• مخرج «نوم الشتاء» صاحب سعفة كان: نجاحى الأكبر أن يشعر المشاهد بالخجل • مايك لى يعيد الرسام الأسطورة «تيرنر» إلى الحياة ويقول: الجمال يولد من القبح «على المخرج أن يخاطب روح المتفرج.. إذا تمكنت فى أفلامى من حقن بعض المشاعر فى أرواح الناس فهذا فى حد ذاته النجاح بالنسبة لى. وإذا استطاعوا أن يتعلموا الخجل من بعض الأفعال، فيكون ذلك نجاحا أيضا». هكذا تحدث المخرج التركى نورى بيلجى سيلان الفائز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائى عن منهجه الفنى، ورؤيته العميقة وبالفعل تحققت فى اعماله، وآخرها فيلمه السابع «نوم الشتاء» المتوج من اكبر مهرجانات العالم السينمائية، والذى رصد كيف تسمو الروح بالعقل ليكون اكثر ادراكا ووعيا بما يدور من حوله، فالاحاسيس عند سيلان هى التى تمردت وانتفضت أولا على واقع اجتماعى وسياسى تؤلمه حتى الضحكات. كان المدهش ان هذا الفيلم «نوم الشتاء» الذى يعد أطول فيلم فى المهرجان، ثلاث ساعات وسبع عشرة دقيقة اتفق على تميزه وحرفيته معظم نقاد العالم وقوبل بأستحسان فاق أى فيلم آخر، وبالفعل فاز بجائزهم «الفيبرسى»، ووصفته صحيفة لوموند الفرنسية بأنه «رائع».كما انه اعتبر العمل الذى تسلل إلى منصة التتويج دون اثارة جدل نعهده غالبا فى افلام الجوائز الاولى. أحداث الفيلم، تعالج بحسب شهادة مخرجه، الفجوة الهائلة بين الأغنياء والفقراء ومن يملك السلطة ومن لا يملكها فى تركيا المعاصرة، وهو لا يستند إلى الأحداث الراهنة التى تعيشها البلاد بل القصد منه هو استخلاص الدروس المستفادة. وعلى الرغم من أن الفيلم صور فى فندق بقلب تركيا عند سفح جبال الأناضول، إلا أن الأجواء فيه خانقة بصورة ومحتوى يخاطب الوجدان، حيث يدور الفيلم حول الممثل المسرحى السابق المتقاعد الثرى أيدين، الذى يؤدى دوره الممثل هالوك بلجينر، يعيش فى قرية جبلية، حيث يملك فندقا وعقارات أخرى ويكتب مقالات فى صحيفة محلية ويريد تأليف كتاب عن تاريخ المسرح التركى الذى يستغل قدراته ومركزه للاستئساد على المستأجرين لديه والذى يضرب زوجته «نهال» التى تصغره بسنوات كثيرة وتعمل فى المجال الخيرى، وشقيقته نجلاء التى انفصلت حديثا عن زوجها لترويعهما..حيث يشاهد الجميع دخول الشتاء تدريجيا على الهضبة، لنرى برودة الجو وسقوط الثلج والذى يغطى الاناضول، وتكشف الصورة هنا كيف تنعزل الشخصيات داخل البيت معظم الوقت وتتصارع فيما بينها فكريا.، والنقاش الذى يدور بينهم يدور حول المبادئ والمثل، ويكشف تساؤلات ملحة حول حقيقة ما ندعيه من مبادئ أو نعتقد صادقين أننا نملكها وجاء ذلك عبر اسلوبا سينمائيا خاصا وصورة تجمع بين برودة الخارج بثلجها وسحبها ودفء الداخل بالالوان البرتقالية الحميمة فى المشاهد المصورة فى الداخل ويحركها دائما شخصيات دائمة التحول عبرحوار كتبه المخرج نفسه بالاشتراك مع ذوجته، وهنا نتذكر شهادة سيلان»خلال عمل الصياغة، وقعت بيننا جدالات كثيرة. كان ذلك ضروريا حيث أنه خلال هذه الجدالات، كنا أكثر إبداعا بعشرة أضعاف! فى نقاش مثل نقاشنا اليوم، لما كنت قد وجدت الكلمات المناسبة للفيلم. عندما نتجادل، تخرج الكلمات لوحدها». المخرج التركى يقول إن الشخصية التى يجسد من خلالها استغلال السلطة وهى لرجل مهووس بكبريائه مأخوذة عن قصص الروائى الروسى الشهير أنطون تشيكوف، وهنا نرى حب المخرج للتعامل مع الجوانب الخفية للناس وهو ما برع فيه حيث تحمس الجميع لاعادة اكتشاف حقائق الواقع عبر ديكور، أراده بيلج سيلان على صورة تطور شخصياته. رسام النور هناك ادوار تعد محطات كبرى فى حياة من يجسدها من الممثلين، وربما تكون محطة العمر مثلما حدث مع الممثل البريطانى تيموثى سبال، عندما جسد شخصية الرسام البريطانى الشهير «جى. دبليو.