تفاصيل قانون تسوية أوضاع الممولين.. خطوة جديدة لدمج الاقتصاد وتخفيف الأعباء الضريبية    إحالة أوراق قاتل شقيقه ونجل شقيقه فى الغربية إلى المفتي    باكستان تعتزم إطلاع مجلس الأمن الدولي على التوتر القائم مع الهند    الأمن يضبط المتهمين بسرقة بطاريات السيارات في الغربية    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتفقد سير العمل بملف التصالح المركز التكنولوجي بمدينة ببا    استشهاد فلسطينية في قصف الاحتلال منزلا في مدينة غزة    الصورة الأولي للطالبة المتوفيه إثر سقوطها من الطابق الرابع بكلية العلوم جامعة الزقازيق    قرار جمهوري بالموافقة على اتفاق بشأن تخلي بنك التنمية الإفريقي عن الليبور كسعر فائدة مرجعي    زيلينسكي: وقف إطلاق النار مع روسيا ممكن في أي لحظة    البحرين تدين الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة على سوريا    الزمالك يستأنف استعداداته لمجهة الاتحاد في كأس مصر للسلة    مصدر يكشف تفاصيل مفاوضات الأهلي مع المدافع الجزائري زين الدين بلعيد    من هو اللاعب كريم البركاوي الصفقة المحتملة للزمالك ؟    رئيس جامعة بنها يتفقد عدداً من المنشآت الجديدة بكفر سعد    ستبقى بيننا زمالة ومودة.. البلشي يشكر عبدالمحسن سلامة: منحنا منافسة تليق بنقابة الصحفيين    "عروض قتالية".. الداخلية تنظم احتفالية بتخريج الدفعة التاسعة من معاهد معاوني الأمن | فيديو وصور    بسبب الغش.. طالب ثانوي يطعن زميله بآلة حادة في أكتوبر    هل يجوز لي التعاقد على شراء كميات محددة من الحبوب الزراعية كالأرز والذرة قبل الحصاد؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما شروط الوقوف بعرفة؟.. الدكتور أحمد الرخ يجيب    «الرقابة الصحية» تعلن منح الاعتماد ل24 منشأة صحية وفقا لمعايير «جهار»    قلبك في خطر.. احذر 5 علامات إذ ظهرت على جسمك اذهب للطبيب فورا    الزمالك: نرفض المساومة على ملف خصم نقاط الأهلي    المخرج طارق العريان يبدأ تصوير الجزء الثاني من فيلم السلم والثعبان    الشرطة الإسرائيلية تغلق طريقا جنوب تل أبيب بعد العثور على جسم مريب في أحد الشوارع    الإدارة العامة للمرور: ضبط 37462 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    في يومها العالمي.. وزير الأوقاف: الصحافة الواعية ركيزة في بناء الإنسان وحماية الوعي    بيراميدز يتفوق على الأهلي بروح ال+90.. كيف ساهمت الأهداف القاتلة في صراع الصدارة؟    فيبي فوزي: تحديث التشريعات ضرورة لتعزيز الأمن السيبراني ومواجهة التهديدات الرقمية    كلية الآثار بجامعة الفيوم تنظم ندوة بعنوان"مودة - للحفاظ على كيان الأسرة المصرية".. صور    تشكيل ريال مدريد أمام سيلتا فيجو في الدوري الإسباني    إلغاء معسكر منتخب مصر في يونيو    الأهلي يدرس استعادة أحمد عابدين بعد تألقه مع منتخب الشباب    وكيل تعليم البحيرة يتابع التقييمات الأسبوعية بمدارس المحمودية    توريد 104 آلاف و310 أطنان قمح بصوامع أسوان    بدء اجتماع لجنة الإسكان بالنواب لمناقشة قانون الإيجار القديم    الصاروخ اليمني اجتاز كل منظومات الدفاع الإسرائيلية والأمريكية بمختلف أنواعها    مصادر: استشهاد 45 فلسطينيًا جراء القصف الإسرائيلي في 24 ساعة    نائب محافظ دمياط توجِّه بسرعة التدخل لدعم المتضررين من الأمطار    ضبط 800 كاوتش سيارات بدون فواتير بالشرقية    إصابة 3 أشخاص في حريق شقة سكنية بالمطرية    انطلاق القمة الخليجية الأمريكية في السعودية 14 مايو    الإييجار القديم.. ينتظر الفرج النائب شمس الدين: ملتزمون بإنهاء الأزمة قبل نهاية دور الانعقاد الحالى    إياد نصار: كريم عبد العزيز مجنون نجاح وهذه كواليس «المشروع x»    «أهل مصر» فى دمياط.. و«مصر جميلة» بالبحيرة    لبلبة: «بفهم عادل إمام من نظرة عنيه»    21 مايو في دور العرض المصرية .. عصام السقا يروج لفيلم المشروع X وينشر البوستر الرسمي    صادرات الملابس الجاهزة تقفز 24% في الربع الأول من 2025 ل 812 