تنفست الصعداء وركنت سيارتها بارتياح بعدما عثرت اخيرا على مكان تتركها فيه في شارع الشيخ ريحان. تعاني منى التي تسكن في شارع محمد محمود، مثل غيرها من سكان وسط البلد، من قرارات منع الانتظار بعد افتتاح جراج التحرير، وهي القرارات التي طالت شارع شريف، وشارع التحرير من ميدان الفلكي، وشارع البستان من شارع شريف إلى صبري أبو علم، والشوارع المحيطة بميدان طلعت حرب. سكان وسط البلد صاروا أمام خيارين، دفع 500 جنيه شهريا في جراج التحرير، والسير لمسافات طويلة إلى منازلهم، أو أن يصبحوا فريسة لمافيا "السياس" الذين يسيطرون على عدة شوارع وساحات فارغة لم تطلها يد الشرطة بعد. تركت منى سيارتها الأسبوع الماضي لأحد سياس شارع محمود الجندي، فأصيبت السيارة بكسر بالإكصدام الأمامي واعوجاج أحد الأبواب، ومؤخرا قام أحدهم بإفراغ الهواء بأحد الاطارات الأربعة، وكالمتوقع تنصل السايس من المسؤولية بعد مشادة معه أدت بها لأن تأخذ سيارتها ولا تعود بها لهذا المكان مرة أخرى بعدما صمم على الحصول على أجرة 40 جنيه أعطتهم له خشية ان "يسلط " عليها زمايله السياس، تضيف:" هنا السياس كلهم عارفين بعض لو مادفعتلوش ممكن يحاول ياخد حقه بأنه يبوظلي العربية لو ركنتها عند سايس تاني". تستطرد في سرد معاناتها بأن أسعار الجراجات تفوق قدرات راتبها الشهري، فجراج التحرير، والذي تعتبره سبب الأزمة، تصل تكلفة الاشتراك الشهري به 500 جنيه بعد تخفيضها، أما الجراجات الأخرى كالبستان والفلكي، فكان رد المسؤولين عنهما قاطعا بأنه لا يوجد اشتراكات شهرية بعدما عجزت قدرة تلك الجراجات على استيعاب السيارات التي باتت تنتظر بها يوميا بسعر للساعة يبدأ ب 3 جنيهات و جنيه ونصف للساعات التي تليها، اضطرت الى ترك سيارتها يوم او اثنين فقط بتلك الجراجات مقابل 40 جنيها لل 24 ساعة انتظار. قرارات منع الانتظار صاحبها ارتفاع جميع الجراجات الموجودة بوسط البلد، فوصلت لاشتراك شهري يتراوح بين 350 جنيه و 450، مع مشكلة ان هذه الجرجات تغلق أبوابها من الثانية عشر صباحا وحتى السادسة صباحا وهو ما يعني ان السيارة لن تكون متوفرة لو حدث أي أمر طارئ. بعد المزيد من اللف هنا وهناك وجدت مكان بشارع الشيخ ريحان والمغلق أيضا بالمكعبات الإسمنتية ولكنه يقع تحت سيطرة سيدة تعمل على تنظيم انتظار السيارات بهذا الشارع وبدت حسنة التعامل مقارنة بمن تعاملت معهم سابقا من السياس، وبمقابل 100 جنيه شهريا، تقول أنها تعاني في بعض الأحيان من سيطرة سياس أخرون على نفس المكان في حالة غياب تلك السيدة يعترضون طريق خروجها مطالبين بنقود لهم ولكن " ما باليد حيلة ولا مكان آخر لي" على حد قولها. الركنة أصبحت حلم بعيد المنال أيضا بالنسبة ل"عمر" الساكن بشارع هدى شعراوي والذي اضطر الى ان يترك سيارته بنفس الشارع مقابل 7 جنيهات يومية يدفعها للسايس المحتكر لمساحات الشارع المخصصة للانتظار، بعد تفاوض وفصال ترتفع ال7 جنيهات وتصل ل 10 في بعض الأيام من والتي يزدحم فيها الشارع بالسيارات المنتظرة خلال الاسبوع بسبب القادمين الى وسط المدينة من العاملين بها والذين يضطروا الى ترك سياراتهم بالشوراع الجانبية هربا من ارتفاع اسعار الانتظار بجراج التحرير. يقول عمر ان فوضى السياس جعلته يترك سيارته بشارع الفلكي من ناحية صبري أبو علم في إحدى الايام ليغيب ساعة ويعود بعدما دفع الخمسة جنيهات مقدما للسايس، ليجد سايس آخر يطالبه بخمسة جنيهات أخرى ثمن للانتظار. هدى شعراوي ويوسف الجندي وغيرها من الشوارع الجانبية التي لم تقع تحت طائلة القرار وقعت تحت سيطرة بعض السياس الذين اعتبروا نفسهم أكثر حظاً من أقرانهم الذين كانوا يضعون أيديهم على الشوارع التي طُبق عليها قرار منع الانتظار، وقال أحدهم للشروق أن اصحاب السيارات يتهمونهم بالاستغلال بسبب رفع تعريفة الانتظار ل 10 و 15 جنيهات في بعض الاحيان بعدما كانت مجرد 5 جنيهات تدفع مقدما للسايس، وأضاف :"لو الناس قارنت ما بين ال 10 جنيه اللي هايدفعوهم لي والتلاتين اربعين جنيه اللي هاتدفع في أي جراج هايعرفوا ان الجراجات هي اللي بتستغلهم".