سعر الدينار الكويتى اليوم الإثنين 2 - 6- 2025 أمام الجنيه ختام التعاملات    وزارة النقل: مركز تحكم للرقابة على الأتوبيسات الترددية    انطلاق الجولة الثانية من محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا فى إسطنبول    الزمالك ينعى والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالنادي    محمد مصيلحي يستقيل من رئاسة الاتحاد السكندري.. وأعضاء المجلس يتضامنون معه    منطقة الإسكندرية الأزهرية: التزام تام باللجان فى امتحان الشعبة الأدبية    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالمنيا تستعد لاستقبال عيد الأضحى.. تفاصيل    مفيدة شيحة تحكى كيف جاء سفرها للحج.. وحلا شيحة تطلب منها الدعاء    كشف أسرار جديدة بواقعة التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر.. فيديو    عاجل| "أزمة غزة" تصعيد متزايد وموقف بريطاني صارم.. ستارمر يحذر من كارثة إنسانية ولندن تعلّق اتفاقية التجارة مع إسرائيل    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    الاتصالات تشارك في تنفيذ المشروع الوطني للتطوير المؤسسي الرقمي للجمعيات    ريوس يبرر خسارة وايتكابس الثقيلة أمام كروز أزول    التفاصيل المالية لصفقة انتقال جارسيا إلى برشلونة    بوستيكوجلو يطالب توتنهام بعدم الاكتفاء بلقب الدوري الأوروبي    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    افتتاح معرض إعادة التدوير لمؤسسة لمسات للفن التشكيلي بحضور وزيرة البيئة    وزير التعليم يكشف تعديلات المناهج في العام الدراسي الجديد    إيران: نحتاج لأن نرى تغييرات في موقف أمريكا بشأن العقوبات    وزير الخارجية: مصر أكثر طرف إقليمي ودولي تضرر من التصعيد العسكري في البحر الأحمر    دنيا سامي تدافع عن مصطفى غريب: "كلامي عن هزارنا جاب له الشتيمة"    «واكلين الجو».. 3 أبراج هي الأكثر هيمنة وقوة    دعاء يوم عرفة 2025 مستجاب كما ورد عن النبي.. اغتنم وقت الغفران والعتق من النار    وزير الصحة يشهد احتفال إعلان مصر أول دولة في شرق المتوسط تحقق هدف السيطرة على التهاب الكبد B    زيلينسكي يعرب عن تطلعه إلى "تعاون مثمر" مع الرئيس البولندي المنتخب    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    لو معاك 200 ألف جنيه.. طريقة حساب العائد من شهادة ادخار البنك الأهلي 2025    برواتب تصل ل350 دينارا أردنيا.. فرص عمل جديدة بالأردن للشباب    وزير الصحة يتسلم شهادة الصحة العالمية بالسيطرة على فيروس B    مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة وضبط 333 كيلو مخدرات| صور    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    الشيوخ يبدأ جلسته لمناقشة بعض الملفات المتعلقة بقطاع البيئة    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    أزمة المعادن النادرة تفجّر الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    عيد الأضحى 2025.. ما موقف المضحي إذا لم يعقد النية للتضحية منذ أول ذي الحجة؟    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسئلة العدالة الاجتماعية
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 01 - 2015

نشأ عن التحول الاقتصادى فى مصر فى العقود السابقة على ثورة يناير نظام اقتصادى غير تنموى وغير عادل أفضى إلى أزمة اجتماعية متفاقمة ومأزق يواجه شرعية الدولة. وقد كانت الثورة كاشفة عن عمق أزمة هذا النموذج، وضرورة تعديله بشكل جوهرى. ولكن بعد مرور أربع سنوات على الثورة فإن أزمة النموذج الاقتصادى الاجتماعى مستمرة دون وجود بدائل واضحة توجه تعديل السياسات والترتيبات المؤسسية. إذ لا تزال مصر تواجه عملية متشعبة ومركبة ومتعددة الأطراف من أجل إعادة تعريف نظمها العامة سياسية كانت أو اقتصادية اجتماعية، ومن غير المنتظر أن تكون إعادة التعريف هذه نتيجة لتصميم فنى يضعه بعض الخبراء أيا كان مجال تخصصهم بمعزل عن السياق السياسى والاجتماعى الأوسع. كما أن إعادة التعريف هذه لا يمكن أن تكون تجليا لإرادة عليا لسلطة الدولة مهما خلصت نوايا من فى الحكم بل هى عملية اجتماعية وسياسية معقدة.
•••
ومن هنا فإن هذه المقال لا يقدم تصورا محددا مكتملا حول تصميم نظام اقتصادى اجتماعى أكثر عدالة، بقدر ما يسعى لاستكشاف محال الإشكال وفرص التغيير. ومن هنا أمكن طرح عدة نقاط عامة تصلح أرضية لنقاش عام سياسى لا أكثر يكون حائزا على المنطلقات المعرفية اللازمة للتوصل لاتفاق ما فى المستقبل.
