تمنى المخرج الفلسطيني الشهير رشيد مشهراوي أن يصنع أفلاما عن هموم ومشاكل الإنسان في بلاد أخرى غير بلاده فلسطين؛ لأنه قبل أن يكون فلسطينيا فهو إنسان قبل أي شىء، ولإيمانه أيضا أن هذا سيسهم بشكل غير مباشر في خدمة القضية الفلسطينية وتوصيلها لحيز أكبر من العالمية ولحشود أكبر وأكثر. جاء ذلك، خلال الندوة التي نظمها أسبوع السينما الفلسطينية بمركز الإبداع الفني في دار الأوبرا المصرية يوم أمس الثلاثاء، وقد حملت الندوة عنوان "فلسطين في السينما"، وشارك فيها كل من الناقد طارق الشناوي والمخرجة الفلسطينية عرب لطفي والمنتج حسين القلا. وقال مشهراوي، "في صنع أفلام عن الإنسان الفلسطيني وعن الحب والكره وغيرها من الأمور الإنسانية بالإضافة بالطبع إلى التعرض إلى الاحتلال الاسرائيلي ومعاناتنا منه، وكانت هذه الأفلام بالطبع معبرة أكثر عن الواقع الفلسطيني". وتابع "بعيدا عن هذه الأفلام التي صنعت قبل هذه الفترة، وكان أغلبها خارج فلسطين وصنعها فلسطينيون يحملون جنسيات أخرى، وبالطبع أكنّ لهم كل الاحترام، ولكن كان أغلب هذه الأفلام بتمويل أحزاب، وبالتالي كانت مسيسة، فضلا عن أن أغلبها غير محايد، لأنها كانت تظهر الفلسطيني أمام البطل أي بشكل ايجابي زائد، أو تظهره بالمتخاذل وأيضا بشكل زائد، وبالتالي لم تكن محايدة، وكانت أهم سلبياتها أنها لم تصنع في داخل فلسطين وبالتالي لم ترصد بواقعية وقائع حياة الانسان الفلسطيني في ظل ظروف تشكل مجتمعه". وأكد «مشهراوي»، أن هذه الأفلام التي تتناول الانسان الفلسطيني وحياته اكتشفانها تزعج سلطات الاحتلال بقوة، وضرب مثلا قائلا: "صنعت فيلم دار ودور، وهذا الفيلم ازعج الاحتلال بشدة لانه رصد وقائع وحقائق يستحيل تكذيبها، وحاولوا نفيها بكل السبل ولكنهم فشلوا، للدرجة التي جعلتهم يقومون بمنع بطل الفيلم الرئيسي من الخروج من منزله لمدة 3 سنوات كاملة". وأثار المنتج حسين القلا، قضية عرب 48 وكيف يتم التعامل معهم، حيث قال "لا أتخيل أبدا أنني لا أتعامل مع أحد هؤلاء ولا أستطيع أن أشاركه همي وهو أيضا لمجرد أنه يحمل الباسبور الاسرائيلي رغما عنه، وإذا تعاملت معه اتهم بالتطبيع". وهنا تحدث الناقد طارق الشناوي مثيرا اشكالية هوية الفيلم الفلسطيني ومتى يمكن أن يطلق على الفيلم أنه فلسطيني، حيث قال " لابد أن يم اتخاذ قرار من قبل الدولة بتحديد ما هو الفيلم الفلسطيني، فمثلا كيف يمكن أن يتم التعامل مع فيلم لشخص من عرب 48 على أنه فلسطينيا، رغم أنه تم بتمويل من الجهات الاسرائيلية وسيتم وضعه في أرشيفهم، رغم أن هذا العربي مجبر على الاقامة تحت وطاة الاحتلال ويحمل باسبورهم غصبا عنه، وفي هذا السياق لا أستطيع إغفال قضية فيلم فيلا توما عندما حدثت مشكلة كبيرة جراء عرضه في مهرجان الاسكندرية، وبصراحة أنا كنت من ضمن قلائل الذين طالبوا بمنع عرضه في المهرجان، لأنه ربما يحمل في ثناياه رسائل لا نرغب فيها كعرب". فيما تحدثت المخرجة عرب لطفي، عن نشاة السينما في فلسطين مؤكدة أنها بدأت قبل الاحتلال وموثوق وجود هذه الأفلام ولكن لا يعلمون أين موادها الخام الان، حيث قالت "ابراهيم حسن سرحان قدم تجربتين مهمين ولا أعلم أين توجد مادتهم الخام الآن ولكن مسجل وجودهم، واحمد الكيلاني الذي أسس شركة لانتاج الأفلام، وصلاح الدين بدرخان ومسجل أن لديه فيلم تم عرضه في القدس ويافا وعمان، وهؤلاء صنعوا أفلاما قبل الاحتلال، ثم حدثت النكبة في 1948 وحدث التهجير ثم كانت فترة انقطاع طويلة جدا عن هذا الفن. وقالت، إن "أول رصد فعلي لبداية كلام عن مشروع فلسطيني بدا عقب 1967 ومع وجود النضال الفلسطيني، وبعض المبدعين بدات عندهم فكرة السينما بدافع التوثيق للنضال ضد الاحتلال مثل غالب شعث وهاني جوهرية، ثم حدثت نقلة بعد الاجتياح للجنوب اللبناني، وظهر جيل من الشباب الفلسطينيين ومنهم رشيد مشهراوي وايليا سليمان وعزة الحسن ومي المصري، وهذه التجربة كانت لها خصوصية لانها تحولت لقضايا انسانية عن الانسان داخل فلسطين وبالطبع بجانب الاحتلال".