ليست جريمة القتل المأساوى لشيماء الصباغ وغيرها من ضحايا الانتهاكات إلا نتيجة «طبيعية» للعصف المستمر فى مصر بمقتضيات بسيادة القانون وبضمانات حقوق وحريات المواطن الذى يطلب منه قبول التهجير من المجال العام والخضوع لإرادة منظومة الحكم/ السلطة والامتثال لتعريفها الأحادى «للمصلحة الوطنية» ولفرضها للرأى الواحد والصوت الواحد أو يهدد على نحو ممنهج بالقمع والتعقب حال رفض التهجير أو ممارسته للمقاومة السلمية للخضوع والامتثال (حتى وإن كان يقاوم فقط بقراءة كتب جورج أورويل!) أو تسلب حريته ويلقى وراء الأسوار أو ينزع عنه حقه المقدس فى الحياة ويقتل فى اعتصام/ فى مسيرة سلمية/ فى أماكن الاحتجاز. ليست جريمة القتل المأساوى لشيماء الصباغ وغيرها من ضحايا الانتهاكات إلا نتيجة «طبيعية» للتجاهل العمدى والمتواصل من قبل منظومة الحكم/ السلطة لإقرار مبادئ وقواعد العدالة الانتقالية التى لها وحدها أن تلزم الأجهزة الأمنية وغيرها من مؤسسات وأجهزة القوة الجبرية احترام سيادة القانون وحقوق وحريات المواطن، ولها وحدها أن توثق وتكشف عن المظالم والانتهاكات المتراكمة دون معايير مزدوجة وأن تسأل وتحاسب جميع المتورطين بها بإجراءات قانونية ناجزة ومنضبطة وشفافة لا تتخوف من المناصب الرسمية ولا من مراكز القوة والنفوذ ولا من أصحاب الثروة. ليست جريمة القتل المأساوى لشيماء الصباغ وغيرها من ضحايا الانتهاكات إلا نتيجة «طبيعية» لتوريط منظومة الحكم/ السلطة ومعها حلفاؤها من النخب الاقتصادية والمالية وأسراب طيور الظلام المهيمنة على المجال العام ومساحاته الإعلامية لمؤسسات وأجهزة الدولة فى مواقف عدائية إزاء سيادة القانون وحقوق وحريات المواطن، وترويجها المتصاعد للمقايضات السلطوية الفاسدة بين الحرية والأمن وبين حقوق الإنسان وتحسين ظروف الناس المعيشية، وإنكارها الدائم عبر «أذرعها الإعلامية» للمظالم والانتهاكات المتراكمة أو تقليلها من أهميتها أو إلصاقها «بجحافل المتآمرين» أو تبريرها بهيستيريا العقاب الجماعى أو بمقولات فاشية تزدرى حق الناس فى الحياة والكرامة والحرية. ليست جريمة القتل المأساوى لشيماء الصباغ وغيرها من ضحايا الانتهاكات إلا نتيجة «طبيعية» لاستساغة الكثير من التيارات والأحزاب ذات اللافتات الديمقراطية، إن ليبرالية أو يسارية التوجه، الصمت بشأن ضرورة تطبيق برامج شاملة للإصلاح الهيكلى للأجهزة الأمنية تدفعها إلى احترام سيادة القانون وحقوق وحريات المواطن، وتقارب بينها وبين قيم الاحترافية والحيادية والشفافية حين تضطلع بأدوارها كأجهزة قوة جبرية فى إنفاذ القانون، وتضمن بقاءها وتماسكها وفاعليتها فى بيئة مجتمعية غير معادية أو مرتابة. ليست جريمة القتل المأساوى لشيماء الصباغ وغيرها من ضحايا الانتهاكات إلا نتيجة «طبيعية» لقبول هذه التيارات والأحزاب ومعها صفوف من ممارسى السياسة والكتاب والإعلاميين منذ صيف 2013 ولفترة زمنية ليست بالوجيزة التعامل بمعايير مزدوجة مع المظالم والانتهاكات وتراخيها لجهة الدفاع عن حقوق جميع الضحايا دون تمييز والانتصار لجميع من سلبت حريتهم والقابعين وراء الأسوار دون خروج على القانون اقترفوه، ولمهادنتها أيضا لفترة زمنية ليست بالوجيزة لنزوع منظومة الحكم/ السلطة لتهجير المواطن من المجال العام ولإماتة السياسة ولطغيان العنصر الأمنى على كل ما عداه من عناصر واعتبارات فى إدارة شئون المجتمع والدولة، ولاستعدادها منذ صيف 2013 وإلى اليوم لتأييد الخروج على مسارات التحول الديمقراطى وتقديم مبادئ وقواعد العدالة الانتقالية كقرابين إما لحمايتها هى من القمع والتعقب أو للاقتراب من منظومة الحكم/ السلطة وضمان المصالح والامتيازات أو لعجزها عن صياغة بديل للسلطوية الجديدة. ولا تسقط أبدا لا المظالم ولا الانتهاكات ولا الجرائم فى حق الشعوب بالتقادم. غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.