الصحة: «المسؤولية الطبية» دخل حيز التنفيذ.. ولن ننتظر ال6 أشهر الخاصة بالتفعيل    جدول مواقيت الصلاة في محافظات مصر غداً الأحد 11 مايو 2025    رئيس الوزراء يشهد افتتاح محطة الصب السائل بميناء غرب بورسعيد    محافظ أسيوط يتفقد تطوير مدخل قرية بنى قرة ونقل موقف السرفيس لتحقيق سيولة مرورية    قانون الإيجار القديم... التوازن الضروري بين العدالة الاجتماعية والحقوق الاقتصادية    الهند: وقف إطلاق النار مع باكستان يبدأ الخامسة من مساء اليوم بالتوقيت المحلي    مقتل 3 مدنيين وإصابة العشرات في قصف مدفعى لميليشيا الدعم السريع على الفاشر    مصدر يكشف ليلا كورة.. تبريرات زيزو للانقطاع عن التدريب وتأشيرة السفر لأمريكا    "الشناوي وسيحا وشوبير وحمزة".. يلا كورة يكشف تطورات ملف حراسة مرمى الأهلي    حريق شون كتان الغربية.. نفوق 8 رؤوس ماشية و17 مصابا وخسائر أولية 70 مليون جنبه    الطقس غدا.. ذروة الموجة شديدة الحرارة والعظمى بالقاهرة 40 درجة    تأجيل محاكمة 9 متهمين بالانضمام لجماعة إرهابية ل24 يونيو    "بسبب ماس كهربائى" مصرع وإصابة ثلاثة أشخاص إثر نشوب حريق داخل حوش مواشى فى أسيوط    وفود دولية رفيعة المستوى من منظمة (D-8) تزور المتحف القومي للحضارة المصرية    أول تعليق ل أحمد داوود بعد تكريمه في مهرجان المركز الكاثوليكي.. ماذا قال؟    عوض تاج الدين: الدعم الرئاسي أحدث طفرة واضحة للمنظومة الصحية    قرار تأديب القضاة بالسير في إجراءات المحاكمة لا يعتبر اتهام أو إحالة    «الإحصاء»: 1.3% معدل التضخم الشهري خلال أبريل 2025    وصول جثمان زوجة محمد مصطفى شردى لمسجد الشرطة    مهرجان SITFY-POLAND للمونودراما يعلن أسماء لجنة تحكيم دورته 2    بريطانيا.. فوز «الإصلاح» تغيير فى المشهد السياسى    مديرية أمن القاهرة تنظم حملة تبرع بالدم بمشاركة عدد من رجال الشرطة    بيتر وجيه مساعدا لوزير الصحة لشئون الطب العلاجى    طريقة عمل الكيكة بالليمون، طعم مميز ووصفة سريعة التحضير    «لوفتهانزا» الألمانية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى تل أبيب    السجن المشدد 10 سنوات لعجوز بتهمة التعدى على شقيقين معاقين بسوهاج    صحة غزة: أكثر من 10 آلاف شهيد وجريح منذ استئناف حرب الإبادة    جيروساليم بوست: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    أبرز ما تناولته الصحف العالمية عن التصعيد الإسرائيلي في غزة    شئون البيئة: التحول للصناعة الخضراء ضرورة لتعزيز التنافسية وتقليل الأعباء البيئية    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    فيلم سيكو سيكو يواصل تصدر الإيرادات    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    وزير الخارجية يترأس الاجتماع الوزاري الرابع للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان    محافظ أسوان: توريد 170 ألف طن من القمح بالصوامع والشون حتى الآن    رئيس الوزراء العراقي يوجه بإعادة 500 متدرب عراقي من باكستان    تنظيم ندوة «صورة الطفل في الدراما المصرية» بالمجلس الأعلى للثقافة    هيئة التأمين الصحي الشامل توقع اتفاقًا مع جامعة قناة السويس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الكلام وحده لايكفي !?    تعرف على مواعيد مباريات الزمالك المقبلة في الدوري المصري.. البداية أمام بيراميدز    المحكمة الدستورية تؤكد: شروط رأس المال والتأمين للشركات السياحية مشروعة    تحرير 16 محضرا لمخالفات تموينية في كفرالشيخ    المتحف المصري الكبير يستقبل فخامة رئيس جمهورية جزر القمر ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية    أنشأ محطة بث تليفزيوني.. سقوط عصابة القنوات المشفرة في المنوفية    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    اليوم.. انطلاق الجولة 35 ببطولة دوري المحترفين    استثمارات 159 مليون دولار.. رئيس الوزراء يتفقد محطة دحرجة السيارات RORO    «الصحة» تعلن تدريب أكثر من 5 آلاف ممرض وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات    خبر في الجول - زيزو يحضر جلسة التحقيق في الزمالك    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية السبت 10 مايو 2025    موعد مباراة الاتحاد السكندري ضد غزل المحلة في دوري نايل والقنوات الناقلة    حبس لص المساكن بالخليفة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بأكل الناس البالوظة بما يرضي الله بس مش بضحك عليهم».. قصة آخر صانعي البلوظة في مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 03 - 2015

يقف عم رضا خلف زجاج عربته في محاولات، لم يكل من تكرارها يوميا، للحفاظ على مهنته ومهنة والدة من الاندثار.
