الأهالى يتحملون مخاطر الثأر للحصول على المياه.. ويؤكدون: مشكلة مياه الشرب تجاوزت حدود الصبر «الشروق» تواصل رصد معاناة المواطنين.. ورئيس «شركة المياه» يعترف بوجود ملوحة ويؤكد: نتعامل وفق إمكاناتنا داخل إحدى الأزقة الضيقة بقرية الحجيرات، التابعة لمركز قنا، خرج الشاب أحمد محمود، من منزله حاملا «جركنا» فارغا بحثا عن المياه النظيفة رغم كثرة حوادث الثأر والمشكلات اليومية وأصوات الطلقات النارية التى لا تتوقف ليل نهار كون القرية إحدى أشهر القرى فى حوادث الثأر، وهو ما جعل كثيرين يلتزمون منازلهم خوفا من الخطر الذى ينتظرهم فى الخارج. الشاب العشرينى ليس حالة خاصة؛ فهناك أطفال وسيدات ورجال يتحدون المخاطر من أجل نقطة ماء، يحملون جراكن فارغة ويتجمعون يوميا فى رحلات خروج جماعى بحثا عن المياه النظيفة، وسط اتهامات لمسئولى مياه الشرب والصرف الصحى بعدم تدخلهم لرفع المعاناة عن المواطنين. يستقل الشاب موتوسيكلا قاصدا أحد مرشحات المياه بقرية «القناوية»، التى تبعد عنه أكثر من 5 كم، لكى يملأ ما يحتاجه من مياه. يقول أحمد: «أعداد كبيرة من القرى فى مراكز قنا من الشمال وحتى الجنوب تعانى من المياه غير الصالحة للاستخدام، مما جعل أهلها يعيشون مأساة يومية، خاصة أن مشاكل الثأر كثيرة، ورغم ذلك وفى أكثر من جلسة مصالحة طالبنا المسئولين بحل مشكلة مياه الشرب غير الصحية دون جدوى». العديسية والشويخات والبطاطخة والحجيرات بمركز قنا، والقيبة ونجع القاضى وكوم البيجة والعسيرات والدهسة بمركز فرشوط، والسلامات والكرنك بأبوتشت، كلها قرى بعضها يعانى من مشكلة المياه المالحة غير الصالحة للاستخدام، والبعض الآخر يعانى من ندرة المياه وعدم توافرها لساعات طويلة يوميا، مما جعل أهالى هذه القرى تعتمد على شراء المياه وتخصيص ميزانية شهرية لها، ورغم ما قدمه أهالى هذه القرى من شكاوى للمسئولين بالشركة القابضة لمياه الشرب، إلا أن شكواهم ذهبت أدراج الرياح، ويوما وراء يوم تزاد المعاناة وتزاد آلام المواطنين من أمراض الفشل الكلوى والأمراض السرطانية نتيجة ارتفاع نسبة الملوحة. نشرت «الشروق» عن معاناة هذه القرى فى عددها الصادر يوم السبت الماضى، وتحديدا عن مشكلة المياه المالحة بقرية البطاطخة التابعة لمركز قنا، تحت عنوان «خروج جماعى بالجراكن لآهالى قرية البطاطخة بحثا عن مياه نظيفة»، ورغم مرور عدة أيام، إلا أن الشركة لم تتدخل لحل المشكلة حتى الآن. وهو ما دعا بركات الضمرانى، مسئول مركز حماية للمدافعين عن حقوق الإنسان بقنا، للقول: «مشكلة مياه الشرب تجاوزت حدود الصبر وأصبحت صداعا فى رأس أهالى المحافظة بسبب كثرة المعاناة وشراء جراكن المياه، مما أصبح ميزانية وعبئا على المواطن»، وتابع: «يجب على الحكومة أن تتفاعل مع هذه القضية وتتدخل بجدية لحلها، وأن تولى الأجهزة التنفيذية اهتماما وتوفر مياه نظيفة صالحة للشرب، فهذا حق لكل مواطن وليس هبة من المسئولين، ولابد من استخدام طرق حديثة فى معالجة المياه». هشام قدوس، القيادى بحزب المؤتمر، قال إن هناك الكثير من علامات الاستفهام التى تثار حول دور شركة مياه الشرب فى حل مشكلات المواطنين، فهناك أسطول من السيارات التابعة للشركة والتى تتجول ليل نهار بداخل شوارع المدينة يستقلها الموظفون، بالإضافة إلى أعداد كبيرة جدا من العمالة تعمل بالشركة، ورغم ذلك ما تقوم به الشركة من عمل خدمى للمواطنين لا يتناسب مع كل هذه الإمكانيات الهائلة، لافتا أن الحكومة تؤكد اهتمامها بقطاعى الصحة والتعليم ورفع الميزانية العامة الخاصة بهما، ورغم ارتباط مياه الشرب وتأثيرها على الصحة، إلا أن ما تقوم به الشركة لا ينعكس على هذه الزيادة ولم يحدث تحسن فى الخدمات المقدمة للمواطنين. وأضاف قدوس: «يجب تغير استراتيجية الشركة من أجل الحفاظ على صحة المواطنين، والاهتمام بتطوير مشروعات الشركة حتى لا تتكلف خزانة الدولة الكثير من الأموال لصرفها على المرضى المصابين بأمراض الفشل الكلوى والأوبئة، كما يجب تعيين رؤساء شركات المياه طبقا لكفاءاتهم وخبراتهم ولا يكون هذا المنصب مكافأة للبعض». كان قال اللواء أشرف عبد العزيز، رئيس الشركة القابضة للمياه والصرف الصحى، قد اعترف فى تصريحات تليفزيونية ردا على ما نشرته «الشروق» بوجود ملوحة فى مياه الآبار لكنها وفق المسموح والمصرح به من قبل وزارة الصحة، أى أنها لا تسبب أمراضا، مضيفا أن مشاكل مياه الشرب هى نتيجة تراكمات سابقة تعود لسنوات ماضية وقيام البعض ببناء منازل غير قانونية وتوصيل الصرف الصحى على المياه الجوفية. وأوضح عبد العزيز أن الشركة تعمل جاهدة على حل هذه المشكلات وفق إمكانياتها المالية، لافتا إلى وجود بعض السلبيات التى يقوم بها المواطنون من إهدارهم للمياه ورشها فى الشوارع خاصة خلال فصل الصيف.