أنباء عن إعلان حظر التجوال في العاصمة طرابلس    "نريد أن نمنحهم بداية جديدة".. ترامب يلمح إلى تخفيف العقوبات عن سوريا    39 شهيدا فى قصف على مناطق متفرقة من غزة    بمشاركة مصر.. اكتمال عقد المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم للشباب 2025    الأهلي يتحدى سيراميكا في طريق لقب الدوري    يلا كورة يكشف.. التفاصيل المالية في عقد ريفيرو مع الأهلي    مدحت شلبي يكشف قرارًا مفاجئًا في الأهلي بشأن زيزو    كشف لغز العثور على جثة بالأراضي الزراعية بالغربية    "دخلوا وراه وضربوه جوا المسجد".. التفاصيل الكاملة لفيديو اعتداء عدة أشخاص على شاب بالقاهرة (صور)    مصرع سيدة أسفل عجلات القطار بالمحلة الكبرى    تحت شعار «اكتشاف المشهد».. «أسبوع القاهرة للصورة» يواصل فعاليات دورته الرابعة بدعم غزة (صور)    5 أبراج «لو قالوا حاجة بتحصل».. عرّافون بالفطرة ويتنبؤون بالمخاطر    محامية بوسى شلبى تعلن مقاضاة كل من يخوض بعرضها أو ينكر علاقتها الزوجية    جامعة القاهرة تحتفل بيوم المرأة العالمي في الرياضيات وتطلق شبكة المرأة العربية- (صور)    جدول امتحانات المواد غير المضافة للمجموع للصف الثاني الثانوي ببورسعيد(متى تبدأ؟)    إعلام ليبي: توقف حركة الطيران في مطار طرابلس    اشتباكات عنيفة في طرابلس ومقتل مسؤول ليبي كبير (تفاصيل)    الخارجية الأمريكية: إدارة ترامب تريد نهاية لحرب غزة وتحسين الظروف الإنسانية    بسبب الاشتباكات العنيفة.. ما حقيقة تعليق الدراسة والامتحانات ب طرابلس؟    القائم بأعمال سفير الهند ل"البوابة نيوز": منفتحون للحوار مع باكستان حول كشمير بشرط وقف دعم "الإرهاب"    افتتاح أول مركز للقيادات الطلابية بجامعه المنوفية    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 13 مايو بالصاغة (تفاصيل)    سعر الطماطم والخضار بالأسواق اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025    لقاء جماهيري لتوضيح ملف تقنين الأراضي بالعبور الجديدة    "كأس أمم أفريقيا للشباب ودوري سعودي".. نتائج مباريات يوم الإثنين 12 مايو    منتخب مصر للباراسيكل يكتسح بطولة إفريقيا لمضمار الدراجات ويحصد 29 ميدالية.    آس: بعد أول مباراتين ل البرازيل.. نجل أنشيلوتي سيتولى تدريب رينجرز    هل تُعطّل الإصابة مسيرة رونالدو التهديفية في الدوري وتمنح المنافسين فرصة اللحاق به؟    جدل وانفعال.. تفاصيل جلسة الاستماع لمستأجري الابجار القديم بمجلس النواب    "رياضة النواب" تصدر 28 توصية للأكاديمية الوطنية خاصة للشباب المصريين بالخارج    الفريق أسامة ربيع: ندرس تخفيض رسوم عبور السفن عبر قناة السويس بنسبة 15%    72 ساعة فاصلة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم: الأمطار تصل القاهرة وهذه المحافظات    سقوط طفل من مرتفع " بيارة " بنادي المنتزه بالإسماعيلية    انتحار شقيقي الشاب ضحية بئر الآثار في بسيون بالغربية    اليوم| محاكمة