مصدر حكومي: لا صحة لما يتم تداوله عن إعلان الحكومة الجديدة خلال ساعات    التحويلات بين المدارس للعام الدراسي القادم 2024-2025.. اعرف الموعد والأوراق المطلوبة    استقرار أسعار العملات في البنوك المصرية اليوم الخميس 20 يونيو 2024    خلال إجازة عيد الأضحى.. إزالة 53 حالة بناء مخالف وتعديات على الأراضي الزراعية بالجيزة    محافظ أسيوط يناقش مستجدات أعمال رصف الطرق ضمن مشروعات الخطة الاستثمارية    «حذر من السماسرة».. برلماني: ما حدث للحجاج يؤكد خطورة السفر دون تأشيرة حج    إزالة 53 حالة بناء مخالف بالجيزة خلال إجازة العيد    وزير الأوقاف يشهد انطلاق توزيع الدفعة الأولى من لحوم الأضاحي بالقاهرة    مقتل شخص في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 530 ألفا و920 منذ بداية الحرب    منظمات دولية في النمسا تدعو لتوفير فرص في سوق العمل للاجئين    وزارة الصحة الفلسطينية: قوات الاحتلال ارتكبت أكثر من 3 آلاف مجزرة في غزة    الحرس يصطدم بالشواكيش ومنتخب السويس يواجه سبورتنج بالجولة الخامسة لترقى الممتاز    عاجل.. سبب رفض انضمام زين الدين بلعيد إلى الأهلي    تسليم 100 لجنة للمراقبين لاستئناف امتحانات الثانوية العامة بالمنيا    موجة حارة في دول الخليج بالتزامن مع قدوم فصل الصيف    حرمان 39 ألف طالب فلسطيني من امتحانات الثانوية العامة في غزة    بأغاني الفلكلور الشعبي.. فرقة النيل تحيي حفل عيد الأضحى بممشى أهل السويس    تركي آل شيخ متفائل بعودة عمرو دياب إلى السينما.. ويعلن عن مفاجأة مع المصمم العالمى إيلى صعب    إعلام فلسطيني: قوات الاحتلال تنسف مربعا سكنيا غربى مدينة رفح الفلسطينية    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى    تشييع جنازة أم و3 من بناتها لقين مصرعهمن في حادث مروع بالشرقية    التصريح بدفن جثة طالب أنهى حياته شنقا بسبب رفض والده إصلاح هاتفه    شواطئ الإسكندرية تستقبل زوارها في آخر أيام إجازة عيد الأضحى    خالد فودة: بعثة حج جنوب سيناء بخير.. والعودة الإثنين المقبل    عاجل - ماذا حدث في واقعة مصرع نورهان ناصر ونرجس صلاح عقب مباراة الأهلي الأخيرة؟ (التفاصيل الكاملة)    وزير الخارجية الإسرائيلي يرد على نصر الله بعد تهديد قبرص    الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل اليوم بتذكار رئيس الملائكة جبرائيل    ماذا قال أحمد عز ل يسرا قبل إنطلاق أول عروض مسرحية ملك والشاطر؟    التعليم العالي: تنظيم زيارة للطلاب الوافدين لمستشفى سرطان الأطفال 57357    فى 3 خطوات فقط.. حضري أحلى ستيك لحم بالمشروم (المقادير والطريقة)    بيان مهم من الداخلية بشأن الحجاج المصريين المفقودين بالسعودية    الإسكان: 5.7 مليار جنيه استثمارات سوهاج الجديدة.. وجار تنفيذ 1356 شقة بالمدينة    بعد انتهاء عيد الأضحى 2024.. أسعار الحديد والأسمن اليوم الخميس 20 يونيو    سنتكوم: دمرنا زورقين ومحطة تحكم أرضية ومركز قيادة للحوثيين    الأهلي يحسم مصير مشاركة عمر كمال أمام الداخلية اليوم    محمد صديق المنشاوى.. قصة حياة المقرئ الشهير مع القرآن الكريم    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    الإفتاء توضح حكم هبة ثواب الصدقة للوالدين بعد موتهما    أول تحرك لنادي فيوتشر بعد إيقاف قيده بسبب "الصحراوي"    مزاعم أمريكية بقرب فرض قطر عقوبات على حماس    عاجل - تحذير خطير من "الدواء" بشأن تناول مستحضر حيوي شهير: جارِ سحبه من السوق    ثلاثة أخطاء يجب تجنبها عند تجميد لحوم الأضحية    منتخب السويس يلتقي سبورتنج.. والحدود مع الترسانة بالدورة المؤهلة للممتاز    دراسة بجامعة "قاصدي مرباح" الجزائرية حول دور الخشت فى تجديد الخطاب الدينى    كيفية الشعور بالانتعاش في الطقس الحار.. بالتزامن مع أول أيام الصيف    مبدأ قضائي باختصاص القضاء الإداري بنظر دعاوى التعويض عن الأخطاء    تعرف على خريطة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكية    يورو2024، إنجلترا تسعى لتسجيل اسمها كأحد المنتخبات القوية المرشحة للقب أمام الدنمارك    الآلاف في رحاب «السيد البدوى» احتفالًا بعيد الأضحى    التخزين الخامس خلال أيام.. خبير يفجر مفاجأة بشأن سد النهضة    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    "تاتو" هيفاء وهبي وميرهان حسين تستعرض جمالها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    تطورات جديدة| صدام في اتحاد الكرة بشأن مباراة القمة    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 20 يونيو.. «ركز على عالمك الداخلي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتفاقية «أوسلو» للسلام على شفا الانهيار.. وإسرائيل تحتشد ضد «نتنياهو»
السلطة الفلسطينية على أعتاب مرحلة جديدة..