مليون دولار    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الإسكان عددا من ملفات عمل الوزارة    خالد عيش: سرعة الفصل في القضايا العمالية خطوة حاسمة لتحقيق العدالة    «الشيوخ» يحيل تقارير اللجان النوعية بشأن الاقتراحات المقدمة من «النواب»    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعي سيدفع مليار شخص بالعالم إلى تنمية المهارات    حساب بنكي لتيسير عمليات التبرع لصالح مستشفيات جامعة القاهرة    وكيل صحة البحيرة: الإلتزام بإجراءات مكافحة العدوى ومعايير الجودة    كندة علوش تروي تفاصيل انطلاقتها الفنية: "ولاد العم" أول أفلامي في مصر| فيديو    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    في ذكرى ميلاد زينات صدقي.. المسرح جسد معانتها في «الأرتيست»    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه؟ الأزهر للفتوى يجيب    الأزهر للفتوى يوضح في 15 نقطة.. أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتفاقية «أوسلو» للسلام على شفا الانهيار.. وإسرائيل تحتشد ضد «نتنياهو»
السلطة الفلسطينية على أعتاب مرحلة جديدة..
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 03 - 2015

دخلت اتفاقية أوسلو للسلام الموقعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في عام 1993 في انعطافات مجهولة إثر القرار الذي اتخذه المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بوقف كافة أشكال التعاون الأمني مع إسرائيل.. لتجد السلطة الفلسطينية نفسها على أعتاب مرحلة جديدة تقوم على تغيير أرقام معادلات الصراع وانتهاج استراتيجية فلسطينية وطنية شاملة.
يأتي ذلك فيما تشهد تل ابيب للمرة لأولى تظاهرات حاشدة تجمع عشرات الآلاف من الإسرائيليين ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي دعت إسرائيل لتغيير اتجاهها السياسي والقيادي، وذلك مع اقتراب موعد انتخابات الكنيست في 17 مارس الجاري. في مسار جديد ينبئ بحالة من التعقيد التي وصلت إليها الأمور هناك.
وقد نظمت المظاهرات من قبل مجموعة "مليون يد" للعمل المدني التي تناضل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين وتأسيس دولة فلسطينية مستقلة.
وكان المجلس المركزي الفلسطيني قد قرر الخميس الماضي وقف التنسيق الامني بكافة اشكاله مع إسرائيل التي دعاه كسلطة احتلال إلى تحمل مسئولياتها إزاء الشعب الفلسطيني.
ففي أزمة واضحة كشفت عنها السلطة مرارا.. أصدر المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية (البرلمان المصغر) خلال انعقاد دورته ال 27 في رام الله الأربعاء والخميس الماضيين، بيانا مصيريا حوى سلسلة من القرارات المهمة حيث جاء في بندها الخامس أن "المجلس المركزي يقرر تحميل السلطات الإسرائيلية كافة المسئوليات تجاه الشعب الفلسطيني بوصفها سلطة احتلال وفقا للقانون الدولي".. كما جاء بالبيان "وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين".
ويأتي انعقاد المجلس المركزي لمنظمة التحرير وسط تحذيرات إقليمية ودولية من الأزمة المالية التي تواجهها السلطة الفلسطينية على خلفية قيام سلطات الاحتلال بالقرصنة على عائدات الرسوم الضريبية الفلسطينية لديها وكذلك ممارساتها الاستيطانية.
وهددت السلطة الفلسطينية مرارا بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وهو أداة هامة للدولة العبرية في الضفة الغربية، حتى إن مسئولين في السلطة لوحوا بإمكانية حلها لتستلم إسرائيل السيطرة في الضفة الغربية المحتلة.
وأوقفت إسرائيل في يوم السبت الثالث من يناير الماضي عائدات الضرائب التي تجنيها عن الفلسطينيين وذلك ردا على تحركات فلسطينية للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية. ووفقا لوزير المالية الاسرائيلي يوفال شتينيتس فإن إجمالي الضرائب التي يتم جمعها تبلغ 127 مليون دولار شهريا. وتشكل ثلثي إيرادات السلطة الفلسطينية وتغطي 75% من فاتورة الرواتب لما يزيد عن 170 ألف موظف حكومي.
