«لم يكن محمد مرسي مستمتعا بتعرضه للسخرية على قنوات التلفزيون عندما كان رئيسيا للبلاد.. وبانتخاب المشير عبد الفتاح السيسي، يتوقف الضحك». كان تلك الكلمات هي مقدمة التقرير الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، تعليقا على وقف برنامج «البرنامج» لباسم يوسف. وصف التقرير باسم يوسف ب «الكوميديان الذي أصبحت سخريته من كبار ساسة الدولة رمزا للحرية عقب ثورة 25 يناير»، مشيرة إلى أنه صرح في المؤتمر الذي عقده أمس لإعلان انهاء البرنامج نهائيا، بأن هذا القرار يأتي بعد ضغوط سياسية وتهديدات لم يذكرها بشكل محدد. وأضاف باسم: "نحن نعتبر وقف البرنامج رسالة أقوى وأعلى صوتا من استمراره.. والرسالة وصلت". ونشرت الصحيفة على موقعها، بعض كلمات باسم يوسف خلال المؤتمر، قائلا "أنا تعبت من المعافرة والقلق والخوف على سلامتي الشخصية وسلامة أسرتي، وإذا تعرضت لأي أذى فسيظهر الناس تعاطفهم من خلال الهاشتاج والتويتات". علق التقرير على عدم قيام باسم يوسف بالإشارة إلى المشير عبد الفتاح السيسي، الذي وصفته الصحيفة بوزير الدفاع السابق الذي عزل مرسي وفاز بانتخابات الرئاسة الأسبوع الماضي بأكثر من 95% من الأصوات، وهو ما يشير إلى عدم وجود دليل واضح أن السيسي لعب دورا في وقف البرنامج. أضاف التقرير، كان السيسي قد أوضح مسبقا أن مرحه أو روح الدعابة لها حدود صارمة، حيث قال في أول حوار تلفزيوني له عندما كان مرشحا للرئاسة أنه يمكن أن يتقبل الانتقاد المحترم ولكن غير مقبول إذا كان مسيئا. وأضاف السيسي: «هناك قانون ضد إهانة الرئيس وسيتم تطبيقه». حصل يوسف على إشادة عالمية بسبب سخريته واستهزائه من التجاوزات، بحسب كلام الصحيفة، التي قالت عن باسم إنه "الطبيب الذي مارس جراحة القلب، وأصبح من أشد المعجبين بالبرنامج الساخر للإعلامي «جون ستيوارت»". عندما اندلعت الثورة في مصر ضد حسني مبارك عام 2011، بدأ يوسف في تسجيل أول حلقات برنامجه الإخباري الساخر، والذي أطلق عليه اسم «B+» وفقا لنوع فصيلة دمه، من أحد غرف منزله ورفعها على موقع «يوتيوب»، بحسب التقرير. طالت سخرية باسم يوسف العشوائية كلا من مبارك – رجل مصر القوي الطاعن في السن، كما وصفته الصحيفة –، ومؤيديه وأنصار جماعة الأخوان المسلمين، وكذلك النشطاء الذين كانوا متواجدين في ميدان التحرير. وافقت العديد من القنوات الفضائية الخاصة على عرض برنامج باسم يوسف على شاشاتها، واستضافه الأمريكي الساخر جون ستيوارت في برنامجه، "وهو ما لم يشهد مثله العالم العربي من قبل"، بحسب التقرير. بعد انتخاب محمد مرسي عام 2012، حوّل باسم يوسف معظم سخريته تجاهه وتجاه أنصاره من جماعة الإخوان المسلمين. واستشهد تقرير «نيويورك تايمز» بإحدى حلقات البرنامج، التي ظهر فيها باسم مرتديا قبعة لونها أسود وذهبي، تقليدا للتي ارتداها مرسي خلال حصوله على الدكتوراة الفخرية من جامعة باكستانية، كما أنه سخر من خطابات الرئيس الملتوية والتآمرية، بحسب وصف التقرير. واعتبر التقرير أن باسم تحدى سلطتهم الدينية بجدية، بعد السخرية من «مدعي التقوى» في مصر، بحسب وصفه، والمعروفون بالدُعاة. وفي إحدى الحلقات، وجه باسم حديثه للإسلاميين والدعاة قائلا "مثل ما تعتبروننا غير مسلمين، فأنتم بالنسبة لنا لستم شيوخ أو علماء". في الوقت الذي قدم أنصار مرسي الشكاوي والبلاغات ضد يوسف بتهمة «إهانة الرئيس» واستدعى النائب العام باسم للتحقيق معه والإدلاء بشهادته، خرجت تصريحات علنية لمرسي تعهد فيها باحترام حرية التعبير. واعتبر التقرير أن إدارته ظهرت وكأنها غير قادرة أو خائفة من قمع منتقديها واتخاذ إجراءات صارمة ضدهم. في العام الماضي، اعتبرت مجلة «تايم» باسم يوسف ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة حول العالم، كما منحته «لجنة حماية الصحفيين» جائزة حرية الصحافة الدولية. قالت الصحيفة إن باسم أيد ما وصفوه في التقرير ب «استيلاء الجيش على السلطة»، ولكنه سرعان ما ركّز على السخرية من مؤيدي السيسي والجيش المتشددين، والذي يصفون أي شخص يسمي ما حدث «انقلاب» بأنه خائنا لمصر وإسلامي (إرهابي)، بحسب التقرير. واستشهد التقرير بأغنية باسم التي تقول «لو قلت رأيك تتشد، تبقى إرهابي وتتمد، تبقى إخوان، وعميل، وجبان، وكمان مسنود من الأمريكان». في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية، قررت القناة السعودية التي تذيع برنامجه (إم بي سي مصر) وقف برنامج «البرنامج» في أبريل الماضي بحجة تجنب التأثير على الرأي العام. حتى أمس الاثنين، ظهر باسم يوسف في مؤتمره الصحفي حاملا لافتة مرسومة باليد كتب عليها «النهاية».