تشكيل عصابي بتهمة الشروع في قتل شاب ببولاق الدكرور    اليوم| محاكمة تشكيل عصابي بتهمة سرقة المواطنين بالإكراه في بولاق    ولاية أمريكية تُقر قانونًا يسمح بسيارات «كي» بدءًا من عام 2027    محافظ سوهاج يُقرر تشكيل لجنة لفحص كافة أعمال وتعاقدات نادى المحليات    اعتماد 24 مدرسة من هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد بالوادي الجديد    إيمان العاصي في "الجيم" ونانسي عجرم بفستان أنيق.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    قبل عرضه على "MBC".. صلاح عبدالله ينشر صورة من كواليس مسلسل "حرب الجبالي"    أميرة سليم تحيي حفلها الأول بدار الأوبرا بمدينة الفنون والثقافة في العاصمة الإدارية    نانسى عجرم تنشر صورا من حفلها الأخير المخصص للنساء فقط فى هولندا    «الأسد بيحب يدلع نفسه».. الأبراج والمال كيف يؤثر برجك في طريقة إنفاقك للفلوس؟    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟| الإفتاء تجيب    طفل ينهي حياته داخل منزله بالإسماعيلية    45 فرصة عمل برواتب تصل إلى 36 ألف جنيه.. تعرف عل وظائف المصريين بالأردن 2025    أعراض ومضاعفات تسمم الماء.. المعاناة تبدأ ب 4 لترات وقد تنتهي بغيبوبة    رئيس «الرقابة الصحية» يزور مستشفى بئر العبد النموذجي تمهيدا لتطبيق «التأمين الصحي الشامل»    فحص 1140 مواطنا وصرف العلاج مجانا خلال قافلة طبية في السويس    عالم بالأزهر: هذا أجمل دعاء لمواجهة الهموم والأحزان    أمينة الفتوى: هذه أدعية السفر منذ مغادرة المنزل وحتى ركوب الطائرة لأداء الحج    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    رئيس جامعة أسوان يتفقد امتحانات كلية التجارة    براتب 6500.. فرص عمل في شركة مقاولات بالسعودية    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يحدث فى الشرق الأوسط؟
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 02 - 2015

نحن بكل تأكيد نقترب من مرحلة جديدة فى تاريخ المنطقة، مرحلة ربما لا تقل أهمية عن مرحلة التشكل الأول لتلك الجغرافيا المسيسة الافتراضية المسماة بالشرق الأوسط بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، أو عن مرحلة التشكل الثانى لها عقب استقلال معظم دول المنطقة من الاستعمار وزرع إسرائيل، أو تلك المرحلة الثالثة التى لعب فيها النفط دورا مهما فى تغيرات ثقافية واجتماعية وسياسية فى المنطقة كلها بالتوازى مع الصلح المصرى الإسرائيلى والثورة الإيرانية وحرب الخليج الأولى، أو حتى تلك المرحلة الأخيرة التى بدأت بحرب الخليج الثانية واتفاقية أوسلو وانتهاء الحرب الباردة لصالح الهيمنة الأمريكية المنفردة. نحن الآن على أعتاب مرحلة جديدة بدأت بثورات التغيير العربية ضد الأنظمة القمعية ومازالت متواصلة فى محاولات التغيير وسط تحولات رهيبة أكبر وأعقد من قدرة، وربما رغبة، قوى التغيير الداعمة للثورة فى متابعتها وملاحقة تطوراتها ونتائجها.