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 03 - 2015

دخلت اتفاقية أوسلو للسلام الموقعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في عام 1993 في انعطافات مجهولة إثر القرار الذي اتخذه المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بوقف كافة أشكال التعاون الأمني مع إسرائيل.. لتجد السلطة الفلسطينية نفسها على أعتاب مرحلة جديدة تقوم على تغيير أرقام معادلات الصراع وانتهاج استراتيجية فلسطينية وطنية شاملة.
يأتي ذلك فيما تشهد تل ابيب للمرة لأولى تظاهرات حاشدة تجمع عشرات الآلاف من الإسرائيليين ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي دعت إسرائيل لتغيير اتجاهها السياسي والقيادي، وذلك مع اقتراب موعد انتخابات الكنيست في 17 مارس الجاري. في مسار جديد ينبئ بحالة من التعقيد التي وصلت إليها الأمور هناك.
وقد نظمت المظاهرات من قبل مجموعة "مليون يد" للعمل المدني التي تناضل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين وتأسيس دولة فلسطينية مستقلة.
وكان المجلس المركزي الفلسطيني قد قرر الخميس الماضي وقف التنسيق الامني بكافة اشكاله مع إسرائيل التي دعاه كسلطة احتلال إلى تحمل مسئولياتها إزاء الشعب الفلسطيني.
ففي أزمة واضحة كشفت عنها السلطة مرارا.. أصدر المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية (البرلمان المصغر) خلال انعقاد دورته ال 27 في رام الله الأربعاء والخميس الماضيين، بيانا مصيريا حوى سلسلة من القرارات المهمة حيث جاء في بندها الخامس أن "المجلس المركزي يقرر تحميل السلطات الإسرائيلية كافة المسئوليات تجاه الشعب الفلسطيني بوصفها سلطة احتلال وفقا للقانون الدولي".. كما جاء بالبيان "وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين".
ويأتي انعقاد المجلس المركزي لمنظمة التحرير وسط تحذيرات إقليمية ودولية من الأزمة المالية التي تواجهها السلطة الفلسطينية على خلفية قيام سلطات الاحتلال بالقرصنة على عائدات الرسوم الضريبية الفلسطينية لديها وكذلك ممارساتها الاستيطانية.
وهددت السلطة الفلسطينية مرارا بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وهو أداة هامة للدولة العبرية في الضفة الغربية، حتى إن مسئولين في السلطة لوحوا بإمكانية حلها لتستلم إسرائيل السيطرة في الضفة الغربية المحتلة.
وأوقفت إسرائيل في يوم السبت الثالث من يناير الماضي عائدات الضرائب التي تجنيها عن الفلسطينيين وذلك ردا على تحركات فلسطينية للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية. ووفقا لوزير المالية الاسرائيلي يوفال شتينيتس فإن إجمالي الضرائب التي يتم جمعها تبلغ 127 مليون دولار شهريا. وتشكل ثلثي إيرادات السلطة الفلسطينية وتغطي 75% من فاتورة الرواتب لما يزيد عن 170 ألف موظف حكومي.
واتفاقية أوسلو هي أول اتفاقية سلام رسمية ومباشرة وقعتها دولة الاحتلال "اسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن بالولايات الأمريكية المتحدة في عام 1993.
