قيل عن شركة «جنرال إلكتريك»: «إنها توقفت عن كونها شركة خاصة كى تصبح أمريكا». يرى المؤرخ «إيريك رودنج» أنه فى الوسع قول شىء من هذا القبيل عن «فرايا»: «لقد أصبحت فرايا قطعة صغيرة من النرويج». وانصهرت القومية النرويجية واختلطت «بشوكولاتة (فرايا) بالحليب» أى إنها أكثر أنواع الشوكولاتة رواجا فى النرويج. وتباع قوالب «الشوكولاتة بالحليب» بما يعادل 4.959.122 دولار تقريبا سنويا. تمثل هذه القيمة نسبة 11٪ من إجمالى المبيعات أو تقريبا ضعفى مبيعات الشركات الأخرى المنافسة «تويست» و«كفيك لانش» و«ستراتوس» دائما ما تذكر «شوكولاتة فرايا بالحليب» على أنها أقوى علامة تجارية نرويجية. وفى عام 2004، حازت لقب «العلامة التجارية السوبر» فى النرويج. انتقتها هيئة حكام من الخبراء واحتلت مركز الصدارة فى استقصاء أجرته شركة «إم. إم. آى» لدى المستهلكين وفى عام 2001، حازت الشوكولاتة جائزة مماثلة وكانت هذه المرة فى مؤتمر «إيه. سى. نيلسن» عن مدى قوة العلامة التجارية. كيف تسنم هذا الاسم التجارى هذه المكانة الفريدة؟ إن التواصل بين «فرايا» والشعب النرويجى جعل من «فرايا» «تقريبا صورة تعكس روح الشعب» هذا ما أدلى به رئيس العلامة التجارية السوبر فى النرويج «أوسكار كيببرج» عندما منح جائزة العلامة التجارية. ويقول الباحث «أرلينج دونج هولم»: «غلفت شوكولاتة فرايا بالحليب بغلاف يحمل صورة منظر طبيعى يخلب الألباب، كان آباؤنا وأجدادنا قد عاشوا بين ظهرانيه وأصبح مهدنا المشترك. وقد غالى الرومانتيكيون الوطنيون فى التركيز على المناطق الداخلية فى البلد وعلى مراعى الماشية الجبلية الصيفية، على الرغم من أن معظم هؤلاء قد عاشوا على طول الشواطئ النرويجية منذ مائة وخمسين عاما خلت، لذا فإن الفلاح النرويجى هو الذى أصبح النرويجى الأصيل. وادعت «فرايا» طوال هذه السنوات أنها «قطعة صغيرة من النرويج»، وبادلها المستهلك النرويجى نفس المشاعر. وحتى خبراء الإعلانات يشع من عيونهم بريق حالم عندما يتحدثون عن «شوكولاتة فرايا بالحليب». فهل كانت أغلبية شركات الشوكولاتة الكبرى رائدة، ودخلت السوق مبكرا واستحوذت على نصيب سوقى كبير بناء على ما قاله «إلدر كايلستاد» عندما قابلته فى مكتب الإعلانات «دى. دى. بى» بأوسلو؟ لقد أصبحت «شوكولاتة فرايا بالحليب» جزءا من التقليد النرويجى ورسخت مشاعر قوية فى قلوب النرويجيين، واصطحبتنا فى الحياة وأصبحت الأوقات التى نتناول فيها هذه الشوكولاتة بمثابة طقوس تقليدية. إنها نقية لا يتجاهلها أحد. كما أنه كان فى الوسع ترسيخ جذورها بفضل إعلانات وضعت بإحكام جيد، وجرى التلاعب فيها على ما هو تقليدى وما هو نرويجى، على نحو ما يذهب «كايلستاد». لقد ظهرت المكان الفريدة التى احتلتها «شوكولاتة فرايا بالحليب» عندما دار الحديث عن بيع «فرايا». ولم يعد فى الوسع الفصل بين شركة «فرايا» والشوكولاتة بالحليب وبين الشعار الذى اقترن بها: «قطعة صغيرة من النرويج» وأسهم هذا الشعار فى تكوين شعور بالتزام قوى نادر نحوها. وأصبحت «فرايا» علامة تجارية «اسما تجاريا» وجزءا من الثقافة النرويجية، أو بتعبير أستاذ الإعلام «أندرجوهانسن»: «وبعد ثمانين عاما من الدعاية المكثفة بدأ الناس يصدقونه». وكان هذا الشعار مروجا للبيع، بحيث أصبحت عبارة «نرويجى» كناية عن الجودة بالنسبة إلى النرويجيين. لكن «مفاهيم هذه الدعاية ارتدت ضد أصحاب الشركة» وفقا «لجوهانسن» وكتب زميله «فريدريك دال» إن هؤلاء الذين كانوا يرون أن «فرايا مهمة للثقافة والهوية النرويجيتين، يتعين عليهم إدراك أن هذه الفكرة قد قامت على أساس خط عريض من الدهاء والمكر نسجته الدعاية التجارية فقط لا غير. كيف تمكنت علامة تجارية من إثارة نقاش على هذا النحو يقوم على أساس من المشاعر والعاطفة؟ بدأت قصة الشوكولاتة الوطنية فى تسعينيات القرن التاسع عشر وكان استهلاك النرويجيين من الشوكولاتة والسكريات فى تصاعد وصل إلى 650 طنا فى العام. ولكن كانت غالبية هذه الكمية تستورد وتصنع النرويج ثلثها ولم تتمكن المصانع النرويجية المتواضعة من دخول حلبة المنافسة والتصارع مع العلامات التجارية السويدية والسويسرية الأنيقة والممتازة. ولكن هذا الشاب المفعم بالقوة والنشاط، «جوهان ترون هولست» دخل فى صراع ضار، واضعا النمط الأوروبى وأعطى ل«فرايا» هذا الطابع الخاص بها، واستهدفت الدعاية الطبقة العليا فى المجتمع وأنصار الثقافة القديمة: صور تعبر عن مناخ وشعارات منمقة وحياة اجتماعية متميزة. لقد كانت تعتزم «فرايا» صنع شوكولاتة نرويجية ذات جودة أوروبية. وفى نفس الوقت، لعب «ترون هولست» على المشاعر القومية لتحقيق ميزة تنافسية وفى حوالى 1905، ظهرت بوادر القومية النرويجية. وركبت «فرايا» موجة القومية هذه وأطلقت منتجات مثل «ملك النرويج» و«شوكولاتة العلم» و«حلويات الملك هوكون» و«شوكولاتة التتويج» و«شوكولاتة الملكة» وهكذا فى عام 1006. ظهرت «شوكولاتة فرايا بالحليب» التى سوقها شباب وفتيات يرتدين الزى الوطنى وبدعاية تقول إن الشوكولاتة قد صنعت «من حليب المزارع النرويجية» «ذات المذاق» الأكثر نقاء من المذاق السويسرى وتمكنت «فرايا» من زيادة نصيبها من مبيعات الشوكولاتة تدريجيبا وحلت محل المنتجات الأجنبية. واشتملت الدعاية على فيض من الثقافة النرويجية والعلم النرويجى والتاريخ النرويجى والطبيعة النرويجية.