•••
هذه المرحلة الجديدة ما زالت غير محددة الملامح، كما أنها مفتوحة النهاية. ومع قيام الجيش المصرى بتوجيه ضربات عسكرية جوية وبرية إلى القوات الداعشية فى الداخل الليبى أعتقد أن الشرق الأوسط قبل الضربة سيكون مختلفا عن شرق أوسط ما بعدها. بدءا من اليوم أكتب ثلاث حلقات عن سمات هذا التشكل الجديد ومستقبله. اليوم نتحدث عن أهم محددات سلوك ودوافع دول الشرق الأوسط حاليا، بينما فى الحلقة القادمة نتحدث عن ملامح الشرق الأوسط الجديد الحالى فى التشكل عنوة عن إرادة الجميع، ثم ننهيه بسيناريوهات مستقبل هذه المنطقة فى ظل تمدد ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية أو اختصارا «داعش». فيما يلى أهم سبعة محددات لسلوك دول الشرق الأوسط فى الوقت الراهن:
أولا: الأمن أصبح أهم محدد لسلوك دول منطقة الشرق الأوسط. فلأول مرة منذ انتهاء الاستعمار يصبح «بقاء» الدولة القومية فى المنطقة مهددا بفعل مخاطر حالة داخلية وخارجية. هوس البقاء أصبح فى تقدير كثيرين من محللى سياسات المنطقة هو المحدد الأهم لسلوك دولها. صحيح هناك تباينات فى ترتيب أولويات دول المنطقة. فتركيا تبحث عن إعادة بعث إمبرطوريتها العثمانية بروح علمانية غربية، فيما تبحث إيران عن تفكيك أى احتمالات لكماشة عربية غربية ضدها، أما إسرائيل فتبحث عن استغلال تناقضات الشرق الأوسط لتعضيد وجودها وتعظيم مكاسبها، فيما تبحث مصر عن العودة إلى القيادة الإقليمية، كما تحاول السعودية ترتيب البيت من الداخل للدخول فى جولة صراع جديدة ضد إيران. وتظل دول مثل ليبيا وسوريا واليمن باحثة عن لملمة حدودها وسيادتها المبعثرة، ولكن يظل الهاجس الأمنى هو المحدد الأول لكل لاعبى المنطقة فى ظل صراعات متداخلة ومعقدة على أصعدة محلية وإقليمية.
ثانيا: صراع الهويات يأتى أيضا قيدا وعاملا فى تحديد سلوك دول المنطقة ومن ثم سيتحكم فى طريقة التشكيل الجديد للمنطقة. فالدولة القومية فى المنطقة أصبحت، بفعل تطورات قديمة بدأت منذ رسم الاستعمار لحدودها، مشتتة بين هويات دون قومية مثلما هو الحال فى سوريا والعراق وتركيا والمغرب العربى، وبين صراع هويات عابرة للقومية (تحديدا إسلامية) كما هو الحال فى معظم دول الثورات العربية. وقد قضى هذا الصراع فى تقديرى على فرصة إحياء القومية العربية وأصبحت معظم الدول تبحث عن التأكيد والتعضد بهوياتها المركزية كدول قومية فرادى لحل تلك المعضلة وذلك التشتت بين الهويتين. فإعادة بعث النعرة الهوياتية المركزية إذا أصبحت أحد محددات السياسة الخارجية لدول المنطقة وما يحدث من تحالفات أو أحلاف هنا أو هناك ليس إلا خطوات تكتيكية مؤقتة من المتوقع أن تتغير بسرعة وبشدة. ومن الخطأ التعامل معها على إنها ذات ديمومة.
ثالثا: دول المنطقة مستقطبة بشدة بين مقاومتها الطبيعية للتبعية والهيمنة الغربية بفعل ثقل حضارات معظم دولها واستدعاء معظم شعوبها لحكائية «الأمجاد الضائعة» سواء كانت قومية عربية أو إسلامية أو فارسية أو حتى عبرانية وبين نخبها المنخرطة عضويا وهيكليا فى علاقات التبعية والاعتماد التام على الغرب فى نواح اقتصادية وعسكرية وثقافية أيضا. هذا المحدد يعنى أن عامل «المقاومة للتبعية» لن يكون فقط أحد أهم محددات السياسة الخارجية لدول المنطقة وخاصة العربية منها ولكنه سيكون محكا للصراع بين حركات المقاومة الداخلية وبين النظم الحاكمة.
