التهليل «مصطلح منحوت» من جملة (لا إله إلا الله)، وجملة (لا إله إلا الله) مدخل البشر للإسلام، وقمة الإيمان، وطريق الإحسان. فتلك الشهادة شهادة «مزدوجة التعبير» تعلن أنه لا وجود إلا لإله واحد لا شريك له، كما تعلن أن جميع الخلق يتساوى بعضهم مع بعض حيث لا آلهة ولا أنصاف آلهة ولا قرابة لبشر مع الله. 1 فشهادة (لا إله إلا الله) تعلن الإسلام لله، وتعلن عدم الخوف من جميع المخلوقات، وعدم الاعتماد إلا على الله. فكل أمر بيد الله وحده لا شريك له. وقديما حاول فرعون عليه اللعنة أن يتكبر ويدعى الألوهية، فلما تعب أغلق باب الحجرة على نفسه ليستريح، فسخر الشيطان منه إذ طرق عليه الباب فقال فرعون: «من بالباب»؟ فقهقه الشيطان عاليا وقال: «تعس إله لا يعلم من بالباب» وحقا إذا كان فرعون لا يعرف من خلف الباب، فهل يعرف عدد سكان المملكة؟ وحاجاتهم؟ وكيف تقضى؟ وهل يقدر على ذلك؟ وكم من الوقت يلزم إلخ.. فعلا (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شىء قدير). 2 وقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم كيف نعتصم دائما بالتهليل بالوحدانية، فقد جاء فى الحديث قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضى الله عنهما: «يَا غُلَامُ, إِنِّى أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ, احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ, وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ». كما بين لنا صلى الله عليه وسلم أن أفضل ما قاله هو والنبيون من قبله: «لا إله إلا الله»، وكانت أدوم عبارات التسبيح على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم». 3 وجميع الأنبياء يبدأون دعاءهم بالتهليل، فهذا يونس عليه السلام يقول: (..لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، ومحمد صلى الله عليه وسلم يقول: (..لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) وقال (إِنَّمَا إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) 4 ودوام التهليل تفكيرا بالقلب ونطقا باللسان يعتبر مصلا واقيا للإنسان من أهوال كثيرة، فشهادة التوحيد قوة للإنسان أمام كل المخلوقات، كما أنها تمنع تسلل الشيطان إلى القلب والعقل، وفوق ذلك فهى تجمعك فى كتيبة المؤمنين بقيادة الأنبياء. كما أنها تسخر كل المسخرات لطاعتك حيث إن جميع المخلوقات تهلل لربها وتحب المهللين. 5 وقد ساق القرآن قاعدة ذهبية فى شأن الألوهية، هذه القاعدة تقول: (..هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) أى هل هناك فى الدنيا كيان دائم يحمل اسم الله؟ أبدا لا يوجد، وإذا وجد زعما كما زعم فرعون، فقد قتله البحر ولم يستطع أن يدفع الموت عن نفسه حيث لا قدرة ولا ألوهية. فما دام الكون يخلو ممن يدعى الألوهية، فذلك أوضح دليل على أنه «لا إله إلا الله وحده لا شريك له» فلنكثر من التهليل والتوحيد، فهو شهادة وحصانة وهو إيمان وإحسان، وهو زينة للإنسان وطهر للسان.