عربة حديدية بنصف عمر ذات واجهة زجاجية تصطف خلف زجاجها اصابع الموز وحبات الفراولة وأطباق صغيرة مرصوصة بعناية نزولا الى صينية "البالوظة"، صينية معدنية تحوي ماء ترقد تحته قطعة كبيرة من البالوظة بحجم الصينية بقوام يشبه حلوى "المهلبية" ويد عم رضا ممسكة بسكين صغير تقطع البالوظة الى قطع صغيرة، كالممسك بالمشرط في محاولة لإنقاذ مريض بين الحياة والموت، وهو بالفعل ينقذ مهنته من الانقراض.
رضا لكلوك.. الرجل الستيني هو آخر بائعي البالوظة في مصر، وبحسب روايته، ورث تلك المهنة عن أبيه المتوفى قبل اكثر من 50 عاما، ليقف في مطلع عام 1980محاولا احياء الصنعة التي استقاها من والده منذ صغره، داخل محل والده الخاص بمنتجات الألبان بمنطقة العطوف بمصر القديمة حينما كان عمره 8 سنوات.
يقول لكلوك، إن منطقة الحسين والتي يسكن بها منذ صغره، كانت تضم عددا كبيرا من باعة البالوظة الذين بدأوا في استخدام العربات بينما كان والده يصنعها بمحل الألبان الخاص به، ولكنهم أخذوا في الاختفاء شيئا فشيئا بتقادم السنوات وبعد وفاه والده.
حينما يموت بائع بالوظة لا يحل أحد آخر مكانه، كان هذا تفسير عم رضا لاندثار الصنعة، ويدلل على ذلك بأن الأجيال المتعاقبة رفضت امتهان صناعة البالوظة، وحتى أبناؤه الأربعة رفضوا ان يساعدوه في عمله أو يتولون ادارة العربة بالنيابة عنه.
وبرغم ذلك يفتخر لكلوك بأن مكاسبه من بيع البالوظة أعانته على ان يزوج ولديه وابنتيه، فبرغم قلة المكسب التي لازمته بمرور السنوات الا أنه نجح في تزويجهم بتلك النقود البسيطة، ليزدادوا تمسكا بالا يعملون بها.
هي نشا وحليب، تصنع بسر معين، يؤكد عم رضا انه الوحيد في مصر الآن الذي يملك مفاتيح هذا السر، وأنه مهما تداول الناس وصفات وقاموا بصناعته لحلوى للبالوظة لن تكون كحلاوة صنع يديه، فهو الوريث الشرعي لهذه المهنة، كما يعتبر نفسه.
يردد لكلوك ان نسبه يعود لعلي بك الكبير، كونه أحد أقدم سكان مصر القديمة ويعيش بها حتى الآن منذ مولده، سيرا على خطى أجداده الذين عاشوا وماتوا بهذه المنطقة التي وضع عربته على ناصية احدى منعطفات شوارعها الضيقة قرابة ال35 عاما. تاركاً العمل بمحل والده الخاص ببيع الألبان لأخيه الذي رفض ايضا استكمال صناعة البالوظة اسوة بأبيه.
من خلف الزجاج ينظر على المارة العابرون سيرا وركوبا خلال شوارع القاهرة القديمة، معظمهم من جيرانه الذين يعرفونه معرفة جيدة ولا يكفون عن القاء النكات والمزاح الذي يتبادله معهم طوال وقفته على مدى يوم عمله.
قليلون هم من يعرفون ماهي البالوظة من غير سكان حي الجمالية حيث تقع عربة عم رضا، وقلما يعرفها المنتمون للأجيال الجديدة المنتمية للثمانينات، ويخلط البعض بينها وبين صناعة أخرى وهي "البوظا"، ويعتبرها عم رضا بسبب تشابه الاسمين في الأحرف ولكن شتان بينهما.
يحكي لكلوك انه كان قديما لا تكف الطوابير أمام عربته عن التواجد، قائلا:" زمان ماكنتش بلاحق والصينية كنت بعملها اكتر من 4 طبقات دلوقت طبقة واحدة"، أما الآن :"الزبون اللي بنتصبح بيه هو اللي بنتمسى بيه"، يقولها بأسى يغلف صوته.
ورغم رياح التغيير التي لم تطل عجلات عربته الثابتة، الا أنه حاول مواكبه العصر واضفاء لمسات طور بها طبق البالوظة، مستغنيا عن جوز الهند والزبيب اللذان اشتهرت بهم أكلة البالوظة، مفسرا ذلك بأنها تزيد من ثقل اثر البالوظة على المعدة وتذهب الشهية بسبب سكرها الزائد، واستعاض عنها بقطع الموز والفراولة والشربات الأبيض، بأطباقه التي يتراوح سعرها بين الاثنين والخمسة جنيهات.
وطبقا لما توارثه لكلوك عن ابيه فإن "التراكوة" اي الأتراك، هم من ادخلوها كأكلة الى مصر، وأكلها الفاطميون في نهاية عصرهم قبل ان تنتشر على استحياء لتعود وتختفي مرة اخرى، ليحمل وحده راية استمرارها.
ويثق عم رضا أن الصناعة لن تندثر وان زبائنها سيشهدون نموا حتى وان بدت الشواهد بعكس كل ذلك، مبررا ضعف الاقبال بأن :"الناس مالهاش نفس تفرح او تدوق حاجة حلوة.
"بأكل الناس البالوظة بس بما يرضي الله بس مش باضحك عليهم" يقولها عم رضا ضاحكاً ومستدعيا المثل الشعبي الدارج والقائل :"هم أكلوك البالوظة" للدلالة على أن شخص ما تم خداعه والمثل الآخر "انت نايم في البالوظة"، باعتبارهما المثلين الاشهر حول تلك الصنعة واللذان ربما يتم ترديدهم دون ان يعي مرددي المثل ماهية البالوظة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.