واتفاقية أوسلو هي أول اتفاقية سلام رسمية ومباشرة وقعتها دولة الاحتلال "اسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن بالولايات الأمريكية المتحدة في عام 1993.
واستبقت اسرائيل اجتماعات المجلس المركزي هذه بإجراء مناورات عسكرية واسعة في الضفة الغربية شارك فيها 15 ألف جندي، ملوحة بإعادة فرض سيطرتها الكاملة على البلاد بما فيها جهاز السلطة.
وفى معرض رده على ذلك، أعتبر عباس في خطاب له أمام المجلس المركزي أن المناورات الإسرائيلية هدفت إلى التلويح باستخدام القوة، وأن الجانب الفلسطيني لن يرد على التهديدات والممارسات الإسرائيلية بالعنف "لأنه لا قبل لنا بالطائرات والدبابات.. وأن الرد الفلسطيني سيكون عبر المقاومة الشعبية" التي قال إنها "الطريق الوحيد" أمام الشعب الفلسطيني.
وعبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الجمعة الماضية عن قلقه إزاء قرار المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، داعيًا المجتمع الدولي إلى السعي من أجل اتفاق سلام في الشرق الأوسط.. فيما قالت نائبة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ماري هارف، إن الولايات المتحدة تؤمن بشدة بأن وقف التنسيق الأمني "الفلسطيني- الإسرائيلي" سيكون "خطأ".
وفى محاولة لامتصاص القرار وتدارك الواقع ، أكدت إسرائيل أن التنسيق الأمني والمدني مع السلطة الفلسطينية "مستمر" في هذه المرحلة.
المجلس المركزي وسلطاته
المجلس المركزي الفلسطيني- هو الجهة التي أصدرت قرارات وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وتحميل الاحتلال مسئولياته هو أعلى سلطة تشريعية لمنظمة التحرير- وقد تأسس المجلس المركزي خلال اجتماع الدورة ال 11 للمجلس الوطني الفلسطيني (السلطة العليا لمنظمة التحرير) في عام 1973.
ويقوم المجلس المركزي بمهام معاونة اللجنة التنفيذية للمنظمة في تنفيذ قرارات المجلس الوطني وإصدار التوجيهات المتعلقة بتطورات القضية الفلسطينية بين دورتي المجلس.
ويتكون المجلس المركزي، بحسب قرار التأسيس ، من 32 عضوا يضاف إليهم 6 أعضاء مراقبين (رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وأعضاء اللجنة التنفيذية ال10 وأربعة من حركة فتح، واثنان من الصاعقة، واثنان من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واثنان من جبهة التحرير العربية، واثنان من الجبهة الديمقراطية وتسعة من أصحاب الكفايات).
وفي عام 1974 تم رفع عدد أعضاء المجلس المركزي إلى 43 عضوا. وفي اجتماع الدورة ال 13 للمجلس الوطني الفلسطيني عام 1977، وصل عدد الأعضاء إلى 55 عضوا. وفي عام 1979 بعد الدورة ال14 للمجلس الوطني زاد عدد الأعضاء إلى 59 عضوا.
وفي أعقاب الانتخابات التشريعية التي جرت عام 1996 في داخل الأراضي الفلسطينية ، وصل أعضاء المجلس المركزي إلى 122 عضوا من بينهم (أعضاء اللجنة التنفيذية "18 عضوا"، و13 من الاتحادات الشعبية، و29 عضوا ممثلين عن الفصائل، و28 من المستقلين). بينما يتألف المجلس المركزي خلال الدورة الحالية (ال 27) من 110 أعضاء.
واتخذ المجلس المركزي منذ تأسيسه عددا من القرارات الهامة والمصيرية أولها: اختيار رئيس دولة فلسطين (وذلك فى الدورة العشرين في مارس 1983) حيث وافق المجلس على اختيار ياسر عرفات رئيسا لدولة فلسطين.
بينما كان ثاني قرارات المجلس المركزي الهامة، إنشاء السلطة الوطنية وذلك خلال دورته المنعقدة في العاشر من ديسمبر عام 1993 بتونس، حيث قرر بأن يتم تكليف اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية بتشكيل مجلس السلطة الوطنية الفلسطينية في المرحلة الانتقالية من عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية، وعدد من الداخل والخارج ويكون عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيسا لمجلس السلطة الوطنية الفلسطينية.
