يحيي العالم يوم 21 مارس اليوم الدولي للقضاء علي التمييز العنصري 2015 تحت شعار "التعلم من مآسي الماضي من أجل مكافحة العنصرية في الحاضر"، حيث يهدف الاحتفال هذا العام لإبراز إعلان وبرنامج عمل "ديربان" في المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب الذي اعتمد في 8 سبتمبر عام 2001، وأهمية دور القادة السياسيين والأطراف السياسية في مناهضة العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب، وما يتصل بذلك من تعصب، وفي المؤتمر العالمي والمؤتمر الاستعراضي اللاحق له، أقرت الدول أيضاً أن العمل على إيجاد المزيد من الاحترام والثقة فيما بين مختلف فئات المجتمع يجب أن يشكل مسؤولية مشتركة ولكن متمايزة بين المؤسسات الحكومية، والزعماء السياسيين، والمنظمات التي تعمل على مستوى القاعدة الشعبية، والمواطنين. ويحتفل باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري يوم 21 مارس من كل سنة، ففي ذلك اليوم من عام 1960، أطلقت الشرطة الرصاص فقتلت 69 شخصا كانوا مشتركين في مظاهرة سلمية في شاربفيل بجنوب أفريقيا ضد "قوانين المرور" المفروضة من قبل نظام الفصل العنصري، وفي عام 1966 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في القرار 2142 ( د 21 ) المجتمع الدولي إلى مضاعفة جهوده من أجل القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، ومنذ ذلك الحين أبطل العمل بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وألغيت القوانين والممارسات العنصرية في بلدان عديدة، وتمكنا أيضا من بناء إطار دولي لمكافحة العنصرية يسترشد بالاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. وتقترب هذه الاتفاقية الآن من مرحلة عالمية التصديق، بيد أنه لا يزال هناك في جميع المناطق أشخاص عديدون وجماعات ومجتمعات عديدة تعاني من الظلم والوصم بالعار الذين تسببهما العنصرية، وحسبما تؤكد المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فإن الناس جميعا يولدون "أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق". واليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري تذكرة بمسؤوليتنا الجماعية تجاه تعزيز هذا المبدأ المثالي وحمايته. ويحدث التمييز العنصري والعرقي يومياً، مما يعيق إحراز تقدم لفائدة الملايين من البشر في العالم. ويمكن أن تتخذ العنصرية والتعصب أشكالاً شتى بدءًا بحرمان الأفراد من أبسط مبادئ المساواة وانتهاءً بتأجيج مشاعر الكراهية الإثنية التي قد تفضي إلى الإبادة الجماعية وكلها أشكال تدمر الحياة وتحدث شرخاً في صرح المجتمعات المحلية. وتعد مكافحة التمييز العنصري مسألة ذات أولوية بالنسبة للمجتمع الدولي وتشكل صلب أعمال مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان. مما دعا الأممالمتحدة إلى الاهتمام بهذه القضية مند إنشائها وقد كرس حظر التمييز العنصري في كافة الصكوك الدولية الأساسية لحقوق الإنسان. وتضع هذه الصكوك التزامات على كاهل الدول وتنيط بها مهمة القضاء على التمييز في المجالين العام والخاص. ويستوجب مبدأ المساواة على الدول اتخاذ تدابير خاصة للقضاء على الظروف التي تتسبب في التمييز العنصري أو تعمل على إدامته. وفي عام 2001، وضع المؤتمر العالمي لمكافحة التمييز العنصري أشمل برنامج وأكثرها حجية لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل به من تعصب، ألا وهو" إعلان وبرنامج عمل ديربان"، وفي أبريل عام 2009، نظر مؤتمر ديربان الاستعراضي في التقدم المحرز عالمياً في مجال التغلب على العنصرية واستنتج أنه لا يزال ثمة الكثير مما ينبغي إحرازه. ومما لا شك فيه أن أعظم إنجاز للمؤتمر هو تجديد الالتزام الدولي بخطة مناهضة العنصرية. وأشار بان كي مون في رسالته بهذه المناسبة إلي التعلم من مآسي الماضي من أجل مكافحة العنصرية في الحاضر. ففي كل يوم يعاني أشخاص من جميع الأعمار من الكراهية والظلم والإهانة بسبب لون بشرتهم أو السلالة التي ينحدرون منها أو بسبب أصلهم الوطني أو الإثني أو غير ذلك من الخصائص العرقية المفترضة. وهذا التمييز هو ما يرتكز عليه القمع والفقر والرق والإبادة الجماعية والحرب. ويتيح اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري فرصة لتجديد التزامنا ببناء عالم يسوده العدل والمساواة وتنعدم فيه كراهية الأجانب والتعصب الأعمى . فعلينا أن نتعلم من دروس الماضي ونعترف بالأضرار الجسيمة التي نجمت عن التمييز العنصري. ويعني ذلك الحرص على حفظ الذاكرة التي تختزن الأخطاء التاريخية حتى يتسنى لنا استخدام معارفنا من أجل القضاء على الإجحاف، وبث التسامح وعدم التمييز، واحترام التنوع في كل مكان ولصالح الجميع. وأضاف مون أن هذا العام يصادف الذكري 50 للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وبدء العقد الدولي للمنحدرين من أصل أفريقي، وقد أحرز تقدم في السنوات 50 الماضية في مكافحة العنصرية والتمييز العنصري. وشهدنا نهاية الاستعمار وتفكك نظام الفصل العنصري وظهور حركة عالمية تدعو إلى المساواة. غير أن التمييز العنصري على نحو ما يشهد عليه التاريخ والأحداث الراهنة، ما زال يشكل خطرا واضحا يهدد الناس والمجتمعات في جميع المناطق. ولا يمكن بناء سلام دائم إلا على أساس تمتع جميع الناس بالمساواة في الحقوق والكرامة، بصرف النظر عن انتمائهم العرقي أو نوع جنسهم أو دينهم أو وضعهم الاجتماعي أو أي وضع آخر. وحث مون لتحقيق تلك الغاية جميع الأمم على التصديق على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري من أجل تعزيز الدقة التاريخية، وعلى وضع سياسات وقوانين مُحْكمة من شأنها إنهاء جميع أشكال التمييز على نحو ما هو منصوص عليه في الاتفاقية.