فى قراءة غاضبة لتقرير التنمية الإنسانية العربى الصادر مؤخرا عن البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، كتب الصحفى البريطانى الشهير روبرت فيسك يتساءل: «لماذا قدر لهذا المكان التعس، بكل ما يمتلكه من ثروة بترولية، أن يستمر حتى فى عصر الكمبيوتر فى إنتاج سكان محدودى التعليم إلى هذا الحد، ويعانون سوء التغذية بهذا القدر، ومن هذا المستوى من الفساد؟». ويرفض فيسك وهو المتعاطف بقوة مع القضايا العربية فى مقاله المنشور بجريدة الإندبندنت البريطانية أمس لجوء العرب إلى التذرع بالاضطهاد الاستعمارى والمؤامرات الغربية كمبرر لعجزهم عن مواجهة حكامهم المستبدين. هناك بعض الحقيقة فى هذا، يقول فيسك، ولكنه يمضى ليؤكد أنها ليست كافية بحال من الأحوال. ويستعرض فيسك ما كشف عنه تقرير التنمية الإنسانية الأخير، فضلا عما سبقه من تقارير أعدها باحثون عرب بارزون، من أوجه قصور فادحة فى مختلف مظاهر التنمية الإنسانية فى العالم العربى، محاولا الإجابة عن السؤال اللغز الذى استهل به مقاله: لماذا؟ يقول: «أظن أن المشكلة تكمن فى عقول العرب، فهم لا يشعرون بأنهم يمتلكون بلادهم». فالعرب لا ينتخبون ممثليهم ويشعرون أنهم محكومون وليسوا معنيين بالحكم، وخير دليل على ذلك هو إهمال العرب لشوارعهم التى كثيرا ما تطفح بالقمامة.