إلى أن قضى المجلس المركزي، في دورته الأخيرة (ال27) يوم الخميس الماضي، بوقف التنسيق الأمني مع اسرائيل وتحميلها (كسلطة احتلال) مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة كسلطة احتلال.
وقد قرر المجلس المركزي في دورته السابقة لهذه (الدورة ال26) التي عقدت فى السابع والعشرين من شهر ابريل لعام 2014، وجوب تحديد العلاقة مع إسرائيل ومتابعة انضمام دولة فلسطين للمؤسسات والمواثيق الدولية، وتعزيز العلاقات العربية والدولية بما يشمل الحصول على أعتراف الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتطبيق ميثاق جنيف الرابع لعام 1949 على أراضي دولة فلسطين المحتلة.
وأثير جدل داخل الأوساط الفلسطينية والإسرائيلية بشأن مدى إلزامية القرارات التي تخرج عن اجتماعات المجلس المركزي.. حيث يقول الدكتور صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن قرارات المجلس المركزي "ملزمة وواضحة ومحددة".. فيما أكد النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الدكتور حسن خريشة أن قرارات المجلس "واجبة التنفيذ". وفى المقابل لا تعبأ حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية بتلك القرارات وتتحدث عن كونها "توصية" غير ملزمة.
غير أن القانونيين يفسرون قرارات "المجلس المركزي" الأخيرة بأنها تسير وفق اتجاه "إجرائي" بمعنى أن قرارات "المركزي" تبقى غير نهائية ولكنها قرارات مرجعية ينبغي الركون إليها، ولكن القرار الرسمي القانوني النهائي يبقى بيد الرئيس محمود عباس، الذي لديه سلطة تفسير القرارات وفق الإطار الذي يرتأيه وفى الظروف التي يراها.. فقرار "المركزي" لا يعدو ملزما بتوقيت زمني محدد ولكن يبقى قرارا شعبيا "شبه رسمي " ينتظر التصديق الرسمي من قبل الرئيس عباس.
التدمير الذاتي لاتفاقية اوسلو
واتفاقية أوسلو (أوسلو 1) والمعروف رسميا باسم "إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي"، هو اتفاق سلام وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993، ومثل الجانب الاسرائيلي وزير خارجيتها آنذاك شيمون بيريز ، وعن منظمة التحرير الفلسطينية أمين سر اللجنة التنفيذية محمود عباس، بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.
وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرية بين 1991 – 1993 وأفرزت هذا الاتفاق في ما عرف بمؤتمر مدريد ، حيث إن مباحثات علنية كانت قد انطلقت في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 بين دولة الاحتلال ودول الغرب والدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية (بشكل غير مباشر) أسفر عنه " بصيص أمل للسلام" إلا أنه فشل في تحقيق أي تقدم ، ولكن مجموعة ضيقة في القيادة العليا في حركة فتح ومنظمة التحرير أجرت مباحثات سرية مع الاحتلال في عاصمة النرويج "أوسلو"، وبعدما اتفق الفريقان ظهر الاتفاق إلى الضوء وسمي باتفاق أوسلو.
وتبع هذه الاتفاقية المزيد من الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات مثل اتفاق "القاهرة" المعروف ب"غزة وأريحا" وبروتوكول باريس الاقتصادي الذي تم ضمهم إلى معاهدة تالية سميت ب"أسلو 2".
أبرز ما نصت عليه "اتفاقية أوسلو" هو إقامة سلطة حكم "ذاتي انتقالي" فلسطينية (أصبحت تعرف فيما بعد بالسلطة الوطنية الفلسطينية)، ومجلس تشريعي منتخب للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وإنشاء قوة شرطة من أجل حفظ الأمن في الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية وحددت الاتفاقية عددهم ب 300 عنصرا ، وزاد العدد في اتفاقية أوسلو الثانية ليصبح 30 ألفا. وفى مقابل هذا اعترفت منظمة التحرير رسميا بإسرائيل كدولة ، وتعهدت بنبذ "الارهاب" والعنف ومنع المقاومة المسلحة ضد اسرائيل.
وفى ضوء تلك البنود تأسست أجهزت السلطة الفلسطينية التشريعية والتنفيذية (الحكومة) ونجحت السلطة في الإيفاء بالتزاماتها تجاه بنود هذه الاتفاقية "الثقيلة" على عقيدة منظمة التحرير.. ولكن شيئا فشيء سعت اسرائيل إلى انتهاج سياسة "التدمير الذاتي للاتفاقية"، وقامت بتفريغ محتواها من خلال التنصل من كافة التزاماتها في البنود التي تخصها.