تيرنر « فى فيلم «السيد تيرنر» الذى اطلق عليه رسام النور واقتنص به جائزة احسن ممثل من مهرجان كان السينمائى. بدون شك جاء من خلف ابداع تيموثى المخرج الكبير مايك لى، الذى يعد أحد أهم مخرجى بريطانيا فى العقودِ الأخيرة، بفضل قدرته فى الحكى عن أشياءٍ يومية فى الحياة، فهو يجعلنا دائما نؤمن بنظرية، «خصوصية أن نكون عاديين»، وهو يقدم شخوصه كما هم مستخدما مفرداته الذكية فى الصورة والاضاءة وايضا الغوص فى مكنون الشخصية، ومن الملاحظ انه كما اكد مايك لى صبغ الهامة بالهام الرسام تيرنر الذى اعتبره احد ملهميه المباشرين.، حيث حكى عن حياة تيرنر نفسه التى تأثر هو بها فى حياته. بطل الفيلم واحد من أهم رسامى بريطانيا عبر العصور، وهو هنا يعود للقرنِ الثامن عشر، ليلقى الضوء على ال25 عاما الأخيرة فى حياة الرسام الرومانسى الاسطورة اثناء حكم الملكة فيكتوريا، والذى وُصف بأكبر رسام لمناظر الطبيعية فى القرن التاسع عشر.بضجيجها وصدماتها وجنونها وحتى يأسها، حيث يصور مواصفات رجل غريب، ثورى وبصير، ثرى قدم حوالى 20000 لوحة، وهى حياة مليئة بالترحال من عالم لأخر جادى وعميق وساخر، وعلى حد قول المخرج اذا كان صحيحا ان تيرنر فنان انفعالى ورائع وملهم فهو ايضا بنى ادم له ميزاته وعيوبه، وكان هناك تميز كبير لمدير التصوير ديك بوب فى لقطات تحكى السيرة من قلب لوحات تيرنر التى تحرك فى ثناياها مثل «لاعب البلياردو، الفنان والمعجبون به «وبالتالى تحقق حلم مايك لى فى ان يعيد قراءة حياة الرسام من فنه وبساطته العبقرية، ليشكل لوحات بصريه مضيئة كما اشار العديد من النقاد. الفيلم يظهر كيف عاش هذا الرسام الرحالة حياةَ الوحدة، التى لم تخل من ولع وشغف بأمور عديدة، ف تيرنر عاش مع أبيه وخادمته الوفية، ونرى علاقته بزوجته التى انفصل عنها وبناته منها، بحيث أصبح لا مباليا، يميل إلى العزلة، يبحث عن مكان يطل على البحر ليرسم لوحاته، يؤمن بالضوء كمصدر للحياة، يستلهم من الطبيعة أكثر مما يرى فى البشر، ينجح فى اقامة علاقة مع أرملة تعيش بمفردها،، وتصبح رفيقته حتى وفاته، لا يبدو على وفاق مع أقرانه الرسامين المشهورين فى الأكاديمية الملكية للفنون، وبفضل موهبته وغرابة أطواره ذاع صيت هذا الفنان الذى وُصف بأكبر رسام لمناظر الطبيعية فى القرن التاسع عشر، والواقع ان الممثل تيموتى سبال، الذى قدم من قبل مع نفس المخرج فيلم « الحياة حلوة « جسد باقتدار دور رسام النور الطليعى متقمصا الشخصية ومعيدا إليها الحياة، فى حركاتها وايماءاتها وصوتها، وقال تيموثى عن تحضيره للشخصية «، خصصت سنتينن، لكى أتعلم الرسم. عكفتُ علىى دراسة عواطفه وعلاقته مع أمه التى تركت ندبات فى قلبه وكان نفسيا مضطربا بالكامل، وعلى وجه الخصوص مع النساء. قدم مايك لى الذى عرف بواقعيته الشديدة فيلما مغايرا بفلسفة الجمال يولد من القبح من معاناة بطله لحظة ابداعه وعلاقته بالحياة والبشر والالوان كمسيرة مختلفة عن تيرنر الفنان،وكيف يتجه نحو الكهولة، ثم كيف تتدهور صحته تدريجيا ويصبح مهددا بالموت بسبب مرض فى عضلة القلب، وتوقفه عن جولات المشى التى كان يقوم بها فى الأماكن المفتوحة بجوار البحر وفى الجبال التى يستوحى منها لوحاته، فبدت صورة العمل عبر الملابس والاكسسوارات والديكورات والإضاءة بنفس عمق صاحب القصة الذى يريد أن تكون لوحاته ملكا للشعب وليست حبيسة قصر تغيب فيه عن العيون الذين صنعت لأجلهم أساسا ليوحى بأشياء فى نفوس فنانين اخرين وقال مايك « عن حياة تورنر: «كان رساما كبيرا ورائعا.. أدركت أنه كان من الممكن الاستلهام من حياة هذا الرجل الرائع بشتى الطرق.. كانت حياة تيرنر صعبة، ومما لا شك فيه أنّى أشعر بهذا التفهم وكان من مسؤوليتى أن أُنشيء حقيقة تاريخية، ولكن كانت هناك أيضا الحاجة إلى ابتكار شخصية للفيلم. وعليه، فقد بحثنا واطلعنا على وثائق رائعة.