•••
رابعا: ارتباطا بانشغال معظم دول المنطقة بهوياتها المركزية، فإن معظم النظم السياسية للمنطقة أصبحت تعول بقوة على دعم مجتماعاتها الداخلية وتحديدا من الطبقات الوسطى وما فوقها باعتبارها الطبقات المشغلة لغيرها والمتحكمة فى الموارد والوعى السياسى أيضا وخاصة فى ظل سيطرة الأخيرة على معظم منابر قيادة الرأى العام. وفى ظل غياب آليات الديموقراطية عن معظم دول المنطقة أصبحت النظم تعتمد بشدة على دعم هذه الطبقات وانشغلت بتعبئتها السياسية لأن الأخيرة أصبحت المتحكمة فى مصيرها على الأجلين القصير والمتوسط، ولكن إلى أى مدى سينجح هذا التزاوج على حساب الطبقات الأكثر عوزا والأقل حظا؟
خامسا: أصبحت الأدوات العسكرية والدعائية «الإعلامية» فضلا عن الاقتصادية أهم ثلاث أدوات تستخدمها دول المنطقة فى تحقيق أهدافها الخارجية، مع وجود أفضلية واضحة للأدوات العسكرية فى حسم الأمور داخليا وإقليميا. فمع تركيز دول الخليج العربى وتركيا على الأداة الاقتصادية، فإن دول مثل مصر وإسرائيل وإيران وبشكل أقل تركيا أصبحت تعتمد اعتمادا كاملا على عامل الردع العسكرى سواء بأسلحة تقليدية (مصر) أو بأسلحة غير تقليدية (إيران وإسرائيل). وفى حين تمكنت إيران من استخدام ظهرائها السياسيين والعسكريين معا فى سوريا ولبنان لملاعبة أمريكا وكماشة الخليج العربى، وفى ظل اعتماد إسرائيل التقليدى على الدعم الغربى عامة والأمريكى خاصة فيبقى الجيش المصرى فى وضع خطر من ثلاث نواحٍ، فمن ناحية أولى هو الجيش العربى الكبير الوحيد الباقى بعد تراجع وتفتت الجيشين العراقى والسورى. ومن هنا فليس له ظهير إقليمى عسكرى قوى يسانده. وهو من ناحية ثانية مازال لاعبا وحيدا فى الساحة الإقليمية فى ظل موقف غربى مائع يفضل الحلول السياسية على العسكرية. وهو من هنا عرضة للتورط وحيدا فى فخاخ قد تكون معدة مسبقا. وهو من ناحية ثالثة مستنزف فى الجبهة الداخلية المصرية على أصعدة عسكرية (سيناء، الحدود الغربية، العمليات الإرهابية) وعلى أصعدة سياسية واقتصادية وهى كلها مخاطر على القيادة السياسية والعسكرية المصرية التعامل معها بجدية.
سادسا: تعانى معظم دول المنطقة، وخاصة الدول العربية، من تراجع دور القيادة الكاريزمية وهو دور تقليدى مهم وتاريخى فى الشرق الأوسط. وباستثناء دور رجب طيب أردوغان، الذى بدء يحترق تدريجيا، فإن معظم دول المنطقة بدأت تعانى من غياب قاداتها القادرين على التعبئة والحشد إما بسبب الكهولة المفرطة أو الوراثة المدللة، أو بسبب التورط فى صراعات داخلية تزيد من حدة الانقسام والاستقطاب حول شخصية هؤلاء القادة. ومن ثم مازال البحث جاريا على قدم وساق فى معظم دول الشرق الأوسط على إنتاج وصنع مثل هذه الزعامات المهمة للتعبئة والحشد على النحو السالف شرحه.
سابعا: تزايد دور الفاعلين من غير الدول فى المنطقة وخصوصا مع تنامى دور الحركات الإرهابية وتطوير قدراتها واستخدامها كورقة سياسية للضغط بواسطة لاعبين عدة على المستويين الدولى والإقليمى. ومع تزايد حدة الصراعات الداخلية والإقليمية، وفى ظل قرار غير معلن من معسكرات الإسلام السياسى فى معظمها للعسكرة والتمترس ضد ممثلى الدول القومية، وفى ظل راحة اللاعبين الآخرين لهذا القرار بحيث يتمكنوا من محاربة خصومهم التاريخيين من معسكرات السلاح لا من معسكرات السياسة، تصبح المعادلات فى منطقة الشرق الأوسط كلها صفرية لتقاد المنطقة إلى حافة الهاوية.
•••
كيف إذا تؤثر محددات هوس البقاء الوطنى، ونعرات الهوية المركزية، والمقاومة الشعبية للتبعية الغربية، وتعبئة الطبقات المتوسطة وتعاظم الأدوات العسكرية ودور الجيوش مع تراجع دور الزعامات الكاريزمية وتزايد دور اللاعبين من غير الدول ولاسيما المنظمات الإرهابية على شكل الشرق الأوسط الجديد؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.