واستبقت اسرائيل اجتماعات المجلس المركزي هذه بإجراء مناورات عسكرية واسعة في الضفة الغربية شارك فيها 15 ألف جندي، ملوحة بإعادة فرض سيطرتها الكاملة على البلاد بما فيها جهاز السلطة.
وفى معرض رده على ذلك، أعتبر عباس في خطاب له أمام المجلس المركزي أن المناورات الإسرائيلية هدفت إلى التلويح باستخدام القوة، وأن الجانب الفلسطيني لن يرد على التهديدات والممارسات الإسرائيلية بالعنف "لأنه لا قبل لنا بالطائرات والدبابات.. وأن الرد الفلسطيني سيكون عبر المقاومة الشعبية" التي قال إنها "الطريق الوحيد" أمام الشعب الفلسطيني.
وعبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الجمعة الماضية عن قلقه إزاء قرار المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، داعيًا المجتمع الدولي إلى السعي من أجل اتفاق سلام في الشرق الأوسط.. فيما قالت نائبة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ماري هارف، إن الولايات المتحدة تؤمن بشدة بأن وقف التنسيق الأمني "الفلسطيني- الإسرائيلي" سيكون "خطأ".
وفى محاولة لامتصاص القرار وتدارك الواقع ، أكدت إسرائيل أن التنسيق الأمني والمدني مع السلطة الفلسطينية "مستمر" في هذه المرحلة.
المجلس المركزي وسلطاته
المجلس المركزي الفلسطيني- هو الجهة التي أصدرت قرارات وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وتحميل الاحتلال مسئولياته هو أعلى سلطة تشريعية لمنظمة التحرير- وقد تأسس المجلس المركزي خلال اجتماع الدورة ال 11 للمجلس الوطني الفلسطيني (السلطة العليا لمنظمة التحرير) في عام 1973.
ويقوم المجلس المركزي بمهام معاونة اللجنة التنفيذية للمنظمة في تنفيذ قرارات المجلس الوطني وإصدار التوجيهات المتعلقة بتطورات القضية الفلسطينية بين دورتي المجلس.
ويتكون المجلس المركزي، بحسب قرار التأسيس ، من 32 عضوا يضاف إليهم 6 أعضاء مراقبين (رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وأعضاء اللجنة التنفيذية ال10 وأربعة من حركة فتح، واثنان من الصاعقة، واثنان من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واثنان من جبهة التحرير العربية، واثنان من الجبهة الديمقراطية وتسعة من أصحاب الكفايات).
وفي عام 1974 تم رفع عدد أعضاء المجلس المركزي إلى 43 عضوا. وفي اجتماع الدورة ال 13 للمجلس الوطني الفلسطيني عام 1977، وصل عدد الأعضاء إلى 55 عضوا. وفي عام 1979 بعد الدورة ال14 للمجلس الوطني زاد عدد الأعضاء إلى 59 عضوا.
وفي أعقاب الانتخابات التشريعية التي جرت عام 1996 في داخل الأراضي الفلسطينية ، وصل أعضاء المجلس المركزي إلى 122 عضوا من بينهم (أعضاء اللجنة التنفيذية "18 عضوا"، و13 من الاتحادات الشعبية، و29 عضوا ممثلين عن الفصائل، و28 من المستقلين). بينما يتألف المجلس المركزي خلال الدورة الحالية (ال 27) من 110 أعضاء.
واتخذ المجلس المركزي منذ تأسيسه عددا من القرارات الهامة والمصيرية أولها: اختيار رئيس دولة فلسطين (وذلك فى الدورة العشرين في مارس 1983) حيث وافق المجلس على اختيار ياسر عرفات رئيسا لدولة فلسطين.
بينما كان ثاني قرارات المجلس المركزي الهامة، إنشاء السلطة الوطنية وذلك خلال دورته المنعقدة في العاشر من ديسمبر عام 1993 بتونس، حيث قرر بأن يتم تكليف اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير الفلسطينية بتشكيل مجلس السلطة الوطنية الفلسطينية في المرحلة الانتقالية من عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية، وعدد من الداخل والخارج ويكون عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيسا لمجلس السلطة الوطنية الفلسطينية.
إلى أن قضى المجلس المركزي، في دورته الأخيرة (ال27) يوم الخميس الماضي، بوقف التنسيق الأمني مع اسرائيل وتحميلها (كسلطة احتلال) مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة كسلطة احتلال.
