قال الكاتب البريطانى روبرت فيسك إن قيمة تأشيرة الهجرة للولايات المتحدة «جرين كارد» أصبحت «توازى» قيمة القرآن الكريم لدى دول الشرق الأوسط، وقال «قد يكون القرآن وثيقة لا تقدر بثمن، لكن كذلك أصبحت ال«جرين كارد». وأشار فيسك، فى مقاله أمس بصحيفة الإندبندنت البريطانية، إلى زيارته لجامعة القاهرة قبل بضعة شهور، معربا عن إعجابه بزيادة عدد الطالبات فى المدرجات المزدحمة بالطلبة مقارنة بالسنوات السابقة، وتحسن مستوى تعليمهم، وقال «إن الكثير منهم يريد السفر للغرب، ولا يمكن لومهم على ذلك فى ظل عمل الكثير من حملة الدكتوراة فى الهندسة سائقى تاكسى». وتساءل فيسك، فى مقاله المنشور تحت عنوان «لماذا يعيش الشرق الأوسط فى العصور الوسطى»، عن السبب فى كثرة النظم الديكتاتورية فى المنطقة، ونقص حقوق الإنسان وزيادة التعذيب وقوانين الطوارئ وارتفاع معدل الأمية، ولماذا تنتج الدول النفطية الغنية، فى عصر الكمبيوتر أشخاصا تعليمهم ردىء، وشديدى الفساد. وقال فيسك، إنه يعلم التاريخ الاستعمارى للمنطقة، وإنه لا يمكن إغضاب الشيوخ والأمراء والملوك والأئمة فى ظل وجود عدو، مضيفا: «ربما يكون هذا جزءاً من الحقيقة، لكنه غير كاف لتفسير الوضع». وأشار فيسك إلى تقرير برنامج الأممالمتحدة الإنمائى الخامس حول المنطقة، والذى يتحدث عن «هشاشة الوضع السياسى والاقتصادى والاجتماعى والبيئى فى دول المنطقة»، وقال إنه عندما جاء للقاهرة للمرة الأولى عام 1976، لاحظ أنها «مزدحمة، وأن سكانها موجودون فى الشوارع ليلا ونهارا، مع وجود أكثر من مليون مشرد يعيشون فى المقابر العثمانية القديمة». وأعرب فيسك عن دهشته من «شدة نظافة منازل العرب، وقذارة شوارعهم، حتى فى لبنان الجميلة، التى تتمتع بقدر من الديمقراطية، ويعد سكانها الأكثر تعليما بين دول المنطقة»، مفسرا ذلك بأن العرب «لا يشعرون بأنهم يمتلكون دولهم». وقال: «المشكلة الحقيقة تكمن فى عقول العرب، وشعورهم بأن دولهم ليست ملكا لهم»، معربا عن اعتقاده بأنه بسبب «التعصب للوحدة والقومية العربية، فإن العرب ليس لديهم نفس الانتماء الموجود لدى الغرب». وأضاف فيسك أنه حتى من يعملون داخل نظام الدولة ويعملون مباشرة لدى ديكتاتورياتها «الفاسدة»، يشعرون بأن وجودهم يعتمد على نفس النظام الفاسد المتفشى فى الدولة، ليصبح الناس جزءا من هذا الفساد»، . وتساءل فيسك حول إمكانية أن يكون التوصل إلى تسوية للصراع العربى - الإسرائيلى حلا للمشكلة، وقال: «ربما يكون حلا للبعض منها»، مشيرا إلى أنه دون وجود هذا التحدى، سيكون من الصعب تجديد العمل بقوانين الطوارئ، لتقييد الناس الذين يرغبون فى إحداث تحولات سياسية مضيفا: «أخشى أحيانا أن تكون المشكلة غارقة فى العمق، كما تغرق الأرض بمياه الصرف حيث تصبح مشبعة لدرجة لا يمكن البناء عليها».