«الوفاء» المغربية تستحوذ على «الدلتا للتأمين» بقيمة 4.9 مليار جنيه    تحذير.. توقف مؤقت لخدمات إنستاباي وبعض البنوك في مصر بسبب بدء العمل بالتوقيت الشتوي    السيسي يبحث سبل تسهيل وزيادة الاستثمارات الكويتية فى مصر    وكالة الأنباء اللبنانية: غارة إسرائيلية على منطقة "اللبونة" في الناقورة جنوبي لبنان    مدحت شلبي: محمد عبد المنعم يرفض العودة إلى الأهلي ويفضل الاستمرار في أوروبا    بينيا يقارن بين سارابيا وفليك: أكثر صرامة في بناء الهجمة    افتتاح معرض فني بجامعة الإسكندرية لإعادة إحياء المسرح الروماني بكوم الدكة    14 % تراجعا لمشتريات المصريين من الذهب خلال الربع الثالث من العام الجاري    المشاط: محفظة التعاون الإنمائي لبنك التنمية الأفريقي مع مصر ارتفعت إلى 7.79 مليار دولار    بدء اجتماع خارجية النواب لمناقشة تعديل قانون فرض رسوم لمبانى وزارة الخارجية بالخارج    محافظ سوهاج يوقف معدية غير مرخصة بالبلينا بعد تداول فيديو لطلاب يستخدمونها    السفير الفرنسي يتفقد مركز المساعدات اللوجستية في العريش المخصصة لإغاثة غزة    «بالزي الفرعوني وأعلام مصر» .. مدارس الإسكندرية تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير في طابور الصباح (صور)    محافظ أسيوط يكرم أسر الشهداء وقدامى المحاربين في يوم الوفاء (صور)    جوارديولا: أنا سعيد من أجل مرموش    تأجيل النطق بالحكم في قضية رمضان صبحي إلى 27 نوفمبر    مجلس الزمالك يصرف دفعة من مستحقات الجهاز الفني    ضبط سيدة تدير نادٍ صحي دون ترخيص لممارسة الأعمال المنافية للآداب بالجيزة    الداخلية تضبط 331 قضية مخدرات و128 قطعة سلاح ناري    رئيس الإدارة المركزية لشئون الامتحانات ووكيل تعليم القاهرة يتفقدان مدارس المستقبل    ضبط 100533 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    إصابة 5 اشخاص إثر انقلاب ملاكي في قنا    المشدد 18 عامًا لسائق و3 عاملين بحوزتهم أسلحة نارية وذخائر بالقليوبية    انخفاض الأربو، أسعار الكتاكيت والبط اليوم الخميس في بورصة الدواجن    قصة ولادة المتحف المصري الكبير من الحلم إلى الواقع    موعد ومكان جنازة المصور ماجد هلال المتوفى في حادث بورسعيد    بيان روزاليوسف لن أعمل إلا للأمة !    يوم برج العقرب.. الزمن يعيد نفسه من الملك مينا إلى المتحف الكبير    «التأمين الصحي الشامل» تسجل إنجازات طبية وإنسانية جديدة خلال أكتوبر في الإسماعيلية وبورسعيد والسويس    «الصحة» تعلن إنجازات تنفيذ التوصية التنمية البشرية قبيل انطلاق مؤتمر«PHDC'25»    «الصحة»: خطة طبية متكاملة لتأمين احتفالية المتحف المصري الكبير    الضفة.. مستوطنون إسرائيليون يحرقون مركبتين فلسطينيتين    المستشار الألماني: نرغب بتوسيع شراكتنا الوثيقة مع تركيا    محافظ الجيزة يتابع أعمال التجميل والإنارة بطريق مصر إسكندرية الصحراوي    الزمالك في اختبار مهم أمام البنك الأهلي لاستعادة التوازن في الدوري المصري    محمد سلام والمخرج حسام حامد والمؤلف أحمد عاطف من كواليس مسلسل كارثة طبيعية    محافظ الغربية يستقبل مفتي الجمهورية لبحث سبل التعاون المشترك    هل يحق للزوج منع زوجته من العمل بعد الزواج؟.. أمين الفتوى يجيب    منتخب مصر يواجه إسبانيا في نصف نهائي بطولة العالم لكرة اليد «ناشئين»    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة لتعذر حضورها من محبسها    طريقة عمل طاجن البطاطس بالدجاج| وصفة شهية تجمع الدفء والنكهة الشرقية    توفيق عكاشة: السادات أفشل كل محاولات إشعال الحرب في السودان    الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بضوابط لسرعة حسم شكاوى العملاء    الصحة تكشف الخطة الطبية لتأمين احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    السيسى يوافق على اتفاق تمويل دراسة جدوى امتداد الخط الأول لمترو القاهرة    الصحة النفسية والجسدية: علاقة لا يمكن فصلها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة قنا    طابور الصباح فى الشرقية يحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. فيديو    ماس كهرباء وراء اندلاع حريق بمحل مفروشات في النزهة    السجن المشدد وغرامة 10 ملايين جنيه عقوبة بيع الآثار خارج مصر    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    إلزام صاحب العمل بإنشاء حضانة أو تحمل تكاليفها.. أهم مكتسبات المرأة العاملة بالقانون الجديد    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 30اكتوبر 2025فى محافظة المنيا...تعرف عليها بدقه.    طريقة استخراج جواز سفر مصري 2025.. التفاصيل كاملة    نبيل فهمي: سعيد بخطة وقف إطلاق النار في غزة.. وغير متفائل بتنفيذها    ترامب: كوريا الجنوبية ستدفع 350 مليار دولار مقابل خفض الرسوم الجمركية    بايرن ميونخ يهزم كولن في كأس ألمانيا ويحطم رقم ميلان القياسي    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غارتان عسكرية وإعلامية
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 02 - 2015

أن ترد مصر بقصف مواقع داعش فى ليبيا، فهذا أمر مفهوم ومبرر. ولكن أن يجيئ الرد بعد ساعات من إعلان نبأ قتلهم للعمال المصريين فتلك مسألة لها كلام آخر. ورغم أننا فهمنا أن الموضوع كان محل مناقشة اجتماع مجلس الدفاع الوطنى، إلا أننى أخشى أن يكون القرار قد اتخذ فى ظل الانفعال وتحت تأثير الصدمة التى انتابتنا جميعا، وقبل إنجاز الترتيبات التى تكفل توجيه ضربة قاصمة تضمن قطع دابر التنظيم فى ليبيا على الأقل. ولكى أشرح وجهة نظرى فى الموضوع فإننى استدعى إلى الذاكرة قصة عملية ميونيخ التى قام بها الفلسطينيون أثناء أولمبياد عام 1972، واستهدفت أخذ الفريق الإسرائيلى رهائن حتى يتم الإفراج عن 236 أسيرا فلسطينيا. وهى العملية التى لم تنجح، لكنها أسفرت عن قتل 11 رياضيا إسرائيليا برصاص القناصة الألمان.
لن أخوض فى ملابسات العملية وخلفياتها، لكن مايهمنى فى الأمر أنها أحدثت صدمة كبرى داخل إسرائيل، التى لم تنس جرأة الفلسطينيين التى أدت إلى قتل ذلك العدد من رياضييها. ثم إنها قامت بالرد والثأر حين استطاعت ان تحدد اسماء الذين خططوا للعملية ونفذوها، ثم قامت بتصفيتهم تباعا. وكان على حسن سلامة مسئول المخابرات فى فتح أول من استهدفتهم محاولة اغتياله بعد سنتين (عام 1974) لكنها اخطأت الهدف. ثم نجحت فى ذلك عام 1979، بعد سبع سنوات. إذ تصيدته فى بيروت وقتذاك. وكانت قد قامت بتصفية أربعة آخرين من قيادات فتح فى عام 1978، أى بعد ست سنوات من تنفيذ العملية .
لا وجه للمقارنة بين هوية الأطراف، فضلا عن ان فى التفاصيل تباينات كثيرة. لكننى أردت أن أنوه إلى ان ثمة ردا يستجيب للرغبة فى الثأر والانتقام. وردا آخر يضيف إليها درسا لا ينساه الطرف الآخر من حيث انه يعجزه عن تكرار فعلته. ولست أشك فى أن الغارات التى استهدفت مواقع داعش فى «درنة» فى اليوم الاول «وسرت» فى اليوم الثانى اوصلت رسالة الثأر والانتقام. لكننى لست واثقا من أن المسارعة إلى الغضب وفرت فرصة تحديد الجهة التى قررت إعدام المصريين أو التى قامت بالتنفيذ الذى أشك فى أنه تم دون قرار من رئاستهم الموجودة فى «الرقة» بسوريا، كما اننى لست متأكدا من انه أمكن فى ذلك الوقت القصير ترتيب تأمين العدد الكبير من المصريين العاملين فى ليبيا (أكثر من مليون) من ردود الافعال الانتقامية من الطرف الآخر، خصوصا ان تنظيم داعش تمدد خارج درنة وسرت، وجذب إلى صفه اعدادا من شباب القبائل المتدينين.