وقد قرر المجلس المركزي في دورته السابقة لهذه (الدورة ال26) التي عقدت فى السابع والعشرين من شهر ابريل لعام 2014، وجوب تحديد العلاقة مع إسرائيل ومتابعة انضمام دولة فلسطين للمؤسسات والمواثيق الدولية، وتعزيز العلاقات العربية والدولية بما يشمل الحصول على أعتراف الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتطبيق ميثاق جنيف الرابع لعام 1949 على أراضي دولة فلسطين المحتلة.
وأثير جدل داخل الأوساط الفلسطينية والإسرائيلية بشأن مدى إلزامية القرارات التي تخرج عن اجتماعات المجلس المركزي.. حيث يقول الدكتور صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن قرارات المجلس المركزي "ملزمة وواضحة ومحددة".. فيما أكد النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الدكتور حسن خريشة أن قرارات المجلس "واجبة التنفيذ". وفى المقابل لا تعبأ حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية بتلك القرارات وتتحدث عن كونها "توصية" غير ملزمة.
غير أن القانونيين يفسرون قرارات "المجلس المركزي" الأخيرة بأنها تسير وفق اتجاه "إجرائي" بمعنى أن قرارات "المركزي" تبقى غير نهائية ولكنها قرارات مرجعية ينبغي الركون إليها، ولكن القرار الرسمي القانوني النهائي يبقى بيد الرئيس محمود عباس، الذي لديه سلطة تفسير القرارات وفق الإطار الذي يرتأيه وفى الظروف التي يراها.. فقرار "المركزي" لا يعدو ملزما بتوقيت زمني محدد ولكن يبقى قرارا شعبيا "شبه رسمي " ينتظر التصديق الرسمي من قبل الرئيس عباس.
التدمير الذاتي لاتفاقية اوسلو
واتفاقية أوسلو (أوسلو 1) والمعروف رسميا باسم "إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي"، هو اتفاق سلام وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993، ومثل الجانب الاسرائيلي وزير خارجيتها آنذاك شيمون بيريز ، وعن منظمة التحرير الفلسطينية أمين سر اللجنة التنفيذية محمود عباس، بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.
وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرية بين 1991 – 1993 وأفرزت هذا الاتفاق في ما عرف بمؤتمر مدريد ، حيث إن مباحثات علنية كانت قد انطلقت في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 بين دولة الاحتلال ودول الغرب والدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية (بشكل غير مباشر) أسفر عنه " بصيص أمل للسلام" إلا أنه فشل في تحقيق أي تقدم ، ولكن مجموعة ضيقة في القيادة العليا في حركة فتح ومنظمة التحرير أجرت مباحثات سرية مع الاحتلال في عاصمة النرويج "أوسلو"، وبعدما اتفق الفريقان ظهر الاتفاق إلى الضوء وسمي باتفاق أوسلو.
وتبع هذه الاتفاقية المزيد من الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات مثل اتفاق "القاهرة" المعروف ب"غزة وأريحا" وبروتوكول باريس الاقتصادي الذي تم ضمهم إلى معاهدة تالية سميت ب"أسلو 2".
أبرز ما نصت عليه "اتفاقية أوسلو" هو إقامة سلطة حكم "ذاتي انتقالي" فلسطينية (أصبحت تعرف فيما بعد بالسلطة الوطنية الفلسطينية)، ومجلس تشريعي منتخب للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وإنشاء قوة شرطة من أجل حفظ الأمن في الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية وحددت الاتفاقية عددهم ب 300 عنصرا ، وزاد العدد في اتفاقية أوسلو الثانية ليصبح 30 ألفا. وفى مقابل هذا اعترفت منظمة التحرير رسميا بإسرائيل كدولة ، وتعهدت بنبذ "الارهاب" والعنف ومنع المقاومة المسلحة ضد اسرائيل.
وفى ضوء تلك البنود تأسست أجهزت السلطة الفلسطينية التشريعية والتنفيذية (الحكومة) ونجحت السلطة في الإيفاء بالتزاماتها تجاه بنود هذه الاتفاقية "الثقيلة" على عقيدة منظمة التحرير.. ولكن شيئا فشيء سعت اسرائيل إلى انتهاج سياسة "التدمير الذاتي للاتفاقية"، وقامت بتفريغ محتواها من خلال التنصل من كافة التزاماتها في البنود التي تخصها.
