قرية الزاوية، مركز أسيوط، محافظة أسيوط، من هنا أتى هاني حسني معروف؛ أب لثلاثة أبناء، لم يحمل أي مؤهل ومن ثم فالبحث عن عمل لم يكن سهلا. كمن سبقوه من أهل قريته، قرر هاني، البحث عن رزقه بعيدا عن هذا الوطن الضيق، فبمجرد عودته من ليبيا في يناير الماضي بعد 3 سنوات قضاها هناك واجه فيها الموت والخوف، قرر ألا ينتظر في مصر كثيرا، وأن يبحث عن رزقه في مكان أخر، فكانت السودان هي المحطة التالية لليبيا، وهنا قال "حجزت أنا و5 من قريتي تذاكر الطيران خلاص للخرطوم، 15 مارس الجاي، مش عارفين حد هناك، بس المهم نوصل هناك و بعدها علطول هندور على شغل". بدأت رحلة هاني بالسفر إلى ليبيا منذ 3 سنوات تقريبا، كان قبلها يعمل في مصر "مبيض محارة"، وعمل بمدينة "سرت الليبية" بعد أن حصل على تأشيرة وعقد للعمل هناك، تاركا زوجة و3 أبناء يعيشون على الأموال التي يرسلها لهم أبيهم، ويقول هاني "كنت شغال في مصر (مبيض محارة) وكنت بنزل القاهرة، لكن بعد الثورة الشغل وقف والعائد المادي قل جدا، ووقتها كنا شغال في شركة (طلعت مصطفى) ومشوا ناس كتير مننا، اضطريت أدور على رزق عيالي في أي مكان تاني"، ويحكي هاني عن حياته بعد عودته المرة الأخيرة إلى مصر: "من ساعة ما رجعت وأنا قاعد في البيت، قاعد أنا ومراتي وعيالي في غرفة واحدة". أزمة البقاء في الوطن قبل أن يحجز هاني تذكرة طيران تحمله إلى السودان، حاول من قبلها السفر إلى إيطاليا، إلا أنه قال "لما حاولت أسافر إيطاليا اكتشفت أني هدفع 50 ألف جنيه لمكتب العمل هنا في مصر، واحنا ناس على الله، فالسودان كانت الأرخص بالنسبة لي". وأكد أن أي مستحقات مالية تركوها في ليبيا لن تعود مرة أخرة، لأن نظام العمل أشبه بالعرف ومن الصعب إيجاد وثائق لإثبات كل شئ وبالرغم من ذلك ذهب هاني إلى وزارة القوى العاملة لملئ استمارة حصر خسائر العائدين من ليبيا، وقال "روحت الوزارة عشان أبقى عملت اللي عليا، لكن الناس اللي رجعت بعد ثورة ليبيبا في 2011، تقريبا معرفوش يرجعوا حاجة". رحلة العودة "شفنا المرار واحنا راجعين" هكذا وصف هاني رحلة العودة من ليبيبا والتي كانت في اليوم التالي من اختطاف 13 قبطي مصري الذين كانوا في نفس السكن الذي يعيش فيه هاني، وهنا قال "رجعنا تاني يوم من الخطف، احنا شوفنا عملية الخطف وقتها بنفسنا، سابونا لأننا مسلمين، كان في استهداف للأقباط، فرجعنا تاني يوم على مصر ومعانا حاجة الناس اللي اتخطفوا عشان نرجعها لأهلهم، كلنا كنا حاجة واحدة، مفيش حاجة اسمها مسلم ومسيحي، ومفيش حاجة هتعوضنا عن الناس اللي ماتت"، ليختم حديثه "أموت في بلدي بدل ما أموت هناك".