تلك ملاحظة أولى على الرد العسكرى الذى أقدمت عليه مصر خلال اليومين التاليين للإعلان عن جريمة قتل العمال المصريين. أما ملاحظتى الثانية فهى تنصب على الرد الإعلامى الذى اتسم بدرجة أكبر من الانفعال والتحريض، الأمر الذى دفع البعض إلى الاعتداء على احدى السيارات التى تحمل اللوحات الليبية فى حى مدينة نصر بالقاهرة. رغم أن أغلب عناصر داعش هناك من غير الليبيين، وفى غمرة الانفعال فإن الابواق الإعلامية تحدثت عن مؤامرة أمريكية تركية ممولة من قطر وراء تحريض داعش على ارتكاب جريمتها. آخرون اعتبروا كل المجموعات الإسلامية فى ليبيا وكل الثوار الموجودين فى الغرب وكأنهم جزء من داعش، لمجرد انهم يعارضون مجموعة اللواء حفتر المتمركزين فى الشرق والمؤيدين من قبل الحكومة المصرية. فى الوقت ذاته وجدنا سيلا من الكتابات فى الصحف والتحليلات التليفزيونية التى اعتبرت كل فصائل الإسلام السياسى دواعش، وتطوع أحدهم فأفتى بأن داعش صناعة مصرية بالأساس، وان النشطاء الإسلاميين جميعا فى مصر يمثلون تنويعات على فكر داعش ومشروعها.
هكذا، فإنه إذا كان الرد العسكرى قد تمت مناقشته فى محيط عدد محدود من القادة وكبائر المسئولين، فإن الرد الإعلامى اتسم بالهرج والانفلات الذى شارك فيه كل من هب ودب، وطرحت خلاله مختلف التحليلات والتعليقات التى اختلط فيها المعقول باللامعقول والاخبار بالتغليط والافتراء. حدث ذلك فى غيبة المعلومات وفى ظل العجز عن متابعة خرائط وتضاريس المشهد الليبى الذى تتداخل فيه الصراعات السياسية مع العوامل القبلية والنزعات العرقية.
أسوأ ما قيل كان ذلك الزعم القائل بأن الجميع دواعش، خصوصا اولئك الذين يتمركزون فى الوسط والغرب الليبى. أى فى المناطق التى لا تسيطر عليها قوات اللواء خليفة حفتر. ذلك ان داعش موجودة فى بنغازى التى تحاول قوات حفتر السيطرة عليها. ثم ان معقلهم التقليدى الذى تم قصفه فى اليوم الاول هو مدينة درنة الواقعة فى الشرق أيضا. ثم ان داعش تكفر تحالف جماعة المؤتمر الوطنى المسيطرين على طرابلس فى الغرب وتعتبرهم مرتدين لأنهم لم يطبقوا شرع الله كما يقولون.
هذا الهرج لم يتح للمشاركين فى التعبئة الإعلامية فرصة الفرز بين التيارات المختلفة فى ليبيا، فوضعوا الجميع فى سلة واحدة، فاستعدوهم على مصر وعبأوا المصريين ضدهم بغير مبرر. إزاء ذلك فلعلى أزعم بأن الغارة العسكرية إذا كانت بحاجة إلى بعض التأنى لإحسان التدبير وإحكامه، فإن الغارة الإعلامية ظلت بحاجة إلى قدر أكبر من الرصانة والمسئولية، لأن الأمر أكبر من أن يعالج بالخفة التى لمسناها فيما قرآناه وشاهدناه. وأرجو الا تكون المبالغات والمزايدات الإعلامية مقصودة لإشغال الناس عن مراجعة ما جرى، والتفكير فى الثغرات التى تخللته، بحيث أوصلت الأمور إلى النهاية المأساوية التى انتهت إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.