ضبط شخص يدعو لانتخاب مرشح بالمخالفة للقانون في نجع حمادي    ما بعد الذكاء الاصطناعى    قيادي ب"مصر المستقبل": احتجاز عناصر الإخوان بتركيا شهادة استحقاق للدبلوماسية المصرية    أمم أفريقيا 2025| انطلاق مباراة الجزائر وبوركينا فاسو في المجموعة الخامسة    ضبط القائمين على إدارة مصحة غير مرخصة بالبدرشين    عزاء المخرج عمرو بيومي الثلاثاء المقبل    أحفاد الفراعنة فى الشرقية    مدبولي يؤكد استعداد مصر لاستضافة مقر الآلية الأفريقية للشراء المُوحد    محرز يقود هجوم الجزائر ضد بوركينا فاسو فى أمم أفريقيا 2025    إيمان عبد العزيز تنتهي من تسجيل أغنية "إبليس" وتستعد لتصويرها في تركيا    طارق إمام: الكتابة بالنسبة لي اكتشاف لا نهائي لأراض فنية مجهولة أو مهمشة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    أمم أفريقيا 2025| التشكيل الرسمي لمنتخب بوركينا فاسو أمام الجزائر    جامعة بنها تراجع منظومة الجودة والسلامة والصحة المهنية لضمان بيئة عمل آمنة    «مراكز الموت» في المريوطية.. هروب جماعي يفضح مصحات الإدمان المشبوهة    سكرتير مساعد الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمدينة دكرنس    الاحتلال الإسرائيلي يغلق بوابة "عطارة" وينصب حاجزا قرب قرية "النبي صالح"    ترامب يعلن توقف القتال الدائر بين تايلاند وكمبوديا مؤقتا: واشنطن أصبحت الأمم المتحدة الحقيقية    تراجع أسواق الخليج وسط تداولات محدودة في موسم العطلات    هذا هو سبب وفاة مطرب المهرجانات دق دق صاحب أغنية إخواتي    نائب محافظ الجيزة يتفقد عددا من المشروعات الخدمية بمركز منشأة القناطر    شوط سلبي أول بين غينيا الاستوائية والسودان في أمم أفريقيا 2025    نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طنطا العام في الغربية    أبرزها عدم إلقاء القمامة في الشوارع.. "الزراعة" تكشف تفاصيل الخطة الوطنية لمواجهة الكلاب الضالة    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    ميلان يضرب بقوة ويكتسح فيرونا بثلاثية نظيفة في الكالتشيو    محافظ الجيزة يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفولة ويؤكد دعم وحدات الحماية بالمحافظة    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    أكرم القصاص للأحزاب الجديدة: البناء يبدأ من القاعدة ووسائل التواصل نافذة التغيير    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    انطلاق أعمال لجنة اختيار قيادات الإدارات التعليمية بالقليوبية    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية تجبر مطارين بموسكو على الإغلاق لساعات    الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية تحتفل بيوبيلها الفضي.. 25 عامًا من العطاء الثقافي وصون التراث    قيادات الأزهر يتفقدون انطلاق اختبارات المرحلة الثالثة والأخيرة للابتعاث العام 2026م    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    أحمد سامي: تعرضت لضغوطات كبيرة في الاتحاد بسبب الظروف الصعبة    وزير الخارجية: مصر لا يمكن أن تقبل باستمرار القتل والتدمير الممنهج لمقدرات الشعب السوداني    8 أبطال بجنوب سيناء يصعدون للمشاركة في تصفيات أولمبياد المحافظات الحدودية بالوادي الجديد    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    انطلاق الانتخابات التشريعية في ميانمار    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    بعد قضاء مدة العقوبة.. إخلاء سبيل حمو بيكا من قسم شرطة قصر النيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعم الحكومي وأثره الاقتصادي المدمر في الدول العربية
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 02 - 2015

تدعم الدول العربية بشكل عشوائي أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية بعشرات المليارات سنويا. غير أن هذا الدعم لا يسبب العجز في الموازنة وحسب، بل يقوض كذلك الإنتاج الزراعي والصناعي في عدد كبير من القطاعات الحيوية.
منذ أكثر من أربعة عقود تنفق غالبية الدول العربية على اختلاف نظمها السياسية عشرات المليارات من الدولارات لدعم السلع الاستهلاكية والخدمات الأساسية كالخبز والسكر والأرز والأدوية وخدمات الصحة والمياه والكهرباء والبنزين والديزل. ويتم هذا الدعم من خلال بيعها للمستهلك النهائي بسعر أقل من سعر السوق على أن تتحمل ميزانية الدولة الفرق بين السعرين. ويلتهم الدعم المذكور مبالغ ضخمة من الموازنات والناتج الوطني. فعلى سبيل المثال يخصص ربع الميزانية في مصر والكويت و 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي السعودي لذلك الدعم. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الدول العربية لديها أعلى نسب للدعم الاستهلاكي على مستوى العالم. وتذهب تقديرات الخبراء إلى أن 5 إلى 6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لمعظمها يذهب لهذا الدعم مقابل 1.3 بالمائة في البلدان النامية.