وخصت الاتفاقية في بنودها، اسرائيل بضرورة وضع تسوية دائمة خلال عملية تفاوضية مع الجانب الفلسطيني ، لقضايا اللاجئين (ويشمل حق العودة وحق التعويض)، والقدس (الاتفاق على صيغة توافقية مع الفلسطينية بشأن القدس الشرقية والغربية والأماكن المقدسة وساكنيها)، والترتيبات الامنية (وتشمل الاتفاق على كمية القوات والأسلحة المسموحة بها داخل أراضي الحكم الذاتي والتعاون والتنسيق بين شرطة السلطة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي).
وهي القضايا التي أفرد المجلس المركزي لها بنودا في بيانه الختامي ، الخميس الماضي، عارضا سلسلة من الانتهاكات الجسيمة بحق هذه الاتفاقية في مسار ما يعرف ب" التدمير الذاتي لاتفاقية أوسلو"؛ حيث ربط المجلس في بيانه بين قراراته التي أعلنها ومواصلة الاستيطان ورفض إسرائيل لترسيم حدود الدولتين على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وتنكرها لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة إضافة إلى رفضها الإفراج عن الأسرى، وحجز أموال الشعب الفلسطيني.
استراتيجية فلسطينية جديدة
وفى قراءة لسياق قرارات المجلس المركزي يتبين أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، نجح في انتزاع شرعية شعبية لاستراتيجيته الجديدة ضمن مرحلة مختلفة تسطر لها السلطة.
هذه الاستراتيجية تتحدد معالمها "داخليا" من خلال إعادة النظر في وظائف السلطة بحيث تكون ذات سيادة وطنية مع إيجاد بيئة ومناخ جديد ضمن معادلة تلزم إسرائيل بكافة بنود المعاهدات والمواثيق الموقعة.
وتدخل ضمن حسابات الاستراتيجية الفلسطينية الموحدة الجديدة إطار التحرك الدولي والتوجه الى المنظمات الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وانتهاج سياسة فرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي من خلال الاستمرار في حملة المقاطعة مع الاحتلال ومقاضاتها دوليا عن قرصنتها للأموال الفلسطينية وجرائمها في غزة.
وقد تحدث عباس في كلمته الافتتاحية للمجلس المركزي الاربعاء الماضي عن فحوى استراتيجيته الوطنية الجديدة، حيث دعا "في هذه المرحلة التاريخية إلى إعادة النظر في وظائف السلطة، التي لم تعد لها سلطة، وعليه دراسة كيفية إعادة سلطة ذات سيادة ، وضمان ذلك، وضمان ألا يكون الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الموقعة من جانب واحد ، بل والالتزام بكافة الجوانب بها". حسب ما جاء في كلمته.
المعادلة الأمنية الاسرائيلية
عزز قرر المجلس المركزي الفلسطيني من فرضية انهيار اتفاقية اوسلو "رسميا" ، فقرارات "المركزي" قد تمثل الأرضية التي سترتكز عليها معادلات أمنية جديدة في هذه المنطقة، وسط ترقب لحالة من الارتباك التي قد تنشأ داخل الأجهزة الأمنية؛ ما سينتج خلل يصيب المعادلة الامنية في إسرائيل خاصة بعد أن تضاف إليها المناطق التي تقع ضمن سيطرة سلطات الأمن الفلسطينية؛ وهو ما يفرض وضعا معقدا وصعبا في آن واحد في ظل سياق إقليمي لم تتحدد مساراته بعد.
وفى سياق هذا، تقوم كتاب القسام (الذارع العسكري لحركة حماس) وسرايا القدس (الذراع العسكري لحركة الجهاد) بمناورة هي الأكبر منذ العدوان الإسرائيلي على غزة في موقع قريب من السياج الحدودي. وهي مناورة ينظر إليها الاحتلال بتقرب شديد. وقد سبقتها تل أبيب بمناورة واسعة شارك بها 15 ألف جندي إسرائيلي.
ويقر المحللون بأن أي وقف لأعمال التنسيق الأمني بين السلطة والإسرائيليين من شأنه أن يؤدي إلى انهيار تدريجي في منظومة العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية وصولا إلى تغيير وظائف السلطة الفلسطينية من سلطة سياسية تسعى إلى التحول إلى دولة لسلطة حكم ذاتي شبيه بالحكم الذي يعطى للأقليات القومية في الدول؛ وهو ما قد يفتح الباب نحو الدخول في ثورة شعبية عارمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.