أولا: لا تقتصر مشكلات العدالة الاجتماعية والاقتصادية فى مصر على إعادة توزيع الدخل والثروة من خلال سياسات الدولة، بل إنها تضرب شتى جوانب النموذج الاقتصادى الوطنى بما فيها الإنتاج والتوزيع بما يشوبهما من ضعف فى الأداء وعدم القدرة على المنافسة وانخفاض إنتاجية العامل. ومن هنا فإن الحديث عن تحقيق العدالة من خلال سياسات شعبوية قصيرة المدى هو أمر غير ممكن كما أنه يعانى من الكثير من التسطيح فى طرح المشكلة وتشخيص العلاج، إذ أن مكمل المشكلة فى مصر هو جعل الاقتصاد المصرى أكثر قدرة على إنتاج الدخل وبالتالى رفع مستويات المعيشة، وأكثر قدرة على دمج أكبر عدد ممكن من المصريين فى سن العمل وبالتالى أسرهم فى عملية الإنتاج بما يكفل لهم نصيبا لائقا من الدخل.
ثانيا: لا يعنى ما سبق أن الأولوية هى الإنتاج والتوزيع وأنه لا محل لإعادة التوزيع وسياسات الدولة فى هذا الصدد، وهو ما تعبر عنه دوائر محافظة عديدة داخل مجتمع الأعمال وداخل جهاز الدولة وفى صفوف السلطة السياسية بحديثها عن إنقاذ الاقتصاد وتحقيق التعافى واستعادة النمو أو ما درج وصفه بإدارة عجلة الإنتاج فى مقابل صمتها المطبق عن الإصلاحات الهيكلية بعيدة المدى لتعديل بنية الاقتصاد فى ضوء ما يعانيه، وفى ضوء تجربة السنوات السابقة على ثورة يناير، والتى امتازت بارتفاع معدل النمو وجذب الاستثمارات ومع هذا فإنها لم تغن ولم تسمن من جوع للغالبية الكبيرة من المصريين.
•••
ثالثا: إن إعادة توزيع الدخل والثروة جزء لا يتجزأ من أى نظام اقتصادى سياسى، وهى قضية لا تأتى لاحقة على الإنتاج والتوزيع بل هى جزء رئيسى منهما، ولا تنبع فحسب من منطلقات اجتماعية أو سياسية أو إنسانية بقدر ما أن لها منطقا اقتصاديا كذلك. وفى مصر لا سبيل للحديث عن نموذج اقتصادى اجتماعى أكثر عدالة وأكثر تنموية وبالتالى أكثر شرعية من الناحية السياسية إلا بإعادة هيكلة الإنفاق والإيرادات الخاصة بالدولة.
ففى شق الإنفاق لا محيد عن رفع معدل الاستثمار الحكومى فى البنية الأساسية وفى التنمية الإنسانية خاصة التعليم والتدريب المهنى والرعاية الصحية والضمان الاجتماعى، ويكون هذا بإعادة توجيه المصروفات من تلك الجارية (بنود الدعم والأجور وخدمة الدين) إلى نفقات استثمارية لها عائد بعيد المدى يتكامل مع بناء قدرة الاقتصاد على التنافسية وتوليد النمو من ناحية، وعلى رفع إنتاجية العامل ومن ثم دخله من ناحية أخرى. ولا يكون هذا كذلك إلا بزيادة نسبة الضرائب للناتج المحلى الإجمالى، وإخضاع الفئات الحائزة لرأس المال وللملكيات التى راكمت ثروات فى العقود الماضية للمزيد من الضرائب التى من المفترض أن تولد الدخل الحكومى المطلوب لتمويل الاستثمار فى البنية البشرية والمادية للاقتصاد.
رابعا: لم تكن ممارسات الفساد والمحسوبية وغياب حكم القانون هى العامل الرئيسى وراء الأداء غير التنموى وغير العادل للنموذج الاقتصادى الاجتماعى فى مصر بل إن المسألة أشد عمقا من هذا وتتصل بالسياسات النيوليبرالية وما أسهمت فيه بشكل مباشر فى تخفيض مستويات المعيشة لقاعدة عريضة من المصريين، وما أدت إليه من خفض لمعدلات الاستثمار مع انسحاب الدولة وتعمق أزمتها المالية، ومن هنا فإن مكافحة الفساد والمحسوبية على أهميتها لا تقف بديلا عن تعديل السياسات العامة وإعادة تعريف دور الدولة فى علاقته بالاقتصاد.
•••
خامسا: لا يعنى نقد السياسات النيوليبرالية نقد التحول الرأسمالى جملة والدفع بأنه غير صالح أو أنه غير تنموى على غرار مقولات مدرسة التبعية فى الستينيات والسبعينيات، بل يعنى ببساطة أن مصر بحاجة لإعادة تعريف الشكل المؤسسى لنظامها الرأسمالى حتى يكون أكثر عدالة وأكثر تنموية.
وقد استقر اليوم فى أدبيات الاقتصاد السياسى والاجتماع الاقتصادى أنه ما من شكل مؤسسى واحد للرأسمالية، وأن ما يطلق عليه نظام رأسمالى قد يحوى ترتيبات مؤسسية متفاوتة بل ومتضاربة على المستوى القومى من دولة لأخرى، فقد تعتمد على آليات السوق بالأساس فى تخصيص الموارد كالنموذج الأنجلو أمريكى، وقد تعتمد على آليات تنسيق مؤسسى بين نقابات تمثل رأس المال ونقابات تمثل العمال بحضور حكومى كحال الدول الاسكندنافية وألمانيا والعديد من دول القارة الأوروبية، وقد تستند لتنسيق مؤسسى دائم بين رأس المال الكبير وبين الدولة كحال اليابان وكوريا الجنوبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.