خطوات إصلاحية محدودة
إهمال الزراعة يؤدي إلى تصحر الأراضي الزراعية وزحف المباني ليقضي على ما تبقى منها
اتخذت مصر والأردن والمغرب واليمن والأردن ودول أخرى مؤخرا خطوات إصلاحية تهدف إلى ترشيد الإنفاق عن طريق تقليص الدعم الحكومي لبعض السلع كالبنزين والديزل والكهرباء. وجاءت هذه الخطوات بالدرجة الأولى استجابة للضغوط المتزايدة على ميزانياتها ولشروط صندوق النقد الدولي. إلا أنها وعلى أهميتها لم تحد كثيرا من عجز الموازنات الحكومية التي تسببها وبشكل كبير أموال الدعم المخصصة لدعم أسعار السلع الاستهلاكية. وإذا كانت دول الخليج تسد هذا العجز من عائدات النفط، فإن الدول الأخرى تقوم بتمويله عن طريق الاقتراض أو زيادة الضرائب والرسوم التي تصيب أيضا قطاعات إنتاجية ذات جدوى اقتصادية بالضرر، لاسيما عندما يؤثر رفع الضريبة على قدرتها التنافسية. ومما يعنيه ذلك أن الدعم الحكومي المذكور يأتي أيضا على حساب قطاعات اقتصادية رابحة يتم اقتطاع جزء من عوائدها، كان بالإمكان استثماره لرفع مستوى الإنتاجية والمنافسة.
تبعات مدمرة على الزراعة والصناعة
غير أن مشكلة الدعم الحكومي للسلع الاستهلاكية لا تكمن فقط في الضغوط المالية على نفقات الدولة والأضرار التي يتم إلحاقها بقطاعات اقتصادية، بل أيضا في كونها تنطوي على الكثير من الهدر في استهلاك المياه والخبز والكهرباء والسلع الأخرى بسبب انخفاض أسعارها. ويترك هذا الوضع تبعات مدمرة على المنتجين في العديد من القطاعات الزراعية والصناعية التي لا يمكنها المنافسة أمام السلع المستوردة والمدعومة. وهو الأمر الذي يدفع هؤلاء المنتجين إلى ترك عملهم وأنشطتهم في هذه القطاعات إلى غير رجعة. وعلى صعيد آخر فإن تقديم الدعم لجميع المستهلكين كما يحصل في الوقت الحاضر ليس عادلا كونه يستفيد منه الغني والفقير على حد سواء. كما لا ننسى أن سياسات الدعم تساعد على ظهور مجموعات مافيا تجارية تقوم بتهريب السلع المدعومة إلى البلدان المجاورة. كما تقوم بتخزينها واحتكارها لبيعها لاحقا بأسعار عالية عندما يقل عرضها في الأسواق.
دعم المنتجين بدلا من دعم أسعار الاستهلاك
تزداد المشاكل الاقتصادية والمالية والاجتماعية في العالم العربي تعقيدا على وقع اضطرابات ما عرف ب "الربيع العربي". ويزيد من حدة هذه المشاكل تراجع أسعار النفط بشكل يحرم الدول العربية المعنية من أكثر من ثلث عوائدها النفطية إذا بقيت الأسعار على مستواها الحالي. وتفرز التطورات الجديدة تبعات سلبية تتمثل في تراجع الإنتاج والاستثمارات وارتفاع معدلات البطالة والفقر. كما أن الأمر يصل في بعض الدول إلى حد عدم القدرة على تحمل العبء المادي لدعم الأسعار الاستهلاكية. وعلى ضوء ذلك يفترض بهذه الدول المبادرة إلى القيام بإصلاحات عميقة جريئة تشمل تغيير سياسات الدعم الحكومي؛ بحيث يصل الدعم الفقراء والمحتاجين فقط. ومما يتطلبه ذلك رفع الدعم المباشر لأسعار السلع الاستهلاكية والتعويض عنه بشبكة ضمان اجتماعي محصورة بالفئات الفقيرة التي ينبغي أن تحصل على الحد الأدنى من متطلبات معيشتها اليومية. أما الفئات الغنية فينبغي تكليفها بدفع الضرائب حسب مستوى الدخل والقطاع الذي تنشط فيه. وهنا لا بد من التأكيد على أهمية دعم السلع الإنتاجية والخدمات الأساسية من أغذية وأدوية وألبسة ومواد تعليمية بشكل غير مباشر عن طريق القروض الميسرة والضرائب والرسوم المنخفضة التي تساعد على توفير هذه السلع بالاعتماد على الموارد والخبرات المحلية بشكل أساسي.
الأهمية الحيوية لتحديث البنية التحتية والتعليمية
تشجيع المنتج المحلي يساعد على توفيره بجودة عالية وباسعار مناسبة
أظهرت خبرات دول مثل تركيا وإندونيسيا والمكسيك أن إقامة شبكات ضمان وأمان اجتماعية للفقراء وأصحاب الدخل المحدود أقل تكلفة بكثير من دعم أسعار السلع الاستهلاكية بشكل يشمل الغني والفقير. كما أظهرت خبرات البلدان الصناعية أن دعم المنتجين بشكل غير مباشر عن طريق تسهيلات في الضرائب والقروض وتحديث البنية التحتية هو السبيل الأنجع إلى مجتمع الرفاهية. ويمكن للدول العربية وضع اللبنات الاقتصادية الأولى على طريق الوصول إلى مجتمع كهذا من خلال توفير عشرات مليارات الدولارات سنويا جراء إلغاء هذا الدعم، واستثمارها في مشاريع البينة التحتية والخدمات العامة، وفي مقدمتها الخدمات التعليمية. ومن شأن هذا الاستثمار تشجيع المبادرات الفريدة وإقامة مشاريع إنتاجية زراعية وصناعية وخدمية من قبل القطاع الخاص، الذي ينبغي تعزيز دوره في الاقتصاد. كما ينبغي عليه تحمّل العبء الأساسي في خلق فرص العمل الجديدة للشباب الذين يعانون من تفاقم مشكلة البطالة في عموم الدول العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.