنها بقطع الموز والفراولة والشربات الأبيض، بأطباقه التي يتراوح سعرها بين الاثنين والخمسة جنيهات.
وطبقا لما توارثه لكلوك عن ابيه فإن "التراكوة" اي الأتراك، هم من ادخلوها كأكلة الى مصر، وأكلها الفاطميون في نهاية عصرهم قبل ان تنتشر على استحياء لتعود وتختفي مرة اخرى، ليحمل وحده راية استمرارها.
ويثق عم رضا أن الصناعة لن تندثر وان زبائنها سيشهدون نموا حتى وان بدت الشواهد بعكس كل ذلك، مبررا ضعف الاقبال بأن :"الناس مالهاش نفس تفرح او تدوق حاجة حلوة.
"بأكل الناس البالوظة بس بما يرضي الله بس مش باضحك عليهم" يقولها عم رضا ضاحكاً ومستدعيا المثل الشعبي الدارج والقائل :"هم أكلوك البالوظة" للدلالة على أن شخص ما تم خداعه والمثل الآخر "انت نايم في البالوظة"، باعتبارهما المثلين الاشهر حول تلك الصنعة واللذان ربما يتم ترديدهم دون ان يعي مرددي المثل ماهية البالوظة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.