وخصت الاتفاقية في بنودها، اسرائيل بضرورة وضع تسوية دائمة خلال عملية تفاوضية مع الجانب الفلسطيني ، لقضايا اللاجئين (ويشمل حق العودة وحق التعويض)، والقدس (الاتفاق على صيغة توافقية مع الفلسطينية بشأن القدس الشرقية والغربية والأماكن المقدسة وساكنيها)، والترتيبات الامنية (وتشمل الاتفاق على كمية القوات والأسلحة المسموحة بها داخل أراضي الحكم الذاتي والتعاون والتنسيق بين شرطة السلطة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي).
وهي القضايا التي أفرد المجلس المركزي لها بنودا في بيانه الختامي ، الخميس الماضي، عارضا سلسلة من الانتهاكات الجسيمة بحق هذه الاتفاقية في مسار ما يعرف ب" التدمير الذاتي لاتفاقية أوسلو"؛ حيث ربط المجلس في بيانه بين قراراته التي أعلنها ومواصلة الاستيطان ورفض إسرائيل لترسيم حدود الدولتين على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وتنكرها لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة إضافة إلى رفضها الإفراج عن الأسرى، وحجز أموال الشعب الفلسطيني.
استراتيجية فلسطينية جديدة
وفى قراءة لسياق قرارات المجلس المركزي يتبين أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، نجح في انتزاع شرعية شعبية لاستراتيجيته الجديدة ضمن مرحلة مختلفة تسطر لها السلطة.
هذه الاستراتيجية تتحدد معالمها "داخليا" من خلال إعادة النظر في وظائف السلطة بحيث تكون ذات سيادة وطنية مع إيجاد بيئة ومناخ جديد ضمن معادلة تلزم إسرائيل بكافة بنود المعاهدات والمواثيق الموقعة.
وتدخل ضمن حسابات الاستراتيجية الفلسطينية الموحدة الجديدة إطار التحرك الدولي والتوجه الى المنظمات الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وانتهاج سياسة فرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي من خلال الاستمرار في حملة المقاطعة مع الاحتلال ومقاضاتها دوليا عن قرصنتها للأموال الفلسطينية وجرائمها في غزة.
وقد تحدث عباس في كلمته الافتتاحية للمجلس المركزي الاربعاء الماضي عن فحوى استراتيجيته الوطنية الجديدة، حيث دعا "في هذه المرحلة التاريخية إلى إعادة النظر في وظائف السلطة، التي لم تعد لها سلطة، وعليه دراسة كيفية إعادة سلطة ذات سيادة ، وضمان ذلك، وضمان ألا يكون الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الموقعة من جانب واحد ، بل والالتزام بكافة الجوانب بها". حسب ما جاء في كلمته.
المعادلة الأمنية الاسرائيلية
عزز قرر المجلس المركزي الفلسطيني من فرضية انهيار اتفاقية اوسلو "رسميا" ، فقرارات "المركزي" قد تمثل الأرضية التي سترتكز عليها معادلات أمنية جديدة في هذه المنطقة، وسط ترقب لحالة من الارتباك التي قد تنشأ داخل الأجهزة الأمنية؛ ما سينتج خلل يصيب المعادلة الامنية في إسرائيل خاصة بعد أن تضاف إليها المناطق التي تقع ضمن سيطرة سلطات الأمن الفلسطينية؛ وهو ما يفرض وضعا معقدا وصعبا في آن واحد في ظل سياق إقليمي لم تتحدد مساراته بعد.
وفى سياق هذا، تقوم كتاب القسام (الذارع العسكري لحركة حماس) وسرايا القدس (الذراع العسكري لحركة الجهاد) بمناورة هي الأكبر منذ العدوان الإسرائيلي على غزة في موقع قريب من السياج الحدودي. وهي مناورة ينظر إليها الاحتلال بتقرب شديد. وقد سبقتها تل أبيب بمناورة واسعة شارك بها 15 ألف جندي إسرائيلي.
ويقر المحللون بأن أي وقف لأعمال التنسيق الأمني بين السلطة والإسرائيليين من شأنه أن يؤدي إلى انهيار تدريجي في منظومة العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية وصولا إلى تغيير وظائف السلطة الفلسطينية من سلطة سياسية تسعى إلى التحول إلى دولة لسلطة حكم ذاتي شبيه بالحكم الذي يعطى للأقليات القومية في الدول؛ وهو ما قد يفتح الباب نحو الدخول في ثورة شعبية عارمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.